المغرب.. النساء وخريجو الجامعات أكثر الفئات معاناة من البطال

[admin]

كشفت إحصائيات رسمية، صدرت أخيرا عن المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب، عن كون البطالة الممتدة، أو طويلة الأمد، تشكل حوالي 62.8 في المائة من الحجم الكلي للعطالة في البلاد، وأن فئة النساء هي الأكثر تضررا من هذا الصنف من البطالة، وخاصة لدى حاملي الشهادات الجامعية العليا.

ويرى خبراء اقتصاد أن البطالة الطويلة ظاهرة بنيوية تنخر العمود الفقري للمجتمع المغربي، لكونها تصيب أكثر الفئات الاجتماعية نشاطا وكفاءة واستعدادا للشغل، الأمر الذي يستوجب تضافر الجهود بين كل الفاعلين، دولة وقطاعا خاصا وأحزابا ومنظمات، من أجل إيجاد مخرج لهذه الآفة المستعصية.

وجدير بالذكر أن معدل البطالة سنة 2010 بالمغرب وصل إلى نسبة 9.1 في المائة، أي تقريبا النسبة ذاتها التي سجلت خلال عام 2009، وتنتشر البطالة بنسبة تناهز حوالي 13.7 في المائة بالمدينة، و 3.9 في العالم القروي، بحسب أرقام رسمية من المندوبية السامية للتخطيط.

وأبرز تقرير المندوبية أن البطالة لمدة زمنية طويلة في المجتمع المغربي ظاهرة معقدة وبنيوية، تفوق نسبتها ـ 62.8 % ـ أنواعَ البطالة الأخرى، مثل البطالة المُقَنعة، أو البطالة الموسمية، والبطالة الجزئية، وغيرها، الشيء الذي يجعل الكثيرين يعتبرونها مشكلة مؤرقة تقض مضجع الدولة، والمجتمع، والأسر على السواء.

وأكد تقرير هذه المؤسسة الرسمية، التي تُعنى بالإحصاءات الاقتصادية، على أن نسبة البطالة الممتدة لمدة طويلة توجد في المدن أكثر من القرى والبوادي، حيث إنها تمثل في المدن 66.5 في المائة، بينما تصل في العالم القروي إلى نسبة 48.5 في المائة.

ووفق التقرير ذاته، والذي تطرق إلى مؤشرات البطالة والشغل في المجتمع المغربي، فإن البطالة طويلة الأمد تصيب شريحة النساء أكثر من الرجال، بنسبة 72.8 في المائة لدى الإناث، و27.2 في المائة عند الذكور.

ولم تتوقف الدراسة الإحصائية الجديدة عند هذه الأرقام، بل كشفت عن كون أكثر الفئات الاجتماعية تضررا من ظاهرة البطالة طويلة الأمد، هي فئة الشباب المتعلم، وحاملي الشهادات الجامعية العليا، حيث يعاني من هذا الصنف من البطالة أزيد من 77.6 في المائة من الذين يتوفرون على مستوى دراسي عال، و67.7 في المائة من الذين يمتلكون مستوى متوسطا في التعليم، بينما تصيب هذه الآفة تحديدا نسبة 44 في المائة من الشباب غير الحاصل على شهادات دراسية.

وبحسب التقرير ذاته، فإن فترة الحصول على شغل تدوم في المعدل حوالي 40 شهرا عند الشباب الحاصلين على الشهادات العليا، وزهاء 34 شهرا بالنسبة لأصحاب الشهادات المتوسطة مثل الباكالوريا، بينما تدوم هذه الفترة 23.6 شهرا لدى الذين لا يحملون أية شهادة تعليمية.

ويعلق الدكتور محمد الواسيني، الباحث في علم الاقتصاد الاجتماعي، على هذه الأرقام الرسمية التي تهم طبيعة البطالة الممتدة والطويلة، بالتأكيد على أن هذا النوع من البطالة له تداعيات متشعبة وغير محدودة، فهو لا يؤثر فقط على الفرد العاطل وحده، بل على أسرته والمجتمع ككل، وعلى النسق الاقتصادي الذي ينتسب إليه أيضا.

ويضيف الباحث بأن أكبر الضرر الذي تلحقه البطالة طويلة الأمد بالشخص الذي يعاني منها، يكون في تقدير الذات واحترامها، حيث إنه يفقد تدريجيا بمرور السنوات تلك القدرات التي كان يتوفر عليها، بسبب انتظاره الطويل لتوظيف مهاراته الذهنية والمعرفية في سوق الشغل.

وبالنسبة للدكتور نجيب بوليف، أستاذ الاقتصاد في جامعة طنجة، فإن معضلة البطالة الطويلة زمنيا لا يمكن أن تُحل فقط بالوظيفة العمومية، حيث يمكن إيجاد حلول مؤقته موازية، تتجسد مثلا في برنامج اقتصادي لتأطير حاملي الشهادات المعنيين بالبطالة الطويلة الأمد، من خلال وضع منحة للتأطير لكل متدرب شهريا في حدود سنتين من التدريب.

ويردف بوليف أنه من الحلول الأخرى التي تتيح منفذا للشباب من أجل تكسير طوق البطالة طويلة الأمد، محاول إدماج الاقتصاد غير المهيكل، الذي ينتشر بشكل كبير في العديد من القطاعات الاقتصادية، في دورة التشغيل.

ومن تلك المبادرات التي يدعو إليها الخبير الاقتصادي إيلاء عناية أكبر بالتشغيل الذاتي للشباب، حتى لا يظل ينتظر فقط وظيفة في القطاع العمومي، قد لا يحصل عليها رغم مرور عدة سنوات، مردفا أن مردودية التشغيل الذاتي يمكن أن تتم عبر تيسير إجراءات التمويل والقروض، وولوج سوق الصفقات.