ونتذكر أشياء كثيرة وأنه انتبه لا تنسه، وأنه لو نسيته شيء كثير سيذهب، وبعد ذلك ونحن نصلي نتذكره، وبعد ما نسلم من الصلاة أيضاً نتذكره، ونحن نلبس ملابسنا نقول أنه لو نسيت هذا الشيء سأرجع له من أخر الدنيا، وفي الأخير نركب سيارتنا ونحن قد نسيناه، أليس هذا ما يحصل معنا ؟!! هذا تأديب عام == > أنه أنت لو ما اتخذته وكيلا حتى لمَّا تتذكر ويكون بينك وبين المشوار دقيقة واحدة، يعني كم من المرات أخذنا أشياء نريد أن نأخذها معنا ووضعناها عند باب البيت حتى لا ننساها، وبعد ذلك نخرج وننساها ونحن أصلاً خارجين من بيوتنا لأجلها، ونخرج ونركب سياراتنا ونحن لم نأخذها، من أجل أن تعرف أنت مَن، فلو اتخذته وكيلا كان ذَكَّرَك بها في الوَقت المُناسِب وكان شَعَرت بِمنَّتُه فَتَشعُر بِضَعفَك، لا تقول لي : أنا ذاكرتي ضعيفة .." لا تقول مثل هذا الكلام، الآن لا يوجد أحد ذاكرته ليست ضعيفة، لكن الذاكرة الضعيفة هذه ما سببها؟ ليس سببها أنك أنت ما أكلت جيداً أو نمو خلايا مُخَّك، هذا الكلام كله يُعامَل بهِ أشخاص ما مَعَهم قُلوب، أنت ذاكرتك في قلبك، فقلبك هذا بقدر امتلائهِ بكمال الله، وبقدر امتلائه بالتعلق بالله، بقدر ما يُذَكِّرَك الله ما ينفعك، ولَمَّن ما يذكرك تفهم لماذا لم يذكرك، لحالةٍ أو لأخرى.
على كل حال أنت لا تُرهِق نَفسَك، كَونَك تَتَصور أنك تُدبِّر شؤونك كلها، وأن تبقى ذاكراً للأشياء وما تخطأ، وتحمل بكفيك الاثنين مسئولياتك ومسئوليات أولادك، أنت الآن لو حملت كأسين ماء مع بعض وتريد أن تتحرك، معك كأس ماء وتريد أن تحمل شيء من الأرض، تحتاج قوة إتقان أن لا تسكب الماء وأنت نازل تأخذ ورقة من الأرض، تدبيرك لشئونك بنفس هذه الطريقة،يعني من أجل أن لا اسكب الماء وآخذ الذي في الأرض يحتاج له تركيز، وبعد ذلك في النهاية مع قوة التركيز لابد أن يَسكُب من الماء قليلاً، هذا هو تدبيرك لنفسك، مهما بذلت جهودك، مهما كان معك أوراق وأقلام و تخطط وتخطط، في النهاية ما يَحصُل إلا الذي يريده الله، هل معنى هذا الكلام >> يعني ما نُخطط ؟!! يعني ما نَكتُب لِنَفسَنا ؟!! لا تفهم خطأ، نحن من أول الكلام نقول == > أنت أول ما يشتعل في قلبك إرادة شيء استعن بالله، لمَّا تأتي تقول: أنا جاءتني فكرة و ما رأيكم أن نفعل كذا وكذا .." سأناقش كلمة [ جاءتني فكرة ] سنـــعربها :-
- جاء == > فعل
- الياء == > ضمير مفعول به ( أنا)
- الفكرة == > فاعل
من أين أتت هذه الفكرة ؟ وكيف ستكون هذه الفكرة فاعل؟ ومن أين تأتي الفكر إلا أنها مواهب يهبها الله ؟!! يعني أصلاً مَن قَدَحَ في ذِهنَك هذا المَخرَج أو هذه الفكرة؟ ما قَدحها إلا الله، فأنت أول ما تشتعل في نَفسك الحاجة، أول ما تَعِزم على طول تعلق به فهو الوكيل، فيسددك، فما تَكتب إلا ما يَنفعك، وما تُخطط إلا ما يُناسِبَك، وأنت طوال الوقت في ضيق، الآن أنت في عُنق الزُّجاجة، من أجل أن تتوسع هذه عنق الزجاجة استعن فيُفَرِّج عليك، إلى أن تصل إلى القرار السليم.
نضع الآن القاعدة مرة الأخرى التي مَرَّت علينا سابقاً، كيف أن العِباد كلهم يُختبروا هذا الاختبار، ثلاث اختبارات في حياة العَبد مُتكررة، مَرْ مَعنا آية الزمر وآية يونس {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هو } هذا أول اختبارين، والثَّالث سيأتي في الزُّمَر، ما معنى {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ }؟ الاختبار الأول الآن أن تعلم أنه هو الذي مسَّكَ بالضر، هل أنت راضِ عنه أم لست راضٍ، يعني الاختبار الأول في الرِّضا == > هل ترضى عنه أم لا ترضى بعد ما مسَّك بالضر، سواء وقت وقوع الضُّر أو بعده، ليس فقط الرضا في وقت وقوع الضر ومن ثم انتهى، والرسول عليه الصلاة والسلام قال كما صح: ( إنما الصبر عند الصدمة الأولى ) رواه البخاري، فهنا سيتبين رضاك، طبعاً الذي يصبر عند الصدمة الأولى هذا أعلى شيء، والذي يتصبر ولكن ليس عند الصدمة الأولى يعني بعدها بقليل أفضل من الذي لا يتصبر نهائياً، والذي يتصبر في اليوم الثاني أفضل من الذي لا يتصبر أصلاً، والذي يتصبر في اليوم الثالث أفضل من الذي يتصبر في اليوم الخامس، لكن الصبر الحقيقي هو : إنما الصبر عند الصدمة الأولى.
{وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ } أنتم لمَّا تأتيكم هذه الكلمة لا تكلموني عن الضُّر العالي حتى لا تُحجِّموه في مكان بعيد، الضُّر هذا أي شيء، بتفاصيل الحياة، يعني لا يُعقل أن أحد يسير فيصطدم في الباب فيقوم يَسُب الباب، وهذا الكلام موجود، والآن لمَّا يَصُعب عليهم شيء يَلعنوه، طيب قل بسم الله، استحضر الاستعانة يفتحها الله لك، لكن كل شيء بالمقلوب أصبح عندنا، على كل حال {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هو} يأتي الاختبار الثاني الآن == > تطلب مِمن الكشف؟ { فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هو} وهنا يُناسب اسم الوكيل،{ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هو} ممكن تأتي تقول لي : كيف يكشفه الله؟ نقول: نعم، الله ـ عز وجل ـ يعاملك بلطفه وألطافه لها صورتين :-
1) صورة : لطف محض لا علاقة لك به، أنت توكلهُ وهو يأتيك بالخير من حيث لا تحتسب وأنت ولا حركت ساكنا، طُرق بابك فأتاك الخير، هذا نوع من اللطف.
2) صورة: من اللطف وكشف الضُّر هو التَّسخير، يعني يُسخر في عقلك فكرة، يسخر لك شخص، يأتي في بالك مثلاً جِهة معينة تذهب لها، هذا هو التَّسخير، ما معنى التسخير؟ أن يسخر الله ـ عز وجل ـ لعباده فكر أو أشخاص أو ملاجئ حوله تكون سَبباً في جَرَيان الرِّزق منها، يعني أنت يكون عقلك غافل تماماً عن هؤلاء ثم يُلقيه الله ـ عز وجل ـ في قلبك إلقاءً، أنت هكذا تشعر، بعد ذلك تأتي تقول: والله أنا جاءتني فكرة .." أو تقول : أنا في ميزة خطيرة، لو يأتيني ضيق على طول يُلقى في ذهني المخرج .." يعني لمَّا الله ـ عز وجل ـ يزيدك عطاءً تقوم أنت تزيد نِسبةً،وهذا هو موطن الاختبار الثالث الذي هو في سورة الزمر {فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ } مثل ما قال قارون، يعني واحد يَمُسُه ضُر، ويدعوا الله، إلى هنا مشى في الاختبارين الأولين صح، {إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً } إذا أتيناه فكره أو سخرنا له أحد يُساعده، مــاذا يفعل؟ يقول{ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ } يعني أنا، يعـني يقول : أنا أصلاً دائما في المواقف قوي ثابت، عندي حكمة .. إلى آخر هذه الوصوفات التي يصف الإنسان بها نفسه، لكن انظر ماذا قال الله ـ عز وجل ـ ؟ { بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ } اختبار، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } هذه هي القضية أن أكثرهم لا يعلمون، فهذا ثالث اختبار، يعني مسَّك الله بضر، علمت أنه منه، ورضيت عنه، ودعوته، إلى هنا أنت ماشي صح، لكن لمَّا أتتك النِّعمة هنا إغتريت أتى الاختبار الثالث، من أجل ذلك ترى هذا الاختبار نحن ندخل فيه بِعدد أنفاسك، يعني تضيع أقلامنا، أو وَلدنا يخرج ويتأخر ونقول يا رب أأتي بهِ، وبعد ذلك لمَّا يــــأتي، نقول : أصلاً كنت حاسة أنه كذا أو كذا .." أو أولادنا يدخلوا الاختبارات وندعو الله يا رب نجحهم، وكل أحد يتصل علينا نقول له : ادع لنا أن أولادنا ينجحوا .." ولمَّا ينجحوا، تقوم تقول : أصلاً أنا كنت أذاكر لهم، أصلاً أنا كنت أسهر عليهم .." كل هذا يقال عنه { بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} لمَّا تفتحوا كتاب الله بقدر ما تستطيعوا انظروا لهذه الصفات {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }،{وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ }، َ{لَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} ،{وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } فالآيات لمَّا تُختم بهذا ابحث عن الوصف، يعني من هذا الذي الله ـ عز وجل ـ قال عنه { َلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }، انتبه يعني معناه أنه يجب أن تكون ضِد هذا الوصف من أجل أن تكون ممن يعلم، ِمثل ما ذَكرنا سابقاً في مسألة الأمثال وأنه {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ } فلمَّا تأتيك الأمثال في القرآن وتجد نفسك ما تَعلقِها معناه أنك جاهل، وهذا هو الجهل الحقيقي، لأنه أنت في قبرك ستُسأل من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ هذا الذي ستُسأل عنه.
على كل حال المقصد الآن أنك أنت متى تتخذ الله وكيلا؟ في كل وقت، بعدد تدبيرك لشئونك، طيب ستقول لي : مره وحده في كل وقت، هذا أمر صعب ؟!! نقول : ابدأ مع نفسك ببرنامج، ابدأ بالشيء الذي تراه مُهم، يعني فَيّصَل، جَوهَري في حياتك، مثلاً: صلاح أبناءك، صلاح زوجك لَمَّن يكون هذا الشيء من مُهِماتَك،أو صلاح نفسك، هذه نفسك اشتكيها إلى الله، واتخذه على نفسك وكيلاً واطلب منه أن يُهيأ لَك الظروف، ويسددك ويكون سمعك الذي تسمع به، وبصرك الذي تُبصر به، لأنك الآن تبحث عن الحكمة في التصرفات، نحن الآن نكبر ونرى أن كثير من قراراتنا السابقة كانت عبارة عن طَيش، فلمَّا تبدأ تدخل في هذا النُّضج، وأنه كثير من قراراتك السابقة كانت طَيش، من أين لك الحكمة ؟!! إذا كنت ستبقى في نفس الطريقة ونفس التفكير لا تتصور أن السِّن سيزيدَك شيئا، لا، السن في العادة لَمَّن يَزيد من غير دين يَزيد معه الحُقد ويزيد معه الطَّيش، تزيد القسوة، يعني أنت الآن تأتيك مواقف مع الناس، وتلاقي هذا يَطعنك في ظَهرك، وهذا يَفعل كذا وهذا يفعل كذا، وهذهِ كُلها تَجارب ماضية، والآن بعد أربعين سنه وبكل التجارب الماضية التي عِشتَها فلمَّا أأتي أتعامل مع أحد يكون أنا في قلبي كَمية من الأحقاد على من مَضى فَأُعامِل هذا الذي أمامي بكمية الأحقاد الماضية، لمـــاذا؟ لأني أنا أنظر فيه وأقول: عسى ما تكون مثل فلان الذي فعل فيني كذا، أو ربما تكون مثل ذاك وأنت شكلك مثله، أو تصرفاتك مثل تصرفات كذا .. " و أأتي بسلسلة من التاريخ الماضي،من أجل ذلك التوحيد لَمَّا يأتي يقوم العبد يعلم أنه يعامل الله، وأن ـ عز وجل ـ إذا وَكلتَه على أمرك ما أتاك إلا من كل خير، فيأتي من هذا الشخص الذي أمامك بالخير ويصرف عنك شرهُ، أنت في الماضي خُذلت لأنك على نفسك اعتمدت، و بقراراتك وثقت، وأني صاحب خبره وأفهم أو أني أنا لست جديد على هذا البرنامج أو أني لست جديد في معاملة الناس، كلما ازددت ثقةً كلما أتت من جهة ما تنتظرها أبدا، مع أن الله ـ عز وجل ـ ما يتركك هكذا إلا ويعطيك إشارات، لكن الواحد لمَّا يثق في نفسه يصبح أَعمى عن هذه الإشارات، ونحن اتفقنا أن طريق الهدى يُعرض على كل أحد، حتى الهُدى في الأحوال يُعرض على كل أحد، لكـــن في واحد من استعان واستهدي فأرشده الله، وهناك من اعتمد على نفــسه ووثق بها فخذله الله.
مثال : الآن يأتيني أشخاص يشبهوا بعض في سلوكهم، الآن هذا أخاها وله تصرفات قاسية وهي عانت من أخيها، فجاء ولدها يشبه أخاها في طِباعِهِ، وهذا أمراً أبداً ما ننكره ونحن سابقاً ذكرنا أن الإنسان عبارة عن طَبائع يُبتلى بها، وعبارة عن عقائد يكتسبها، طيب الآن هذا الشخص كيف سأعاملهُ؟ هل سأُعاملهُ بالطريقة التي كنت أعامل بها أخي؟ طيب هل أصلاً أن أخي هذا نجحت معه عندما عاملتهُ بهذه الطريقة ؟ (( لا)) فأنا لو عاملته بنفس الطريقة لن أنجح والدليل أني لم أنجح مع أخي، فلآن لمَّا يأتيك بلاء مثل هذا النوع، المفروض بالعكس، تشعر أنك فشلت، فما دام أنك فشلت في التعامل يجب أن يزيدك هذا تعلقاَ بالله، على الأقل في هذا الموقف استعمل اسم واحد من أسماء الله، استعمل اسم الفتاح أن يَفتح لكِ مغاليقَ قلبهِ وأن يُسددِك في التَّصرفات معه، فنحن الذي نقوله، أن المفروض بالعكس، كلما ازددت خبرة وفهمت أني ما أستطيع أن أفهم، يعني في أشخاص تعيش معهم ما تفهم من أين تأتي بهم، تأتي بهم من اليمن ما يطلع معهم، وتأتي بهم من اليسار أيضاً ما تطلع معهم بشيء، فبالعكس المفروض أن مثل هؤلاء يَزيدوك تَعلق بالله، من أجل ذلك نقول لك، لمَّا يأتي التوحيد وتأتي الخبرة، تقول : أنا لمَّا جربت نفسي وتعاملت بعقلي فشلت، ما في إلا الفتاح أن يفتح لي قلبك .." ونحن دائما نعبر أن فلان سُلطة على فلان، يعني يتسلط عليه، يعني طوال الوقت صوته عالي وكلامهُ كثير، وهذا بنفسهِ يأتي إلى حَد فلان ويَتكلم بِأدب، وهذه المواقف أنت تعيشها، ترى أحد متسلط على أحد، طوال الوقت مع الناس تعاملاته غير، لكن لمَّا يأتي عند هذا يتهذب، هذا من فتح الله لهذا العبد في قلب هذا العبد، يعني هذا ما يَضعهُ إلا الله، مع أن هذا الشخص ليس فيه شيء زائد عن الناس ولا هو قوي الشَّخصية، لكن الثاني هذا الذي معه شر مؤدب لمَّا يتعامل مع هذا، لمـــــــــــاذا؟ هذا أمر ليس هو بيد أحد، إنما الله ـ عز وجل ـ يفتح على قلب فلان، مِثل من هُزِم بالرُّعب على مسيره شهر، بمعنى أن هذا شيء يلقيه الله ـ عز جل ـ في قلب الذي أمامك.
__________________
(عش ما شئت فإنك ميت, وأحبب من شئت فإنك مفارقه, وأعمل ما شئت فكما تدين تدان)
|