|
منتدى نور الإيمان كل مايخص الدين الحنيف بدون تعصب او تحيذ |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
من هو الله
سوف اضع بين يديكم موضوع متجدد ان شاء الله عن معرفة الله عز وجل مواضيع تبين لنا حب الله والايمان به ومعرفه كل ما له صله بهذا العمل راجي الثواب باذنه تعالى اولا من هو الله أصل الكلمة لفظ اسم (الله) جل جلاله أصلها عربي، استعملها العرب قبل الإسلام والله جل جلاله الإله الأعلى لا شريك له الذي آمن به العرب في فترة الجاهلية قبل الإسلام لكن بعضهم عبد معه آلهة أخرى وآخرون أشركوا الأصنام في عبادته. وجود الله وصفاته يمكن الاتفاق بين الناس كافة (المؤمنين منهم والملحدين) على أن يكون المنطق العلمي السليم هي السبيل الوحيد للوصول إلى حقيقة وجود الله وصفاته. فالكل يتفق على أن لكل فعل فاعل, ولكل شئ سبب. ولا يستثنى من ذلك شئ, فلا شئ يأتي من فراغ أو من عدم, ولا شئ يحصل بلا سبب أو مسبب. والأمثلة على ذلك لا تحصى, ولا يغفل عنها أحد. والكون كله بكل ما فيه من حي أو جماد, ساكن ومتحرك, وجد بعد العدم. فالمنطق والعلم يؤكدان إذا أن هناك من أوجد الكون. وسواء كان أسمه الله أو الخالق أو المبدع أو المبدئ, فليس لذلك تأثير على الحقيقة هذه. فالكون كله, بما فيه, يدل دلالة كافية على وجود الخالق. والتعرف على صفات هذا الخالق يتم عن طريق دراسة ومتابعة ما أنجزه من أعمال ومصنوعات (مخلوقات). فالكتاب, على سبيل المثال, يدل على علم وخبرة وثقافة كاتبه وأسلوبه وتفكيره وقدرته على الإنجاز والتحليل. وكذلك كافة المصنوعات تعطي صورة وفكرة واسعة عن صفات الصانع. وإذا استعمل الناس هذا المنطق العلمي مع الكون والمخلوقات التي فيه لتمكنوا من الوصول إلى صفات الخالق (الصانع). فجمال البحار والطبيعة, ودقة الخلايا وحكمة ما فيها من تفاصيل, وتوازن الكون ونظام حركته, وكل ما توصل له الإنسان من علوم, كلها تدل على عظمة وعلم وحكمة الخالق. سواء اتفق الناس أم لم يتفقوا في ايجاد الحكمة من الوجود أم لم يكتشفوها, وسواء اتفقوا على الحكمة من وجود الألم والصعوبات في الحياة أم لم يتفقوا, فإن هذا لا يغير شئ من النتيجة التي وصل لها المنطق العلمي الذي يؤكد وجود الخالق العظيم والعليم والحكيم, الذي يتفق المؤمنون على تسميته الله جل جلاله هل الله يستطيع أن يفعل أي شيء؟ على سبيل المثال : "هل يستطيع أن يخلق صخرة كبيرة بحيث لا شيء يمكنه تحريكها؟" إذا استطاع أن يخلق صخرة كبيرة لا يستطيع شيء تحريكها، فهل يعني ذلك أن الله هو أيضا لا يمكنه تحريكها؟ أم أنه من المستحيل عليه أن يخلق شيئا كبيرا لدرجة أنه لا يستطيع تحريكه؟ يقول لنا الله عز و جل بأنه يفعل ما يشاء و يقدر. يجب الأخذ بعين الاعتبار بأننا في الإسلام ندرك بأن الله لا يريد أن يفعل شيئا مخالفا لصفات ألوهيته. بمعنى أنه لن يموت أبدا لأن هذا سيعني أنه انتفت عنه صفة الحي الذي لا يموت (و التي هي من صفاته المذكورة في القرآن الكريم). و لذلك، يمكن أن يخلق صخرة (أو أي شيء آخر) كبيرة جدا وثقيلة، لا شيء في الكون كله يمكنه تحريكها. أما هو فيستطيع ذلك، فهو ليس من الكون، ولا يشبه مخلوقاته. و لذلك فإن الله لا يخضع لقوانين الخلق، لأنه هو الخالق والمشرع. و كلما أراد شيئا، بكل بساطة يقول له كن فيكون. يقول الله عز و جل عن نفسه: (بديع السموات و الأرض و إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) سورة البقرة، الآية: 117. (قالت رب أنى يكون لي ولد و لم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) سورة آل عمران، الآية: 47. (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) سورة آل عمران، الآية: 59. (و هو الذي خلق السموات و الأرض بالحق و يوم يقول كن فيكون قوله الحق و له الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب و الشهادة و هو الحكيم الخبير) سورة الأنعام، الآية: 73. (إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) سورة النحل، الآية: 40. (ما كان لله أن يتخذ ولدا سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) سورة مريم، الآية: 35. (إنما أمره إذا أراد شيئا أن بقول له كن فيكون) سورة يس، الآية: 82, (هو الذي يحيي و يميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) سورة غافر، الآية: 68. فعملية الخلق، كما نرى من هذه الآيات، ليست على الإطلاق بالأمر الصعب بالنسبة لله سبحانه و تعالى، فهو يكتفي بإصدار الأوامر ليكون كل شيء وفقا لإرادته و مشيئته.
__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان) |
#2
|
||||
|
||||
هل يعلم الله الغيب؟ إذا أردت أن تعرفه ... اطرق الباب هل يعلم الله كل ما سيحدث و كل ما سيقع في المستقبل؟ هل يملك السيطرة المطلقة على نتائج كل شيء؟ و إذا كان الأمر كذلك، فكيف يكون هذا عادلا بالنسبة لنا؟ أين حرية الاختيار و الإرادة بالنسبة لنا إذن؟ الله يعلم كل ما سيحدث.أول شيء خلقه كان القلم، وأمر القلم بالكتابة. فكتب القلم حتى كتب كل شيء سيحدث. ومن ثم بدأ الله عز و جل في خلق الكون. كل هذا كان معروفا له قبل أن يخلقه. لديه السيطرة المطلقة والكاملة في جميع الأوقات. لا يحدث أي إلا و له السيطرة الكاملة عليه في جميع الأوقات. (و يتوب الله على من يشاء و الله عليم حكيم) سورة التوبة، الآية: 15. (إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم) سورة يوسف، الآية: 100. والله وحده فقط يملك الإرادة الحرة ، وهو يريد ما يريد ، وسوف يحدث دائما ما يشاء و يريد. و نحن لدينا ما يسمى ب "حرية الاختيار". و الفرق هو أن ما يريده الله يحدث دائما، وما نختاره نحن يمكن أن يحدث أو لا. لن يحاسبنا الله على نتائج الأمور، و لكن سوف يحاسبنا على خياراتنا. وهذا يعني أن نيتنا ستكون دائما في جوهر كل شيء. مهما كانت نيتنا، فذاك هو ما سوف نحاسب عليه. و كل شخص سيحاسب وفقا لما أعطاه الله من مؤهلات، وكيف استعملها وماذا كان ينوي أن يفعل بها. و بخصوص يوم الحساب، يقول الله عز و جل أن كل ما نقوم به يسجل، و لا يفلت من هذا التسجيل حتى الأشياء الصغيرة، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا سوف يراه يوم الحساب، و من يعمل مثقال ذرة شرا سوف يراه كذلك. في هذا اليوم (يوم الحساب)، سوف يقسم الناس إلى مجموعات شتى، و سوف تعرض أعمالهم. و بذلك، من يعمل مثقال ذرة خيرا سوف يراه. (يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره و من يعمل مثقال ذرة شرا يره) سورة الزلزلة، الآية: 6-8. و الذي سيقدم الأدلة ضدنا هو نحن أنفسنا، فآذاننا و لساننا و عيوننا ستشهد علينا أمام الله يوم القيامة، و لن يظلم أحد في هذا اليوم، و لن يتهم زورا أحد. كلن بالإمكان وضع الجميع في المكان المناسب لهم، و لكن الناس سيشتكون لماذا ألقي بهم في النار دون أن تمنح لهم الفرصة. و هذه الحياة ليست سوى ذلك، فرصة لنثبت لأنفسنا من نحن حقا، وماذا سنفعل حقا إذا كان لدينا الخيار الحر. الله يعلم كل ما سيحدث، لكن نحن لا. و لذلك، فإن الاختبار عادل. هناك طرق عدة يتعرف الإنسان من خلالها على كل ما يحيط به من أشياء وكائنات وظواهر طبيعية وغير طبيعية ، وحسب كل شيء تتحدد الطريقة التي يمكن أن تتعرف عليه بها . فأنت مثلا عندما تود أن تعرف شخصا ما، قد تتقرب منه ، وتتودد إليه ، وتوقره وتحترمه حتى أن أصحاب اللغات المختلفة يضعون ضميرا لغويا محددا للشخص غير المعروف لهم، أو المقدمون على التعرف عليه ، وتسمى " صيغة الاحترام أو التوقير " . وأحيان أخرى تقوم بتقديم نفسك إلى الآخر، أو يفعل ذلك صديق بالنيابة عنك عندما يقدمك إلى الغير بأنك فلان ، ونتعرف على الكثيرين أيضا من صفحات الجرائد وشاشات التليفزيون، ونتعرف على بعض آخر من قصص وحكايات ينسجها الآخرون عنهم قد تقترب من الحقيقة وقد تبتعد عنها في أحيان أخرى. طرق عدة ، لمعرفة أي شيء، وأي شخص ويظل أقربها أن تستمع إلى الآخر لتعرفه، ولعل هذه هي الطريقة التي أحب أن تنهجها عند الحديث عن كيفية معرفة الله !! فمن هو الله ؟ هذا السؤال يجيب عنه الله نفسه عز وجل، فيقول : " اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ " ( البقرة : 255 ) . وهو هنا يعرف عن نفسه فيقول أنه الذي لا إله هو ؛ أي يثبت التوحيد لنفسه ، والحي الذي لا يموت وكل المخلوقات تموت ، فقوله: " اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ " إخبار عنه بأنه هو وحده المتفرد بالإلوهية لجميع الخلائق . وقوله : " الْحَيُّ الْقَيُّومُ " أي: الحي في نفسه الذي لا يموت أبدًا القيم لغيره فجميع الموجودات مفتقرة إليه وهو غني عنها ولا قوام لها بدون أمره . وقوله: " لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ " أي: لا يعتريه نقص ولا غفلة ولا ذهول عن خلقه بل هو قائم على كل نفس بما كسبت شهيد على كل شيء لا يغيب عنه شيء ولا يخفى عليه خافية ، ومن تمام القيومية أنه لا يعتريه سنة ولا نوم، فقوله: " لا تَأْخُذُهُ " أي: لا تغلبه سنة وهي الوسن والنعاس ولهذا قال: " وَلا نَوْمٌ " لأنه أقوى من السِنة. وقوله: " لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ " إخبار بأن الجميع عبيده وفي ملكه وتحت قهره وسلطانه . وقوله: " مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ " يدل على عظمته وجلاله وكبريائه عز وجل أنه لا يتجاسر أحد على أن يشفع عنده إلا بإذنه له في الشفاعة . وقوله: " يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ " دليل على إحاطة علمه بجميع الكائنات: ماضيها وحاضرها ومستقبلها . وقوله: " وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ " أي: لا يطلع أحد من علم الله على شيء إلا بما أعلمه الله عز وجل وأطلعه عليه. وقوله: "وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ " أي سلطانه وعرشه يحيط بكل شيء ويسع كل شيء . وقوله: { وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا } أي: لا يثقله ولا يُكْرثُهُ حفظ السموات والأرض ومن فيهما ومن بينهما، بل ذلك سهل عليه يسير لديه وهو القائم على كل نفس بما كسبت، الرقيب على جميع الأشياء، فلا يعزب عنه شيء ولا يغيب عنه شيء والأشياء كلها حقيرة بين يديه متواضعة ذليلة صغيرة بالنسبة إليه، محتاجة فقيرة وهو الغني الحميد الفعال لما يريد، الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. وهو القاهر لكل شيء الحسيب على كل شيء الرقيب العلي العظيم لا إله غيره ولا رب سواه . وقوله: " وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ " أي هو فوق كل شيء وأعظم من كل شيء .
__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان) |
#3
|
||||
|
||||
رحلة البحث عن الله استمعنا إلى الله عز وجل يعرف عن نفسه بهذه الكلمات الرقراقة من آية الكرسي .... وكنا قد قلنا بأن الإنسان لكي يتعرف على شيء يمكنه أن يسلك أكثر من طريق! والرحلة إلى التعرف على الله أيضا يمكن أن نسلكها بأكثر من طريق، والطريق الذي نسلكه هذه المرة ؛ رحلة استكشافية قام بها شخص استشعر أن هذا الوجود لابد أن يكون وراءه خالق وإله يستحق أن يعبد ، هذا الرجل هو إبراهيم الخليل ، نبي الله وأبو الأنبياء . إذاً استشعر إبراهيم عليه السلام أن هناك قوة خلقت كل شيء ، وأبدعت السموات والأرض، واستشعر في نفسه أن هذه الآلهة التي عكف عليها قومه لا تغني ولا تسمن من جوع ، وأنها بعيدة كل البعد عن أن تخلق شيئا، بل أثبت لهم فيما بعد أنها حتى لا تستطيع أن تدافع عن نفسها . فلما رأى نبي الله إبراهيم الشمس ازدادت آماله بأن تكون هي الإله الذي يبحث عنه ؛ ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه حيث غربت الشمس في نهاية اليوم وغربت معها آمال إبراهيم في أن يجد ضالته التي يبحث عنها ، وأصابه اليأس والإحباط حتى من الله عليه بالإيمان وأرسل إليه وحيه ليبلغه بأن الله قد اختاره ليكون نذيرا لقومه . هذا هو الله الذي بحث عنه إبراهيم ، لم يكن الشمس ، ولم يكن القمر ، ولم يكن الصنم الذي سجد له قوم إبراهيم إنما هو الله فاطر السموات والأرض . هذه الرحلة لم تكن هي الوحيدة للبحث عن الله ، ولكن هناك رحلة أخرى قطعها شخص آخر بحثا عن الله ولكن بعد موت إبراهيم عليه السلام بآلاف السنين لا تنزعج !! فالكثيرون لم يستطيعوا أن يعرفوه بسهولة، والطريق إلى الله ليس دائما مفروشا بالورود، يقول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم " حفت الجنة بالمكاره " لذا فالوصول إلى معرفة الله ليس سهلا، وفي هذه المرة نرافق شاب يافع ولد مجوسيا، بل كان هو خازن النار أي القائم على إشعال النار التي يعبدها قومه وهو الذي يحافظ عليها دائما مشتعلة. ويوما ما يخرج هذا الشاب فيجد عبادا لله يعتنقون المسيحية ويعبدون الله في إحدى صوامعهم، فيتعجب لأمرهم ويداخله شعور بأن ما هم عليه هو الحق، وأن ما هو عليه الباطل ... فيؤمن بهم ويشتاق ان يعرف مصدر ديانتهم، فيعرف أن أهلها في الشام فيتحين الفرصة ويهجر موطنه وبيته وأهله ويهاجر إلى الشام ويبحث عن أهل هذا الدين ويعمل مختارا خادما لقسيسهم، فيجده مخادعا، حتى إذا مات تركه، وذهب إلى قسيس غيره فيجده على الحق ويستمع إلى نصائحه حتى إذا مات هذا القسيس أوكله إلى غيره . وكان هذا الأخير هو صاحب نقطة التحول في حياة هذا الشاب إذ نصحه باتباع نبي يظهر في هذا الزمان، ولكن في بلاد غير بلاده، وفي أرض غير أرضه، وفي قوم غير قومه، ويخرج الشاب مهاجرا باحثا عن هذا النبي ... عن هذا الدين ... عن هذا الإله!! فيبيع كل ما يملك لجماعة مسافرة مقابل توصيله للمكان الذي وصفه له القسيس فيأسرونه ويبيعونه عبدًا بعد أن كان سيدًا ... ولا يطول به المقام حتى يضعه القدر وجها لوجه أمام نبي الله محمد عليه الصلاة، فيعرفه، ويعرف صفاته التي نبأه بها القسيس ... ويعرف الله؛ فهو بحق الباحث عن الحقيقة كما لقبه شيخنا خالد محمد خالد في كتابه رجال حول الرسول ، إنه سليمان الفارسي الذي قطع البيداء من الشرق إلى الغرب باحثا عن إله .... باحثا عن رب ... فلما وجده كان نعم العبد . إذا لم تكن عرفته بعد ؛ فسِر على خطى سليمان، حاول أن تبحث، وأن تبذل الجهد كي تعرف من هو الله ... والله إنها للذة عظيمة يشعرها الإنسان في نفسه حين يجد الله ، ويعرفه حق معرفته .
__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان) |
#4
|
||||
|
||||
مخلوقاته تدل عليه إن أكثر شيء يدل على وجود الله هو صنعته التي أحسن صنعها، ومخلوقاته التي برأها، ونعمه التي أسبغها على عباده المؤمن منهم والكافر !!
ولعل القرآن لكريم هو أبلغ شاهد على إعجاز الله وقدرته، فقد وضع الله فيه أخبار الآولين والآخرين، وكشف فيه غيبا لم يعرفه بنو الإنسان من قبل، ونطرح هنا بعض المعجزات التي وردت في القرآن الكريم وتدل بقوة على وجود الله، وعلمه السابق لكل أمر: * تحير العلماء كثيرا في محاولة معرفة حقيقة مكونات معدن الحديد، حيث أن الطاقة التي تكفى لترابط جزيئاته تفوق الطاقة الموجودة في مجموعتنا الشمسية أربعة أضعاف ... وكان هذا غريبا جدا على العلماء ؛ إلا أنه لم يكن غريبا على علماء الإسلام الذين عاينوا قول الله عز وجل : " وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ " ( سورة الحديد : 25 ) . فعرفوا من الفعل " أنزلنا " أن الحديد لم يكن من المكونات الأرضية وإنما نزل من السماء، وفي العصر الحديث يؤكد علماء المعادن أن مكونات الحديد بالفعل ليست من مكونات الأرض . * ودعونا نغوص قليلا إلى أعماق البحر، حيث اكتشف علماء جيولوجيا البحار أن الصفات الجيولوجية للبحار هي نفسها التي ذكرها الله سبحانه ةتعالى في قوله : " أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ " ( سورة النور : 40 ) . وهذه حقيقة تم التوصل إليها بعد إقامة مئات من المحطات البحرية .. والتقاط الصور بالأقمار الصناعة .. وصاحب هذا الكلام هو البروفيسور شرايدر أحد أكبر علماء البحار بألمانيا الغربية ، والذي قال عندما سمع هذه الآيات: إن هذا لا يمكن أن يكون كلام بشر .. ويأتي بروفيسور آخر وهو دورجاروا أستاذ علم جيولوجيا البحار ليوضح لنا علميا صحة هذه الآيات فيقول : " لقد كان الإنسان في الماضي لا يستطيع أن يغوص بدون استخدام الآلات أكثر من عشرين مترا .. ولكننا نغوص الآن في أعماق البحار بواسطة المعدات الحديثة فنجد ظلامًا شديدًا على عمق مائتي متر .. الآية الكريمة تقول ( بَحْرٍ لُّجِّيٍّ ) كما .. أعطتنا اكتشافات أعماق البحار صورة لمعنى قوله تعالى : ( ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ) فالمعروف أن ألوان الطيف سبعة ...منها الأحمر والأصفر والأزرق والأخضر والبرتقالي إلى آخرة .. فإذا غصنا في أعماق البحر تختفي هذه الألوان واحدًا بعد الآخر .. واختفاء كل لون يعطي ظلمة .. فالأحمر يختفي أولا ثم البرتقالي ثم الأصفر .. وآخر الألوان اختفاء هو اللون الأزرق على عمق مائتي متر .. كل لون يختفي يعطي جزءا من الظلمة حتى تصل إلى الظلمة الكاملة .. أما قوله تعالى : ( مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ ) فقد ثبت علميا أن هناك فاصلا بين الجزء العميق من البحر والجزء العلوي .. وأن هذا الفاصل ملئ بالأمواج فكأن هناك أمواجا على حافة الجزء العميق المظلم من البحر وهذه لا نراها وهناك أمواج على سطح البحر وهذه نراها .. فكأنها موج من فوقه موج .. وهذه حقيقة علمية مؤكدة ولذلك قال البروفيسور دورجاروا عن هذه الآيات القرآنية : إن هذا لا يمكن أن يكون علما بشريا* . هذا هو الله إذا كنت لم تعرفه بعد !! تدبر في آياته ومخلوقاته ! انظر إلى السماوات من يمنعها من السقوط ؟ انظر إلى ألأرض كيف جعلها مستوية تحت أقدامك ؟ انظر إلى كل شهيق وزفير تقوم به ، من يتحكم في تلك المنظومة ؟ إنه الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم
__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان) |
#5
|
||||
|
||||
الإيمان بالله الإيمان بالله - تعالى - هو الأصل الأول من أصول الإيمان، بل هو الأصل الأصيل الذي من أجله خلق الله السماوات والأرض، وخلق الجنة والنار، ونصب الميزان وضرب الصراط، وخلق لذلك كل الناس كما قال سبحانه: ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون). والعلم بالله - سبحانه - والإقرار بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته أساسيات من أساسيات الإيمان بالله، وعلى المسلم أن يتعرف على هذه الأمور وكل ما يتعلق بالله - - عز و جل - حتى يصح له إيمانه ويسلم له اعتقاده، وهذه لمحة سريعة عن هذا الأصل من أصول الإيمان: الإيمان لغة: هو التصديق. واصطلاحاً: قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان. وهو الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ومليكه، وأنه الخالق الرزاق المحيي المميت، وأنه المستحق لأن يفرد بجميع أنواع العبادة والذل والخضوع، وأنه المتصف بصفات الكمال المنزه عن كل عيب ونقص. والإيمان بالله - سبحانه - يتضمن توحيده في ثلاث: 1- الإيمان بربوبيته. 2- الإيمان بألوهيته. 3- الإيمان بأسمائه وصفاته. توحيد الربوبية ومعناه الإجمالي: الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ومليكه ومدبره، لا رب غيره، ولا مالك سواه. وبيانه: أن الرب في اللغة هو المالك المدبر، وربوبية الله على خلقه تعنى تفرده سبحانه في خلقهم وملكهم وتدبير شؤونهم.. فتوحيد الله في الربوبية هو الإقرار بأنه - سبحانه - هو الخالق والمالك لهم، ومحييهم ومميتهم ونافعهم وضارهم، ومجيب دعائهم عند الاضطرار، والقادر عليهم ومعطيهم ومانعهم، وله الخلق وله الأمر كله كما قال - سبحانه وتعالى - عن نفسه: ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين )( الأعراف الآية : 54 ) . ومما يدخل في هذا التوحيد الإيمان بقدر الله – سبحانه -: أي الإيمان بأن كل محدث صادر عن علم الله - عز وجل - وإرادته وقدرته، وأنه علم ذلك في الأزل وقدره وكتبه فهو يقع على مراده سبحانه ولا يخرج عنه أحد من خلقه. وبعبارة أخرى فان هذا التوحيد معناه الإقرار بأن الله - عز وجل - هو الفاعل المطلق في الكون: بالخلق، والتدبير، والتفسير، والتيسير، والزيادة، والنقص، والإحياء، والإماتة، وغير ذلك من الأفعال، لا يشاركه أحد في فعله – سبحانه -. وقد أفصح القرآن الكريم عن هذا النوع من التوحيد جد الإفصاح ولا تكاد سورة من سوره تخلو من ذكره أو الإشارة إليه، فهو كالأساس بالنسبة لأنواع التوحيد الأخرى؛ لأن الخالق المالك المدبر، هو الجدير وحده بأن يوحد بالعبادة والخشوع والخضوع، وهو المستحق وحده للحمد والشكر، والذكر، والدعاء، والرجاء، والخوف، وغير ذلك .. والعبادة كلها لا تكون ولا تصح إلا لمن له الخلق والأمر كله. ومن جهة أخرى فإن الخالق المالك المدبر هو جدير وحده بصفات الجلال والجمال والكمال؛ لأن هذه الصفات لا تكون إلا لرب العالمين، إذ يستحيل ثبوت الربوبية والملك لمن ليس بحي، ولا سميع، ولا بصير ، ولا قادر ، ولا متكلم ، ولا فعَّال لما يريد، ولا حكيم في أقواله وأفعاله. ولهذا فإنا نجد أن القرآن الكريم قد ذكر هذا النوع من التوحيد في مقام الحمد لله، وعبادته والانقياد له، والاستسلام، وفي مقام بيان صفاته الجليلة وأسمائه الحسنى. - ففي مقام الحمد يتلو المسلم في كل ركعة يصـــليها: ( الحمـد لله رب العالمين ) ( الفاتحة : 2 )، وقوله - سبحانه وتعالى -: ( فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالميـن ) ( الجاثية : 36 ). - وفي مقام الاستسلام والانقياد له - عز وجل -: ( قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين ) ( الأنعام الآية : 71 ). - وفي مقام التوجه لله - عز وجل - وإخلاص القصد إليه قال - سبحانه وتعالى -: ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) ( الأنعام : 162 ). - وفي مقام تولي الله - عز وجل - دون غيره قال – سبحانه -: ( قل أغير الله اتخذ ولياً فاطر السموات والأرض وهو يُطْعِمُ ولا يُطْعَم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين ) (الأنعام : 14 ). - وفي مقام الدعاء قال الله - عز وجل -: ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ، ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ) ( الأعراف : 54 - 55 ). - وفي مقام عبادة الله - تعالى - قال – سبحانه –: ( وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون )(يس : 22) وقال أيضاً: (يأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون. الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتهم تعلمون ) ( البقرة : 21 ، 22 ) . وتوحيد الربوبية وحده لا يكفى في دخول الإسلام وتوضيح ذلك: مثل قوله - تعالى – آمراً نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأن يسأل قومه لما أبوا النطق بلا إله إلا الله قل من المالك، الخالق، الرازق، فيجيبون بأنه الله، فهم معترفون بوجود الله وإيجاده للخلق والرزق ويقرون بقدرته على التصرف، لكنهم لما أمروا بأن يصرفوا أفعالهم له أبوا وامتنعوا وقالوا: ( أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب ) (ص: 5)، فلما أنكروا العبودية لم يدخلوا في الإسلام بإضافة أفعال الله له، لأن أفعال الله لا مدخل لهم فيها، وإنما المطلوب والغرض أن يؤدوا ما خلقهم الله من أجله، لأن الله جعل لهم في أفعالهم مشيئة واختياراً بعد مشيئة الله – تعالى -؛ فأما خلق الكائنات فلا مجال لإنكاره وحتى خَلَقَهُم مُسيرين لا مخيرين، قال – تعالى -: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبـدون) ( الذاريات : 56 ) ، فأسند الفعل الأول له وطلب الفعل الثاني منهم وهو عبادته كما أمر الله بها في عدت آيات. فعبادة الله امتثال لأمره وترك العبادة معصية لخالقهم فمن هذه العجالة يتضح معنى ( لا إله إلا الله ) بأنه لا معبود بحق إلا الله وهذا أوضح تفسير لها. فتقييد العبادة ( بحق ) ليبطل ما يصدر من العبادات الباطلة لسائر ما يتأله من دون الله. ومن الأدلة على أن توحيد الربوببية لا يدخل في الإسلام: قِتالُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفار قريش لاعتراضهم بقدرة الله وإيجاده للخلق قال - تعالى -: ( قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسخرون ) (المؤمنون: 89 ). وقال - سبحانه وتعالى -: ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ). فما هذا التذكير الذي وبخوا بالانصراف عنه إلا إفراد الله بالعبادة، فلو كان الإقرار بقدرة الله هو الإسلام لكانوا متقين متذكرين وما استحقوا التوبيخ لعدم التقوى والتذكر ولما وصفوا بالإفك في قوله – تعالى -: ( ولئن سألتهم من خلق المسوات والأرض ليقولن الله فأنى يؤفكون ). (من كتاب الأسئلة والأجوبة في العقيدة ). توحيد الألوهية: ومعناه بعبارة إجمالية: الاعتقاد الجازم بأن الله - سبحانه - هو الإله الحق ولا إله غيره وإفراده - سبحانه - بالعبادة. وبيانه: أن الإله هو المألوه، أي المعبود، والعبادة في اللغة: هي الانقياد والتذلل والخضوع، وقد عرفها بعض العلماء: بأنها كمال الحب مع كمال الخضوع. فتوحيد الألوهية مبنى على إخلاص العبادة لله وحده في باطنها وظاهرها بحيث لا يكون شيء منها لغيره سبحانه، فالمؤمن بالله يعبد الله وحده ولا يعبد غيره فيخلص لله المحبة، والخوف، والرجاء، والدعاء، والتوكل، والطاعة، والتذلل، والخضوع، وجميع أنواع العبادة وأشكالها. وهذا النوع يتضمن في حقيقته جميع أنواع التوحيد الأخرى. فيتضمن توحيد الله في ربوبيته وأسمائه وصفاته وليس العكس؛ فإن توحيد العبد لله في ربوبيته لا يعني أنه يوحده في ألوهيته فقد يقر بالربوبية ولا يعبد الله - عز وجل -، وكذلك توحيد الله في أسمائه وصفاته لا يتضمن أنواع التوحيد الأخرى، ولكن العبد الذي يوحد الله في ألوهيته على الخلق فيقر بأنه سبحانه هو وحده، المستحق للعبادة وأن غيره لا يستحقها ولا يستحق شيئاً منها يقر في الواقع بأن الله رب العالمين، وبأن له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة لأن إخلاص العبادة لا يكون لغير الرب ولا يكون لمن فيه نقص. إذ كيف يعبد من لم يخلق ولم يدبر أمر الخلق، وكيف يعبد من كان ناقصاً. ومن هنا كانت شهادة أن ( لا اله إلا الله ) متضمنة لجميع أنواع التوحيد: فمعناها المباشر؛ توحيد الله في ألوهيته الذي يتضمن توحيد الله في ربوبيته وأسمائه وصفاته. من أجل ذلك كان هذا التوحيد أول الدِّين وأخره، وباطنه وظاهره ومن أجله خلقت الخليقة، كما قال تعالى: ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ( الذاريات : 56 ) . يقول الإمام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: وهذا التوحيد هو الفارق بين الموحدين والمشركين، وعليه يقع الجزاء والثواب في الأولى والآخرة، فمن لم يأت به كان من المشركين. ومن أجل هذا التوحيد أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب فما من رسول أرسله الله إلى العباد إلا وكان هذا التوحيد أساسَ دعوته وجوهرها، قال الله - عز وجل -: ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) ( النحل : 36 ) وقال – سبحانه -: ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) ( المؤمنون : 22 ) . وأخبر الله - سبحانه - عن رسله: نوح، وهود، وصالح، وشعيب، أنهم كانوا جميعاً يقولون لأقوامهم هذه الكلمة ( اعبدوا الله مالكم من إله غيره ) ( الأنبياء : 25 ، وهود : 61 ، والأعراف : 65 ). ويستلزم توحيد الألوهية أن نتوجه إليه - سبحانه - وحده بجميع أنواع العبادة وأشكالها، ونخلص قلوبنا فيها من آية وجهة أخرى، وهذه عبارة تدخل فيها أمور كثيرة نذكر منها: 1- وجوب إخلاص المحبة لله - عز وجل - فلا يتخذ العبد نداً لله في الحب يحبه كما يحب الله، أو يقدمه في المحبة على حب الله - عز وجل - فمن فعل ذلك كان من المشركين قال الله – تعالى -: ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبـــاً لله ) ( البقرة : 165 ) . فمن الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه: أن يتخذ العبد من دون الله نداً يحبه كما يحب الله - عز وجل -. 2- وجوب إفراد الله - تعالى - في الدعاء، والتوكل، والرجاء فيما لا يقدر عليه إلا هو - سبحانه - قال الله - عز وجل -: ( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين ) (يونس : 106 ) ، وقال الله - تعالى -: ( وعلى الله فتوكلوا إن كنـتم مؤمنين ) (المائدة : 24 ) ، وقال - سبحانه وتعالى -: ( إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم ) ( البقرة : 218 ) . 3- وجوب إفراد الله - عز و جل - بالخوف منه، فمن اعتقد أن بعض المخلوقات تضر بمشيئتها وقدرتها فخاف منها فقد أشرك بالله لقوله - تعالى -: ( فإياي فارهبون ) ( النحل : 51 ) . وهذا قيد بين الخوف في العبادة والخوف الفطري فالأول لا يصح إلا لله - عز و جل - والثاني كالخوف من الحيوان المفترس وغيره من المخلوقات لا حرج فيه. وتوحيد الألوهية أي من قال ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) - صلى الله عليه وسلم - فأفرد الله بالعبادة على ما شرعه رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهو متضمن لتوحيد الربوبية، بمعنى أن العبادة لا تصدر من عاقل لمعدوم فإذن من عبد الله فإنه لم يعبده إلا إقراراً بوجوده وقدرته. وهكذا توحيد الأسماء والصفات فإن لله أسماء حسنى وصفات عليا؛ فنصفه بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير تكييف ولا تمثيل كما قال الله - تعالى -: ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) ( الشورى : 11 ) وكما قال العلماء: إن شهادة ( أن لا إله إلا الله ) متضمنة لتوحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات .(أنظر كتاب : الاسئلة والأجوبة في العقيدة). توحيد الأسماء والصفات: المقصود بتوحيد الأسماء والصفات: هو الاعتقاد الجازم لكمال الله المطلق ونعوت جلاله، وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، من أسمائه الحسنى وصفاته العليا، وما تدل عليه ألفاظها من المعاني من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، قال الله - سبحانه -: ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) ( الشورى : 11 ) . فيدعى ويتوسل إليه بها قال - تعالى - : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) ( الأعراف : 180 ) . وقال : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) ( الإسراء : 110 ) . ومعنى توحيد الأسماء والصفات: أن الله - سبحانه وتعالى - متصف بصفات الكمال ومنزه عن جميع صفات النقص، وأنه متفرد عن جميع الكائنات، وذلك بإثبات ما أثبته لنفسه أو ما أثبته له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأسماء والصفات الواردة في الكتاب والسنة وإمرارها كما جاءت. والواضح من هذا الذي ذكرنا أن توحيد الأسماء والصفات يقوم على ثلاثة أسس: 1- تنزيه الله - جل وعلا - عن مشابهة الخلق وعن أي نقص. 2- الإيمان بالأسماء والصفات الثابتة في الكتاب والسنة دون تجاوزها بالنقص منها أو الزيادة عليها أو تحريفها أو تعطيلها. 3- قطع الطمع عن إدراك كيفية هذه الصفات. فأما الأساس الأول: فهو تنزيه الله - عز و جل - عن أن يشبه شيء من صفاته شيئاً من صفات الخلق، وهذا الأصل يدل عليه قوله - تعالى -: ( ليس كمثله شيء ) ( الشورى : 11 ) وقوله: ( ولم يكن له كفؤاً أحد ) ( الإخلاص : 4 ). - يقول الإمام القرطبي - رحمه الله تعالى - عند تفسير قوله - تعالى -: ( ليس كمثله شيء ): والذي يعتقد في هذا الباب بأن الله جل اسمه، في عظمته، وكبريائه، وملكوته، وحسنى أسمائه، وعَلِّى صفاته، لا يشبه شيئاً من مخلوقاته ولا يشبه به، وما أطلقه الشرع على الخالق والمخلوق، فلا تشابه بينهما في المعنى الحقيقي، إذ صفات القديم - جل وعز - بخلاف صفات المخلوق. وقال الواسطي ـ عليه رحمة الله - ليس كذاته ذات، ولا كاسمه اسم، ولا كفعله فعل، ولا كصفته صفة، إلا من جهة موافقة اللفظ. وجلت الذات القديمة أن يكون لها صفة حديثة، وكما استحال أن يكون للذات المحدثة صفة قديمة؛ وهذا كله مذهب أهل الحق والسنة والجماعة. ( القرطبي جـ 16/9 ) . - ويقول سيد قطب عليه - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية التي ذكرنا: والفطرة تؤمن بهذا بداهة، فخالق الأشياء لا تماثله هذه الأشياء التي هي من خلقه. ( الظلال جـ 7/272 ) . وأما الأساس الثاني: فيقتضى وجوب الاقتصار فيما يثبت لله - تعالى - من الأسماء والصفات على ما ورد منها في القرآن الكريم أو في السنة الثابتة، فهي تتلقى عن طريق السمع، لا بالآراء، فلا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا يسمى إلا بما سمي به نفسه أو سماه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله - عز و جل - أعلم بنفسه وصفاته وأسمائه ، قال - تعالى -: ( قل أأنتم أعلم أم الله ) ( البقرة : 140). قال نعيم بن حماد شيخ البخاري - رحمهما الله -: من شبه الله بخلقه كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله تشبيه ولا تمثيل. ( الروضة الندية : 22 ). وأما الأساس الثالث: فيقتضى من العبد المكلف أن يؤمن بتلك الصفات والأسماء المنصوص عليها في الكتاب والسنة من غير سؤال عن كيفيتها، ولا بحث عن كنهها وذلك لأن معرفة كيفية الصفة متوقفة على معرفة كيفية الذات، لأن الصفات تختلف باختلاف موصوفاتها، وذات الله - عز و جل - لا يسأل عن كنهها وكيفيتها، فكذلك صفاته - سبحانه وتعالى - لا يصح السؤال عن كيفيتها. ولذلك أثر عن كثير من السلف أنهم قالوا عندما سئلوا عن كيفية استواء الله - عز وجل -: (الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ) فاتفق السلف على أن الكيف غير معلوم لنا ، وأن السؤال عنه بدعة. ( انظر كتاب الإيمان : 11 ) .
__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان) |
#6
|
||||
|
||||
الإيمان بالله : عن طريق الفطرة ، عن طريق الأدلة يقول ربنا سبحانه و تعالى " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) "(سورة الحجرات) فهذا الذي يجد في نفسه ريباً ليس مؤمناً ، وليس في الإيمان حل وسط ، فإما أنك مؤمن إيماناً قطعياً ، ولو أن أهل الأرض كلهم كفروا فأنت لا تكفر ، وإما أن يكون في هذا الإيمان ريب أو شك أو تردد ، فهذا ليس بإيمان والدليل القاطع قوله تعالى " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا " فلو أنهم ارتابوا لفقدوا صفة الإيمان ، وبادئ ذي بدء الإنسان بفطرته التي فطره الله عليها مؤمن بالله ، واليوم درسُنا مقسم إلى قسمين : الإيمان بالله عن طريق الفطرة . الإيمان بالله عن طريق الدليل , الفطرة : كأنها مرآة صافية نظيفة ينطبع عليها الشيء الذي أمامه وهكذا طبيعة المرآة إنها تعكس ما أمامها ، فلو أن دخاناً كثيفاً طمسها لغيَّر صفاءها ، وغيّر قابليتها للانعكاس وعندئذٍ يأتي الدليل ، فالإيمان بالله عز وجل يمكن أن يكون عن طريق الفطرة السليمة ، ويمكن أن يكون عن طريق الدليل العقلي والبرهان العلمي . إن مسالك اليقين أربعة مسالك : 1 ـ اليقين الحسي . 2 ـ اليقين الاستدلالي . 3 ـ اليقين الإخباري . 4 ـ ويقين الفطرة الإشراقي . فالإنسان أي إنسان ، كبير أم صغير ، ومتعلم أم جاهل ، وغني أم فقير ، وقوي أم ضعيف ، ومدني أم ريفي ، وعبقري أم غبي . بحسب فطرته مؤمن بأنه لا إله إلا الله ، مؤمن بالله بالفطرة ، كيف يبدو هذا ؟ لو ركب البحر إنسان ملحد وإلحاده عميق ، أي عنده ألف دليل ودليل بحسب تصوره الأخرق على أنه لا إله ، فصارت الأمواج كالجبال وأصبحت السفينة تتهاوى بين الأمواج كريشة في مهب الريح ، عندئذٍ يلتجئ هذا الملحد إلى الله عز وجل وهذه طائرة تُقِلُّ بضعة خبراء لا يؤمنون بالله ، ينكرون وجوده فلما وقعت في عدة جيوب هوائية وظن هؤلاء الخبراء أن الطائرة على وشك السقوط ، دعوا الله مخلصين ، فالإنسان مؤمن بالفطرة ، لكنه وهو في سلام ، وفي بحبوحة ، وفي غنى ، وفي أوج وقوة يكابر . وهناك شخص قال لي لقد نشأت في بيئة تنكر وجود الله عز وجل إنكاراً كلياً وعملت عند شخصٍ في حرفة ، وهذا الشخص أيضاً ينكر وجود الله ، أوحى إلي على أنه لا إله و افعل ما تشاء فالحياة اقتناص ملذَّات ، وهكذا فعلت ، ولم أترك معصيةً إلا وارتكبتها وعملت في التجارة ، فربحت مئات الألوف ، وتزوجت ، وسافرت إلى بعض الدول وفعلت فيها من كل أنواع المعاصي "هكذا قال " وفجأةً " والقصة طويلة " صودرت بضاعته ، وبقي بلا دخل وعليه دين ، وصار أصحاب الدين يطالبونه بقسوة ، مرض أولاده وزوجته وليس معه ثمن الدواء فضلاً عن ثمن الغذاء ، وضاقت عليه الدنيا فقال لي : أصابتني مصائب لو أنها نزلت على جبلٍ لهدَّته وما شعرت في أحد الأيام إلا و أنا داخل إلى المسجد لأصلي ، فهذه هي الفطرة وصلّى ...... وإنسان آخر هذا عقيدته أنه لا إله ، و له أعمال مخزية جداً ، وعنده بنت صغيرة في سن الورود ، مرضت مرضاً شديداً ، وهذا المرض جعله ينفق كل ما يملك إلى أن قال له أحد الأطباء : " لا تنتظر أن تعيش هذه الفتاة ، دعها كي تموت ". قال : " فكنت آخذها معي إلى عملي خشية أن تموت في غيابي " لشدة تعلقه بها " و هو يصر أنه لا إله " ارتفعت حرارتها وبقيت في الأربعين ولم يترك طبيب أطفال إلا وزاره ، ولم يترك دواءً إلا واستعمله ، وهذه الحرارة لا تنخفض ، إلى أن همس في أذنه أحد أطباء الأطفال إن هذا المرض نادر الوقوع وإن هذه الحرارة لن تنخفض إلا عند الموت ، قال :" في أحد الأيام قلت لزوجتي " سخني لي الماء لأغتسل " و فيما يقول لم يغتسل في حياته ولا مرة " كان يتغسل ولا يغتسل " فاغتسل ووقف ليصلي ، و سأل زوجته ماذا تقرئين في الصلاة إنه لا يعرف الفاتحة ، وتقول زوجته " بقي واقفاً نصف ساعةٍ يبكي و يقول يا رب إما أن تأخذها أو أن تأخذني أو أن تشفيها ، ضيّق الله عليه فظهرت فطرته فأين الإلحاد ، أين دعواك العريضة أنه لا إله ، وبقي يصلي نصف ساعة وأجهش بالبكاء ، وما أن سلم من صلاته حتى رأى حرارتها قد انخفضت ، بعد أن تصلبت عضلاتها ، و بدأت تتحرك . أقول لكم هذه الكلمة : ما من إنسانٍ ينكر وجود الله عز و جل إلا و هذا قوله يوم القيامة :" ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23)انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24) "(سورة الأنعام) فحينما أنكروا كانوا كاذبين ، و يكابرون ، و يركبون رؤوسهم ، و يبالغون ، والإنسان لا ينبغي له أن يأتي في الشدة ، بل عليه أن يأتي في الرخاء والبطولة أن تأتي إليه وأنت معافى وأنت في أوجك ، أوج صحتك وقوتك ، ومالك ، وفراغك ، لا أن تأتيه بعد شدةٍ بالغة تنهدُّ لها الجبال . و الإنسان .. أيها الأخوة المؤمنون ، مؤمن بالفطرة وحينما يؤمن ترتاح نفسه ، وهذا هو الدليل ، وحينما ينكر تضطرب نفسه ، ويختل توازنه ، ويضجر ، ويسقم ، ويسأم ، وحينما لا يؤمن ترون منه ردود فعلٍ قاسيةً جداً لأسبابٍ تافهةٍ ، وهذا دليل اضطرابه ، وإن هذا الذي لا يؤمن ينفجر لأتفه سبب ، وهذا عند علماء النفس دليل اضطرابه الداخلي لأنه خالف الفطرة . وهذا المحرك لا يعمل إلا بالوقود ، بالبنزين ، فلو وضعت فيه ماءً أو وقوداً من نوع آخر لظهرت أصوات و اضطراب ولتوقف ، وتشعر أن الوضع غير طبيعي ، فالإنسان مؤمن بالفطرة ، لا تفهموا من هذا الكلام أنه ليس هناك أدلة ، بل هناك مليون دليلٍ و دليل على وجود الله ولكن قبل أن نستعرض هذه الأدلة العلمية والبراهين العقلية نود أن نلفت النظر إلى أن الإنسان مؤمن بالفطرة . ولقد قال العلماء : الطفل حينما يولد يملك منعكساً اسمه منعكس المص ، ومنعكس المص عملية بالغة التعقيد ، فالآن ولِدَ هذا الطفل ، ولو أنه بعد الولادة بساعة واحدة وضعته أمه على ثديها لالتقم الثدي ولأحكم إغلاق فمه على الثدي ، ولسحب الحليب ، وهذه عملية معقدّة كيف خلقت هذه الفطرة ، إن الطفل بالفطرة يتقن المص إتقاناً كاملاً . وحينما كنا في الجامعة درسنا في علم نفس الطفولة أن الإنسان حينما يولد ، يولد مزوداً بمنعكس المص تزويداً كاملاً . أما الحيوان فلأنه ليس مكلفاً ، ولم يخلق الله له فكراً ، فرخ البط عوام كما يقولون والطائر يطير ، و كل حيوان حينما يولد تراه مزوداً بمئات المنعكسات ، هذه يسميها العلماء الغريزة ، وهي آلية معقدة جداً ولكنها جاهزة دون تعلم ، هذه الفطرة ، بالنسبة إلينا بني البشر أطفالنا حديثو الولادة مزودون بمنعكس المص ، وهذا المنعكس ليس له تفسير إلا الفطرة أي بفطرة هذا الطفل المولود يعرف أن يلتقم ثدي أمه ، وأن يمص منه الحليب ، وهذا من أدلة الفطرة . ودليل آخر : شعور الأم بعاطفةٍ جياشةٍ نحو ابنها من دون أن تعلم ما قيمة هذه العاطفة ولولا هذه العاطفة لما كنا نحن هنا . وقصة رمزية تروى : أن سيدنا موسى رأى امرأةً تخبز خبزاً في تنور وابنها على طرف التنور الأيمن وكلما وضعت رغيف خبزٍ في التنور ، تلتفت نحوه وتقبله من شدة عطفها وحنانها ، فعجب هذا النبي الكريم ، فالله سبحانه وتعالى أعطاه درساً نزع الرحمة من قلب الأم فلما بكى الطفل ألقته في التنور، فأي أمٍ جاهلة ، أو متعلمة ، أو مؤمنة ، أو كافرة ، أو زنديقة ، أو بغي ، أي أمٍ تحب ابنها بالفطرة ، هذه فطرة فطرة الله التي فطر الناس عليها .
" يا داود ذكر عبادي بإحساني إليهم فإن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها ". فبالفطرة يلتقم الطفل ثدي أمه ، وتحس الأم بعاطفةٍ جياشةٍ نحو ابنها ، ويحب الإنسان من أحسن إليه ، فلو أن له أخاً من أمٍ وأب وهذا الأخ أساء إليه وشخص لا يمت إليه بأية صلة من طرف الدنيا الآخر ، فلو أحسن إليه لأحبه أكثر من أخيه . وشخص قال لي : وقعت بعجزٍ مالي في عملي التجاري أي أخفقت ، وضاقت عليَّ الدنيا ، صرت أهيم على وجهي في الطرقات ، فالتقيت بتاجرٍ في طرفٍ من أطراف البلاد البعيدة ، وهذا التاجر ليس من ديني ، إنه من دينٍ آخر ، فقام هذا التاجر وأعطاني بضاعة بما قيمته خمسون ألف ليرة سورية وقال : خذ هذه البضاعة وبعها وحينما تحس أنك وقفت على قدميك ادفع لي الثمن فقال لي : والله أحس أن قلبي ينفطر حباً له ، سبحان الله هذه هي الفطرة أخوه النسبي لم ينجده ، وأقرباؤه ، وجيرانه ، أهله ، لا أحد ينجده ، وهذا الإنسان من بلدٍ بعيد علم بحالته وأمده بهذه البضاعة كي يقف على قدميه وهو من دينٍ غير دينه فأحبه . لا تعجبوا كيف فتح المسلمون البلاد ، فتحوها بأخلاقهم الكاملة فحينما كانوا مُثلاً عُليا في الخلق الكريم ، أهل البلاد دلوهم على الطرقات ، ويوجد جبال معقدة جداً فتجاوزها المسلمون شمال إفريقيا وآسيا ، وجبال وعرة جداً ، ولو أن أهل البلاد أبغضوهم لكانت هذه البلاد قي حصنٍ حصين و لكنهم لكمالاتهم ورحمتهم وعدالتهم فُتحت لهم القلوب قبل أن تفتح لهم البلاد ، فالذي أعانهم على فتحها أبناء البلاد المفتوحة نفسها ، هذه هي الفطرة ، فالأم تشعر بعاطفةٍ نحو ابنها من دون أن تعرف قيمة هذه العاطفة ، ولولا هذه العاطفة لما كنا أحياء . وحينما أرى طفلاً أمه تعتني به ، وأبوه يأتي كل مساء بكل حاجاته ، يكدح الأب ويسعى ويجهد ويتحمل المخاطر والمسئوليات ويغامر إلى أن يأتي مساءً بكل حاجات البيت وحينما يرى ابنه في دفءٍ ويرتدي ثياباً نظيفة ، ويأكل ما يشتهي يحس الأب بسعادةٍ لا توصف هذه هي الفطرة . فلو حللنا هذه الفطرة لعرفنا أنه لولا هذا العطف لما استمرت الحياة ، وهذا إدراك عقلي ، لكن الأب يحس بهذه العاطفة من دون أن يبحث في تحليلاتها ومدلولاتها ، فمن منا ينكر ما في نفس الأم من عطفٍ إنه شيء ثابت فما الدليل ؟ لا يوجد دليل ، وإحساسها بالعاطفة هو الدليل وإحساسها هو الفطرة ، والإحساس الفطري لا يحتاج إلى دليل ، بل بديهي يسميه الناس المسلمات ، والمسلمات هي مبادئ لا تحتاج إلى براهين ، الكل أكبر من الجزء برهن عليها ، إنها واضحة مثل الشمس ، هذه مسلمة ، وجميع الناس مدفوعون بدافعٍ من فطرتهم إلى كسب قوت يومهم ، وهذا دافع خفي ، فعندما يفتح الإنسان محلاً وينطلق هذا المحل فإن نفسه ترتاح لأنه أمن رزقه وأكله . وإذا كان الموسم جيداً والقمح كثيراً يرتاح الفلاح لأنه أمن المئونة . قال عليه الصلاة والسلام : " إذا أحرزت النفس قوتها اطمأنت " فالفطرة هكذا ، كل إنسانٍ ينطلق هذا يفتح محل ديكور وهذا يفتح محل ملبوسات ، وهذا مكتباً عقارياً ، وهكذا ، وكل الناس مدفوعون بدافع من فطرتهم لكسب الرزق ، والإحساس بالجوع هل لك أن تنكره ؟ برهن عليه ، أخي أنا جائع ما الدليل عليه إنه لا يحتاج إلى دليل ، إحساس بالجوع صارخ فالإحساس بالجوع فطرة . وهناك بحث آخر عن قيمة الطعام في حياتنا في توليد الطاقة ، والحرارة ، وتأمين الفيتامينات والمعادن . والطعام منه مرمم ، ومنه مولد للطاقة ، وبحوث طويلة آلاف الصفحات هذا الجائع في غنىً عن هذه البحوث . وهناك رجل له ابن درس فلسفة في أوروبا ثم عاد بعد سبع سنوات ومعه دكتوراه في الفلسفة ، جلس الأب والأم وهذا الابن ليأكلوا من فروجين فقال الابن لأبويه : أنا بدراستي العميقة أستطيع أن أبرهن لكم أن هذين الفروجين هما ثلاثة وليسا باثنين ، فالأب ذكي ، بدافعٍ من فطرته قال : سآكل واحداً و أمك واحداً و كل أنت الثالث ، فالاثنان اثنان مهما فلسفت لهما . والدافع بالفطرة أوضح شيء له الشعور بالجوع فما الدليل على أنك جائع ؟ لا يوجد دليل جائع وكفى ، والإحساس بالجوع أكبر دليل ونحن لا نقول هذا الكلام لأنه ليس هناك أدلة على وجود الله ، لا والله ولكن هناك ملايين الأدلة لكن أحب أن أؤكد لكم قبل كل شيء على أنك إنسان بفطرتك مؤمن بالله ، وحينما لا تؤمن ، تصور مرآةً كانت صقيلةً نظيفةً ذات قابليةٍ للانعكاس عالية جداً ، جاءها دخان كثيف من شمعةٍ فطمست معالمها ، وشفافيتها ، وانعكاسها عندئذٍ الآن نحتاج إلى دليل فلو أن هذه المرآة صافية لما احتجنا إلى دليل . وأحياناً يحتاج الإنسان لأن يأكل شيئاً حامضاً فيكون عنده نسب الكلس عالية و الكلس لا يذوب إلا بالحمض ، وقد يشتهي الإنسان سلطة فيها حمض زائد فما السبب ؟ أحيانا تشتهي أكل برتقالة حامضة ، وأحياناً فتيات يأكلن الليمون ، و قد يشمئز الإنسان من أكل الليمون ، وقد ترى البنت تأكل الليمون بكل سرور ، تقطعه وتأكله مع الملح فما هو تفسير هذا الشيء ، عندها رغبة جامحة لأكل الليمون ، السبب هو وجود مواد كلسية زائدة لديها ، فربنا عزّ وجل لحكمةٍ بالغة يخلق في الإنسان دافعاً نحو الحمض . وقد يشتهي الإنسان أكل الموالح فيكون عنده نقص بالملح ، وأحياناً يشتهي أكل الحلو فيكون عنده نقص بالطاقة ، فرغبة الإنسان لأنواع الطعام مبنية على حاجاته . وهناك علماء أتوا بعشرة أطفالٍ ووضعوهم في مختبر أمام ألوانٍ منوعة من الطعام وعشرة أطفالٍ آخرين تولى خبراء في التغذية إطعامهم ، أي تغذية مدروسة بالحريرات والبروتينات ، والدهنيات ، والسكريات ، والمعادن ، وأشباه المعادن ، والفواكه ، واللحوم فكانت نتيجة الأطفال الذين أكلوا وفق رغبتهم الخاصة أن نموهم كان أفضل لأن الرغبة الخاصة مبنية على حاجة داخلية فحينما تشتهي الطعوم الحامضة يكون عندك كلس زائد ،وحينما تشتهي الموالح يكون عندك نقص بالأملاح ، وحينما تشرب الماء يكون دليلاً على نقص الماء بالجسم وهذا أيضاً إحساس بالفطرة . إذاً شعورنا بالعواطف والأحاسيس هذه كلها من الفطرة ولا برهان عليها ، وشعورنا وحده هو الدليل . الشعور الفطري إحساس بين جميع الخلائق المدركة على اختلاف نزعاتها ومستوياتها وثقافاتها في البيئات البدائية ، وفي المدن المتحضرة ، وفي منتديات المثقفين ، وفي قاعات العلوم والفنون والمختبرات ، إنه شعور مشترك بين جميع الناس ، يقوم في نفس الطفل الصغير والإنسان البدائي ، والإنسان المتحضر ، والجاهل ، والعالم ، والباحث ، والفيلسوف ، والعبقري والفنان ، والخبير في المعمل ، وكل هؤلاء يشعرون أن الله حق ، وأنه القوة القابضة على ناصية كل شيء ، والعالمة بكل شيء ، والحكيمة ، المريدة التي لا شك فيها .
__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان) |
#7
|
||||
|
||||
قرأت كلمةً لأكبر عالمٍ في الذرة ، وهذا العالم اكتشف أحدث نظرية حتى الآن اسمها النظرية النسبية وهو "انشتاين" قال هذا العالم : كل إنسان لا يرى في هذا الكون قوةً هي أقوى ما تكون ، عليمةً هي أعلم ما تكون ، حكيمةً هي أحكم ما تكون ، هو إنسان حي و لكنه ميت .
الآن إليكم بعض الآيات التي تؤكد هذه الحقائق :" قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10)" (سورة إبراهيم) هو الذي فطر السماوات و الأرض فطرها على أن تؤمن به ." تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)" (سورة الإسراء) ولذلك فالذي فطر السماوات و الأرض فطرها على أنها تؤمن به بدافعٍ من بنيتها وخلقها وقال تعالى في آية أخرى : " فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚلَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) " (سورة الروم) نقطة دقيقة جداً أتمنى عليكم أن تكونوا في مستواها ، النبات أوضح شيء ، ترى نبتةً يقال لك إن هذه النبتة تحتاج سقيا في الأسبوع مرة فلو أكثرت عليها الماء تموت ، وهذه النبتة تحتاج ثلاث مراتٍ سقيا أسبوعياً ، وهذه النبتة بالشهر مرة ، وهذه النبتة نبات الصالون ، تزدهر في الغرف ، وهذه النبتة لا تزدهر إلا في أشعة الشمس ، فلو جلست مع صاحب حدائق لديه خبرات عالمية لوجدت أنه يعلم طباع كل نبتة ، فهذه النبتة تحتاج إلى ظل ، وإلى شمس مبرقعة " بوضع أقمشة خفيفة في بعض البيوت البلاستيكية " وهذه تحتاج إلى ضوء ، وهذه تنمو في البيوت في الغرف ، وهذه تحتاج إلى سقيا كثيرة ، وهذا النبات لا ينمو إلا في الماء كالزنبق الذي يجب أن يغمر في الماء . إذاً ربنا عزّ وجل خلق في النباتات شيئين : شيئاً ظاهراً لعينك مثل طولها ، وشكلها ، وأوراقها ، وألوانها ، وأزهارها ، وأشياء تكتشفها مع الأيام وهي وطباعها هي الفطرة التي فطرها الله عليها ، أي حاجاتها وطباعها ، وأنواعها ، ومواسمها وأوقات ازدهارها أي أشياء دقيقة جداً ، فمثلاً بعض النباتات يزهر مرتين في السنة ، وآخر خلال شهر ، وهذا النبات تسقط أوراقه ، وهذا أزهاره فواحة ، وهذا أزهاره ليست لها رائحة وهذا أوراقه كثيفة ، وذاك أوراقه مبعثرة ، فطرة الله التي فطرَ النبات عليها ، كما أن النبات له طِباع ، مثلاً النباتات إن لم تسقِها لا تنمو ، الباذنجان يحتاج إلى تعطيش إلى أن يذبل وبعد أن يذبل تعطيه الماء فينمو ، والرز يحتاج إلى غمرٍ في الماء ، وهذه خبرة الفلاح وكل نبات يعرف طباعه ، فالتفاح ينمو في المرتفعات ، والحمضيات في السواحل ، والحمضيات لا تنمو بالرياح إذاً فهي تحتاج إلى مصدات رياح ، وطباع هذا النبات هكذا ، فهذا ينمو في أفريقيا ويحتاج إلى رطوبة عالية ، وهذا النبات ينمو في الصحراء فالشوكيات كلها صحراوية ، وهذا النبات قطبي وهذا نبات ينمو في قاع البحر ، وفي الأنهار ، وهذه هي الفطرة لكل مخلوقٍ ، غير النواحي المادية طباعُهُ ، حاجاته ، أطواره ، تطوراته هي الفطرة ، فالإنسان مفطور على حب الكمال وهكذا فُطِر ، ومفطور على حب الإحسان ، وقد خلق ضعيفاً ، وعجولاً ، وهلوعاً هذه هي فطرته . " فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " أما هذه الفطرة فقد تنطمس بفعل انغماس الإنسان في الشهوات فيتحول هذا الإنسان إلى وحشٍ بشري . وهناك امرأة في فرنسا لها ولد ، أغلقت عليه البيت وسافرت إلى عند صديقتها فمات بعد أسبوعين ، جوعاً وعطشاً ، ويوجد حالات نادرة فهذه الأم تشوهت فطرتها . وإنسان آخر دخل في بعض القرى و ذبح امرأته و أولاده الخمسة ، وهذا فطرته مشوهة . ويوجد حالات نادرة جداً الفطرة التي فطر الله الناس عليها تتشوه . فهذا موضوع الفطرة وهو موضوع طويل ، لكن الإنسان من دون تعقيدات في بنيته النفسية ، وبطبيعته وطريقة خلقه وبفطرته التي فطره الله عليها مؤمن بالله ، وهذا هو الأصل فإذا كفر أو إذا أنكر أو إذا ألحد اضطربت نفسه واختل توازنه وقست ردوده وأصبح مريضاً . وهناك أشخاص ليسوا في مشفى المجانين لكنهم قريبون جداً من الجنون ، ترى أحدهم عنيداً لدرجة أنه يطلّق امرأته لسببٍ تافه ، ويفصل الشركة مع شريكه لأتفه سبب ، ويقتل إنساناً لأن بقرته دخلت إلى أرضه وأكلت بعض الحشائش ، هذه واقعة وهذه حالات نادرة الآن القسم الثاني من الدرس : إذا تركنا الفطرة جانباً كان البحث العلمي بما فيه من استدلالٍ نظري واختبارٍ وتجربة سبيلاً إلى التعرف على حقيقة وجود الخالق جل وعلا . الآن دعونا من الفطرة ، دعونا من الإحساس الفطري بوجود الله ، وأوضح مثلٍ له إذا ركب الإنسان الملحد في باخرة أو طائرة وشعر أن هذه الطائرة أو أن الباخرة في خطرٍ محقق عندئذٍ انظر له ماذا يقول ، كل واحدٍ يدعو الله بلغته و يرجوه و يتوسل إليه لأنه استيقظت فطرته . أو شيء يوجد نقطة مهمة جداً في هذا الموضوع ، هذا الدين من عند الله ، الله سبحانه وتعالى عليم بكل شيء ، وهذه المجرات والشمس والقمر والبحار والسماوات والأسماك والأطيار والنباتات والحيوانات وأي شيء مبني على علم بالغ ، مثلاً الناموسة إذا وقعت على يديه لا يشعر بشيءٍ إطلاقاً ، لا بتأنيب الضمير ولا بوخز الضمير ولا بشعور أنه قتل قتيلاً ولا بأنه ارتكب إثماً ، ولا ارتكب معصيةً ، ولا أنه أزهق نفساً من غير سبب لتفاهتها عن الخلق ، ومع ذلك هذه الناموسة فيها رادار ، وفيها جهاز تحليل دم ، و جهاز تمييع دم ، و جهاز تخدير ، و جناح يرف أربعة آلاف رفه في الثانية ، وفيها ثلاثة قلوب ، و محاجم ، و مخالب ، و ذكاء ، فالناموسة تختبئ وراء الستار أو وراء السرير ، إذا استيقظت وأشعلت المصباح فأين هي ؟ إنها تختبئ لأنها تعرف أنك غضبت منها وأنك تهم بقتلها ، تختبئ في مكانٍ لا تراها فيه ، هذه الناموسة عندها علم . الحوت كم فيه من علم ؟ وزنه تقريباً مائة وثلاثون طناً وطوله ثلاثون إلى أربعين متراً ، وفيه خمسون طناً دهناً ، وخمسون طناً لحماً ، وثلاثون طناً عظماً تقريباً ، ويخرج منه تسعون برميلاً زيتاً ، إذا أراد أن يتناول وجبة خفيفة فإنه يأكل 4 طن و يرضع صغيره 300 كغ حليب بالوجبة " ببرونة " ، 3 وجبات طناً حليباً ، باليوم الواحد يرضع صغيره طن حليب ، فهل الحوت مبني بلا علم . و العصفور ألا يوجد عنده علم ، فلقد قرأت في مجلةٍ عن الطيران أن أعظم طائرة اخترعت حتى الآن " الكونكورد " لا ترقى إلى مستوى الطير أبداً وما فيه من علم ، اركب طائرة 400 راكب وكأنهم في مدينة ، أكل وشرب وحاجات ومقاعد كثيرة ، وعلى ارتفاع 40 ألف قدم ، الطيران بالليل كم ساعة من أمام الطيار والرادار هل هو قليل ، والطائرة تُسيّر ذاتياً يرسم لها خطة ، فهل الطائرة ليس عندها علم ، فالطائر أعظم من الطائرة البحار ليس عندها علم ، السحب ، والأمطار ، والجبال ، والمعادن ، وأشباه المعادن ، الحقيقة إذا قلت علم الله عز وجل الفيزياء علم الله وهناك تجد كتاباً في آخره ثماني صفحات مراجع بخط صغير يمكن أن تكون ثمانمائة مرجع ، الفيزياء فقط الفيزياء الكيميائية والكهرباء في الفيزياء ، أو الصوت ، أو الحرارة ، تجد الفيزياء النووية ، والكيمياء العضوية واللاعضوية هذه علوم الله ، والإنسان لم يفعل شيئاً سوى كشفها فالفلك ، والطب و الحيوانات والأسماك والأطيار ، كل شيءٍ اكتشفه العلم إنما هو من علم الله :" وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) "(سورة الإسراء) " اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) "(سورة البقرة) فلو أنك ذهبت إلى مكتبة غنية تجد مائة ألف مجلد متعلقة فقط بالجسم ، مثلاً كتاب ستة أجزاء عن القلب ، بالحرف الصغير ، وكل جزء ثمانمائة صفحة ، عن القلب : لقد تصفحت كتاباً عن القلب منذ يومين ، يشعر الإنسان بدهشة ، ويصعب عليه فهمه ، وعن الرئتين ، والدماغ ، والعضلات ، و العظام . هذا علم الله ، و هذا دينه ، أيعقل أن يكون دين الله فيه خطأ ، أو فيه تناقض ، أو فيه أشياء غير معقولة ، هذا مستحيل ، إنه خلق الله وكلام الله . لابد من تناسبٍ بين خلق الله و بين كلام الله ، دقة بالغة في كلامه ، و تشريعه ، و أنبيائه ، و قرأنه فالنقطة الدقيقة التي أُريد أن أقولها " إن الحقيقة لا تخشى البحث أبداً " ، مهما تقدم العلم بعد ألفي سنة ، أو خمسة آلاف ، لن يكتشف العلم حقيقةً تعارض القرآن الكريم و مستحيل ذلك لأن هذا كلامه وهذا خلقه ، فمن سابع المستحيلات أن يكتشف العلم شيئاً مناقضاً للدين أبداً ، وكلما تقدم العلم ازداد قرباً من الدين . وقد التقيت مع طبيبٍ جراح فقال لي كلما وجدت جرحاً إنتانياً مستعصياً شفاؤه أضع له العسل و هكذا درسنا في بريطانيا : يوضع العسل على الجروح الانتانية التي لا يرجى شفاؤها و خلال يومين يشفى المريض سبحان الله : " ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) " (سورة النحل) وعندئذٍ أدركت أن العسل إلى أن يكون دواءً أقرب منه إلى أن يكون غذاءً ، بل إن العسل كما وصف من قبل بعض العلماء " صيدلية كاملة " . فالحقيقة لا تخشى البحث ، لا تخف أن تقرأ مقالةً في مجلةٍ تنقض آيةً قرآنية ، لاتخف لن يكون هذا لأن خالق الكون هذا كلامه و ليس يعقل أن يكون في كلامه شيء مناقض لخلقه ، فالعنوان أعجبني " الحقيقة لا تخشى البحث " وإذا كنت تُعرّف الناس بالله فقل لهم أقرءوا ما تشاءون ، اذهبوا أينما شئتم ، ناقشوا من تشاءون ، يبقى الحق حقاً والباطل باطلاً ، وفي مقالةٍ قرأتها لم أنم الليل ، لماذا ؟ قال إنهم عرفوا نوع الجنين ، هكذا بهذه البساطة الحقيقة لا تخشى البحث ، لقد وجدنا جمجمة هي الحلقة المفقودة بين الإنسان و القرد و ذلك يعني أن نظرية داروين صحيحة ، كله كلام فارغ . هذا الذي لا يقرأ مشكلته مشكلة ، وأخطر إنسانٍ في المجتمع هو نصف العالم أخذ شهادة فظن نفسه عالماً الجهل مفيد لأن صاحبه متواضع يتعلم و العلم مفيد و لكن الشيء الخطر أن تتعلم شيئاً و تغيب عنك أشياء ، أن تظن نفسك عالماً و أنت لست كذلك ، قرأ في البكالوريا عن نظرية داروين أن الإنسان أصله قرد فعلق ذلك بذهنه و الدين يعتبره خرافة ، شيء قديم .أما أنا ، فالآن من جديد بدأت أؤمن بهذه النظرية ولكن معكوسة ، أي أن هذا الإنسان كان إنساناً و أصبح قرداً ، مسخ الآن . إذا كان الإنسان همه بطنه وهمّه شهوته ، وليس عنده أية قيمة فإنه مسخ قرداً ، أنا آمنت بها مؤخراً بشكلٍ معكوس ، كان إنساناً فأصبح قرداً . فالحقيقة لا تخشى البحث ، لا تخف و لو ذهبت إلى عواصم الكفر و لو التقيت مع أكبر العلماء لا تخش على إيمانك ، لا يوجد وقت للإفاضة في هذه الموضوعات ، علماء من كبار الملاحدة حينما قرءوا بعض آيات القرآن قالوا هذا الكلام من فوق ، من عند جهةٍ فوق الكون ، لأنه واضح ، والآن فالعلم اكتشف أن بلاد العرب كانت في القرون السحيقة بساتين و أنهاراً ، فكيف عرفوا ذلك ؟ من المستحثات ، إذ يوجد مدن بكاملها في الربع الخالي مدفونة تحت الرمال ، وجذوع أشجارٍ ضخمة ، ومستحثات متحجرة ، ورسوبيات أنهار ، والعلم أيضاً بحسب معطياته الحديثة يتنبأ أن خطوط المطر تنتقل إلى أن تغدو بلاد العرب بساتين و أنهاراً . العالم الجيولوجي الذي قرأ هذا الحديث الشريف قال عليه الصلاة والسلام : " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ الْمَالُ وَيَفِيضَ حَتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ بِزَكَاةِ مَالِهِ فَلا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهَا مِنْهُ وَحَتَّى تَعُودَ أَرْضُ الْعَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا " . وفي القرآن يوجد إشاراتٍ كلما تقدم العلم اكتشف بعض الحقائق إلا أن الإمام علي كرّم الله وجهه قال : " في القرآن الكريم آيات لمّا تفسر والعلم كلما تقدم يفسرها ، إذاً هذه الملاحظة " الحقيقة لا تخشى البحث أبداً " . وديننا دين معقول ، مبني على العلم لأن الخالق عليم و هذا دينه فيه علم فلا يظن أحدنا أنه إذا تناقش مع كافر فسينهار أمامه ، ولو أن لك إيماناً قوياً لا تخش به أن تواجه أحداً على وجه الأرض ، لكن يوجد ملاحظة : لو أنك واجهت حقيقةً أو واجهت شيئاً في العلم يناقض شيئاً في الدين ، فكيف تفسر هذه الظاهرة ؟ هناك ثلاثة تفسيرات : الأول : إما أن البحث العلمي لم يصل إلى مرحلة الحقيقة ، فهو نظرية ، فنظرية داروين لن تنقلب إلى حقيقة ، وإن هذه النظرية تُخالف ما جاء في كتاب الله فهي نظرية لما تثبت ، بل إن أهل العلم في أوروبا أنكروها وتجاوزوها والآن يسخرون ممن يتكلمون بها فالذي يقول بها الآن أقول له كلمة واحدة : معلوماتك قديمة جداً وأهل العلم في أوروبا سخروا ممن يدعيها ، فإذا كان هناك تناقض بين العلم وبين الدين فلأن البحث العلمي لما يصلْ إلى مرحلة الحقيقة بل بقي في حيّز النظرية . الثاني : أو أن المنقول عن الدين غير صحيح ، مثلاً هناك 200 ألف حديث موضوع فلو أنك قرأت حديثاً موضوعاً بأي كتابٍ أو قرأت حديثاً ضعيفاً و ناقضاً حقيقةً علميةً لا نفعل شيئاً هذا الحديث ضعيف وقد تكون نسبة هذه الحديث ليست صحيحة ، والحديث الموضوع قد يُناقض العلم . أو شيء ثالث : أنه وقع الإنسان في خطأ في تفسير الحديث . إذاً ، فإما أن نسيء فهم الحديث أو أن يكون الحديث موضوعاً و إما أن تكون مرحلة البحث العلمي لا تزال في حيّز النظرية . هذه هي ثلاثة التفسيرات التي يمكن أن تفسر بها التناقضات أحياناً بين العلم والدين ، أما الحقائق المقطوع بها في الدين ، والنتائج التي يتوصل إليها العلم بطرقه اليقينية القاطعة فإن بينهما تمام التوافق ولا بد من أن يلتقيا على نقطةٍ من الحقيقة واحدة ، ولأن الحق لا يتعدد قطعاً في الأمور الاعتقادية ، ولا في الكائنات الثابتة ، أي إذا رسمت خطاً مستقيماً بين نقطتين ، وأردت أن ترسم بين هاتين النقطتين خطاً مستقيماً ثانياً لابد من أن ينطبق على الأول تمام الانطباق . تصور نقطتين ، رسمت الخط الأول ثم الثاني فسيأتي فوقه تماماً . فإذا كان الخط الأول هو العلم والثاني هو الدين فلا بد من تطابقٍ كامل ، أما إذا كان أول خط لم يمس النقطة الثانية أي كان منحرفاً و الخط الثاني يمس النقطة الثانية فستجد فرقاً بينهما ، واحد لن يمر من هاتين النقطتين . آخر الدرس ، في عهد الغزالي علماء درسوا أن الكسوف والخسوف مبنيان على قاعدة ، مثلاً يقولون إنه في يوم 23 الشهر الثالث الساعة الثامنة في الليل يخسف القمر ، هذا علم و يوجد دورة حول الأرض و حول القمر فإذا وقع القمر بين الأرض و الشمس كان الكسوف و إذا وقعت الأرض بين الشمس و القمر كان الخسوف ، ففي عهد الغزالي اكتشف العلماء قانوناً للخسوف و الكسوف فلما أذاعوا به قام عليهم رجال الدين و اتهموهم بالزندقة و الكفر فجاء العالم الغزالي الباحث فرد عليهم و قال : " ومن ظن أن المناظرة في إبطال هذا العلم " معرفة الكسوف والخسوف " من الدين فقد جنى على الدين و ضعف أمره ، فإن هذه الأمور تقوم عليها براهين هندسية و حسابية لا تبقي معها ريباً "، فمن يطلع عليها و يتحقق أدلتها إذا قيل له إن هذا خلاف الشرع لم يرتب فيه و إنما يرتاب بالشرع. و إذا قلت لأحدٍ في أوروبا إن هناك عالماً في البلاد الإسلامية ينكر أن تكون الأرض كروية فهل يشك بعلمه أم يشك بالدين ؟ يشك بالدين طبعاً ، إذا قلت له إن العالم الإسلامي الكبير ينكر أن تكون الأرض كروية جاء بمجلةٍ في بعض الدول الأجنبية ، كتبوا فيها فلان العالم الفلاني يقول الأرض مسطحة في عام 1975 ، إذا قرأ الناس هذا الخبر بخطٍ عريض و قد ذهبوا إلى القمر و رأوا الأرض بأم أعينهم كرةً وصوروها و المجلات العلمية طافحة بصور الأرض وهي كرة ، والأقمار الصناعية تصور كل دقيقةٍ ، الأرض كرة وهناك من رآها كرة ، فإذا قرأت في مجلةٍ أن العالم الفلاني يقول إن الأرض مسطحة فهل تشك بالدين أم بالعلم ؟ ساعتها أشك بالدين فالإمام الغزالي يقول " إن هذا الذي يطلّع على هذه الحقائق إن قيل له جهلاً إنها خِلاف الشرع إنما يرتاب في الدين ولا يرتاب من هذه الحقائق و عندئذٍ يكون كمن طعن في الدين " ، فلا تتسرع لأن العلم لا يناقض الدين أبداً ، ولا تنف شيئاً ثابتاً علمياً دفاعاً عن الدين فإن الدين لا ينقضه . والنبي عليه الصلاة و السلام لما توفي ابنه إبراهيم كسفت الشمس وقتها مصادفةً فقال الصحابة لقد كسفت الشمس لموت إبراهيم ، فقال عليه الصلاة و السلام و هو العالم المُدقّق : " أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تكسفان لموت واحدٍ من خلقه ولا لحياته " هذه آية كونية . نقطة مهمة جداً : لا تدافع عن الدين برد الحقائق العلمية الصحيحة ، إن هذه الحقيقة تتوافق مع الدين مثلاً إذا قلنا هناك زلزال فالزلزال له تفسيرات ، حركة في باطن الأرض أدت إلى اهتزاز القشرة ، وتفسيرها معقد جداً ، وأقول الزلزال من الله عز وجل هذا كلام صحيح ، لا يمنع أن يكون للزلزال تفسيرٌ علمي جيولوجي وتفسير ديني التفسيران يتوافقان ، ويتكاملان ، وهذا الزلزال سببه اضطراب الأرض ومسبب السبب هو الله عز و جل قضية سهلة جداً ، على العكس بل رائعة متكاملة ، اضطراب القشرة الأرضية سبب الزلزال و مسبب هذا السبب رب السماوات و الأرض ، فإذا قلت إن هنا زلزالاً أصاب قريةً فأهلكها لأنها فاسدة ، فهذا كلام صحيح و كلام ديني ، و إذا قلت إن الزلزال هو اضطراب في القشرة الأرضية وانزياح الطبقات عن بعضها ، وتسرب بعض المائع الناري إلى الطبقات العليا ، وخروج بركان أيضاً فصحيح . وهذا العلم لا يتناقض مع الدين إطلاقاً بل يلتقيان ويتوافقان . وانطلاقاً من هذا الكلام ، إذا مرض للإنسان ولد فعليه أن يأخذه إلى الطبيب و يشتري الدواء و يعطيه إياه ثم يتوكل على رب الأرباب " اعقلها و توكل " اعقلها وتوكل هذا هو الدين ، لذلك اطمئنوا لن تكتشف حقيقةٌ علميةٌ حتى نهاية الحياة تناقض ما في القرآن لأن هذا الكلام كلامه وهذا الكون خلقه ، ولا يعقل أن يكون في كلامه تناقض أو في كلامه ما يناقض خلقه . والحمد لله رب العالمين
__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان) |
#8
|
||||
|
||||
الإيمان بالله تعالى : دليل الإمكان في الكون
إن كل شيء تقع عليه عينك ، أو تدركه بحسك أو تستنبطه بعقلك ، كل شيء كان من الممكن أن يكون على غير ما كان ، يعني أنت عندما تحلي كأس الشاي تضع فيها ملعقة ونصفاً و ممكن أن تضع فيها ملعقتين ، أو ثلاث ملاعق، أو ملعقة واحدة ، .. أو نصف ملعقة ، لكنك اخترت هذا المقدار الدقيق يبدو أن هذا المقدار الدقيق من السكر يتناسب مع ذوقك ، فلابد من مرجح و مخصص يمكن أن يوضع في هذا الكأس مقادير متفاوتة من السكر ، إذا قدم لك كأس من الشاي وتذوقته فإذا كان فيه سكر بما يتناسب مع الذوق السليم لا هي كالقطر كما يقولون ، ولا هي قليلة السكر، إذاً هذا الذي وضع السكر بهذا المقدار الدقيق ، في تقدير ، مقدّر دقيق . وقد سمى العلماء مُخَصِصاً في مخصص ، هذه الثريا كان من الممكن أن تلامس الأرض ، سهل لأن نُطيل السلسلة . وكان من الممكن أن تصل السقف ، وكان من الممكن أن تكون في الثلث الأول أو في الثلث الثاني وكان الممكن أن تكون قبيل الأرض بـ 30 سم لكن الذي وضعها بهذا المقدار اسمه المخصص يعني يتمتع بذوق سليم لا هي في السقف فيضيع ضوءها ولا هي قريبة من الأرض تسبب ارتباكاً في الحركة في المسجد فهذا الارتفاع مناسب نقول هذا الارتفاع مناسب وكان من الممكن أن تكون بغير هذا الارتفاع لكن مخصصاً حكيماً خصصها به. هذه أمثلة من واقعنا . خلق الإنسان كان من الممكن أن تكون عينا المرء في ظهره أو في قمة رأسه أو في خلف رأسه أو في يديه أو في بطنه أو في قدميه لكن الذي خلق العين وضعها في أنسب مكان وفي أحكم مكان فوضع العين في هذا المكان يحتاج إلى مخصص ، أو حكيم . في هذا الوجود انظر إلى خلق الإنسان ، انظر إلى عينيه وأذنيه وأنفه ، فلماذا الأذنان ؟و لم تكونا أذناً واحدة ؟و لماذا التعاريج في الصيوان ؟ ولماذا فتحة الأذن أضيق من الخنصر ؟ ولم القناة متعرجة ؟ ولم الصملاخ ؟ و الأشعار ؟ والعين في هذا المكان ؟ والحاجبان ؟ والأجفان ؟ والأهداب و الدموع ؟ والشبكية؟ و القزحية ؟ والقرنية ؟ والخلط المائي ؟ والخلط الزجاجي ؟ والجسم البللوري ؟ والعصب البصري لماذا ....؟ كان من الممكن أن نرى الأبيض أسود فقط كما هي عين بعض الحيوانات ، إنما نرى بالألوان الطبيعية فمن الذي خصص العين بهذه الحقيقة ؟ هناك آية قرآنية تؤكد هذا المعنى : " فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)"(سورة الإنفطار) كان من الممكن أن يمشي الإنسان على أربع و أن يأكل طعاماً واحداً طوال حياته ، وأن يعيش وحده بلا زوجة ، وأن يأتيه الأولاد كما هي بعض الكائنات تتوالد توالداً فردياً ، بعض النباتات تتوالد توالداً فردياً، يقول لك : الخيار مؤنث فلا يحتاج إلى تلقيح ، والمتحول الزحاري ينقسم انقساماً ولا يحتاج إلى مزاوجة وتلقيح كان من الممكن أن يعيش الإنسان وحده . فالممكنات لا تعد ولا تحصى وكان من الممكن أن تكون التفاحة صلبة كالصخر تريد مطحنة بحص حتى تعمل من التفاحة كأس عصير ، هذه مستحيلة ، ويمكن أن تنتهي أعمارنا ولا تنتهي عبارة كان من الممكن فمن الذي جعل ماهو عليه كما هو عليه ؟ . يوجد مخصص : لمجرد أن ترى هذه الثريا بارتفاع مناسب تتصور الذي ركبها يتمتع بذوق وبحكمة وبمجرد أن يقدم لك كأس الشاي بحلاوة طبيعية مناسبة لذوقك تعرف أن الذي قدم لك هذا الكأس يتمتع بذوق مرهف ، فهذا الدليل في الكون .. وهذا الكون ممكن الوجود على هذا الشكل وعلى أي شكل آخر ، " فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ " كان من الممكن أن يكون النهار سرمداً إلى يوم القيامة ... وكان من الممكن أن يكون الليل سرمداً إلى يوم القيامة ، وأن يكون الصيف سرمداً إلى يوم القيامة والشتاء والربيع والخريف كذلك ، وكان من الممكن أن تكون حرارة الأرض في طوال أيام العام صفراً ، وكان من الممكن أن تكون حرارة الإنسان متبدلة كبعض الحيوانات وفق المحيط الخارجي .... ، وأن يكون للإنسان أربع معدات يجترّ طعامه كالحيوانات المجترّة .... " فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ " من الذي جعل الكون على ماهو عليه لابد من مخصص .
__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان) |
#9
|
||||
|
||||
أحياناً هذه الطاولة لو أنها بعيدة إلى هنا غير مناسبة .. ولو أنها هنا غير مناسبة .. ولو أنها بهذا الارتفاع غير مناسبة ..و لو أنها بهذا غير مناسبة ... فالذي أعطى ارتفاعها وأبعادها وحجمها يتمتع بحكمة ... والشمس .. كان من الممكن أن تكون أبعد مما هي عليه الآن أو أقرب ... أو أكبر ... فلو أن الأرض أكبر لكانت الجاذبية أكبر ولكان وزننا أكبر .. و لو وُجِدَ أحدنا على بعض الكواكب لكان وزنه 3.5 طن على حسب الجاذبية ، وأحدنا لو انتقل إلى القمر ينخفض وزنه إلى السدس من ستين كيلو غرام بالأرض إلى عشرة كيلو على القمر إذ يخف وزنه ...
وكان من الممكن .... من الذي جعل الممكن بهذا الوضع المناسب ؟ ولابد من خالق أوجده ، لابُد من خالق حكيم أوجده على هذا الوضع . وكان من الممكن أن أرى إلى 20 متراً فقط .. خالق غير حكيم أو كان من الممكن أن أسمع الأصوات التي لايزيد بعدها عن عشرة أمتار فقط ليس هذا من الحكمة في شيئ فلذلك هذا الدليل ، فالعقل لا يمنع من أن نتخذ صوراً غير الصور التي نحن عليها وشكلاً غير الشكل الذي نحن عليه وحداً غير الحد الذي نحن عليه فنكون أكبر أو أصغر ، أو على تركيب آخر . وأحياناً هناك أمراض " عافانا الله وإياكم منها " إذ لا يرتدي الإنسان أي ثياب .. مرض بدماغه فلا يمكن أن يقبل ثوباً ، ولو وضعت عليه الدثر يمزقها خيطاً خيطاً ، وينام بلا ثياب ويموت من البرد ويأكل برازه ، و هذه حالات موجودة أن الإنسان يأكل برازه ويموت من شدة البرد : " وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67) " ( سورة يس) كان من الممكن أن يخلق الإنسان بلا ذاكرة ، ولا مخيلة ، ولا مصورة ، ولا محاكمة ، ولا تفكير ، ولا سمع ، ولا بصر ، ولا نطق ، وممكن لكائن ألا يتكلم ." الرَّحْمَٰنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)" (سورة الرحمن) وهذا البحث رائع جداً .. كل شيء ، هذا الكأس له حجم ممكن أن نضع على الطاولة كأساً حجمه ثلاث تنكات ؟ ليس معقول . و ممكن أن نضع كشتبان ماء ؟ ليس معقول هذا الحجم فالذي صنع الكأس يتمتع بذوق وبحكمة جعله يتناسب مع حاجة الإنسان وهذا الحجم لا يمكن أن يكون أكبر أو أصغر فالذي جعله بهذا الحجم حكيم هل هناك عقلياً ما يمنع أن يكون الكأس كبيراً ؟ ممكن قالب كبير ، هل هناك ما يمنع أن يكون الكأس صغيراً ؟ ممكن .. لماذا كان الكأس بهذا الحجم؟ لأن الذي صنعه يتمتع بحكمة فجعله بحجم يتناسب مع حاجة الإنسان ، صار معنا هل يمكن أن ترد هذه الأوضاع الدقيقة الحكيمة في الكون بدءاً من المجرات وانتهاءاً بالمجموعة الشمسية والشمس والقمر والجبال والأرض والسهول والصحارى ، وحجم الأرض ، وحجم البحر ، إذ يوجد حكمة بالغة . ولولا هذا الحجم الذي يزيد عن حجم الأرض بـ خمسة أمثال لما نبت النبات على سطح الأرض ، ولولا الرياح لما هطل المطر ، ولولا الشمس لما تبخر البحر ، ولولا الجبال لما سالت الأنهار ، ولولا النبات لما عاش الحيوان ، ولولا الحيوان لما عاش الإنسان ، ولولا البكتريات الكائنات الدقيقة لما كانت التربة صالحة للنبات .... فهذه البكتريات تأخذ بعض المواد وتحللها إلى أسمدة .. ولولا الديدان لما نبت النبات .. هذه كلمة "لولا" وهذا طيار قال لي ، إنه في الطائرة مجموعة أجهزة إذا تعطل أحد هذه الأجهزة تسقط الطائرة قلت كيف ذلك ؟ قال : جهاز تسخين الأجنحة لو تعطل هذا الجهاز لتراكم الثلج على الأجنحة لأن حرارة الجو خارج الطائرة خمسون تحت الصفر والجو مشبع ببخار الماء . ويتشكل طبقة ثلج " فريزر " على الأجنحة وتغير انسياب الأجنحة . يسقط الطائرة . و قال : وإذا تعطل جهاز ضخ الهواء في الطائرة لأن الهواء في الطائرة مضغوط ثمانية أضعاف من أجل أن يكون ضغط الجو داخل الطائرة مساوياً للضغط الجوي على سطح الأرض ولو تعطل جهاز ضغط الهواء لوجب على الطيار أن يهبط بطائرته خلال دقائق وإلا تنفجر الشرايين في رؤوس الركاب . إذاً كم جهاز موضوع بالطائرة من أجل أن تراها تطير سالمة ؟ وقال لي : ولو أن الوقود في الأجنحة سائل سائب ، ومالت على جناحها الأيمن لوقعت فوراً ، فلابد من حواجز تمنع انسياب البنزين أو الوقود إلى أطراف الطائرة . وبالعكس في الطائرات الحديثة مضخات تضخ البنزين إلى الجهة المعاكسة إذا مالت الطائرة و هذه الطائرة تقل 300 راكب وفيها من الأجهزة والتقدير و الخبرة و التخطيط و التصميم والاحتياط ما يأخذ بالألباب . وهذه الأرض التي تطير بالجو من دون صوت وضجيج مثلاً لو كان هناك خالق للكون ، الشمس هذه مكانها والأرض تدور حول الشمس ، لكن مدار الأرض ليس دائرياً إنه مدار إهليلجي بيضوي وفي المدار الإهليلجي بعدٌ قصير وبعدٌ طويل وحسب قانون الجاذبية لو أن الأرض وصلت إلى البعد الأدنى بحكم أن المسافة قلت فالشمس تجذبها ، فهل الأرض عاقلة ؟ . من الذي أعلم الأرض أن هذه المنطقة حينما تقل المسافة بينها وبين الشمس ، والشمس تجذب الأرض أيضاً . إذاً : على الأرض أن تدرس قوانين الحركة ولابد من أن تزيد سرعتها زيادة ينشأ عنها قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة . إذاً : من الذي أعلمها ، ومن الذي أمرها ، أُمرت أن تزيد سرعتها ، ولو أنها زادت من سرعتها فجأة لانهدم كل ماعليها : جميع المدن ، والأبراج ، والجبال ، و الأبنية ، ولو أنها خففت من هذه السرعة فجأة بحسب مبدأ العطالة ، الذي ينص : الجسم المادي يرفض وضعه التغيير . فإن كان ساكناً يرفض الحركة ، وإن كان متحركاً يرفض السكون ، قف في سيارة عامة وليوقفها السائق فجأة تهوي إلى الأمام لماذا ؟ لأنها وقفت لكن جسمك رفض أن يقف فتابع مسيره وإن كنت تركب سيارة وأقلعت تحس أن مقعدها الخلفي يدفعك نحو الأمام لماذا ؟ لأن جسمك يرفض الحركة فلما رفض الحركة جاءه المقعد يدفعه من الخلف ، هذا أكبر دليل ، أي شيء ، الماء : لا طعم له ولا لون ، ولا رائحة و كان من الممكن أن يكون له طعم ولون ورائحة وكان من الممكن أن يكون لزجاً كالقطر تفضّل تحلّ من الماء ، أريد أن أغسل يدي من الماء ، كان من الممكن أن لا يتبخر إلا في درجة مائة ، طوال العام الماء بالشوارع فإذا انسكب دلو من الماء في بيته فإنه يبقى دائماً والماء يتبخر بدرجة أربع عشرة ،و الماء إذا برد يزداد حجمه ، كان من الممكن أن لا يزداد حجمه ، إذاً تتجمد البحار ، وينعدم التبخر، والمطر ، ويموت النبات ، و الحيوان ، و الإنسان . من الذي جعل الماء على ماهو عليه والهواء على ماهو عليه .لو كان الهواء 70 % أوكسجين ، فتصير الأرض كلها حرائق ، من قال يجب أن يكون الأوكسجين بنسبة 29 % من قال ذلك ؟ من المخصص ؟ ومن المرجح ؟ .... هو الحكيم . إذاً : لايمكن أن يفسر كل شيء في الأرض قد أخذ وضعه الصحيح بلا زيادة ولا نقصان ، النبات ، كان من الممكن أن تكون حبة العنب بحجم البطيخة " تفضل كُل عنباً " ، وكان من الممكن أن يكون البطيخ بحجم العنب ، نصفها قشر تقسمها فتحصل على ميلمتر مكعب بطيخ و كان من الممكن أن يكون المشمش بحجم البطيخ و إذا انفتحت وهي هشة وماؤها كثير مستحيل أن تأكلها ، وكان من الممكن أن تكون البرتقالة بلا حزوز شيء صعب ويجب أن يضع مريلة لكي يأكل أحدنا برتقالة من الذي جعل البرتقال بهذا الوضع الدقيق . حزوز ناشفة داخله يوجد أكياس ، مبرغلة كل قطعة كيس مربوط بخيط الخيط موصول إلى مصدر النبات. كان من الممكن أن ينضج القمح كنضج التوت بالتدريج ، عملية الحصاد تصبح انتحاراً بطيئاً تمسك السنبلة ، فتجدها لم تنضج فتتركها وتذهب إلى الثانية ، مستحيل ، القمح ينضج دفعة واحدة . والعدس والحمص والشعير كذلك لكن لو أن المشمش نضج دفعة واحدة ماذا نستفيد منه ، ولو أن البطيخ ينضج في يوم 28/8 في كل أنحاء القطر ، فهل تستطيع أن تأكل باليوم 100 بطيخة ؟ الأسرة تأكل بالصيف بحدود 100 بطيخة تقريباً لو كان بيوم واحد معنى ذلك أنه يجب أن تأكل بذلك اليوم 100 بطيخة . هذا طريق لمعرفة الله عزّ وجل ، كل شيء فكر به ، ولو أن الإنسان ما دام يأكل ينمو ، و الطفل يأكل ، ويطول ويطول ، لو كان ذلك مبدأً ثابتاً أي أنك كلما أكلت ازددت طولاً ، ويجب كل فترة أن ترفع السقف لأنك طلت ، ربنا عزّ وجل من أسمائه الجامع والمانع ، يعطي أمراً لهذا العظم فيقف عند هذا الحد انتهى الأمر ، والأسنان كذلك .. ، كان من الممكن أن الأمواج الصوتية تبقى على قوتها كالأمواج الكهرطيسية ، ألا تبث الإذاعة أمواجاً كهرطيسية فنتلقاها من أطراف الدنيا . إذاً : الموجة الكهرطيسية لا تضعف ، لقد بثوا رسائل إلى المشتري ، والمركبة الفضائية بقيت تسير في الفضاء الخارجي بسرعة 40 ألف كم/سا وبقيت 6 سنوات إلى أن وصلت ، وحينما وصلت إلى هناك بثت رسائل كهرطيسية ، إذاً هذه الموجة لحكمة بالغة لا تضعف أما الصوت العادي فيضعف ، فإذا سار شخص في الطريق فإنه لا يسمع هذا الدرس . لو كان يسمع كل معامل العالم والشلالات في العالم وكل أسواق النحاسين في العالم ، وكل ضجيج المعامل وإقلاع الطائرات كله وصوت أمواج البحر ، فالإنسان ، يموت انظر إلى الهدوء ! رحمة بنا .
__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان) |
#10
|
||||
|
||||
كان من الممكن أن لا تنسى شيئاً ، إذا وقف شخص أحمق موقفاً مزرياً يموت من قهره طوال حياته يتذكر هذا الموقف ، من رحمة الله بنا أنه ينسى ذلك بعد أسبوع أو أقل ، إذا تكلم رجل كلمة غير مناسبة فيها وقاحة ، أو لؤم ، أو جهل وفيها حمق ، قال لي هذا الشخص إنه ركب جهاز أنترفون داخلي لغرفة الضيوف ويجلس ويقول اعملوا لنا قهوة يسمع أهل البيت دون الحاجة للذهاب لعندهم ، ذات يوم عنده ضيوف راح لعند أهله وقال لهم ما أغلظ هؤلاء الضيوف حتى الآن لم يذهبوا ، وهذا الحادث قد وقع مع قريب لي إنه نسي الجهاز مفتوحاً . فلولا النسيان لمات الإنسان من قهره وانفجر ، كان من الممكن أن لاتنسى ، لكن النسيان نعمة كبيرة . والنسيان المطلق أيضاً مشكلة . لا تذكر شيئاً ، فهذا البرهان ، كل شيء خلقت به أخذ وضعاً دقيقاً جداً . لو زاد درجة لاختل ، ولو نقص درجة لاختل .
والآن : اسمعوا الأدلة من كتاب الله :" قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) "(سورة القصص) " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) " )سورة إبراهيم) بالتقدير الدقيق ، أي بعد الشمس عن الأرض 156 مليون كم بالحق ، فلو أن هذه المسافة زادت لمات الناس برداً ، ولو أن نقصت لمات الناس احتراقاً ، لو أن الشمس إذا طلعت تكون متألقة كما هي في وقت الظهيرة متوهجة ، فالشمس تشرق صباحاً عند الأفق بقرص ذهبي ذي أشعة لطيفة مريح للعين فإذا صعدت إلى كبد السماء توهجت ، من فعل هذا ؟ .. الله عزّ وجل " قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَدًا " لو كان الطفل له أخلاق الكبار . مثلاً يحقد فإذا أدبته مرة واحدة فإنه لايكلمك بشهرين ، فالطفل له بنية خاصة تؤدبه و بعد دقيقتين تراه يضحك ، لولا هذه البنية لما أمكن أن تربي الطفل ، أما الكبير إذا كلمته كلاماً قاسياً يبقى شهراً لا يكلمك ، أو سنة أو سنتين . أما الصغير فيتحمل لقد جعله الله بريئاً صافي الذات سريع النسيان، سريع التحول ، بنية الطفل النفسية تناسب سنه ، ولو أن المرأة مفكرة تفكيراً مجرداً ، وقد جئت بعد الظهر فلم تجد طبخاً شغلها عن ذلك بحث في الفلسفة ، وتقول تعال انظر هذه النظرية يازوجي أين الطبخ لا يوجد . الله عزّ وجل أعطاها عاطفة ، و إمكانات ، و طريقة بالتفكير تتناسب مع وظيفتها كامرأة ، و جعل عاطفتها تغلب على كل شيء ، لأن بين يديها أطفالاً ، كيف تربيهم ، وتهبط إلى مستواهم؟ ما من قلب في الأرض أوسع من قلب الأم . أحياناً الأب يضيق ذرعاً بابنه ، والأم تحتمله ، ولها ميزات لا يستطيع الرجل أن يلحقها بها وكذلك الرجل له ميزات ، ولو فرضنا المرأة قاضية لقالت " مسكين نعدمه " مع أنه يستحق الإعدام . الله عزّ وجل ركّبَ في المرأة خاصة معينة ، وإمكانات طريقة في التعامل ، و الانفعال تتناسب مع وظيفتها أماً وهي أقدس وظيفة على وجه الأرض ، فإذا نافست المرأة الرجل خسرت السباق مرتين . خسرت السباق وخسرت أنوثتها ، " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ "... بالحق ... لو أن البيضة يلزمها مفتاح سردين وليس معك مفتاح - مشكلة - . إن البيضة بضربة خفيفة على الصحن تنكسر ، وتضع 500 بيضة بالسلة فلا تنكسر ، فمن أعطاها الشكل المتين ؟ من جعل الصوص بمنقاره نتوءً مدبباً ؟ إنه يكسر به البيضة ثم يتلاشى - شيء لا يصدق ليكسر البيضة ويخرج منها " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ " هذا عنقود العنب شده لا يمكن أن ينقطع فإذا عاكست القطع ينقطع معك بسهولة جداً ، تصميم !! من أعطاه هذه الخاصيّة ؟ . صديق لي قال الدراق قبل أن تستوي لا تقطف معك إذا نضجت أمسكها ترها تنزل بيدك ، ماذا يحدث بذنبها ؟ قبل يومين لا تقطع وعندما نضجت تصبح سهلة القطف ، يوجد تصميم " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ".قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (3) " (سورة المُلك) الله رب العالمين ... كان من الممكن أن لا تنزل الأمطار إطلاقاً ، هذا البيت سعره 35 مليون ، لو لم يكن هناك ماء فإنك لا تشتريه بـ 500 ألف ليرة سورية . صديق قال لي قد البناء بـ 3000 ل . س على العظم السعر هبط لـ 1500 ل. س بسبب قلة المياه في بعض المناطق ، كلما قلَّ الماء هَبَطَ السعر ، ما قيمة ذلك " بلا ماء " . " أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63)أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) " ( سورة الواقعة) جبل قاسيون كله أشجار لكن لايوجد ثمار كان من الممكن أن تكون أشجار الأرض بلا ثمار ، أشجار خَضِرة نَضِرة ، ذات أوراق برّاقة لامعة ، وارفة الظل ، جذوع كبيرة بلا ثمار ، كان من الممكن " لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ " . " أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70) " ( سورة الواقعة) ممكن جداً أن يكون ماء المطر مالحاً ، ما الحل ؟تأتي بإبريق وتغليه ساعات ثم تصفيه لتشرب كأس ماء واحد .. ما الحل ؟ الآن يوجد وحدات تصفية كل لتر يكلف 24 ل. س 20 لتر 480 ل. س كل تنكة ، لو كان ماء المطر ملحاً أجاجاً ، فالله جعله عذباً فراتاً : " وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53) " (سورة الفرقان) إذاً غير الخالق ، كل شيء مخلوق ، مخلوق بحكمة بالغة ، هذه الحكمة لا يُعقل أن ترد إلى المصادفة ، مستحيل ، أكله جاء مصادفة ؟ قال أحد العلماء : " إذا آمنت بأن هذا الكون من نتاج المصادفة كمن يؤمن بأن لغماً وضع في مطبعة وبعد الانفجار نتج لدينا قاموس لاروس ". " قاموس لاروس من أدق القواميس بالإفرنسية 2000 صفحة مع صور ملونة ، على الأبجدية ، 80000 مادة ، كل مادة أسرة ، الأفعال ، وضبطها ، والمصادر ،و الأسماء ، والمذكر والمؤنث ، والمصطلحات ، حرف دقيق " . هذه الحروف تنضدت وحدها جاءت على شكل مواد ومعلومات وتسلسل ومنطق وصياغة وتجليد وورق وألوان وصور وحدها ، مستحيل إذاً أن ترد هذه الأوضاع الحكيمة في كل شيء ، كل شيء يدل على الحكيم ، فأن ترد كل هذه الأوضاع الممكنة المناسبة الحكيمة إلى المصادفة هذا شيء لا يقبله عقل . مثلاً : ممكن أن تضع في كيس 10 ورقات ، 1-2-3-4-5 -6-7-8-9-10، فإذا مددت يدك وسحبت ورقة ، احتمال أن تكون ورقة - 1 - وممكن أن تكون - 10 - وممكن 9 ، 8 ، ممكن ، من أجل أن تمسك بالورقة ذات الرقم - 1 - الاحتمال 1/10 من أجل أن يكون الاحتمال واحد ، اثنين ، ممكن أن تمد يدك 100 مرة حتى يخرج معك في حالة واحدة واحد وبعده اثنين . قرأت في كتاب : " الله يتجلّى في عصر العلم " : إن ذرة واحدة من الحمض الأميني لا يمكن أن تكون مصادفة إلا مع احتمال أن عشرة أضعاف الكون ، هو حمض معقد جداً له مجسمات بالمدارس مثل درج المئذنة معقد إلى درجة متناهية ذرة من الحمض الأميني يعني 10 أمثال الكون لا يكفي احتمالات في خلق ذرة واحدة من هذا الحمض ، مستحيل، إذاً هذه الحكمة هل تُعزى مصادفة ؟ مستحيل ! . إذا كان كل ذلك من الممكنات فلابد أن يكون وضعها القائم فعلاً ممكناً أيضاً لأن أحد الاحتمالات المقابلة للصورة المفروضة إذا كان ممكناً فلابد له من مخصص قد خصصه بهذه الدرجة إذ الأصل في جميع الممكنات العدم ولاتخرج من العدم إلى الوجود إلا بموجد قادر حكيم وهو الله سبحانه وتعالى أي كل شيء مخلوق من أمامك له درجة مناسبة من الذي جعله بهذه الدرجة ؟ لابد من حكيم ، خالق أوجده ، أما الحكيم فهو الذي جعله بهذا القدر الدقيق الذي لايزيد ولاينقص ، فكر بكل شيء تستعمله ، تجده آخذاً وضعاً كاملاً ، من جعله بهذا الشكل الحكيم ؟ . والحمد لله رب العالمين
__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان) |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هل فهمنا معنا نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم...وكيف تكون؟؟ | GHOST | منتدى نور الإيمان | 11 | 2009-09-04 07:15 PM |
لو سالنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا السؤال ماذا سيكون جوابنا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ | TORGO | منتدى نور الإيمان | 6 | 2009-08-19 03:55 AM |
الله أكبر :( قرية بالكامل تعلن اسلامها بفضل الله / التعليق ).!!! | THE KING | منتدى نور الإيمان | 4 | 2009-07-14 07:58 PM |
سر معنى:سبحان الله والحمد لله والله اكبر ولا الله الا الله ولا حول ولا قوة الا بالله | -=(Lonley Girl)=- | منتدى نور الإيمان | 2 | 2008-08-05 03:28 PM |