2-{وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }النساء132
الآن لَك أُمنية، عِندك رَغبة تَوَد تَحقيقها، سَواء صَلاح أبناء أو إلى آخر ما يَتَمنى النَّاس، وتَجِد أنك أنت ما تستطيع تحقيقها لنفسك، أو تراها في الأفق لكن تغتم خائفاً أن تفوت أو ترى أمامها عوائق، أو ترها قد تفوت لسببٍ ما، مــاذا يُقال لَك؟ >> أنت مُناك هذا أليس ملكاً لله ؟! هل يأتي به أحد غير الله ؟! مُناك لا يأتي به إلا الله، وأنت تعلم أن له ما في السماوات وما في الأرض، إذاً اتخذه وكيلا، وَكِّلهُ أن يأتي لك بِمُناك، مثال : واحد يريد أن يترقى وشاعر أن هذه الترقية في العمل أمنية يحبها ويتمناها، أنا لن أناقشه أنها هذه أمنيه في الدنيا، أنا سأناقشه حول أنه ما دام أنها ظَهرت لك أُمنية، إذاً كيف تعاملها؟ لا تَشغِل نَفسَك ليلاً ونهارا، أنه سيقبلون فلان لو تكلم، وهذا أتى بشهادته وسيتفوق على شهادتي، لا تفكر هذه التفكيرات، إنما أُمنِيتك التي تريدها تَمنَّاها على الله، واتخذه وكيلاً يأتيك بها، فإذا اتخذته وكيلا كفى به وكيلا، طبعاً أنت تتخذه وكيل وأنت تعتقد أنك لو وكلته ما يَخذِلَك، فإذا ما أَتاك مُرادك سيأتيك ولو بعد حين، وسيأتيك في أَحسَنِ وَضع، وسيأتيك مُرادك بل أعظمُ منه، لو أنت رضيت به ربا، فكونك تتخذ الله وكيل، هذا معتمد على ماذا؟ معتمد على رضاك بالله.
مثلاً: تمنيت تخصص في عِلم مُعَيَّن، وما قُدِّر لك وذهبت إلى مكان آخر، بعد ما اتخذت الله وكيلا، وطلبت الله و رَجَوته، وقلت أنت يا رب حسبي ونعم الوكيل، سأوكلك أمري، لن أشغل نفسي ولن أدمر نفسيتي، مشكلة الذي ما يتخذ الله وكيلا، مـــاذا يفعل في نفسه؟ يعمل تدمير من الدَّاخل، لأنه طوال الوقت يبقى في قَلَق، طوال الوقت تحسب حِسابات، لو فلان ذهب قبل فلان، ولو فلان دخل قبل فلان، ولو ما رضوا أن يأخذوا هذه الورقة، لو أخرجوا قانون جديد، وتأتيك الخيالات، خلاص فأنت من بداية الأمر رَحمت نفسك وقلت يا رب أنت حسبي ونعم الوكيل أنا إليك أفوض أمري، لأن نحن سيأتينا فعل التفويض الذي هو بنفسه هذا الفعل فيه صعوبة، يعني لحظة ما يأتيك الأمر، ماذا يجب عليك أن تفعل؟ تفوض أمرك إلى الله، التفويض هذا فعل فيه صعوبة، المهم >> أنت الآن فوضت وقلت حسبي الله ونعم الوكيل، ولم تدخل الكلية التي تتمناها وأتاك بدلها بديل، البديل هذا هو اختيار الوكيل الذي هو أعلم منك وأحكم منك وأرحم بك، يعني أنا أريد منكم أن تتصوروا الوكيل بالضبط بنفس المفهوم الذي نحن نعيشه، انظري كيف لمَّا تأتي تُــوَكِّلي أحد وتقولي له: اذهب أنت وخذ بَدَل عني قرار، وأنا أثق في قرارك، وأثق في عِلمك، وأثق في حكمتك، أثق في كذا .." مثل ما يأتي الناس يأخذوا موكل ومحامي، أنت لمَّا تريد أن توكل محامي، هل تبحث عن أي محامي ويكون أي كلام أم تذهب تبحث عن أحد ثقة، وأفضل واحد في القانون وإلى آخره ؟!! ثم تعطيه القضية، وأنت نائم مرتاح شاعر أنه هناك وكيل عنك يفعل، هذا وأنت في وكالتك للبشر، فكيف بالعليم، الحكيم، الرحيم، الذي ما يريد لك إلا خيرا، البر ، الكريم ؟!
يعني أنت لازم في اسم الوكيل تأتي بكل أسماء الجمال في عَقلك، من أجل ذلك سيأتينا إن شاء الله في فعل التفويض كيف يَحصل التَّفويض بعد ما يمتلأ قلبك ماذا عن الله، فالبديل الثاني الذي أتاك هو العَوض لو أنت تركت عن عقلك كونك تفهم، يعني أنت استخرت الله فاختار لك، لمَّا يأتيك اختيار الله لا تقول : لا، الذي نفسي فيه أفضل من الذي اختاره ليَ الله .." لا تقول مثل هذا الكلام، من أجل ذلك في أخر دعاء الاستخارة تقول ( وقدِّر لي الخير ورضني به ) الرضا عن الله مهم في هذه الحال.
ولمَّا يأتينا اسم الوكيل سنجد أنه يستلزم صفات الجمال، الأسماء التي فيها جمال، يعني هذا الاسم لو فهمته جيداً، ستقول لي ما دام أني سألته ويجب علي أن أتخذه وكيلا إذاً هو بَر، ورحيم، وكريم، ودود، إلى آخر هذه الصفات.
3- {إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }النساء171
ما علاقة نفي الولد وإثبات المِلكِية للوَكالة؟ لأنه { وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }، نحن نتكلم عن التوحيد بأنه وحده الإله، وليس له ولد يفوض إليه الأمر، أو يطلب منه، ولهُ وحده الملك، إذاً أنت علمت أنه وحده الإله، ما معنى الإله؟ الإله يعني المألوه الذي تتعلق به القلوب وتعظمه، في بداية آية الكرسي {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ } وفي آخرها {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} ، إذاً هو الإله العَليْ الذي تتعلق به القلوب، والعظيم الذي تعظمه القلوب، إذن إذا علمت أنه وحده يجب أن تتعلق به القلوب وتعظمه وليس له الولد وله وحده الملك، إذاً مـــا المطلوب منك؟ >> أن لا تتخذ غيره وكيلا، يعني هنا هذه الآية أتت في سياق الكلام عن تَوحيده فكما أنك تُوَحِّدُهُ في الإلوهية وتنفي عنه الولد وتُوَحَّدهُ في الملك، فَوَحَّدهُ في كفايتك بوكالته، يعني هو يقول لك { وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً } يعني لا تتخذ غيره وكيل وَحِّدهُ باتخاذه وكيلا، اجعله كافيا لك، ما معنى{ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }؟ يعني أنت المطلوب منك أن تَكتفي به وَكيلا لأنه الوكيل ولأن له ملك السماوات والأرض وليس له ولد، لكـــن الآن مناقشتنا كيف أكتفي به وكيلا وهذه هي الصعوبة، يعني أنت الآن الذي يزاحمك في المسألة كَون أن قلبك لازال يتحرك حول الموضوع الذي وكلته فيه.
نضرب مثال في الواقع : لو هذا محامي وقع منك أنك وَكلته وأنت تعلم أنه على تعبيرنا ( شاطر ) فلو بقيت كل يوم تتصل على مكتبه تقول : ماذا فعلتم ... " ماذا سيقول لك؟ هل سيقبل منك؟ لا، لن يقبل، سيقول لك : أنت تثق فيني أم لا تثق، أنت وكلتني أم لا .." فهو على طول سَيَصُدك، لأنه كونك أن تبحث ورائه هذا دليل على عدم ثقتك فيه، ثم لو اكتشف أنك ذهبت سالت غيره ماذا سيفعل؟ سيعطيك ملفك و يقول لك: الله يسهل عليك، أنا لست إليك بحاجة .." والله المثل الأعلى، العبد الآن لمَّا يُوكل ربه على الأمر يجب أن لا يتعامل معه بالقلق لا ترتكب هذه الجريمة في نفسك، لا تعامل ربك الذي وكلته وطلبت منه أن يدبرك أن تقلق من تدبيرهِ، كيف يقع في قلبك القلق والذي تولى أمرك الحكيم، العليم، الكريم، الرحيم، كيف ؟!! لكن هذا الواقع في قلوبنا نسأل الله أن يغفر لنا، يعني نوكل ربنا ونطلب منه ونقول أنت نعمَ الوكيل يا رب ودَبِّر أمري و يسر لي هذا الأمر، وبعد ذلك نرى أنفسنا لا نستطيع أن ننام، وكل لحظة تأتينا أفكار أنه لو مثلا حصل كذا وكذا، لازم تفهموا أن هذا من الشيطان، فاستعيذوا بالله منه أولاً ثم أعيد على نفسك [ حسبي الله ونعمَ الوكيل ] هذه الكلمة للأسف ليست مفهومة، من أجل ذلك حتى لمَّن تقولوها ما يكون في عقلك فهما، ما معنى [ حسبي الله ونعمَ الوكيل ] ؟ يعني أنا يكفيني الله، وكلتهُ وأنا على ثقة أنه يكفيني، سيدبر شؤوني أَحسَن تَدبير، وأنت اِبحَث عن هُمومَك، فَتِّش همومك، وهمومك هذه عامل الله فيها باسمه الوكيل، وبعد أن توكلهُ استحي أن تعاملهُ بالقلق، لايقع في قلبك قلق لكمال صفاته ألا تقول أنت { وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً} و {حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } هو نعمَ الوكيل وأنت تعلم أنه، حكيم، كريم، رحيم، ودود يحب عبادهُ وعباده يحبونَه، تعلم عنه هذا كله ثم يقع في قلبك اتجاه فعلهُ قلق، أو تنتظر غداً يأتي شيء فتقلق، أنت ممكن تقول لي : هذا شيء غصبن عني .." لا بأس، أنت لابد أن تعلم أن هذا خطأ أولاً، ولا تسمح لنفسك به ما دام أنك وكلت ربك، يعني تشعر أنك في حقهِ أَذنبت، لأنه أنت الآن أقل واحد >> مثلاً الخادمة لو أنت في البيت تثقِ فيها وتعلمي أن طبخها تمام، لو جئت وذهبت عليها، ستتضايق و تقول لك أنا أعرف وأنا أفهم ومن هذا الكلام.
فيعني أنه قَلقَك دليل على عدم ثقتك فيه، فانظري البشر الآن يرفضوا أن تعاملهم بالقلق فكيف برب الأرباب الذي له ما في السماوات وما في الأرض، حقيقةً هذا نوع من الاعتداء على الرَّب، أنك أنت بعد ما تتخذه وكيلا، وأنت ممكن لا تصل إلى هذه الدرجة أن تتخذه وكيلا وإن كان هو سَيُدبر سَيُدبر، لكن لمَّن تصل إلى درجة الإيمان هذه وتعلم أنه وكيلك، وتقول يا رب أنا فوضت إليك الأمر، ادفع عني ودبرني، واجعل هذه الليلة تمر بسلام، أو اجعل هذا الأمر يمر بسلام، وسددني في تصرفاتي وكلامي، بعد ما تقول هذا الكلام وتقول أنت حسبي ونعمَ الوكيل، ثم تعامله بالقلق! هذا هو الكذب على النفس الآن، ومن أجل هذا قد يُحَيطك أشخاص مَيِّتين القلوب أو مرضين القلوب، وأنت تكون هادئ، ويقولوا لك : ما شاء الله أنت فيك برود .." وإلى آخر هذه التعبيرات، ثم أنت مثلاً تُنَظِّم لِنفسك جدول على أنك أنت متأكد أن الله ـ عز وجل ـ ما يخذلك، فتقول : لو ربي قدر وصار هذا الأمر سيكون كذا وكذا .." سيقول لك : ما شاء الله عليك متفائل .." يعني لازم يُعطوك كلمة يفقدوك بها ثقتك بالله، وهؤلاء يؤسفنا أن مع طغيان المادِّية أصبحوا هم الغَلَبة الكثيرة الموجودة حولنا، فنتيجة علمنا بأسماء الله وصفاته يصبح بيننا وبينهم انفصام في التفكير، تشعر أنهم في وادي وأنا في وادي، أنا بتعامل بهذا الموقف على أني وكلت أمري لله ـ عز وجل ـ وأعلم أنه سَيُهيأ لي الأسباب، فأتوسل إليه أن يهيأ لي الأسباب، وهذا أبداً لا تتصور أنه لا يقابل الحركة، بل هذا الذي يوكل ربه يُفتَح لهُ من الأسباب ما يأتي بأدنى حَركة من هذا الذي يوكل ربه يأتي له منها الرِّزق.
أيضاُ هناك مشكلة ممكن تصادمنا، أن فلان و فلان لا يتكلموا عن التوكل ولا يعرفوا عنه، ويخططوا وينجحوا ؟!! نقول >> نعم، من أجل ذلك يأتي يُسأل يوم القيامة { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ }
يعني الآن الله ـ عز وجل ـ لمَّا يَرحمك يُعلمك عنه بالعلم ، ويؤدبك لمَّا تبعدي عن ما تعلمتِ، فهؤلاء القوم يُعاملهم الله بحلمهِ، يخططون فَيوجِد لهم تخطيطهم، يُرتبون فتنجح ترتيباتهم، فالمفروض أنهم بعد ما انتهوا يزدادوا تعلقاً بربهم حمداً وشكرا، والحاصل أنهم يزدادوا انتفاخا بأنفسهم ، ينتفخوا ويعاملهم الله بحلمه، ثم يخذلهم في مواقف، فيقول لك :أنا خسرت هذه الصفقة لأني ما أعطيتها كل تفكيري .." تجديه دائر حول نفسه، إلى أن تأتيه قاصمة وينتهي موضوعه، فلمَّا يأتي يوم القيامة يُسال { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} يعني لمَّا عاملك الله بكرمه وأعطاك و أعطاك ما الذي غرَّك؟ لماذا اغتــررت ؟!!
فأنت الآن مُشكِلَتَك شخصين :-
1) مشكلتك ترى ناجح بلا توكل
2) ومشكلتك من يثبطك ويَبُث في قلبك القلق، و يقول لك :أكيد أنت تعبان نفسياً، وقلق .." ،يعني لو ما كنت هكذا ستثبت عليك التُّهمة، مع أن من يعلم عن الله أشفَى النَّاس قلوبا، لأنهم يتعاملون مع كتابهِ الذي هو شفاء لِما في الصُّدور.
س: أنا أستخير في شيء مثلا في الزواج ثم يفشل هذا الزواج، فممكن أحد يقول نحن استخرنا، يعني متوقع أن الله اختار له فالمفروض ما تفشل الزَّيجة، فأنا استخرت في دخول الزواج، فلو كان شراً كان أعرضه الله عني؟ لماذا لم يعرضه؟
ج: هذه المسألة تَنظُر لها من زاويتين : -
1 – الزاوية الأولى : أنك تكون رُبَّما عَزَمت وأصررت ثم استخرت من باب تكميل الصورة، يعني أنت مُقَرر وفي رأسك الموضوع وكل شيء، فاستخرت فقط مجرد تحصيل حاصل، هذه صورة من الاستخارة.
2- الزاوية الثانية: أنك كنت حاضر القلب في الاستخارة غير مقررٍ إلا بعد أن تستخير، فهذا امتحان، سنضرب مثال: مثال الشريعة التي تأمر الذي طلق زوجته ثلاثا، أن تتزوج هي غيره ثم تطلق منه طبعاً على المنهج الشرعي، طب لمـــاذا مثل هذا؟ لأنه ربما لم تكن لتحتمل زوجها الأول وصفاته إلا لمَّا تتزوج غيرهُ وتتأدب فتعود له وتَعمُر حياتها، وهو أيضاً ربما لا يُؤدبهُ إلا أن يَعلم أن زوجته قادرة على أن تتزوج غيره وتذهب، ففي ناس ما يُؤدبهم ولا يعدَّل نفسيتهم إلا دخولهم في تجربة، فهذا استخار الله وطلب منه فأدخله الله هذه التجربة تأديباً له، تعديلاً لشيء في نفسهِ، رفعاً لدرجتهِ، فهذا من الحِكَم الأخرى.
4- {ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}الأنعام102
أنت الآن اعبده وانشغل بعبادته، وكل الذي يَهُمَّك ماذا تفعل بِه ؟ وَكَّل الله عليه، يعني هنا واضح فيها { فاعبدوه } لأنه انشغالك بتحصيل مصالحك، ولا نقصد انشغال بدنك، ترى انشغال بدنك سهل لأنك تذهب وتنتهي من أشغالك وترجع تنام وأنت مرتاح، المشكلة ليست في انشغال بَدَنَك إنما في انشغال قلبك، واهتمامك به، وكل يوم تُخطط لغدِ، لا، اسمع أنت يقال لك { وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }بمعنى أنك لا تعتني إلا بإصلاح دارك الآخرة، طيب والدنيا التي نعيش بها ؟!! لا بأس، اتخذه وكيلا سيرزقك وييسر لك، ويأتيك من الموافقات العجيبة في الأسباب مالا تستطيع إدراكهُ، والآن أنت طول النهار تسمع عن دورات تكلمك عن النجاح وماذا تفعل من أجل أن تنجح، ويقولوا لك لو فعلت كذا ستنجح والحياة تصبح سهلة، طيب الآن أنا سأقول لك وَصْفَة تُسَهِّل عليك الحياة أكثر بكثير من كل التفكيرات، مــاذا تفعل؟ >> اذهب لِمَن يملك كل شيء وهو الذي عَرَض عليك أن يكون عليك وكيل ويُنفق عليك ويُعطيك ويهيأ ويحدد لك أين تذهب من أجل أن تأتي بِمُرادك، فاذهب إلى من يملك كل شيء وتوسل إليه أن يرشدك من أين تأتي بمرادك، واطمأن إليه فهو الذي يهيأ لك الأسباب من أجل أن تأتي بمرادك، يعطيك الحول والقوة من أجل أن تذهب تأتي بمرادك، لمَّا تَصِل إلى مرادك فهو الذي ينفعك بمرادك، مــاذا تقول أنت وأنت خارج من بيتك؟ ( بسم الله، توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ) أخرجه أبو داود (4/325 ، رقم 5095) ، والنسائي فى الكبرى (6/26 ، رقم 9917(وغيرهم ، ما معنى قولك [ لا حول ولا قوة إلا بالله ] لمَّا تخرج من المنزل؟ يعني أنا أعترف يا رب ليس لي حول ولا قوة على تحصيل مصلحتي إلا بِك.
فلا أيسر من أن تعيش على الله معتمد، ومنه منتظر أن يريك الأسباب وييسرها لك فتأخذها، يعني أنت الآن مثلا ً نفترض أن هذا زوج ابنتي أو هذه جارة أو هذا معلم أو هذه شابة الآن دخلت على زوج، ما مفاتيحهُ؟ ما الذي يرضيه؟ ما الذي يوصِلنِي إلى قلبهِ؟ هذا سر ، يعني أنت مهما كنت تفهم لا يمكن أن تأتي بمفتاح قلبه، لكن الذي خلقه، الذي {لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ} انكسر عنده، {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} فهو الوكيل الذي يُسَددَك أن تتصرف مع هؤلاء كما ينبغي وتنفتح قلوبهم لك، أليس هو الفَتَّاح الذي يَفتَح مَغاليق القلوب، فإذا كان هَمك قلوب من حولك فهو الفتاح الذي يفتح مغاليق القلوب، وإذا كان همَّك الرزق فهو الفتاح الذي يفتح مغاليق الأرزاق ومغاليق الأسباب، وإذا كنت تريد علم فهو العلم الفتاح الذي يفتح مغاليق الفِكِر، فارتاح وتوكل على الحَيّ الذي لا يموت وقُم بوظيفتك {فَاعْبُدُوهُ} و فوق هذا كله، اعلم أن توكلك عليه == > يزيد مكانك عنده، وهي عبادة من العبادات، وسبب لكفارة ذنوبك، ورفع درجاتك، وذِكر الملائكة لك.
فأنت الآن ليس فقط ستستفيد في الدُّنيا، أنت بهذا الطريق تَسير فيما يُرضى الله عنك، يعني الله ـ عز وجل ـ ما كلفك مالا تستطيع، بل فتح عليك أبواب الارتفاع عنده، بصورة لا تتصورها، حتى تَحصِيلَك لِشؤون دُنياك أَصبح في ميزان حَسناتك ما دام اتَّخذتَه وكيلا.
فمن أجل ذلك نستعمل اسم الوكيل في كل ما أَهَمَّنا، فننشغل بالتعلق به أن يفتح علينا مغاليق القلوب، من أجل ذلك نقول يا جماعة ترى أكثر ما يُتعِب الناس أن يستغيث سَجين بِسَجين، وغَريق بِغَريق، ومحبوس بمَحبوس، فأنت كل الناس مِثْلَك بالضبط ،محبوسين، سجناء، غرقى،يعني مثلاُ هذه زوجة ويأتي زوجها يقول لها : أنا منتظر السعادة عندك .." فتقول : طب وأنا منتظرة السعادة عندك .." وكل واحد ينتظر من عند الثاني السَّعادة، الآن هذا ينتظر من هذا وهذا ينتظر من هذا فمـــاذا نفعل؟ هل أنا أستطيع أن أعطيه أم هو الذي سيعطيني ؟!!
فالله ـ عز وجل ـ وكيلنا هو الذي يفتح لي في قَلبِه ما يجعلني سبباً لسعادتهِ، والعكس.
[حسبنا الله ونعم الوكيل] معناها أنك توكل أمرك إلى الله، أما بلسانك فلا تتكلم بها لأنها على فهم الناس حسبنا الله ونعم الوكيل هذه مصيبة، أما بوجدانكم فانفعلوا بها. يتبع
يتبع------
__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان)
|