![]() |
بحث رائع: الدخان الكوني
http://www.kaheel7.com/userimages/10101017.JPG حقائق جديدة يكشفها لنا العلماء حول الدخان الكوني تأتي لتشهد على صدق هذا القرآن، وأن الكلمة التي اختارها القرآن للتعبير عن بداية خلق الكون دقيقة علمياً، بينما نجد العلماء يتخبطون في ذلك.. في هذا البحث تتجلى أمامنا معجزة حقيقية في كلمة واحدة هي كلمة (دُخان) الواردة في القرآن الكريم أثناء الحديث عن بداية خلق الكون. وعلى الرغم من اعتراض المشككين على هذه الكلمة بحجة أن العلماء يسمون السحب الكثيفة المنتشرة بين النجوم يسمونها بالغبار، وهذا هو المصطلح العلمي، إلا أن القرآن يثبت يوماً بعد يوم صدق كلماته ودقة تعابيره، وهذا ما سنراه رؤية يقينية بالصور الحقيقية بالمجهر الإلكتروني. صورة لما كان يعتقده العلماء غباراً كونياً، هذه السحابة تمتد لبلايين الكيلو مترات، ولكن ماذا تبين حديثاً؟ وهل كلمة (غبار كوني) دقيقة علمياً؟ ولماذا لم يستخدم القرآن كلمة (غبار)، بل استخدم كلمة (دخان)؟ يقول تبارك وتعالى في كتابه المجيد متحدثاً عن بداية خلق هذا الكون، وكيف أن السماء كانت في بداية خلقها دخاناً، وأن الله تعالى فصل بين هذه السماوات إلى سبع سماوات، يقول تبارك وتعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ، فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فصلت: 11-12]. هذا النص القرآني العظيم فيه عدة معجزات علمية لم تتجلى إلا حديثاً جداً. فطالما نظر العلماء إلى الكون على أنه مليء بالغبار الكوني، وكانوا كلما اكتشفوا سحابة يقولون إن هذه السحابة أو هذه الغيمة تتألف من ذرات الغبار. ولكن بعدما تطورت معرفتهم بالكون واستطاعوا إحضار هذه الجزيئات التي كانوا يسمونها غباراً كونياً جاؤوا بها إلى الأرض وأخضعوها للتحليل المخبري، فماذا كانت النتيجة؟ صورة لسحابة كثيفة من الدخان وقد كشفت لنا هذه السحابة الدخانية المظلمة النجوم القريبة منه، والتي تعمل مثل المصابيح التي تكشف الطريق أمام العلماء. وسبحان الله حتى هذه النجوم سخرها الله لنا لنرى بها الدخان الكوني ونستيقن بصدق هذا القرآن، وهنا ندرك ونفهم أكثر معنى قوله تعالى: (وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف: 54]. طائرة مجهزة بوسائل اختبار من أجل التقاط ذرات الغبار الكوني من حدود الغلاف الجوي والقادمة مع النيازك الصغيرة جداً، من أجل تحليلها في مختبرات وكالة ناسا. تأملوا معي كيف سخَّر الله لنا نحن البشر هذه الوسائل لنتعرف على بداية الخلق، ولكن للأسف القرآن يوجه النداء لنا نحن المسلمين (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ)، ولكن الذي يستجيب له هم من غير المسلمين!! يقول العالم الذي أشرف على هذا التحليل في مختبرات وكالة الفضاء الأمريكية ناسا: "إن هذه الجزيئات التي كنا نسميها غباراً كونياً لا تشبه الغبار أبداً، وإذا أردنا أن نصف بدقة فائقة هذه الجزيئات فإن أفضل كلمة هي كلمة (دخان) وباللغة الإنكليزية تعني Smoke ". صورة لمختبر تحليل الغبار الكوني The cosmic dust laboratory at the Johnson Space Center ويظهر العلماء الذين التقطوا ذرات من الغبار الكوني وأجروا تحليلاً دقيقاً له، وهذا الغبار التقطته إحدى مراكب الفضاء، وتبين بما لا يقبل أدنى شك أن ما كانوا يظنونه غباراً لا علاقة له بالغبار وأن هذه التسمية خاطئة، وأن أفضل كلمة يمكن أن نعبر عن هذه الذرات هي (دخان)! جهاز التحليل لذرات الغبار الكوني في مختبرات جامعة واشنطن، وهو أول جهاز في العالم يتم تصميمه لدراسة الكون داخل المختبر بدلاً من المناظير. وقد أثبت هذا الجهاز الطبيعة الدخانية للسحب الغازية والغبارية المنتشرة في الكون. والعجيب أن هذه الكلمة (Smoke) يضعونها بين قوسين، لأنها كلمة جديدة عليهم ولكنها ليست بجديدة على كتاب الله تبارك وتعالى، كتاب العجائب الذي حدثنا عن هذا الأمر قبل أربعة عشر قرناً. ولذلك فإن الله تبارك وتعالى عندما حدثنا عن هذا الأمر حدثنا بكلمة دقيقة وهي الكلمة ذاتها التي يستخدمها العلماء اليوم للتعبير عن حقيقة هذا الدخان الكوني. ويقول العلماء اليوم بالحرف الواحد: إن انفجار السوبر نوفا (انفجار النجوم) والتي تبث كميات كبيرة من الدخان، تعطينا حلاً لسر من اسرار الكون ألا وهو وجود كميات ضخمة من الدخان الكوني في بدايات نشوء الكون. إذاً العلماء يؤكدون أن الكون في بداياته كان مليئاً بالدخان!! أليس هذا ما يقوله القرآن في قوله تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ )؟! من الحقائق الهامة في علم الفلك اليوم أن الدخان الكوني ينتشر بكميات هائلة في الكون، وهو يحجب الضوء الصادر عن معظم النجوم. هذا الدخان يغطي سطح الكواكب، ويمكن لسحب الدخان العملاقة أن تشكل النجوم والمجرات، إذاً الدخان هو أساس مهم في بناء الكون. ويؤكد العلماء أن هذا الدخان موجود منذ بدايات خلق الكون. طالما تحدث علماء الغرب عن "سحب من الغبار" منتشرة في هذا الكون الواسع، ولكنهم أخيراً بدأوا يعترفون أن هذه التسمية ليست دقيقة علمياً، بل إن كلمة "دخان" هي الأدق، ولذلك يقولون بعدما اكتشفوا الدخان المنبعث من انفجارات النجوم Smoking Supernovae : "إن الغبار الكوني هو عبارة عن جزيئات دقيقة من المادة الصلبة تسبح في الفضاء بين النجوم. إنها ليست مثل الغبار الذي نراه في المنازل، بل شديدة الشبه بدخان السيجارة. إن وجود هذا الدخان الكوني حول النجوم الناشئة يساعدها على التشكل، كذلك الدخان الكوني هو حجر البناء للكواكب". والآن لنتأمل بعض الصور الحقيقية لجزيئات الدخان الكوني، سواء التي التقطتها عدسات مرصد هابل الفضائي، أو التي خضعت للتحليل المباشر تحت المجهر الإلكتروني. جزيئة دخان كوني كما تبدو من خلال المجهر الإلكتروني، ونلاحظ أنها تتألف من عدد كبير من الجزيئات الصغيرة، وهذه الجزيئة تشبه إلى حد كبير جزيئات دخان السيجارة. وقد التقطت على سطح أحد النيازك الساقطة على الأرض. وهي أول صورة لجزيئات الغبار الكوني وتبين أن قطرها بحدود 3 مايكرو متر (وقد تصل إلى 50 مايكرو متر)، وأنها تتركب بشكل أساسي من الكربون والسيلكون وهما المركبان الأساسيان للدخان الذي نعرفه. هذا الدخان نتج عن انفجارات النجوم، وقد يكون نتج عن الانفجار الكوني الكبير في بداية الخلق، ويؤكد العلماء أن حجم السحب الدخانية قد يكون أكبر من حجم النجوم في الكون! وهي تسبح بشكل دائم، وهناك احتمال كبير أن يقترب هذا الدخان الكوني من رؤوسنا!! أي أن العلماء لا يستبعدون أن تقترب منا سحابة دخانية تظلُّ الأرض بل وتخترق الغلاف الجوي! والعجيب أن القرآن قد أخبر عن حدوث هذا الأمر وهو من علامات الساعة، وأن الله سيكشف هذا الدخان ويمهل الناس لأن الناس وقتها سيلجأون إلى الله تعالى، يقول تعالى: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ * إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ) [الدخان: 10-15]. صورة تمثل انفجار أحد النجوم في مجرتنا، هذا الانفجار يبث كميات هائلة من الدخان الكوني التي تُقذف بعيداً عن النجم، طبعاً هذه الصورة التقطت بواسطة الأشعة تحت الحمراء، لأن هذا الدخان لا يُرى بسبب بعده عنا. الدخان الصادر عن الانفجارات النجمية ينتشر بكميات هائلة في الكون من حولنا. أحبتي في الله! لقد تقصَّدتُ وضع كمية من الصور وعدد من أقوال العلماء بحرفيتها في هذا البحث لتكون الحقائق التي نقدمها يقينية لا تقبل الجدل، ولو سألنا اليوم أي عالم في وكالة ناسا أيهما تفضل أن تطلق على هذه السحب الكونية: غبار أو دخان، سيقول على الفور إن كلمة "دخان" هي التي تعبر تعبيراً دقيقاً عن حقيقة هذه السحب، وسؤالنا لأولئك المشككين: أليس هذا ما فعله القرآن عندما أطلق كلمة (دخان) قبل علماء وكالة ناسا بأربعة عشر قرناً؟؟! |
الحياة في الكون http://www.kaheel7.com/userimages/universe_life_00.JPG ما أكثر الآيات التي تستحق الوقوف أمامها طويلاً، ومن الآيات العظيمة التي حدثنا الله فيها تبارك وتعالى عن معجزة من معجزاته في رحاب هذا الكون يقول عز وجل: (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) ..... إن الذي يتأمل كلمات هذه الآية يدرك أن هنالك مخلوقات كونية تعيش في الفضاء الخارجي، لأن الله تبارك وتعالى يقول: (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا) أي في السماوات وفي الأرض. والسؤال: نحن الآن أمام حقيقة قرآنية يقينية، ونحن كمؤمنين نؤمن بكل ما جاء في هذا القرآن ونعتقد اعتقاداً جازماً أن هنالك مخلوقات تعيش في هذا الكون الواسع، قد تكون على كواكب أخرى أو في مجالات أخرى غير الأرض. ولكن ماذا وجد العلماء حديثاً؟ في بداية القرن الماضي - القرن العشرين، بدأ سباق الفضاء، فبدأ الإنسان يخترع الطائرات، ثم اخترع المراكب الفضائية، وهكذا ففي عام 1962 قام أول رجل بالدوران حول الأرض، وهو رجل اسمه (غاغارين) طاف حول الأرض في مركبة فضائية، ثم تبعه بعد سبع سنوات في عام 1969 هبوط أول إنسان على سطح القمر، ثم توالت الرحلات الفضائية بشكل كثيف جداً، وأصبح هنالك تطور مذهل في علم الفضاء، فأصبح الإنسان يطور هذه الوسائل وسائل النقل إلى الفضاء الخارجي، وأصبح في كل يوم يخترع شيئاً جديداً ومراكب فضائية جديدة. وهذا الأمر قد لفت انتباهي في آية أو في نص قرآني معجز يقول تبارك وتعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ) [الانشقاق: 16]. الله سبحانه وتعالى يقسم بالشفق (بظاهرة الشفق) وهي ظاهرة جميلة جداً، ومحيرة أيضاً للعلماء، وربما يكون أجمل أنواع الشفق ذلك الذي يتجلى في منطقة (القطب الشمالي) للكرة الأرضية، وهو ما سماه العلماء الشفق القطبي، حيث تظهر السماء بألوان زاهية بالأخضر والأحمر والأصفر والأزرق وغير ذلك. سبب هذا الشفق هو وجود جسيمات تأتي من الشمس (جسيمات كونية) أشعة كونية أو رياح شمسية تأتي من الشمس وتتفاعل مع طبقات الغلاف الجوي العليا وتتفاعل مع المجال المغنطيسي المحيط بالأرض وتنتج هذه الصور الإلهية الرائعة التي أقسم الله بها فقال: (فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ) [الانشقاق: 16]. (وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ) [الانشقاق: 17] أقسم الله بالشفق، وكذلك بالليل وما حوى هذا الليل، هذا فعل القسم فما هو جواب القسم؟ يقول تبارك وتعالى: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) [الانشقاق: 19]. وهنا يتجلى أمامنا إعجاز إلهي ونبوءة بعصر الفضاء، فالقرآن الكريم عندما نزل في القرن السابع الميلادي لم يكن أحد يتخيل أبداً أنه سيأتي زمن وتتطور وسائل (هذه الوسائل المتاحة للخروج إلى الفضاء الخارجي) لم يكن أحد يتخيل ذلك، ولولا أن القرآن كتاب الله تبارك وتعالى لو كان كلام بشر لما رأينا فيه هذه الأحاديث التي تنبئنا بما يحدث أمامنا اليوم. وهذا الكتاب قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا تنقضي عجائبه) وما هذه الآيات الكونية التي تتجلى في القرآن الكريم إلا عجائب من عجائب هذا القرآن التي لا حدود لها. هذا قسَم من الله تبارك وتعالى أنه سيأتي يوم وتأملوا معي هذه السلسلة من هذه الآيات الحديث عن ظاهرة الشفق، ثم الحديث عن ظاهرة الليل وما حوى في داخله، ثم الحديث عن القمر وظاهرة تناسق القمر بين يوم وآخر عندما يكون هلالاً ثم يصبح بدراً وهكذا يعود كما كان في نظام متناسق بديع، يقسم الله تعالى بهذه الظواهر الكونية أنكم أيها البشر (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) أي أن الإنسان لن يقتصر على ركوب الدواب والسفن والإبل التي سخرها الله له خلال آلاف السنين بل سيأتي زمن تتطور فيه العلوم ويركب هذا الإنسان طبقاً بعد طبق أي تتطور هذه الوسائل المستخدمة للنقل من القطار مثلاً، إلى الطائرة، ثم إلى المراكب الفضائية، ثم إلى المراكب الفضائية المتطورة جداً. ولكن.. عندما خرج الإنسان إلى الكون ماذا وجد؟ عندما خرج الإنسان أولاً بدا بالصعود صعد على الجبال، ثم صعد بالمناطيد، ثم خرج خارج الغلاف الجوي. لقد وجد العلماء عندما صعدوا خارج الغلاف الجوي أن هذا الغلاف المؤلف من نسب محددة من الأوكسجين وغاز النيتروجين وغازات أخرى وجدوا أن نسبة الأوكسجين تتناقص في هذا الغلاف، فكلما صعدنا للأعلى وجدنا أن هذه النسبة تنخفض حتى تبلغ حدوداً حرجاً يستحيل معها على الإنسان أن يتنفس. ولذلك فإننا نرى كيف أن المتسلقين على الجبال يحملون على ظهورهم اسطوانات الأوكسجين لأن نسبة الأوكسجين في أعالي هذه الجبال نسبة منخفضة فهم يلجؤون إلى هذه الطريقة. وهنا نحن أمام حقيقة علمية ثانية، وهي أن هذا الأوكسجين يتناقص كلما صعدنا في الجو. ولكن السؤال: هل هناك إشارة قرآنية أيضاً إلى هذا الأمر؟ يقول تبارك وتعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام: 125] والصدر هو مستودع الذاكرة ومستودع العقل ومستودع الفقه.ففي هذه الآية الكريمة عدة حقائق علمية، فقد قررت أن الصعود في السماء والارتفاع عن الأرض يؤدي إلى تضيق الصدر، ونحن نعلم أن الإنسان لا يمكنه أن يعيش من دون هواء أو أوكسجين ولذلك عندما يصعد في هذه الطبقات تتناقص هذه النسب ولكنه يبقى على قيد الحياة يستطيع أن يتنفس، حتى يضيق صدره بسبب فارق الضغط لأن الضغط على سطح الأرض أو سطح البحر أكبر منه من الطبقات العليا، يعني على ارتفاع مثلاً 1000 متر الضغط أقل منه على سطح الأرض، وكلما ارتفعنا قلت نسبة الأوكسجين ونقص هذا الضغط (ضغط الهواء) نقص، وبالتالي الإنسان الذي تعود على نسبة معينة من الأوكسجين وضغط معين عندما يرتفع يصبح لدينا ضغط أقل مما يؤدي إلى استهلاك الكمية من الأوكسجين التي تبقى دائماً في الرئتين تخرج بشكل لا إرادي ويضيق هذا الصدر ويصل إلى الحدود الحرجة حتى يصل إلى الموت. هذه الظاهرة الطبية والفيزيائية الدقيقة جداً وصفها لنا القرآن بعدة كلمات (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) [الأنعام: 125] وفي هذه الآية أيضاً مما يلفت الانتباه أن الله تعالى قال: (كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) وليس (يصْعَدُ) لماذا؟ لأن هذه الكلمة تشير إلى جاذبية الأرض، كيف ذلك؟ نحن نعلم أن الأرض جعله قراراً وقال في ذلك: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) [غافر: 64]فهذه الأرض لها حقل جاذبية تجذب الناس إليها فيستقرون عليها، ولولا ذلك، لم تستقم الحياة أبداً. فإذا أراد الإنسان أن يصعد في الجو فإن العملية تكون سهلة في البداية، يعني أول مئة متر، ثم تكون أصعب، وهكذا تزداد صعوبة حتى يخرج من الغلاف الجوي، لذلك يقول تبارك وتعالى: (كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ) للدلالة على صعوبة الصعود وأن هنالك قوة الجاذبية التي تجذبه إلى الأرض. وهكذا أصبح لدينا في آية واحدة عدة معجزات: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ) تجد أن هذا الصدر منشرح، وكأنه يأخذ الهواء والأوكسجين بشكل مريح جداً، (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام: 125] من هنا نستطيع أن نستنتج أن الله تبارك وتعالى يستخدم الحقائق العلمية ليشبه لنا حالة هؤلاء الكفار، حالة هؤلاء البعيدين عن كتاب الله تبارك وتعالى، دائماً يعطينا الحقيقة العلمية، ويعطينا الهدف منها يعني: انظر أيها الإنسان إذا أردت أن تعيش بغير هذا القرآن وبغير التعاليم التي جاء بها سيد البشر عليه الصلاة والسلام فإنما حالك كحال ذلك الإنسان الذي يعيش في جوٍّ ليس فيه أي هواء وصدره ضيق، وحرج، (كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ). لذلك إذا علمت أن هذا القرآن فيه الحياة لك، (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا) [الأنفال: 24] لأن هذا القرآن وتعاليمه حياة بالنسبة للإنسان البعيد عن ذكر الله، حياة لكل خلية من خلايا جسدنا. والآن نعود إلى الآية: (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) [الشورى: 29] لقد أيقن العلماء حديثاً أننا لسنا نحن الوحيدين في الكون، هنالك مخلوقات أخرى، وأدركوا ذلك من خلال دراستهم للنيازك المتساقطة على الأرض. فقبل عدة سنوات قام العلماء بتحليل عدد من النيازك، هذه النيازك استطاعت أن تخترق الغلاف الجوي وتستقر على الأرض، ووجدها العلماء وقاموا بفحصها بالمجاهر الالكترونية، وكانت نتيجة هذا الفحص أنهم وجدوا أن هذه النيازك تحتوي مواد عضوية، والمواد العضوية هي أساس الحياة، هي أساس تركيب الخلية، هي أساس البروتينات، فقالوا: لا بد أن الحياة منتشرة في كل مكان من هذا الكون، لا بد أن يكون هناك حياة بدائية موجودة خارج الأرض، حتى إنهم وجدوا آثاراً لماء على بعض النيازك، فقالوا: إن هذه النيازك التي سبحت في الكون لملايين السنين وهي تسبح ثم شاء الله تبارك وتعالى أن تقترب من الأرض وتخترق الغلاف الجوي وتدخل، هذه النيازك كانت ذات يوم محملة بالماء وكانت هذه النيازك قطعاً من كواكب أخرى مثل المريخ وغيره وانفصلت عن هذه الكواكب وسبحت في الكون حتى وصلت إلينا. وقام بعض العلماء برصد كميات هذه النيازك المتساقطة ومنها غبار ومنها أحجار صغيرة وأحجار كبيرة. فوجد أن هنالك في كل يوم أكثر من ثلاثمائة كيلو غرام من المواد تدخل إلى الغلاف الجوي للأرض، هذه الكمية الكبيرة عندما حللها العلماء وجدوا أن معظمها يحوي هذه المواد العضوية فنشأت نظرية حديثة جداً لا زال العلماء يدرسونها ولكننا نجد لها صدىً في القرآن الكريم لذلك نحن نعتقد بهذا الكلام مع أنه لا يوجد إثبات مائة بالمائة عليه ولكن نعتقد به لأن الله تبارك وتعالى أورده في كتابه قالوا: (إن الحياة منتشرة ومبثوثة في كل أجزاء الكون، بل وموزعة بانتظام في الكون). وهذا ما أكده القرآن في قوله تبارك وتعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ) أي نشر في كل مكانودائماً كلمة (دابة) ترتبط بالماء لأن الماء هو أساس الحياة، فالله تبارك وتعالى أكد في آية من آياته قبل علماء الغرب بسنوات طويلة، علماء الغرب يقولون اليوم (الماء هو الحياة وحيث توجد الحياة يوجد الماء والعكس) والله تبارك وتعالى ماذا قال؟ قال: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء: 30]. إذاً يؤكد العلماء وجود مخلوقات غيرنا تعيش على الماء، هذه المخلوقات منتشرة في كل مكان من الكون، لأن الكون يحوي أكثر من مائة ألف مليون مجرة، وفي كل مجرة هنالك أكثر من مائة ألف مليون نجم، لذلك فإن أحد علماء الفلك عندما سئل عن الحياة في الكواكب الأخرى، وعن احتمال وجود الحياة قال: إن وجود هذه الحياة هو الأمر الطبيعي، وإذا قلنا إن الحياة غير موجودة في الفضاء الخارجي، فإن هذا الكلام لا يمكن أن يكون منطقياً. من هنا ندرك أن الله تبارك وتعالى حدثنا بدقة فائقة عن نظام من أنظمة الحياة ينتشر في كل مكان لأن السماء كما نعلم ذات حبك، (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ) [الذاريات: 7]، فالمجرات لا تتوزع عشوائياً إنما تتوزع في هذا الكون وفق نسيج محكم. هناك اعتقاد بأن الحياة كما يقول بعض العلماء تتوزع وفق نسيج محكم يتناسب مع النظام الكوني وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن خالق الكون هو خالق الحياة سبحانه وتعالى، وأن الله تبارك وتعالى عندما حدثنا عن هذه الحقيقة الكونية إنما يهدف لتعريفنا بأن هذا القرآن فيه بيان لكل شيء وأن هذه المخلوقات تسبح الله تبارك وتعالى فهل تسبحون الله أنتم أيضاً أيها البشر؟ وختم هذه الآية بقوله: (وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) [الشورى: 29] والعلماء اليوم يبذلون بلايين الدولارات ويبذلون الأبحاث الكثيرة والوقت بهدف الالتقاء مع هذه الكائنات الكونية المجهولة.ويقولون: إن احتمال أن نجتمع مع كائنات أخرى هو احتمال كبير جداً، وهنا يتجلى قول الحق تبارك وتعالى عندما قال: (وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) [الشورى: 29]، وتأملوا معي هنا كلمة (إذا) فيها نوع من التأكيد، كما أن العلماء يؤكدون إمكانية اجتماع هذه الأحياء، كذلك الله تبارك وتعالى أكد هذا الأمر، وقال: (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) [الشورى: 29]. |
الحُبُك: صور كونية تسبح الله
http://www.kaheel7.com/userimages/cosnic_weave_00.GIF من الآيات العظيمة قول الحق تبارك وتعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ* إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) هذه الآية تحدثنا عن خاصية موجودة في السماء وهي أنها ذات حُبُك أي: ذات نسيج محكم، لنتأمل روعة الخلق وقدرة الخالق عز وجل...... طرح العلماء سؤالاً عن شكل الكون: ما هو شكل كوننا الذي نعيش فيه؟ فبعدما اكتشفوا أن مجرتنا ليست هي الوحيدة في الكون، وجدوا أن الكون مليء بالمجرات، وأن هذه المجرات تصطف على ما يشبه خيوط النسيج! المجرة هي: تجمع من النجوم يحوي أكثر من مئة ألف مليون نجم، ومجرتنا هي مجرة درب التبانة وتحوي هذا العدد الهائل من النجوم، ولو نظرنا إلى السماء في ليلة صافية فإن معظم النجوم التي نراها تنتمي إلى هذه المجرة ولكن هذه المجرة ليست هي الوحيدة في الكون إنما هنالك أكثر من أربع مئة ألف مليون مجرة! هذه المجرات تتوضّع كما كان يعتقد العلماء عشوائياً يعني ظل الاعتقاد السائد أنها تتوضع عشوائياً وليس هناك أي نظام يربط بينها، ولكن في العام الماضي قام علماء من الولايات المتحدة الأمريكية ومن كندا ومن ألمانيا بأضخم عملية حاسوبية على الإطلاق كان الهدف من هذه العملية معرفة شكل الكون ولكن هذه المهمة تطلبت تصميم كمبيوتر عملاق هو السوبر كمبيوتر. السوبر كمبيوتر هو جهاز كمبيوتر عملاق يزن أكثر من مائة ألف كيلو غرام وهذا الجهاز يحتاج إلى مبنى ضخم وتكاليف باهظة والعجيب أن سرعة هذا الجهاز في معالجة المعلومات أو البيانات أنه ينجز في ثانية واحدة ما تنجزه الحاسبات الرقمية العادية في عشرة مليون سنة، فتأملوا معي ضخامة هذا الجهاز الذي سموه العلماء بـ (سوبر كمبيوتر). لقد أدخل العلماء عدداَ ضخماً من البيانات حول هذا الكون فأدخلوا بياناتٍ حول أكثر من عشرة آلاف مليون مجرة وبيانات حول الدخان الكوني وبيانات حول المادة المظلمة في الكون وبقي هذا الكمبيوتر العملاق وعلى الرغم من سرعته الفائقة بقي شهراً كاملاً في معالجة هذه البيانات وكانت الصورة التي رسمها للكون تشبه تماماً نسيج العنكبوت. إن الذي يتأمل هذه الصورة وما فيها من نسيج محكم يلاحظ على الفور أن المجرات لا تتوضع عشوائياً إنما تصطف على خيوط طويلة ودقيقة ويبلغ طول الخيط الواحد مئات الملايين من السنوات الضوئية، عندما رأى العلماء هذه الصورة أدركوا على الفور وجود نسيج محكم في السماء فأطلقوا مصطلح (النسيج الكوني). بدأ العلماء بعد ذلك بدراسة تفاصيل هذا النسيج وبدؤوا يصدرون أبحاثاً ومقالاتٍ حول هذا النسيج ومن أهمها مقالة بعنوان(كيف حُبِكَت الخيوط في النسيج الكوني) وقد لفت انتباهي في هذا البحث أن هؤلاء العلماء يستخدمون الكلمة القرآنية ذاتها يستخدمون كلمة Weave باللغة الإنكليزية وهي تماماً تعني حبك، وأدركت مباشرة أن هذه الآية تصوّر لنا تماماً هذا النسيج في قوله تعالى (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ). يقول الإمام الزمخشري رحمه الله تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ:إذا أجاد الحائك الحياكة قالوا ما أحسن حبكه). إذاً الإمام الزمخشري تحدث عن نسيج تم حبكه بإحكام. والإمام القرطبي تناول هذه الآية أيضاً وقال فيها: (ألم تر إلى النساج إذا نسج الثوب فأجاد نسجه يقال منه حبَك الثوب يَحبِكُه حَبكاً أي: أجاد نسجه)، ولكن الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى له تفسير جميل وعجيب ويطابق مئة بالمئة ما يقوله اليوم علماء الغرب! فالإمام ابن كثير يقول: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ أي: حُبكت بالنجوم، ولو تأملنا المقالات الصادرة حديثاً عن هذا النسيج نلاحظ أن العلماء يقولون: إن الكون حُبك بالمجرات. تحدث العلماء عن هذا النسيج طويلاً، ووجدوا بأن هذا النسيج هو نسيج مُحكم لأننا إذا تأملنا صورة النسيج الكوني نلاحظ أن لدينا كل خيط تتوضع عليه آلاف المجرات ولا ننسَ أن كل مجرة فيها مائة ألف مليون نجم وهي تبدو في هذه الصورة كنقطة صغيرة لا تكاد ترى فالنقاط الصغيرة في هذه الصورة النقاط المضيئة هي مجرات، ونلاحظ أن هذه المجرات تصطف على خيوطٍ دقيقة جداً وكل خيط يبلغ طوله ملايين بل مئات الملايين من السنوات الضوئية والسنة الضوئية!! إن هذا النسيج يتحدث عنه علماء الغرب بقولهم إن خيوطه قد شُدّت بإحكام مذهل أي أنه نسيج وأنه محكم وهو أيضاً متعدد، يعني هذا النسيج الكوني لا يتألف من طبقة واحدة، إنما هنالك طبقات بعضها فوق بعض ولو تأملنا الصور التي رسمها السوبر كمبيوتر لهذا النسيج وما فيه من تعقيد وإحكام مُبهر نلاحظ أن الله تبارك وتعالى قد أحكم صناعة هذا النسيج بشكل يدلّ على أنه عز وجل قد أتقن كل شيء، كيف لا وهو القائل: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل: 88]. السنة الضوئية: هي ما يقطعه الضوء في سنة كاملة، فالضوء يسير بسرعة تبلغ ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية الواحدة، ففي سنة كاملة يقطع مسافة تساوي: سنة ضوئية واحدة. إن مجرتنا والتي تحوي أكثر من مائة ألف مليون نجم يبلغ قطرها أو طولها مائة ألف سنة ضوئية أي أن الضوء يحتاج حتى يقطع مجرتنا من حافتها إلى حافتها مائة ألف سنة كاملة، فتأملوا كم يحتاج الضوء ليقطع الكون من حافته إلى حافته والعلماء يقدرون حجم هذا الكون بحدود ثلاثين ألف مليون سنة ضوئية، طبعاً هذا الكون المرئي وما بعد هذا الكون لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى. لو تأملنا كلمة (الحُبُك) نلاحظ أنها تتضمن عدة معانٍ: الشد، والإحكام، والنسيج، وأيضاً تتضمن معاني الجمع لأن كلمة الحبك جاءت بالجمع وليست بالمفرد، يعني الله تبارك وتعالى لم يقل (والسماء ذات الحبيكة الواحدة) بل قال (الحُبُك) وكلمة الحبك هي جمع لكلمة (حبيكة) ولذلك فإن الله تبارك وتعالى قد جمع في كلمة واحدة عدة معانٍ لهذا النسيج، فالنسيج قد يكون محكماً أو هزيلاً وقد يكون قوياً وقد يكون ضعيفاً وقد يكون مفككاً أو مترابطاً، ولكن كلمة (الحبك) تعني النسيج المحكم، و(حَبك) تعني أنه أتقن وأحكم صناعة هذا النسيج وهذا ما يقوله العلماء اليوم يؤكدون أن النسيج الكوني ليس نسيجاً عادياً، إنما هو نسيج محكم وقد شُدّت خيوطه بإحكام. ومن هنا نستطيع أن نستنج أن الله تبارك وتعالى قد أودع في كل كلمة من كلمات كتابه معجزة مبهرة، ففي كلمة واحدة هي كلمة (الحُبُك) تتجلى أمامنا معجزة عظيمة، هذه المعجزة العظيمة تتضح أمامنا من خلال أن الله تبارك وتعالى عبّر بكلمة واحدة عن حقيقة هذا النسيج، بينما العلماء يستخدمون كلماتٍ متعددة حتى يصلوا إلى النتيجة ذاتها. من الأشياء الغريبة التي لاحظتها أننا لو جئنا بمقطع من دماغ إنسان مثلاً وقمنا بتكبير خلايا الدماغ العصبية نلاحظ أن الصورة الناتجة صورة نسيج الدماغ تشبه تماماً صورة النسيج وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أن الخالق واحد: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [الزمر: 62]. لماذا ذكر الله تبارك وتعالى هذه الحقيقة في كتابه المجيد؟! نعلم أن علماء اليوم يندفعون باتجاه اكتشاف أسرار الكون ودافعهم في ذلك حب الفضول وحب المعرفة، ولكن القرآن لا نجد آية واحدة إلا ومن وراءها هدف عظيم. فلو تأملنا سلسلة الآيات في قوله تعالى: { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ * إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) [ الذاريات: 7-9] والإفك هو الكذب، أي أن هؤلاء الذين يفترون على الله كذباً ويقولون إن هذا القرآن ليس من عند الله إنما كلامهم مضطرب ولا يستقيم أبداً، ولو تأملنا سلسلة الآيات نلاحظ أن الله تبارك وتعالى يقول بعد ذلك: (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ* فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ) [الذاريات: 20-23]. وهنا نصل إلى الهدف من هذه الحقيقة الكونية: (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ)، أي: أيها الملحدون المشككون بكتاب الله تبارك وتعالى كما أنكم لا تشكون أبداً في رؤيتكم لهذا النسيج المحكم، وكما أنكم لا تشكُّون في أنكم تنطقون، كذلك ينبغي أن تدركوا وتتأكدوا أن هذا الكلام هو كلام الله تبارك وتعالى، لأنه لا يمكن لبشر أن يتنبأ بالبنية النسيجية للكون قبل أربعة عشر قرناً |
http://img252.imageshack.us/img252/4...smellahtp8.gif هداية النحل وشيء من عجائب صنع الله فيه عجائب صنع الله. http://knowingallah.com/images/text/11.jpg ويحدثنا ابن القيم (1) رحمه الله تعالى عن بدائع صنع الله في خلقه ، مبيناً هداية الله للنحل في أمور معاشه : " وأمر النحل في هدايتها من أعجب العجب وذلك أن لها أميراً ومدبراً ، وهو اليعسوب ، وهو أكبر جسماً من جميع النحل ، وأحسن لوناً وشكلاً .وإناث النحل تلد في إقبال الربيع (2) ، وأكثر أولادها يكنّ إناثاً ، وإذا وقع فيها ذكر لم تدعه بينها ، بل إما أن تطرده ، وإما أن تقتله ، إلا طائفة يسيرة منها ، وذلك أن الذكور منها لا تعمل شيئاً ولا تكسب . والنحل تقسم فرقاً ، فمنها فرقة تلزم الملك ، ولا تفارقه ، ومنها فرقة تهيئ الشمع وتصنعه ، والشمع هو ثفل العسل ، وفيه حلاوة كحلاوة التين ، وللنحل فيه عناية شديدة فوق عنايتها بالعسل ، فينظفه النحل ، ويصفيه ، ويخلصه مما يخالطه من أبوالها وغيرها ، وفرقة تبني البيوت ، وفرقة تسقي الماء , وتحمله على متونها ، وفرقة تكنس الخلايا وتنظفها من الأوساخ والجيف والزبل ، وإذا رأت بينها نحلة مهينة بطالة قطعتها وقتلتها حتى لا تفسد عليهن بقية العمال ، وتعديهن ببطالتها ومهانتها . وأول ما يبنى في الخلية مقعد الملكة وبيتها ، فيُبنى لها بيت مربع يشبه السرير والتخت ، فتجلس عليه ، ويستدير حوله طائفة من النحل يشبه الأمراء ، والخدم والخواص ، لا يفارقنه ، ويجعل النحل بين يديها شيئاً يشبه الحوض يصب فيه من العسل أصفى ما يقدر عليه ، ويملأ منه الحوض ، ويكون ذلك طعاماً للملكة وخواصها . ثم يأخذن في ابتناء البيوت على خطوط متساوية كأنها سكك ومحال ، وتبني بيوتها مسدسة متساوية الأضلاع ، كأنها قرأت كتاب إقليدس ، حتى عرفت أوفق الأشكال لبيوتها ؛ لأنّ المطلوب من بناء الدور هو الوثاقة والسعة ، والشكل المسدس دون سائر الأشكال إذا انضمت بعض أشكاله إلى بعض صار شكلاً مستديراً كاستدارة الرحى ، ولا يبقى فيه فروج ولا خلل ، ويشد بعضه بعضاً ، حتى يصير طبقاً واحداً محكماً ، لا يدخل بين بيوته رؤوس الإبر . فتبارك الذي ألهمها أن تبني بيوتها هذا البناء المحكم الذي يعجز البشر عن صنع مثله ، فعلمت أنها محتاجة إلى أن تبني بيوتها من أشكال موصوفة بصفتين : إحداهما : أن لا تكون زواياها ضيقة حتى لا يبقى الموضع الضيق معطلاً . والثانية : أن تكون تلك البيوت مشكلة بأشكال إذا انضم بعضها إلى بعض ، وامتلأت العرصة منها فلا يبقى منها ضائعاً ، ثم إنها علمت أن الشكل الموصوف بهاتين الصفتين هو المسدس فقط ؛ فإن المثلثات والمربعات ، وإن أمكن امتلاء العرصة منها إلا أن زواياها ضيقة ، وأما سائر الأشكال وإن كانت زواياها واسعة إلا أنها لا تمتلئ العرصة منها ، بل يبقى فيما بينها فروج خالية ضائعة ، وأما المسدس فهو موصوف بهاتين الصفتين ، فهداها – سبحانه – إلى بناء بيوتها على هذا الشكل من غير مسطرة ولا آلة ، ولا مثال يحتذى عليه ، وأصنع بني آدم لا يقدر على بناء بيت المسدس إلا بالآلات الكبيرة .فتبارك الذي هداها أن تسلك سبل مراعيها على قوتها وتأتيها ذللاً لا تستعصي عليها ، ولا تضل عنها ، وأن تجتني أطيب ما في المراعي وألطفه ، وأن تعود إلى بيوتها الخالية ، فتصب فيها شراباً مختلفاً ألوانه ، فيه شفاء للناس ، إن في ذلك لآيات لقول يتفكرون .فإذا فرغت من بناء البيوت خرجت خماصاً تسيح سهلاً وجبلاً ، فأكلت من الحلاوات المرتفعة على رؤوس الأزهار وورق الأشجار ، فترجع بطاناً . وجعل – سبحانه – في أفواهها حرارة منضجة تنضج ما جنته ، فتعيده حلاوة ونضجاً ، ثم تمجه في البيوت ، حتى إذا امتلأت ختمتها ، وسدت رؤوسها بالشمع المصفى ، فإذا امتلأت تلك البيوت عمدت إلى مكان آخر إن صادفته ، فاتخذت فيه بيوتاً ، وفعلت كما فعلت في البيوت الأولى ، فإذا برد الهواء ، وأخلف المرعى ، وحيل بينها وبين الكسب ، لزمت بيوتها ، واغتذت بما ادخرته من العسل ، وهي في أيام الكسب والسعي تخرج بكرة وتسيح في المراتع ، وتستعمل كل فرقة منها بما يخصها من العمل ، فإذا أمست رجعت إلى بيوتها . وأما الملكة فلا تكثر الخروج من الخلية إلا نادراً إذا اشتهت التنزه ، فتخرج ، ومعها أمراء النحل والخدم ، فتطوفُ في المروج والرياض والبساتين ساعة من النهار ، ثم تعود إلى مكانها . ومن عجيب اأنه ربما لحقها أذى من النحل أو من صاحب الخلية أو من خدمه ، فتغضب وتخرج من الخلية ، وتتباعد عنها ، ويتبعها جميع النحل ، وتبقى الخلية خالية . فإذا رأى صاحبها ذلك ، وخاف أن يأخذ النحل ، ويذهب بها إلى مكان آخر احتال لاسترجاعها وطلب رضاها ، فيتعرف موضعها الذي صار إليه بالنحل ، فيعرفه باجتماع النحل إليها ، فإنها لا تفارقها ، وتجتمع عليها حتى تصير عليها عنقوداً ، وهي إذا خرجت غضبى جلست على مكان مرتفع من الشجرة ، وطافت بها النحل ، وانضمت إليها ، حتى يصير كالكرة ، فيأخذ صاحب النحل رمحاً أو قصبة طويلة ، ويشد على رأسه حزمة من النبات الطيب الرائحة العطر النظيف ، ويدنيه إلى محل الملكة ، ويكون معه إما مزهر أو يراع أو شيء من آلات الطرب فيحركه ، وقد أدنى إليه ذلك الحشيش ، فلا يزال كذلك إلى أن يرضى الملكة ، فإذا رضيت طفرت ووقعت على الضغث ، وتبعها خدمها وسائر النحل ، فيحملها صاحبها إلى الخلية ، فينزل ويدخلها هو وجنوده ، ولا يقع النحل على جيفة ولا حيوان ولا طعام . ومن عجيب أمرها أنها تقتل الملوك الظلمة المفسدة ، ولا تدين لطاعتها ، والنحل الصغار المجتمعة الخلق هي العسالة ، وهي تحاول مقاتلة الطوال القليلة النفع وإخراجها ونفيها عن الخلايا ، وإذا فعلت ذلك جاد العسل ، وتجتهد أن تقتل ما تريد قتله خارج الخلية صيانة للخلية عن جيفته . ومنها صنف قليل النفع كبير الجسم ، وبينها وبين العسالة حرب ، فهي تقصدها وتغتالها وتفتح عليها بيوتها ، وتقصد هلاكها ، والعسالة شديدة التيقظ والتحفظ منها ، فإذا هجمت عليها في بيوتها حاولتها وألجأتها إلى أبواب البيوت فتتلطخ بالعسل ، فلا تقدر على الطيران ، ولا يفلت منها إلا كلّ طويل العمر ، فإذا انقضت الحرب وبرد القتال عادت إلى القتلى ، فحملتها وألقتها خارج الخلية . وفي النحل كرام عمال لها سعي وهمة واجتهاد ، وفيها لئام كسالى قليلة النفع مؤثرة للبطالة ، فالكرام دائماً تطردها وتنفيها عن الخلية ، ولا تساكنها خشية أن تعدي كرامها وتفسدها . والنحل من ألطف الحيوان وأنقاه ، ولذلك لا تلقي زبلها إلا حين تطير ، وتكره النتن والروائح الخبيثة ، وأبكارها وفراخها أحرس وأشد اجتهاداً من الكبار ، وأقل لسعاً وأجود عسلاً ، ولسعها إذا لسعت أقل ضرراً من لسع الكبار . ولما كانت النحل من أنفع الحيوان وأبركه فقد خصت من وحي الرب تعالى وهدايته بما لم يشركها فيه غيرها ، وكان الخارج من بطونها مادة الشفاء من الأسقام والنور الذي يضيء في الظلام بمنزلة الهداة من الأنام كان أكثر الحيوان له أعداء ؛ وكان أعداؤه من أقل الحيوان منفعة وبركة ، هذه سنة الله في خلقه وهو العزيز الحكيم " . (3) الباحثون المعاصرون يتحدثون عن عالم النحل (4) تقدم العلم اليوم ، وبتقدمه تعرفنا على كثير من عجائب الخلق وأسرار الكون ، لقد أكد لنا العلماء ما عرفناه من قبل أن من أن عالم النحل ينقسم إلى ثلاثة أقسام : النحلة الملكة ، والنحلة الذكر ، والنحلة الشغالة . أما ملكة النحل فهي أم الخلية كلها ، وجميع النحل في الخلية أبناؤها ، ويكفي أن تعلم أن الملكة تضع في كل يوم تطلع فيها الشمس ما بين (1500) بيضة إلى (2000) بيضة ، بل يزيد العدد إلى (3500) بيضة . ويستمر هذا على امتداد موسم التكاثر الذي يبدأ من إقبال الربيع ، وينتهي بانتهاء الصيف . وما هذا العدد الهائل من البيض إلا لمواجهة النقص المستمر الذي يصيب خلية النحل ، فالنحلة عمرها قصير ، فهو يتراوح بين خمسة أسابيع وسبعة أسابيع ، ولذلك فإنّ الخلية تحتاج إلى أجيال جديدة ترفد الخلية بأعداد كبيرة تواجه النقص الذي يلحق بها ، كي تستمرّ الخلية في القيام بالواجبات التي يحتاج إليها عالم النحل ، وحتى تستطيع الدفاع عن نفسها في مواجهة الأعداء والأخطار ، ولولا ذلك لا نقرضت الخلية وبادت . ومن بديع صنع الله في ملكة النحل أنها تضع بيضها في البيوت التي تبنيها الشغالة بمقاسات مختلفة ، فالمقاس الكبير يعده النحل لملكة المستقبل ، والبيضة التي تضعها الملكة فيه تكون ملكة ، والبيضة التي تضعها الملكة في البيت الأصغر حجماً ومقاسه ربع إنش تصبح نحلة ذكراً ، أما البيضة التي تضعها في البيت الصغير ومقاسه خمس إنش فتنتج نحلة شغالة ، بقي أن نعلم أن الملكة تضع مع بيضة النحلة الشغالة ثلاثة إلى أربعة حيوانات منوية لإخصابها ، فتكون نحلة شغالة ، بينما تضع ، في بيت النحلة الذكر بيضة غير مخصبة . ومن عجيب صنع الله في النحلة الملكة أنها لا تُلِّقحُ إلا في الهواء في أثناء طيرانها ، ولذلك سّر عجيب ، فالنحلة الذكر لا يمكنها تلقيح الملكة وهي رابضة على الأرض ، ذلك أن عضو التذكير عندها كامن ، ولا يمكن ظهوره إلا إذا حلقت في الفضاء ، وعند ذلك تمتلئ أكياس موجودة في النحلة الذكر بالهواء ، فتنتفخ في أثناء الطيران ، ويؤدي انتفاخها إلى الضغط على عضو التذكير ، فيخرج من مكمنه . ومن عجائب صنع الله في الملكة العذراء قدرتها على دعوة الذكر لتلقيحها ، وذلك بأصوات تصدرها تدعو بها الذكور إليها ، وتخرج من خليتها حائمة حولها مصدرة تلك الأصوات ، وتستقبل الذكور هذه الدعوة لا في الخلية وحدها ، بل في جميع الخلايا المجاورة ، وتنطلق أسراب الذكور خلف الملكة ، وهي تغذ السير منطلقة في الفضاء الرحب ، ويفوز بتلقيحها أقوى الذكور وأشدها وأسرعها ، ولكنه يفقد حياته بعد ذلك ، ذلك أنه بعد تلقيحه الملكة يفقد عضو تذكيره ، إذ يبقى عضوه فيها مما يسبب له نزيفاً يفقده حياته . ويسأل القارئ عن كيفية سماع الذكور لدعوة الملكة ، والجواب : أن الله زود كل نحلة بقرني استشعار ، وهذان القرنان يتألفان من حلقات متصل بعضها ببعض ، عليها عدد كبير من الثقوب ، ويبلغ عدد الحلقات في الذكر اثنتا عشرة حلقة ، في حين أن عددها في الشغالة أو الملكة إحدى عشرة حلقة . وتبلغ عدد ثقوب الحواس الكائنة على قرن الاستشعار عند الذكر (2800) ثقبٍ ، وفي الشغالة (2400) ، وفي الملكة (1600) .والحقيقة أن قرني الاستشعار في النحلة بمنزلة هوائي الإذاعة يستخدمه لالتقاط الأصوات الصادرة من الملكة ، ولغير ذلك من الأصوات ، كما تستخدمه في الشم والسمع واللمس .وإذا فقدت النحلة الشغالة أو الذكر أو الملكة قرني الاستشعار فإنها لا تستطيع أن تقوم بدورها ، ففيه يتركز معظم حواسها : السمع والشم واللمس كما سبق .وتكوين النحلة الذكر يتناسب مع المهمة التي خلق من أجلها ، فهو كبير قوي ، يأكل كثيراً ، ولا يعمل شيئاً ، فلا يجمع الرحيق ، ولا يصنعه ، ولا يبني ، ولا يحرس ، حتى طعامه ، تضعه النحلة الشغالة في فمه ، كل ما يستطيع القيام به هو تلقيح الملكة ، ولذا فإن النحلة الشغالة بعد انتهاء مهمته تمتنع عن إمداده بالغذاء ، وأكثر من هذا تهاجم الشغالة الذكور فتقتلها أو تطردها . بقي أن نعلم أن عدد الذكور من النحل قليل بالنسبة لتعداد النحل ، فلا يتجاوز عددها في الخلية الواحدة المائتين .أما النحلة الشغالة فإنها تكون العدد الأكثر في الخلية ، كما أنها العنصر الفعال فيها ، وهي التي تقوم بالأعمال المختلفة ، والمهمات الصعبة .فهي التي تجني الرحيق ، وتجمع غبار الطلع ، وتصنع العسل ، وتمدّ الملكة بغذائها الخاص ، وتبني الأقراص التي يحفظ فيها العسل ، وتربي فيها الأجيال الجديدة من النحل ، وتحرس الخلية ، وتقوم بتنظيفها ، والمحافظة عليها ، بل تقوم بتهويتها وتدفئتها . والمهمات في الخلية موزعة في تخصصات وهذه التخصصات ترتبط بعمر النحلة ، فلكل سن من النحل عمل يقوم به ، وكلما امتد العمر بالنحلة فإنها تتحول إلى عمل آخر ، وبذلك تقوم النحلة بعد أن تستكمل عمرها بالمرور على كل الأعمال والمهمات التي تحتاج إليها الخلية ، ويلاحظ أن النحلة تبدأ بالأعمال السهلة التي لا تحتاج إلى جهد كبير ، وتنتهي إلى أشق الأعمال وأصعبها وهي الجولان في الحقول ، وجني الرحيق وغبار الطلع والماء ، ثم صنع العسل وتخزينه ، ونلاحظ أيضاً أنها تتدرج في الوظائف بحسب تكامل الخصائص التي يهبها الله إياها ، فكل مهمة تصير إليها وتعمل فيها تتواءم مع تكامل أجهزتها التي تمكنها من القيام بالدور الجديد والمهمة الجديدة . فالنحلة الشغالة في يومها الأول والثاني تقوم بمهمة تنظيف البيوت التي خرجت منها أجيال النحل التي تكامل خلقها ، فتنظف هذه البيوت ، وتعدها لأجيال أخرى ، ولا تضع الملكة البيض في هذه البيوت إلا بعد أن تتفحصها وتجدها نظيفة تماماً . وفي يومها الثالث والرابع تقوم بدور الحاضنة ليرقات النحل الشغالة والذكور التي يزيد عمرها على ثلاثة أيام ، فتقدم لها ما يسميه العلماء ( بخبز النحل ) وهو مزيج من العسل وحبوب اللقاح ، تأخذه مما خزنته النحل في العيون السداسية . وبعد اليوم الخامس حتى اليوم الثاني عشر من عمر النحلة تقوم بتغذية النحلة الملكة بالغذاء الملكي طيلة عمرها ، كما تمدّ الغذاء الفاخر صغيرات الشغالة والذكور في يومهن الأول والثاني والثالث ، والنحل يقوم بهذه المهمة في هذه السن (5-12) لنمو غدد خاصة في هذه الفترة في جانبي البلعوم ، تتمكن بها النحل من صناعة الغذاء الملكي .وبعد اليوم الثاني عشر تتمكن النحلة من الطيران ، ولكنها لا تذهب بعيداً ، كل ما تفعله أن تتعلم وتتمرن ، ومهمتها الرئيسية من اليوم الثاني عشر إلى اليوم الثامن عشر هو بناء الأقراص الشمعية التي تعد لتخزين العسل ، وتربية أجيال النحل الجديدة . والسبب في تخصصها بهذا الدور في هذه السن هو نمو أربعة أزواج من الغدد الموجودة على حلقات البطن ، ومن هذا الشمع تقوم النحلة باستخدام فكيها في هذه السن ببناء تلك البيوت التي بلغت الغاية في الدقة والإتقان بأبعاد محددة وأشكال هندسية في غاية الروعة والتنظيم .وفي اليوم التاسع عشر واليوم العشرين تقوم النحلة بتنظيف الخلية وحراستها ، وبعد اليوم العشرين تقوم النحلة بالانطلاق إلى الحقول وجمع الرحيق وغبار الطلع وصنع العسل ، و*** الماء إلى الخلية ، وهذه المرحلة الأخيرة تمثل الجزء الأكبر من عمر النحلة . أجيال تذهب من النحل ، وأجيال تأتي ، ويترقى النحل في سلسلة متوالية من الأعمال تضمن القيام بالأعمال كلها باستمرار من غير أن تتخصص طائفة من النحل بعمل طيلة عمرها ، ولكن التخصص يأتي في كل مرحلة من مراحل العمر .سبحان الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي خلق هذه الكائنات الصغيرة ، وعلمها أن تقوم بهذه الأعمال بمثل هذه الدقة والإتقان ، إنه إبداع وإعجاز يدل على العليم الخبير . ومن الإبداع الإلهي في النحلة هذا التكوين الذي أعطاه الله إياها ، فقد جعل لها الباري سبحانه معدتين ، إحداهما تستعملها لجمع المواد الأولية التي تستخلصها من رحيق الأزهار ، أو تحمل بها الماء ، وتنقله إلى الخلية ، والمعدة الأخرى مخصصة للطعام الذي تهضمه وتتغذى به . ومن عجب أن النحلة إذ تجمع في معدتها الأولى ما تجنيه من الرحيق ، لا تكتفي بنقله ، ولكنها في أثناء حملها له وتوصيله للخلية تقوم بعملية أولية لتحويله إلى العسل ، وذلك بإفراز الخمائر اللازمة لتحقيق ذلك . والنحلة تحتاج إلى غبار الطلع لأمور مختلفة في الخلية ، وقد زودها خالقها بتجويف خاص لخزن هذه الحبوب في الوجه الخارجي لساق الرجل الخلفية ، تسمى سلة الطلع ، وجعل لها على الوجه الداخلي لرسغ الرجل الخلفية ما يشبه الفرشاة تستعملها الشغالة في تمشيط غبار الطلع وتكتيله تمهيداً لجمعه في سلة الطلع . ومن العجائب المذهلة التي اكتشفها العلماء في النحلة ، تلك الغدة التي في مؤخرة البطن ، وقد سماها العلماء ( غدة ناسانوف) ، وهذه الغدة تفرز رائحة خاصة ، ومن العجيب أن نحل كل خلية يتعارف على رائحة تميز نحلها عن غيره ، وتستطيع النحلة أن تعود إلى بيتها من مكان بعيد تهديها تلك الرائحة المميزة عن رائحة غيرها من النحل ، وبوابو الخلية وحراسها يعرفون النحلة التي تتبع الخلية عن طريق تلك الرائحة المميزة المنبعثة من النحلة . والعجب أن النحل قادر على التعارف على رائحة جديدة عندما يحصل ما يستدعي ذلك ، فمثلاً عندما تخرج طائفة من النحل لتشكل خلية جديدة ، فإن الخلية الجديدة تتعارف على رائحة جديدة ، وعندما مزج العلماء بطريقة علمية طائفة من النحل مع طائفة أخرى وجدوا أن النحل بعد دمجه تعارف على رائحة واحدة جديدة تميزه عن غيره . ومن عجائب هداية النحل أنه يبني جدران البيوت السداسية من الشمع الخالص الذي لا ينفذ منه الهواء ، ولكنه عندما يغلق أبواب البيوت التي تحوي يرقات النحل يخلط الشمع بحبوب اللقاح ، وبهذا يتسرب الهواء من خلال حبوب اللقاح ، فتبقى اليرقات حيّة ، ولو لم يهدها ربها إلى ذلك لماتت اليرقات ، وزال النحل من فوق ظهر البسيطة .وقد حدثنا ربنا فيما حدثنا عنه من آياته الباهرة التي تستدعي التأمل والتفكر إلى هدايته العجيبة للنحل ( وأوحى ربُّك إلى النَّحل أن اتَّخذي من الجبال بيوتاً ومن الشَّجر ومما يعرشون – ثُمَّ كلي من كل الثَّمرات فاسلكي سبل ربك ذُللاً يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه فيه شفاءٌ للنَّاس إنَّ في ذلك لآيةً لقومٍ يتفكرون )[النحل: 68-69] . وقد اهتدى المسلمون للمنافع العظيمة التي في العسل ، ولكن الضالون عن هدى الله لم يكتشفوا ما فيه من المنافع إلا في هذه الأيام ، وقد اكتشف الباحثون حقائق مذهلة ، فوجدوا أن العسل غذاء ودواء ، وهو غذاء من نوع راق ، يحوي على خصائص لا تكاد توجد في غيره ، ووجدوا أنه علاج يكاد يصلح لجميع أنواع الأمراض ، ولا يزال العلم يكتشف في كل يوم في العسل نفعاً جديداً . كيف يدل النحل بعضه بعضاً على مكان الغذاء ؟ مما لاحظه العلماء المعاصرون الطريقة التي يدل بها النحل بعضه بعضاً على مكان الغذاء ، يقول الدكتور يوسف عز الدين : " لو اكتشف أحد عمال النحل حقلاً أو كمية من النباتات تعتبر مصدراً للغذاء ، فإنّه يعود للمستعمرة ليخبر باقي العمال ، عن هذا الكنز الذي اكتشفه ، وذلك عن طريق طقوس رقص عجيبة تفعلها النحلة بطريقة غريزية دون أن تدري لماذا تفعل هذا .إنها ترقص رقصات غريبة ذات مدلولات معينة ، إذ إن جسمها يصنع في أثناء الرقص زاوية تدل على زاوية الشمس ،وإذا كان الحقل الذي اكتشفه قريباً من المستعمرة فإنّ الرقصة في هذه الحالة تختلف عنها في حالة بُعد الحقل مسافة أطول . ومن هذه الرقصات يفهم النحل أنّ حقلاً من البرسيم أو غيره من النباتات ذات الأزهار التي يحضر النحل غذاءه منها ، يقع على بعد معين ، والطريق إليه يقتضي السير بزاوية معينة بالنسبة لمكان الشمس . فيؤدي بعض العمال الرقصة نفسها ، عند ذلك تطمئن النحلة التي اكتشفت الحقل إلى أنّ باقي النحل قد فهم ما تريد أن تقوله ، فيطير باقي الأفراد ، ويصلون مباشرة إلى ذلك الحقل لإحضار مزيد من الغذاء . إنّ النحلة المكتشفة قد نقلت إلى النحل الذي في المستعمرة عدداً من المعلومات برقصتها ، ولو حاولنا نحن البشر أن نتوصل إلى ما توصل إليه النحل من فهم لهذه الطلاسم عن طريق رسم بياني لاستغرق منا وقتاً لا يقل عن ثلث ساعة إن كان لدينا إلمام كاف بالعلوم الرياضية ، ولكن النحل يفهم كلّ ذلك في الحال ، ويطير نحو الحقل في خط مستقيم ليحضر ما يلزمه من غذاء .شيء مذهل لا يمكن تفسيره إلا إذا آمنا بوجود نفحة إلهية أودعها خالق الكون في هذه الكائنات الصغيرة التي لا تملك قدراً من العقل أو قدرة على التفكير تمكنها من القيام بما يلزمها " . رؤية النحل ما لا نراه من الألوان ويذكر لنا الدكتور يوسف أن من عجائب النحل رؤيته " لوناً لا نراه نحن البشر ، ولا يمكن أن نتصوره ، وهو اللون فوق البنفسجي الذي نراه نحن أسود ، فالنحل يرى الأشعة فوق البنفسجية " ، ثم يبين لنا الحكمة من وراء رؤية النحل لذلك اللون فيقول : " والحكمة في ذلك هي أن تلك الأشعة هي الوحيدة القادرة على اختراق السحاب . والنحل قد يعيش في مناطق يكسوها السحاب معظم شهور السنة ، ورؤية الشمس ضرورية لمعرفة مكان الحقول التي بها الغذاء ، وهنا تكمن الحكمة في رؤية النحل لذلك اللون فوق البنفسجي ، فإنها بذلك يصبح في إمكانها رؤية الشمس من خلال السحب ، فلا يموت النحل جوعاً في حالة اختفاء الشمس خلف الغمام ، حقيقة مذهلة تدلّ على وجود خالق مدبر ومقدر يعلم ما يصنع ، إذ إن القدرة على رؤية ذلك اللون لا يمكن أن تكون قد اكتسبها النحل مع مرور الزمن ، بل لا بد أن تكون قد وجدت منذ أول لحظة خلق الله فيها النحل ، إذ لو لم توجد من أول الأمر ، لانقرض النحل في تلك المناطق منذ أمد بعيد " . -------------- (1) شفاء العليل :101 وما نقلناه عن ابن القيم يدلنا ان السلف الصالح كانوا يعنون بالتأمل في خلق الله ويدلنا على ان ملاحظة علماء المسلمين بلغت مبلغا كبيرا (2) الذي يبيض من النحل هو ملكة النحل فحسب (3) شفاء العليل :101 (4)المعلومات التي أوردناها في هذا المبحث مأخوذة من كتاب النحلة تسبح لله لمحمد حسن حمصي ولكن بتصرف كثير في الصياغة والتقديم والتأخير والاختصار |
هداية النمل وعجائب صنع الله فيه
ويحدثنا ابن القيم عن نوع آخر من مخلوقات الله ، ويبين لنا هداية الله لها في معاشها فيقول : " وهذا النمل من أهدى الحيوانات ، وهدايتها من أعجب شيء ، فإن النملة الصغيرة تخرج من بيتها وتطلب قوتها ، وإن بعدت عليها الطريق ، فإذا ظفرت به حملته وساقته في طرق معوجة بعيدة ذات صعود وهبوط في غاية من التوعر حتى تصل إلى بيوتها ، فتخزن فيها أقواتها في وقت الإمكان . فإذا خزنتها عمدت إلى ما ينبت منها ففلقته فلقتين ؛ لئلا ينبت فإن كان ينبت مع فلقه باثنتين فلقته بأربعة ، فإذا أصابه بلل وخافت عليه العفن والفساد انتظرت به يوماً ذا شمس فخرجت به ، فنشرته على أبواب بيوتها ، ثم أعادته إليها ، ولا تتغذى منها نملة مما جمعه غيرها . ويكفي في هداية النمل ما حكاه الله – سبحانه – في القرآن عن النملة التي سمع سليمان كلامها وخطابها لأصحابها بقولها : ( يا أيَّها النَّمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنَّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ) [ النمل : 18 ] ، فاستفتحت خطابها بالنداء الذي يسمعه من خاطبته ، ثم أتت بالاسم المبهم ، ثم أتبعته بما يثبته من اسم الجنس إرادة العموم ، ثم أمرتهم بأن يدخلوا مساكنهم فيتحصنون من العسكر ، ثم أخبرت عن سبب هذا الدخول ، وهو خشية أن يصيبهم مضرّة الجيش ، فيحطمهم سليمان وجنوده ، ثم اعتذرت عن نبي الله وجنوده بأنهم لا يشعرون بذلك ، وهذا من أعجب الهداية . وتأمل كيف عظم الله – سبحانه – شأن النمل بقوله : ( وحشر لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطَّير فهم يوزعون ) [ النمل : 17 ] ، ثم قال : ( حتَّى إذا أتوا على واد النَّمل ) [ النمل : 18 ] ، فأخبر أنهم بأجمعهم مروا على ذلك الوادي ، ودل على أن ذلك الوادي معروفٌ بالنمل كوادي السباع ونحوه ، ثم أخبر بما دل على شدة فطنة هذه النملة ودقة معرفتها حيث أمرتهم أن يدخلوا مساكنهم المختصة بهم ، فقد عرفت هي والنمل أن لكل طائفة منها مسكناً لا يدخل عليهم فيه سواهم ، ثم قالت : ( لا يحطمنَّكم سليمان وجنوده ) [ النمل : 18 ] ، فجمعت بين اسمه وعينه ، وعرفته بهما ، وعرفت جنوده وقائدهم ، ثم قالت : ( وهم لا يشعرون ) [ النمل : 18 ] فكأنها جمعت بين الاعتذار عن مضرة الجيش بكونهم لا يشعرون وبين لومة أمة النمل حيث لم يأخذوا حذرهم ، ويدخلوا مساكنهم ، ولذلك تبسم نبي الله ضاحكاً من قولها ، وإنه لموضع تعجب وتبسم . وقد روى الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن عيينة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (( نهى عن قتل النمل والنحلة والهدهد والصرد )) (1) ، وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة ، فلدغته نملة ، فأمر بجهازه فأخرج ، وأمر بقرية النمل فأحرقت ، فأوحى الله إليه : أن قرصتْك نملة أحرقت أمة من الأمم تُسبحُ ! فهلا نملة واحدة !) . (2) وروى عوف بن أبي جميلة عن قسامة بن زهير ، قال : قال أبو موسى الأشعري : إن لكل شيء سادة حتى للنمل سادة . ومن عجيب هدايتها أنها تعرف ربها بأنه فوق سمواته على عرشه ، كما رواه الإمام أحمد في كتاب الزهد من حديث أبي هريرة يرفعه ، قال : ( خرج نبيٌّ من الأنبياء بالناس يَسْتَسْقُون ، فإذا هم بنملة رافعة قَوائِمها إلى السماء تدعو مُستلقية على ظهرها ، فقال : ( ارجعوا فقد كفيتم أو سقيتم بغيركم ) ولِهذا الأثر عدة طرق ، ورواه الطحاوي في التهذيب وغيره . وفي مسند الإمام أحمد : ( أن سليمان بن داود خرج يستسقي ، فرأى نملة مُستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء وهي تقولُ : اللهم إنا خلق من خلقك ، ليس بنا غنى عن سقياك ورزقك ، فإما أن تُسقينا وترزقنا ، وإما أن تهلكنا ، فقال : ارجعوا فقد سُقيتُمْ بدعوة غَيركم ) . ولقد حُدّثت أن نملة خرجت من بيتها ، فصادفت شق جرادة ، فحاولت أن تحمله فلم تطق ، فذهبت وجاءت معها بأعوان يحملنه معها ، قال : فرفعتُ ذلك من الأرض ، فطافت في مكانه فلم تجده ، فانصرفوا وتركوها . قال : فوضعته ، فعادت تحاول حمله فلم تقدر ، فذهبت ، وجاءت بهم ، فرفعته ، فطافت فلم تجده فانصرفوا ، قال : فعلت ذلك مراراً ، فلما كان في المرة الأخرى استدار النمل حلقة ووضعوها في وسطها ، وقطعوها عضواً عضواً ، قال شيخنا : وقد حكيت له هذه الحكاية فقال : هذا النمل فطرها الله – سبحانه – على قبح الكذب وعقوبة الكذاب . والنمل من أحرص الحيوانات ، ويضرب بحرصه المثل ، ويذكر أن سليمان صلوات الله وسلامه عليه لما رأى حرص النملة وشدة ادخارها للغذاء استحضر نملة ، وسألها : كم تأكل النملة من الطعام كل سنة ؟ فقالت : ثلاث حبات من الحنطة ، فأمر بإلقائها في قارورة ، وسد فم القارورة ، وجعل معها ثلاث حبات حنطة ، وتركها سنة بعد ما قالت : ثم أمر بفتح القارورة عند فراغ السنة ، فوجد حبة ونصف حبة ، فقال : أين زعمك ؟ أنت زعمت أن قوتك كل سنة ثلاث حبات .فقالت : نعم ، ولكن لما رأيتك مشغولاً بمصالح بني جنسك حسبت الذي بقي من عمري فوجدته أكثر من المدة المضروبة ، فاقتصرت على نصف القوت ، واستبقيت نصفه استبقاء لنفسي ، فعجب سليمان من شدة حرصها ، وهذا من أعجب الهداية والعطية . ومن حرصها أنها تكدّ طول الصيف ، وتجمع للشتاء علماً منها بإعواز الطلب في الشتاء ، وتَعَذّرِ الكسب فيه ، وهي على ضعفها شديدة القوى ، فإنها تحمل أضعاف أضعاف وزنها ، وتجره إلى بيتها . وليس للنمل قائد ورئيس يدبرها كما يكون للنحل إلا أن رائداً يطلب الرزق ، فإذا وقف عليه أخبر أصحابه فيخرجن مجتمعات ، وكل نملة تجتهد في صلاح العامة منها غير مختلسة من الحب شيئاً لنفسها دون صواحباتها . ومن عجيب أمرها أن الرجل إذا أراد أن يحترز من النمل لا يسقط في عسل أو نحوه ، فإنه يحفر حفيرة ويجعل حولها ماء أو يتخذ إناء كبيراً ، ويملؤه ماء ، ثم يضع فيه ذلك الشيء ، فيأتي الذي يطيف به فلا يقدر عليه ، فيتسلق في الحائط ، ويمشي على السقف إلى أن يحاذي ذلك الشيء ، فتلقي نفسها عليه ، وجربنا نحن ذلك . وأحمى صانع مرة طوقاً بالنار ورماه على الأرض ليبرد . واتفق أن اشتمل الطوق على نمل ، فتوجه في الجهات ليخرج ، فلحقه وهج النار ، فلزم المركز ووسط الطوق ، وكان ذلك مركزاً له ، وهو أبعد مكان من المحيط " . (3) النمل الأبيض غذاؤه ومساكنه : يحدثنا الأستاذ يوسف عز الدين : عما كشف العلم من أسرار هذا الكائن : " ومن الغرائز التي وهبها الله لمثل هذه الكائنات الضئيلة ما هو مذهل ، يجعل كل ذي عقل من البشر يخرّ ساجداً للخالق العظيم . على سبيل المثال ما نراه في مستعمرة نوع من الحشرات نطلق عليه اسم ( النمل الأبيض ) ، تعيش هذه الحشرات أيضاً في مستعمرات ، إذا زاد أفراد المستعمرة عن الحد المعقول بالنسبة لكمية الغذاء المتاحة ، فإنّ هذه الحشرات تدرك هذه الحقيقة عن طريق الغريزة ، فتبدأ الأفراد في التهام عدد كبير من البيض ، وبذلك يسهم في حلّ مشكلة زيادة أفراد المستعمرة ومشكلة الغذاء ، إذ أن التهام البيض يعتبر تغذية ، وفي الوقت نفسه يقلل من عدد الذرية . إنّ هذه الحشرات لا تدرك لماذا تفعل ذلك ، ولكنّها النفحة الإلهية التي تلهمها لعمل ما لا يمكن أن تدركه من الأشياء التي تعود عليها بالفائدة وتجنبها الفناء .هذه الحشرات نفسها تتغذى على الأخشاب وتلتهمها بشراهة ، إذ في بعض الأماكن الموبوءة بها قد يتناول أفراد الأسرة طعامهم على منضدة الطعام ، ثم يذهبون في الصباح لتناول إفطارهم ، فيجدون تلك المنضدة قد تقوضت أركانها ، وانهارت في ليلة واحدة . وفي بعض جهات استراليا الموبوءة بتلك الحشرات المدمرة قد يسأل أحد السائحين وهو ناظر من نافذة القطار عن اسم القرية التي رآها على مدى البصر ، فيعتريه الذهول عندما يخبرونه أن تلك القرية لا تضم آدميين ، ولكنها المساكن التي أقامها النمل الأبيض ليعيش بها . هذه المساكن ترتفع عن سطح الأرض عدة أمتار وتصنعها الحشرات من مادة غريبة ، هي خليط من لعابها وبعض المواد الأخرى ، وهي أقوى من الإسمنت المسلح ، ولا يمكن أن تخترقها الحشرات أو يتسرب إليها الماء من خلال جدرانها ، وبداخلها أنفاق متشعبة يعيش فيها النمل الأبيض . وتستخدم هذه الحشرات للتخابر عن بعد نوعاً من الشيفرة تشبه شيفرة التلغراف ، إذ تدق على جدران النفق برأسها عدة دقات فيفهم باقي النمل ما تريد عن طريق تلك الدقات الشفرية ، تفعل ذلك دون أن تدري ماذا تفعل ، إذ إنها تفعلها عن طريق الإلهام المسمى الغريزة . ولقد احتار العلماء فترة طويلة من الزمن في تفسير إمكان حياة مثل هذه الحشرات عن طريق الغذاء على الأخشاب ، والخشب لا يحتوي على أية مواد عضوية قابلة للهضم ، وأخيراً اكتشفوا السر . لقد وجدوا في داخل الجهاز الهضمي لأفراد هذه الحشرات حيوانات دقيقة أولية يتكون جسمها من خلية واحدة ، وهذه الحيوانات الأولية تفرز أجسامها إفرازات تحول الخشب إلى مواد غذائية قابلة للهضم هي التي تغذي النمل الأبيض . ومن العجيب أنّه لم يحدث إطلاقاً أن اكتشفت نملة بيضاء واحدة تخلو أمعاؤها من هذه الحيوانات الأولية ، ولو لم توجد هذه الحيوانات داخل أمعاء النمل الأبيض منذ بدء خلقها لما أمكنها الحياة ، ولانقرضت منذ أول جيل من أجيالها ، هل من الممكن أن يحدث هذا عن طريق المصادفة أم هو شيء مقدر مدبر مرسوم ؟ " . النمل يربي المواشي ويفلح الأرض : ومن عجائب النمل ما ذكره الدكتور يوسف عز الدين ، فقد ذكر أن النمل استأنس مئات من الأجناس من الحيوانات الأدنى منه شأناً ، بينما لم يستأنس الإنسان سوى نحو عشرين من الحيوانات الوحشية التي سخرها لمنفعته ومتعته ، ولقد عرف النمل الزرع والرعي عن طريق الغريزة .إنَّ حشرات المن التي يطلق عليها أحياناً ( قمل النبات ) التي نراها على أوراق بعض النبات يرعاها النمل ليستفيد منها . ففي الربيع الباكر يرسل النمل الرسل لتجمع له بيض هذا المن ، فإذا جاؤوا به وضعوه في مستعمراتهم حيث يضعون بيضهم ، ويهتمون ببيض هذه الحشرات كما يهتمون ببيضهم ، فإذا فقس بيض المن وخرجت منه الصغار أطعموها وأكرموها ، وبعد فترة قصيرة يأخذ المن يدر سائلاً حلواً كالعسل كما تدر البقرة اللبن ، ويتولى النمل حلب هذا المن للحصول على هذا السائل وكأنها أبقار . ولا يعتني النمل بتربية ((المواشي)) هذه وحدها ، بل يعتني كذلك بالزرع وفلاحة الأرض ، لقد شاهد أحد العلماء في إحدى الغابات قطعة من الأرض قد نما بها أرز قصير من نوع نصف بري ، كانت مساحة القطعة خمسة أقدام طولاً في ثلاثة عرضاً ، وكان طول الأرز نحو ستة ((سنتيمترات)) ، ويتراءى للناظر إلى هذه البقعة من الأرض أنّ أحداً لا بد يعتني بها ، فالطينة حول الجذور كانت مشققة ، والأعشاب الغريبة كانت مستأصلة ، والغريب أنّه لم يكن على مقربة من هذا المكان عود آخر من الأرز ، فهذا الأرز لم ينم من تلقاء نفسه ، وإنّما زرعه زارع .ولوحظ أن طوائف النمل تأتي إلى هذا المزروع وتذهب عنه ، فانبطح العالم على الأرض يلاحظ ما يصنعه ، ولم يلبث أن عرف أنّ هذا النمل هو القائم بزراعة الأرز في تلك البقعة من الأرض ، وأنه اتخذ من زراعتها مهنة له ، تشغل كل وقته ، فبعضه كان يشق الأرض ويحرثها ، وبعض آخر كان يزيل الأعشاب الضارة ، فإذا ظهر عود من عشب غريب قام إليه بعض النمل ، فيقضمونه ، ثم يحملونه بعيداً عن المزرعة ...نما الأرز حتى بلغ طوله ستين سنتيمتراً ، وكانت حبوب الأرز قد نضجت ، فلما بدأ موسم الحصاد شاهد صفاً من شغالة النمل لا ينقطع متجهاً نحو العيدان ، فيتسلقها إلى أن يصل إلى حبوب الأرز ، فتنزع كل شغالة من النمل حبة من تلك الحبوب ، وتهبط بها سريعاً إلى الأرض ، ثم تذهب بها إلى مخازن تحت الأرض .بل الأعجب من ذلك أنّ طائفة من النّمل كانت تتسلق الأعواد ، فتلتقط الحب ، ثم تلقي به ، بينما طائفة أخرى تتلقاه ، وتذهب به إلى المخازن .. ويعيش هذا النوع من النمل عيشة مدنية في بيوت كبيوتنا ذات شقق وطبقات ، أجزاء منها تحت الأرض ، وأجزاء فوق الأرض ، في هذه المدن نجد الخدم والعبيد . بل الأعجب من ذلك نجد الممرضات اللاتي تعني بالمرضى ليلاً ونهاراً ، ونجد منها من يرفع جثث من يموت من النمل .... يفعل ذلك النوع من النمل كلّ هذا بدون تفكير ، إذ يتم بالغريزة التي أودعها الله في أجسامهم الصغيرة . -------------- (1) عزاء المجد ابن تيمية في المنتقي ص : 759 الى احمد وابي داود وابن ماجة بلفظ " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل اربع النملة والنحلة والهدهد والصرد " (2)صحيح مسلم : 6/154 ورقمة 3019 وانظر 6/356 ورقمة 3318 ورواه مسلم : 4/1759 ورقمة 2241 والحديث مأخوذ من مجموع الروايات الواردة فيه (3) شفاء العليل لابن القيم صفحة 104 |
هداية الهدهد وعجائب صنع الله فيه ويحدثنا ابن القيم بأسلوبه السهل الأخاذ عن نوع آخر من مخلوقات الله التي لها في كتاب الله ذِكْر ، ألا وهو الهدهد ، متحدثاً عن هداية الله له فيقول :" وهذا الهدهد من أهدى الحيوان وأبصره بمواضع الماء تحت الأرض ، لا يراه غيره ، ومن هدايته ما حكاه الله عنه في كتابه أنه قال لنبي الله سليمان ، وقد فقده وتوعده ، فلما جاء بَدَره بالعذر قبل أن ينذره سليمان بالعقوبة ، وخاطبه خطاباً هيجه به على الإصغاء إليه والقبول منه ، فقال : ( أحطت بما لم تُحط به ) [ النمل : 22 ] ، وفي ضمن هذا أني أتيتك بأمر قد عرفته حق المعرفة بحيث أحطت به ، وهو خبر عظيم له شأن ، فلذلك قال : ( وجئتك من سبإ بنبإٍ يقينٍ ) [ النمل : 22 ] ، والنبأ هو الخبر الذي له شأن ، والنفوس متطلعة إلى معرفته ، ثم وصفه بأنه نبأ يقين ، لا شك فيه ولا ريب ، فهذه مقدمة بين يدي إخباره لنبي الله بذلك النبأ استفرغت قلب المخبر لتلقي الخبر ، وأوجبت له التشوق التام إلى سماعه ومعرفته ، وهذا نوع من براعة الاستهلال وخطاب التهييج . ثم كشف عن حقيقة الخبر كشفاً مؤكداً بأدلة التأكيد ، فقال : ( إنّي وجدت امرأةً تملكهم ) [ النمل : 23 ] ، ثم أخبر عن شأن تلك الملكة ، وأنها من أجلّ الملوك بحث أوتيت من كل شيء يصلح أن تؤتاه الملوك ، ثم زاد في عظيم شأنها بذكر عرشها الذي تجلس عليه ، وأنه عرش عظيم ، ثم أخبره بما يدعوه إلى قصدهم ، وغزوهم في عقر دارهم بعد دعوتهم إلى الله ، فقال : ( وجدتُّها وقومها يسجدون للشَّمس من دون الله ) [ النمل : 24 ] . وحذف أداة العطف من هذه الجملة ، وأتى بها مستقلة غير معطوفة على ما قبلها ، إيذاناً بأنها هي المقصودة ، وما قبلها توطئة لها ، ثم أخبر عن المغوي لهم ، الحامل لهم على ذلك ، وهو تزيين الشيطان لهم أعمالهم ، حتى صدهم عن السبيل المستقيم ، وهو السجود لله وحده ، ثم أخبر أن ذلك الصد حال بينهم وبين الهداية والسجود لله الذي لا ينبغي السجود إلا له . ثم ذكر من أفعاله – سبحانه – إخراج الخبء في السماوات والأرض ، وهو المخبوء فيهما من المطر والنبات والمعادن وأنواع ما ينزل من السماء ، وما يخرج من الأرض ، وفي ذكر الهدهد هذا الشأن من أفعال الرب تعالى بخصوصه إشعار بما خصه الله به من إخراج الماء المخبوء تحت الأرض . قال صاحب الكشاف : وفي إخراج الخبء إمارة على أنه من كلام الهدهد لهندسته ومعرفته الماء تحت الأرض ، وذل بإلهام مَنْ يخرج الخبء في السماوات والأرض جلت قدرته ولطف علمه ، ولا يكاد يخفى على ذي الفراسة الناظر بنور الله مخايل كل شخص بصناعة أو فن من المعلم في روائه ومنطقه وشمائله ، فما عمل آدمي عملاً إلا ألقى عليه رداء عمله " |
هداية الحمام وعجائب صنع الله فيه أما حديث ابن القيم عن الحمام وبدائع صنع الله فيه ، وعجيب هدايته إلى ما هداه إليه فحديث طويل ممتع ، يدل على أن التفكير في خلق الله منهج أخذ به أهل العلم أنفسهم تحقيقاً لأمر الله لعباده ، وفي هذا يقول ابن القيم :وهذا الحمام من أعجب الحيوان هداية ، حتى قال الشافعي : أعقل الطير الحمام ، وبُردُ الحمام هي التي تحمل الرسائل والكتب ، وربما زادت قيمة الطير منها على قيمة المملوك والعبد ، فإن الغرض الذي يحصل به لا يحصل بمملوك ولا بحيوان غيره ؛ لأنه يذهب ويرجع إلى مكانه من مسيرة ألف فرسخ فما دونها ، وتنهي الأخبار والأغراض ، والمقاصد التي تتعلق بها مهمات الممالك والدول . والقيمون بأمرها يعتنون بأنسابها اعتناء عظيماً ، فيفرقون بين ذكورها وإناثها وقت الفساد ، وتنقل الذكور عن إناثها إلى غيرها ، والإناث عن ذكورها ، ويخافون عليها من فساد أنسابها وحملها من غيرها ، ويتعرفون صحة طرقها ومحلها ، ولا يأمنون أن تفسد الأنثى ذكراً من عرض الحمام فتعتريها الهجنة ، والقيمون بأمرها لا يحفظون أرحام نسائهم ويحتاطون لها كما يحفظون أرحام حمامهم ويحتاطون لها . والقيمون لهم في ذلك قواعد وطرق يعتنون بها غاية الاعتناء بحث إذا رأوا حماماً ساقطاً لم يخف عليهم حسبها ونسبها وبلدها ، ويعظمون صاحب التجربة والمعرفة ، وتسمح أنفسهم بالجعل الوافر له . ويختارون لحمل الكتب والرسائل الذكور منها ، ويقولون : هو أحن إلى بيته لمكان أنثاه ، وهو أشد متناً ، وأقوى بدناً وأحسن اهتداء ، وطائفة منهم يختار لذلك الإناث ، ويقولون : الذكر إذا سافر وبعد عهده حنّ إلى الإناث وتاقت نفسه إليهن ، فربما رأى أنثى في طريقه ومجيئه فلا يصبر عنها ، فيترك السير ، ومال إلى قضاء وطره منها . وهدايته على قدر التعليم والتوطين ، والحمام موصوف باليُمْن والإلف للناس ، ويحب الناس ويحبونه ، ويألف المكان ويثبت على العهد والوفاء لصاحبه ، وإن أساء إليه ، ويعود إليه من مسافات بعيدة ، وربما صد فترك وطنه عشر حجج ، وهو ثابت على الوفاء ، حتى إذا وجد فرصة واستطاعة عاد إليه . والحمام إذا أراد السفاد يلطف للأنثى غاية اللطف ، وإذا علم الذكر أنه أودع رحم الأنثى ما يكون منه الولد يقوم هو والأنثى بطلب القصب والحشيش وصغار العيدان ، فيعملان منه أفحوصة ، وينسجانها نسجاً متداخلاً في الوضع الذي يكون بقدر حيمان الحمامة ، ويجعلان حروفها شاخصة مرتفعة ، لئلا يتدحرج عنها البيض ، ويكون حصناً للحاضن ، ثم يتعاودان ذلك المكان ، ويتعاقبان الأفحوص يسخنانه ، ويطيبانه وينفيان طباعه الأول ، ويحدثان فيه طبعاً آخر مشتقاً ومستخرجاً من طباع أبدانهما ورائحتهما ، لكي تقع البيضة إذا وقعت في مكان هو أشبه المواضع بأرحام الحمام ، ويكون على مقدار من الحر والبرد والرخاوة والصلابة . ثم إذا ضربها المخاض بادرت إلى ذلك المكان ، ووضعت فيه البيض ، فإن أفزعها رعد قاصف رمت بالبيضة دون ذلك المكان الذي هيأته كالمرأة التي تُسقط من الفزع . فإذا وضعت البيض في ذلك المكان لم يزالا يتعاقبان الحضن ، حتى إذا بلغ الحضن مداه وانتهت أيامه انصدع عن الفراخ ، فأعاناه على خروجه ، فيبدآن أولاً بفتح الريح في حلقه حتى تتسع حوصلته ، علماً بأن الحوصلة تضيق عن الغذاء ، فتتسع الحوصلة بعد التحامها ، وتنفتق بعد ارتتاقها . ثم يعلمان أن الحوصلة وإن كانت قد اتسعت شيئاً فإنها في أول الأمر لا تحتمل الغذاء ، فيزقانه بلعابهما المختلط بالغذاء ، وفيه قوى الطعم . ثم يعلمان أن طبع الحوصلة تضعف عن استمرار الغذاء ، وأنها تحتاج إلى دفع وتقوية ، لتكون لها بعض المتانة ، فيلقطان من الغيطان الحب اللين الرخو ، ويزقانه الفرخ ، ثم يزقانه بعد ذلك الحب الذي هو أقوى وأشد . ولا يزالان يزقانه بالحب والماء على تدريج بحسب قوة الفرخ ، وهو يطلب ذلك منهما ، حتى إذا علما أنه قد أطاق اللقط منعاه بعض المنع ، ليحتاج إلى اللقط ويعتاده ، وإذا علما أن رئته قد قويت ونمت ، وأنهما إن فطماه فطماً تاماً قوي على اللقط وتبلغ لنفسه ضرباه إذا سألهما الزق ، ومنعاه .ثم تنزع تلك الرحمة العجيبة منهما ، وينسيان ذلك التعطف المتمكن حين يعلمان أنه قد أطاق القيام بالتكسب بنفسه ، ثم يبتدآن ابتداء ذلك النظام . ومن عجيب هداها أنها إذا حملت الرسائل سلكت الطرق البعيدة عن القرى ومواضع الناس ؛ لئلا يعرض لها من يصدها ، ولا يرد مياههم ، بل يرد المياه التي لا يردها الناس . ومن هداية الحمام أن الذكر والأنثى يتقاسمان أمر الفراخ ، فتكون الحضانة والتربية والكفالة على الأنثى ، و*** القوت والزق على الذكر ، فإنّ الأب هو صاحب العيال والكاسب لهم ، والأم هي التي تحبل وتلد وترضع . ومن عجيب أمرها ما ذكره الجاحظ : أن رجلاً كان له زوج حمام مقصوص ، وزوج طيار ، وللطيار فرخان ، قال : ففتحت لهما في أعلى الغرفة كوة للدخول والخروج وزق فراخهما ، قال : فحبسني السلطان فجأة ، فاهتممت بشأن المقصوص غاية الاهتمام ، ولم أشك في موتهما ؛ لأنها لا يقدران على الخروج من الكوة ، وليس عندهما ما يأكلان ويشربان . قال : فلما خلي سبيلي ، لم يكن لي هم غيرهما ، ففتحت البيت فوجدت الفراخ قد كبرت ، ووجدت المقصوص على أحسن حال ، فعجبت ، فلم ألبث أن جاء الزوج الطيار ، فدن الزوج المقصوص إلى أفواههما يستطعمانهما كما يستطعم الفرخ فزقاهما . فانظر إلى هذه الهداية ، فإن المقصوصين لما شاهدا تلطف الفراخ ، للأبوين وكيف يستطعمانهما إذا اشتد بهما الجوع والعطش ، فعلا كفعل الفرخين ، فأدركتهما رحمة الطيارين ، فزقاهما كما يزقان فرخيهما . ومن هدايتها أيضاً أنه إذا رأى الناس في الهواء عرف أي صنف يريده ، وأي نوع من الأنواع ضده ، فيخالف فعله ليسلم منه ، ومن هدايته أنه في أول نهوضه يغفل ، ويمر بين النسر والعقاب ، وبين الرخم والبازي ، وبين الغراب والصقر ، فيعرف من يقصده ، ومن لا يقصده ، وإن رأى الشاهين فكأنه يرى السم الناقع ، وتأخذه حيرة كما يأخذ الشاة عند رؤية الذئب ، والحمار عند مشاهدة الأسد . مزيد من عجائب هداية الله مخلوقاته_كلبة ترضع طفلاً مات أهله قال الجاحظ : لما وقع الطاعون الجارف أتى على أهل دار ، فلم يشك أهل تلك المحنة أنه لم يبق منهم أحد ، فعمدوا إلى باب الدار فسدوه ، وكان قد بقي صبي صغير يرضع ، ولم يفطنوا له ، فلما كان بعد ذلك بمدة تحول إليها بعض ورثة القوم ، ففتح الباب ، فلما أفضى إلى عرصة الدار إذا هو بصبي يلعب مع جراء كلبة قد كانت لأهل الدار فراعه ذلك ، فلم يلبث أن أقبلت كلبة قد كانت لأهل الدار ، فلما رآها الصبي حبها إليها ، فأمكنته من أطبائها ، فمصها ، وذلك أن الصبي لما اشتد جوعه ورأى جراء الكلبة يرتضعون من أطباء الكلبة حبا إليها ، فعطفت عليه ، فلما سقته مرة أدامت له ذلك ، وأدام هو الطلب . http://www.knowingallah.com/images/icon1.gif |
المكاء يقتل الأفعى
وذكر ابن الأعرابي قال : أكلت حية بيض مكاء ، فجعل المكاء يصوت ويطير على رأسها ، ويدنو منها ، حتى إذا فتحت فاها وهمت به ألقى حسكة ، فأخذت بحلقها حتى ماتت ، وأنشد أبو عمر الشيباني في ذلك قول الأسدي : إن كنت أبصرتني عيلاً ومصطلماً ××× فربما قتل المكاء ثعباناً <h2>هداية الثعلب وحيله ومن عجيب هداية الثعلب أنه إذا امتلأ من البراغيث أخذ صوفة بفمه ، ثم عمد إلى ماء رقيق ، فنزل فيه قليلاً ، حتى ترتفع البراغيث إلى الصوفة ، فيلقيها في الماء ويخرج . ومن عجيب أمره أن ذئباً أكل أولاده ، وكان للذئب أولاد وهناك زبية ، فعمد الثعلب وألقى نفسه فيها ، وحفر فيها سرداباً يخرج منه ، ثم عمد إلى أولاد الذئب فقتلهم ، وجلس ناحية ينتظر الذئب ، فلما أقبل وعرف أنها فعلته هرب قدامه ، وهو يتبعه ، فألقى نفسه في الزبية ، ثم خرج من السرداب ، فألقى الذئب نفسه وراءه فلم يجده ، ولم يطق الخروج ، فقتله أهل الناحية . ومن عجيب أمره أن رجلاً كان معه دجاجتان ، فاختفى له ، وخطف إحداهما وفر ، ثم أعمل فكره في أخذ الأخرى ، فتراءى لصاحبها من بعيد وفي فمه شيء شبيه بالطائر ، وأطعمه في استعادتها بأن تركه وفر ، فظن الرجل أنها الدجاجة ، فأسرع نحوها ، وخالفه الثعلب إلى أختها ، فأخذها وذهب . ومن عجيب أمره أنه أتى إلى جزيرة فيها طير ، فأعمل الحيلة كيف يأخذ منها شيئاً فلم يطق ، فذهب وجاء بضغث من حشيش وألقاه في مجرى الماء الذي نحو الطير ففزع منه ، فملا عرفت أنه حشيش رجعت إلى أماكنها ، فعاد لذلك مرة ثانية ، وثالثة ، ورابعة ، حتى تواظب الطير على ذلك وألفته ، فعمد إلى جرزة أكبر من ذلك ، فدخل عليها وعبر إلى الطير ، فلم يشك الطير أنه من جنس ما قبله ، فلم تنفر منه ، فوثب على طائر منها وعدا به . ومن عجيب أمره أنه إذا اشتد به الجوه انتفخ ، ورمى بنفسه في الصحراء كأنّه جيفة ، فتتداوله الطير ، فلا يظهر حركة ولا نفساً ، فلا تشك أنه ميت ، حتى إذا نقر بمنقاره ، وثب عليها ، فضمها ضمة الموت . ومن عجيب أمره أنه إذا أصاب القنفذ ، قَلَبَهُ لأجل شوكه ، فيجتمع القنفذ حتى يصير كبة شوك ، فيبول الثعلب على بطنه ما بين مغرز عجبه إلى فكيه ، فإذا أصابه البول اعتراه الأسر ، فانبسط ، فيسلخه الثعلب من بطنه ، ويأكل مسلوخه . <h2>من عجائب الذئاب ومن عجيب الذئب أنه عرض لإنسان يريد قتله ، فرأى معه قوساً وسهماً ، فذهب وجاء بعظم رأس جمل في فيه ، وأقبل نحو الرجل ، فجعل الرجل كلما رماه بسهم اتقاه بذلك العظم حتى أعجزه ، وعاين نفاد سهمه ، فصادف من استعان به على طرد الذئب . <h2>من عجائب القرود ومن عجيب أمر القرود ما ذكره البخاري في صحيحه ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، قال : رأيت في الجاهلية قرداً وقردة زنيا ، فاجتمع عليهما القرود فرجموهما حتى ماتا ، فهؤلاء القرود أقاموا حد الله حين عطله بنو آدم <h2>من عجائب البقر وهذه البقر يضرب ببلادتها المثل ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنّ رجلاً بينما هو يسُوق بقرة إذ ركبها فقالت : ( لم أخلق لهذا ) فقال الناس : سبحان الله بقرة تتكلم ؟! فقال : ( فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر ، وما هما ثَمّ ) . قال : ( وبينما رجل يرعى غنماً له إذا عدا الذئبُ على شاة منها فاستنفذها منه ، فقال الذئب : هذه استنفذتها مني ، فمن لها يوم السبُع يوم لا راعي لها غيري ) ، فقال الناس : سبحان الله ذئب يتكلم ؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إني أومنُ بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثمّ ) . <h2>من عجائب الفئران ومن عجيب أمر الفئران أنها إذا شربت من الزيت الذي في أعلى الجرة فنقص وعزّ عليها الوصول إليه ذهبت ، وحملت في أفواهها ماءً وصبته في الجرة ، حتى يرتفع الزيت فتشربه . <h2>من عجائب الحيوان استخدامه الدواء والأطباء تزعم أن الحقنة أخذت من طائر طويل المنقار ، إذا تعسر عليه الذرق جاء إلى البحر المالح ، وأخذ بمنقاره منه واحتقن به ، فيخرج الذرق بسرعة . وهذا ابن عرس والقنفذ إذا أكلا الأفاعي والحيات عمدا إلى الصتر النهري ، فأكلاه كالترياق لذلك . وهذا الثعلب إذا أصابه صدع أو جرح يأتي إلى صبغ معروف ، فيأخذ منه ، ويضعه على جرحه كالمرهم ، والدبّ إذا أصابه جرح يأتي إلى نبت قد عرفه ، وجهله صاحب الحشائش ، فيتداوى به فيبرأ ! |
تعلم الإنسان من الحيوان
وكثير من العقلاء يتعلم من الحيوانات البهم أموراً تنفعه في معاشه وأخلاقه وصناعته وحربه وحزمه وصبره ، وهداية الحيوان فوق هداية أكثر الناس قال تعالى : ( أمّ تحسب أنَّ أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلاَّ كالأنعام بل هم أضلُّ سبيلاً ) [ الفرقان : 44 ] قال أبو جعفر الباقر : والله ما اقتصر على تشبيههم بالأنعام ، حتى جعلهم أضل سبيلاً منها ، فمن هدى الأنثى من السباع إذا وضعت ولدها أن ترفعه في الهواء أياماً تهرب به من الذر والنمل ، لأنها تضعه كقطعة من لحم ، فهي تخاف عليه الذر والنمل ، فلا تزال ترفعه وتضعه وتحوله من مكان إلى مكان حتى يشتد . وقال ابن الأعرابي : قيل لشيخ من قريش : مَنّ علمك هذا كله ، وإنما يعرف مثله أصحاب التجارب والتكسب ؟ قال : علمني الله ما علم الحمامة تقلب بيضها حتى تعطي الوجهين جميعاً نصيبهما من حضانتها ، ولخوف طباع الأرض على البيض إذا استمر على جانب واحد . وقيل لآخر : مَنْ علمك اللجاج في الحاجة والصبر عليها وإن استعصت حتى تظفر بها ؟ قال : مِنْ علم الخنفساء إذا صعدت في الحائط تسقط ، ثم تصعد ، ثم تسقط مراراً عديدة ، حتى تستمر صاعدة . وقيل لآخر : مَنْ علمك البكور في حوائجك أول النهار لا تخل به ؟ قال : من علم الطير تغدو خماصاً كل بكرة في طلب أقواتها على قربها وبعدها ، لا تسأم ذلك ، ولا تخاف ما يعرض لها في الجو والأرض . وقيل لآخر : مَنْ علمك السكون والتحفظ والتماوت حتى تظفر بأربك ، فإذا ظفرت به وثبت وثوب الأسد على فريسته ؟ فقال : الذي علم السِّنَّورة أن ترصد جحر الفأرة ، فلا تتحرك ولا تتلوى ، ولا تختلج كأنها ميتة ، حتى إذا برزت لها الفأرة وثبت عليها كالأسد . وقيل لآخر : مَنْ علمك الصبر والجلد والاحتمال وعدم السكون ؟ قال : من علم ابا أيوب صبره على الأثقال والأحمال الثقيلة ، والمشي والتعب وغلظة الجمّال وضربه ، فالثقل والكل على ظهره ، ومرارة الجوع والعطش في كبده ، وجهد التعب والمشقة ملأ جوارحه ولا يعدل به ذلك عن الصبر . وقيل لآخر : مَنْ علمك حسن الإيثار والسماحة بالبذل ؟ قال : من علم الديك يصادف الحبة في الأرض ، وهو يحتاج إليها فلا يأكلها ؛ بل يستدعي الدجاج ويطلبهن طلباً حثيثاً ، حتى تجيء الواحدة منهن فتلقطها ، وهو مسرور بذلك طيب النفس به ، وإذا وضع له الحب الكثير فرّقه هنا و هنا ، وإن لم يكن هناك دجاج ، لأن طبعه قد ألف البذل والجود ، فهو يرى من اللؤم أن يستبد وحده بالطعام . وقيل لآخر : مَنْ علمك هذا التحيل في طلب الرزق ووجوه تحصيله ؟ قال : من علم الثعلب تلك الحيل التي يعجز العقلاء عن علمها وعملها ، وهي أكثر من أن تذكر . ومَنْ علم الأسد إذا مشى وخاف أن يقتفى أثره ويطلب ، عفى أثر مشيته بِذَنَبِه ، ومن علمه أن يأتي إلى شبله في اليوم الثالث من وضعه ، فينفخ في منخريه ، لأن اللبوة تضعه جرواً كالميت ، فلا تزال تحرسه حتى يأتي أبوه فيفعل به ذلك ! . ومن ألهم كرام الأسود وأشرافها أن لا تأكل إلا من فريستها ، وإذا مر بفريسة غيره لم يدن منها ولو جهده الجوع ! ومن علم الأنثى من الفيلة إذا دنا وقت ولادتها أن تأتي إلى الماء فتلد فيه ، لأنها دون الحيوانات لا تلد إلا قائمة ، لأن أوصالها على خلاف أوصال الحيوان ، وهي عالية ، فتخاف أن تسقطه على الأرض فينصدع أو ينشق ، فتأتي ماء وسطاً تضعه فيه يكون كالفراش اللين والوطاء الناعم . ومن علم الذباب إذا سقط في مائع أن يتقي بالجناح الذي فيه الداء دون الآخر ! ومَنْ علم الكلب إذا عاين الظباء أن يعرف المعتل من غيره ، والذكر من الأنثى ، فيقصد الذكر مع علمه بأنّ عدوه أشد وأبعد وثبة ، ويدع الأنثى على نقصان عدوها ؛ لأنّه قد علم أن الذكر إذا عدا شوطاً أو شوطين حقن ببوله ، وكل حيوان إذا اشتد فزعه فإنه يدركه الحقن ، وإذا حقن الذكر لم يستطع البول مع شدة العدو ، فيقل عدوه ، فيدركه الكلب ، وأما الأنثى فتحذف بولها لسعة القبل وسهولة المخرج ، فيدوم عدوها !. ومَنْ علمه أنه إذا كسا الثلج الأرض أن يتأمل الموضع الرقيق الذي قد انخسف ، فيعلم أن تحته جحر الأرانب ، فينبشه ، ويصطادها علماً منه بأن حرارة أنفاسها تذيب بعض الثلج فيرق ! ومن علم الذئب إذا نام أن يجعل النوم نوباً بين عينيه ، فينام بإحداهما ، حتى إذا نعست الأخرى نام بها ، وفتح النائمة ! حتى قال بعض العرب : ينام بإحدى مقلتيه ويتقي ××× بأخرى المنايا فهو يقظان نائم ومَنْ علم العصفورة إذا سقط فرخها أن تستغيث ، فلا يبقى عصفور بجوارها حتى يجيء ، فيطيرون حول الفرخ ، ويحركونه بأفعالهم ، ويحدثون له قوة وهمة وحركة ، حتى يطير معهم ! قال بعض الصيادين : ربما رأيت العصفور على الحائط ، فأومي بيدي كأني أرميه فلا يطير ، وربما أهويت إلى الأرض كأني أتناول شيئاً فلا يتحرك ، فإن مسست بيدي أدنى حصاة أو حجر أو نواة طار قبل أن تتمكن منها يدي . ومن علم (( اللبب )) وهو صنف من العناكب أن يلطأ بالأرض ، ويجمع نفسه ، فيرى الذبابة أنه لاه عنها ، ثم يثب عليها وثوب الفهد ! ومن علم العنكبوت أن تنسج تلك الشبكة الرفيعة المحكمة ، وتجعل في أعلاها خيطاً ثم تتعلق به ، فإذا تعرقلت البعوضة في الشبكة تدلت إليها فاصطادتها ! ومن علم الظبي أن لا يدخل كناسه إلا مستدبراً ، ليستقبل بعينه ما يخافه على نفسه وخشفه ! ومن علم السنور إذا رأى فأرة في السقف أن يرفع رأسه كالمشير إليها بالعود ، ثم يشير إليها بالرجوع ، وإنما يريد أن يدهشها فتزلق فتسقط ! ومن علم اليربوع أن يحفر بيته في سفح الوادي حيث يرتفع عن مجرى السيل ليسلم من مدق الحافر ومجرى الماء ، ويعمقه ثم يتخذ يف زواياه أبواباً عديدة ، ويجعل بينها وبين وجه الأرض حاجزاً رقيقاً ، فإذا أحس بالشر فتح بعضها بأيسر شيء ، وخرج منه ، ولما كان كثير النسيان لم يحفر بيته إلا عند أكمة أو صخرة علامة له على البيت ، إذا ضل عنه! ومن علم الفهد إذا سمن أن يتوارى لثقل الحركة عليه حتى يذهب ذلك السمن ، ثم يظهر ! ومن علم الأيل إذا سقط قرنه أن يتوارى ، لأنّ سلاحه قد ذهب ، فيسمن لذلك ، فإذا كمل نبات قرنه تعرض للشمس والريح ، وأكثر من الحركة ليشتد لحمه ، ويزول السمن المانع له من العدو . وهذا باب واسع جداً ، ويكفي فيه قوله – سبحانه – ( وما من دابَّةٍ في الأرض ولا طائِرٍ يطير بجناحيه إلاَّ أمم أمثالكم مَّا فرَّطنا في الكتاب من شيء ثمَّ إلى ربهم يحشرون – والَّذين كذَّبوا بِآيَاتِنَا صمٌّ وبكمٌ في الظُّلمات من يَشَإِ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراطٍ مستقيمٍ ) [ الأنعام : 38-39 ] . وجه المماثلة بين الحيوانات وبني الإنسان : قال ابن عباس في رواية عطاء : ( إلاَّ أمم أمثالكم ) [ الأنعام : 38 ] ، ويريد : يعرفونني ، ويوحدونني ، ويسبحونني ، ويحمدونني ، مثل قوله تعالى : ( وإن من شيءٍ إلاَّ يسبح بحمده ) [ الإسراء : 44 ] ، ومثل قوله : ( ألم تر أنَّ الله يسبح له من في السَّماوات والأرض والطَّير صافاتٍ كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه ) [ النور : 41 ] . (1/76) ويدل على هذا قوله تعالى : ( ألم تر أنَّ الله يسجد له من في السَّماوات ومن في الأرض والشَّمس والقمر والنُّجوم والجبال والشَّجر والدَّواب ) [ الحج : 18 ] وقوله : ( ولله يسجد ما في السَّماوات وما في الأرض من دابّةٍ والملائكة وهم لا يستكبرون ) [النحل : 49 ] ، ويدل عليه قوله تعالى : ( يا جبال أوّبي معه والطَّير ) [ سبأ : 10 ] ، ويدل عليه قوله : ( وأوحى ربُّك إلى النَّحل ) [ النحل : 68 ] ، وقوله : ( قالت نملةٌ يا أيُّها النَّمل ) [ النمل : 18 ] ، وقول سليمان ( عُلّمنا منطق الطَّير ) [ النمل : 16 ] . وقال مجاهد : أمم أمثالكم ، أصناف مصنفة تعرف بأسمائها ، وقال الزجاج : أمم أمثالكم في أنها تبعث . وقال ابن قتيبة : أمم أمثالكم في طلب الغذاء ، وابتغاء الرزق ، وتوقي المهالك . وقال سفيان بن عيينة : ما في الأرض آدمي إلا وفيه شبه من البهائم ، فمنهم من يهتصر اهتصار الأسد ، ومنهم من يعدو عدو الذئب ، ومنهم من ينبح نباح الكلب ، ومنهم من يتطوس كفعل الطاووس ، ومنهم من يشبه الخنازير التي لو ألقي عليها الطعام الطيب عافته ، فإذا قام الرجل عن رجيعه ولغت فيه ، فلذلك تجد من الآدميين من لو سمع خمسين كلمة لم يحفظ واحدة منها ، وإن أخطأ رجل ترّواه وحفظه . قال الخطابي : ما أحسن ما تأول سفيان هذه الآية واستنبط منها هذه الحكمة ، وذلك أن الكلام إذا لم يكن حكمه مطاوعاً لظاهره وجب المصير إلى باطنه ، وقد أخبر الله عن وجود المماثلة بين الإنسان وبين كل طائر ودابة ، وذلك ممتنع من جهة الخلقة والصورة ، وعدم من جهة النطق والمعرفة ، فوجب أن يكون منصرفاً إلى المماثلة في الطباع والأخلاق . والله – سبحانه – قد جعل بعض الدواب كسوباً محتالاً ، وبعضها متوكلاً غير محتال ، وبعض الحشرات يدخر لنفسه قوت سنته ، وبعضها يتكل على الثقة بأن له في كل يوم قدر كفايته رزقاً مضموناً وأمراً مقطوعاً ، وبعضها لا يعرف ولده ألبتة ، وبعض الإناث تكفل ولدها لا تعدوه ، وبعضها تضيع ولدها ، وتكفل ولد غيرها ، وبعضها لا تعرف ولدها إذا استغنى عنها ، وبعضها يدخر ، وبعضها لا تكسب له ، وبعض الذكور يعول ولده ، وبعضها لا تزال تعرفه وتعطف عليه . وجعل بعض الحيوانات يُتمها من قِبل أمهاتها ،وبعضها يُتمها من قبل آبائها ، وبعضها لا يلتمس الولد ، وبعضها يستفرغ الهم في طلبه ، وبعضها يعرف الإحسان ويشكره ، وبعضها ليس ذلك عنده شيئاً ، وبعضها يؤثر على نفسه ، وبعضها إذا ظفر بما يكفي أمة من جنسه لم يدع أحداً يدنو منه . وبعضها يألف بني آدم ويأنس بهم ، وبعضها يستوحش منهم ، وينفر غاية النفار ، وبعضها لا يأكل إلا الطيب ، وبعضها لا يأكل إلا الخبائث ، وبعضها يجمع بين الأمرين . وبعضها لا يؤذي إلا من بالغ في أذاها ، وبعضها يؤذي من لا يؤذيها ، وبعضها حقود لا ينسى الإساءة ، وبعضها لا يذكرها ألبتة ، وبعضها لا يغضب ، وبعضها يشتد غضبه ، فلا يزال يسترضى حتى يرضى ، وبعضها عنده علم ومعرفة بأمور دقيقة لا يهتدي إليها أكثر الناس ، وبعضها لا معرفة له بشيء من ذلك ألبتة ، وبعضها يستقبح القبيح وينفر منه ، وبعضها الحسن والقبيح سواء عنده ، وبعضها يقبل التعليم بسرعة ، وبعضها مع الطول ، وبعضها لا يقبل ذلك بحال . وهذا كله من أدل الدلائل على الخالق لها سبحانه ، وعلى إتقان صنعه ، وعجيب تدبيره ، ولطيف حكمته ، فإن فيما أودعها من غرائب المعارف ، وغوامض الحيل ، وحسن التدبير ، والتأني لما تريده ، ما يستنطق الأفواه بالتسبيح ، ويملأ القلوب من معرفته ومعرفة حكمته وقدرته ، وما يعلم به كل عاقل أنه لم يخلق عبثاً ، ولم يترك سدى ، وأن له – سبحانه – في كل مخلوق حكمة باهرة وآية ظاهرة وبرهاناً قاطعاً ، يدل على أنه رب كل شيء ومليكه ، وأنه المتفرد بكل كمال دون خلقه ، وأنه على كل شيء قدير ، وبكل شيء عليم |
هداية الخالق الكائنات لطريقة التكاثر من الأشياء العجيبة التي تشترك فيها جميع الكائنات الحية القدرة على التكاثر ، لتكوين ذرية يكون من شأنها الاستمرار بالحياة ، واستمرار بقاء النوع وعدم انقراضه . وتتم عملية إنجاب الذرية في الكائنات الحية المختلفة بطرق شتى ، ولكنّها تصل إلى الهدف المنشود . (فالبكتريا) (وهي من النباتات) تتكاثر ، وكذلك تفعل باقي النباتات والحيوانات على اختلاف درجة فيها . ولا يمكن من وجهة نظر العلوم الرياضية أن تحدث مصادفات يكون من شأنها إيجاد ذكر أو أنثى في آلاف من النباتات والحيوانات لهدف مرسوم ومحدد وهو إنجاب ذرية تبقى بعد الفناء . ومن الحيوانات والنباتات ما لا يتميز فيها ذكر وأنثى ، ومع ذلك فإنّها تتكاثر وتنجب ذرية ، فحيوان صغير الحجم أوّلي مثل حيوان (الأميبا) الذي يعيش في الماء والمكّون جسمه من خلية واحدة يتكاثر بطريقة عجيبة ، إذ إنّ الحيوان الواحد ينقسم إلى قسمين ، وكل قسم يتحول إلى حيوان ، والحيوانات المتكونة من الانقسام تنقسم بدورها إلى حيوانين وهكذا ... يحدث هذا عندما تكون ظروف الحياة ملائمة وعادية . أمَّا إذا شعر هذا الحيوان بما ينذر بالخطر فإنّه يتحوصل ؛ أي يفرز حول جسمه حوصلة ، وينقسم إلى حيوانين ، بل عشرات الحيوانات داخل الحوصلة ؛ لكي يعوض الوقت الذي قد يضيع هباء داخل الحوصلة إلى حين رجوع الظروف الملائمة لحياته . ويحدث التكاثر عن طريق الانقسام في الحيوانات أولية عديدة غير ( الأميبا ) مثل الحيوان المسمى : (البراميسيوم) وهو يعيش في الماء ، ويتكاثر أيضاً بالانقسام الثنائي في الظروف الملائمة كما تنقسم (الأميبا) ، ولكنه من آن لآخر يحتاج إلى تجديد نشاطه وحيويته ، فيلجأ إلى طريقة أخرى للتكاثر بالغة التعقيد يكون من شأنها تجنيد النَّوى ( ولكل خلية نواة كما هو معلوم ) حيث ينجب كل فرخ في هذه الحالة أربعة أفراد بدلاً من انقسام حيوان إلى حيوانين فقط . وفي الحيوانات الأرقى من هذه الحيوانات الأولية ، إذا كانت ظروف الحياة تحول دون سهولة التقاء الأنثى بالذكر لإنجاب الذرية ، فإنّ الحيوان في هذه الحالة يصبح أنثى ذكراً في الوقت نفسه ، أي يصبح خنثى حيث يضم جسمه أعضاء التناسل الأنثوية والذكرية جنباً إلى جنب ، فيستطيع بذلك أن ينجب ذريته دون حاجة إلى انتظار فرصة التقاء الجنسين ، يحدث هذا مثلاً في الدودة الكبدية التي تعيش في القنوات المرارية لبعض الحيوانات حيث يصعب على أحد الجنسين التنقل والتجول في هذا المكان الضيق للعثور على الجنس الآخر ، وفي الوقت نفسه إذا حدث أن التقى حيوانان من هذه الديدان من الممكن أن يلقح أحدهما الآخر حيث يصبح أحدهما وكأنه أنثى ، ويصبح الآخر وكأنه ذكر . إن حدوث ملايين المصادفات في آن واحد لهدف معين مشترك وفي حيوانات مختلفة وبوسائل متباينة شيء لا يقره العلم ، ولا تقره علوم الرياضيات ، وفي هذه الحالة لا بدّ أن يسلم بوجود قوة خالقة عاملة وراء هذا كله . ومنذ وجود أول حيوان ثديي على هذه الأرض ، والأنثى مزودة بمصنع لإنتاج اللبن ، وذلك لكي يضمن الصغير الحصول على غذائه بمجرد خروجه من بطه أمه ، ولو لم يجد هذا الثدي الذي يبرز من جسم الأم منذ أول حيوان ثديي لما أتيحت فرصة النمو والبقاء على قيد الحياة لأول مولود ، أي أنها عملية مدبرة ومقدرة منذ البداية ، ولا تخضع للتجربة والخطأ ، إذ أنها لا تحتمل الخطأ مرة واحدة . فهل يمكن أن يتصور أيّ إنسان عاقل أن تزويد الأم بطعام الصغير المولود يأتي نتيجة مصادفة عمياء ؟ ولبن أنثى الحيوانات الثديية – علاوة على فائدته الغذائية – نجده مزوداً بمواد تحمل للمولود مناعة ضد الأمراض إلى أن يشب عن الطوق ، ويمكن جسمه من الدفاع عن نفسه . وجميع الجهود التي تضافرت لصنع الألبان اللازمة لتغذية الصغار فشلت في صنع الألبان التي تحمل نفس صفات اللبن الذي أمد الله به الأنثى " . أهمية الغريزة الجنسية : ويحدثنا الدكتور يوسف عن الغريزة الجنسية وأهميتها وعظيم أثرها فيقول : " ومن الأشياء التي حيرت العلماء كنه الغريزة الجنسية ، تلك الغريزة التي تجعل الذكر ينجذب إلى الأنثى ، والأنثى تنجذب إلى الذكر . والغريزة الجنسية هي أقوى الغرائز ؛ لأنها أهما بالنسبة لبقاء النوع وعدم انقراضه ، والهدف الرئيسي لبقاء بعض الحيوانات هو إتمام الالتقاء الجنسي ، ثم يموت بعد ذلك . فالطور الكامل للحشرات المسماة (ذباب مايو) ، لا يزيد عن بضعة أيام ، وهي في طورها الكامل هذا لا تتغذى إذ لا توجد بها أجزاء للفم تصلح لتناول الطعام إطلاقاً ، وإنما وظيفتها الرئيسية في هذه الفترة القصيرة من العمر هي التقاء الذكر بالأنثى لإنجاب الذرية ، حيث تموت الأم بعد ذلك مباشرة بعد أن تكون أدّت رسالتها وكذلك يموت الأب . |
هداية الخالق تعويض ما يفقده من أجزاء جسمه زود الله به مخلوقاته من خاصية تعويض الحيوان عما يفقده من أجزاء جسده فيقول : " ومن الصفات الأخرى المذهلة التي نجدها في جميع الحيوانات والنباتات القدرة على تعويض الأجزاء المفقودة ، وتوجد بدرجات مختلفة في الكائنات الحية . ففي حيوانات عديدة مثل ذلك الحيوان المسمى ((الهيدرا)) نجد شيئاً عجيباً يكتفي العلم بوصفه ، ولكنّه لا يستطيع له تفسيراً ، هذا الحيوان يعيش في الماء ، وهو أنبوبي الشكل لا يزيد طوله عن بضعة مليمترات ، ذو قاعدة مقفلة وفتحة أمامية تستخدم كفم لدخول الطعام ، وفي الوقت نفسه تستعمل كفتحة (( است )) تخرج منها الفضلات . وحول تلك الفتحة نجد عدداً من الزوائد المجوفة ، يتصل تجويفها بتجويف الجسم . إذا قطعنا هذا الحيوان إلى نصفين ، نصف علوي ، ونصف سفلي ، فإننا نجد أنّ بعض الخلايا في كل نصف تتكاثر بحث تستكمل الأجزاء الناقصة ، فتكون النتيجة تكوين حيوانين يشبهان الحيوان الأصلي ، ولا يقتصر الأمر على ذلك ، إذ أننا لو قطعنا ذلك الحيوان ، إلى عدة أجزاء فإنّ كل جزء ينمو ويعوض جميع الأجزاء المفقودة ، ويصبح حيواناً كامل التكوين . ويتركب جدار الجسم لهذا الحيوان من طبقتين من الخلايا : طبقة خارجية وطبقة داخلية تحيط بالتجويف الداخلي للجسم ، وفي كل طبقة من الطبقتين توجد أنواع مختلفة من الخلايا لكل نوع منها وظيفة محددة ، ومعظم خلايا الطبقة الخارجية وظيفتها الأساسية حماية جسم الحيوان ، أما الطبقة الداخلية فوظيفتها الرئيسة هضم الغذاء الذي يبتلعه الحيوان من خلال فتحة الفم . ولو قلبنا ذلك الحيوان كما يقلب الجورب ، فإنّ الخلايا التي كانت خارجية تصبح داخلية ، أي تحيط بتجويف الجسم ، بينما الخلايا التي كانت داخلية تصبح خارجية ، فماذا يحدث في هذه الحالة ؟ لقد وجد العلماء الذين أجروا هذه التجارب أن الخلايا التي أصبحت الآن خارجية تهاجر نحو الداخل ، بينما الخلايا التي أصبحت داخلية تهاجر نحو الخارج لكي يعود تركيب الحيوان إلى ما كان عليه ، ولو لم يحدث ذلك لمات الحيوان ، إذ إن الخلايا التي تحيط بتجويف الجسم لا بدّ أن تكون الخلايا الهاضمة ، لتتم عملية هضم المواد الغذائية التي في تجويف الجسم ، بينما الخلايا الخارجية لا بدّ أن تكون الخلايا الوقائية التي تحفظ الجسم وتقيه من التلف . وإذا قطعنا دودة الأرض إلى جزءين ، فإنّ كل جزء ينمو ، ويعوض الجزء المفقود . وفي حيوانات أخرى ( كالجمبري ، أو الكابوريا ) وغيرهما إذا فقدت إحدى الأرجل فإنّ رجلاً جديدة تتكون بدلاً من المفقودة . والبرص إذا استشعر خطراً أو أمسكه من ذنبه إنسان أو حيوان فإنه يفصل ذلك الذنب عن جسمه ، وينجو من الخطر ، وينمو له ذنب جديد . ونحن إذا جرحنا أنفسنا في أثناء الحلاقة أو لأي سبب آخر ، فإن خلايا جديدة تتكون بدلاً من الخلايا التي أتلفها الجرح ، ولو لم يحدث ذلك لما أصبح في الإمكان إجراء أية عملية جراحية . وإذا كسرت لنا عظمة فإنّ خلايا جديدة تتكون ويلتئم الكسر . لا يمكن أن يحدث هذا نتيجة للمصادفة ، بل لا بدّ أن يكون نتيجة تدبير يتجه نحو هدف معين ، وهو المحافظة على حياة الفرد ، وتحكمه قوى كامنة في الحيوان لم يتوصل العلم إلى كنهها ، إنها قوى أودعها الله في الحيوان ، والحيوان لا يعلم عنها شيئاً ، ولا يدرك ماذا يفعل " . اتفاق جميع الأحياء في التنفس وإن اختلفت طرائقه إن عملية التنفس التي نجدها في جميع الكائنات الحية من أدناها إلى أرقاها عملية عجيبة ، وهي في جميع الحالات ليست سوى عملية أكسدة ، أي اتحاد الأكسجين بالمواد الغذائية التي في خلايا الجسم ، ونتيجة لهذه الأكسدة تنطلق طاقة اللازمة للكائن الحي التي لولاها ما استطاع القيام بأيّ نشاط من أنشطته المختلفة . تتم هذه الأكسدة في الحيوانات المختلفة بطرق متباينة ، ولكن النتيجة في جميع الأحوال واحدة ، وهي انطلاق الطاقة ، وفي الوقت نفسه يتكون الماء ( وثاني أكسيد الكربون ) نتيجة لهذه العملية ، ولذا فالمظهر الواضح لعملية التنفس هو أخذ (الأكسجين) اللازم (لأكسدة) المواد الغذائية وبإخراج (ثاني أوكسيد الكربون) والماء الناتجين عن هذه العملية . ففي حيوان بسيط (كالأميبا) حيث يتكون الجسم من خلية واحدة ، تتم عملية التنفس بطريقة غاية في البساطة ، إنّ هذا الحيوان الذي يشبه قطعة دقيقة من (الجيلاتين) الرخو يعيش في الماء ، ويوجد بالماء المحيط به قدر من (الأوكسجين) المذاب ، هذا (الأوكسجين) الذائب في الماء ينفذ إلى جسم (الأميبا) حيث يؤكسد المواد الغذائية التي في جسمها ، فتنطلق الطاقة اللازمة لحركتها ونموها ، وغيرها من العمليات الضرورة للحياة .ويتكون (ثاني أوكسيد الكربون) والماء نتيجة لعملية (الأكسدة) ، علاوة على انطلاق الطاقة . وتتخلص (الأميبا) من الماء الزائد بطريقة تثير الدهشة ، حيث تتجمع قطيرات الماء حتى تتكون فجوة مليئة بالماء ، هذه الفجوة تتحرك نحو حافة جسم الحيوان ، ثم تنفجر ملقية بالماء خارج الجسم ، ثم تعود لتتكون من جديد ... وهكذا .أما ثاني (أوكسيد الكربون) فينفذ من داخل الجسم إلى الماء المحيط به . وتحدث عملية التنفس في الحشرات عن طريق فتحات على جانبي الجسم توصل إلى شبكة من الأنابيب الدقيقة تتفرع داخل جسم الحشرة إلى أنابيب أصغر فأصغر ، حتى تصل في النهاية إلى جميع الخلايا تقريباً ، وبهذا التنظيم يدخل (الأوكسجين) من الفتحات الخارجية ، ويصل مباشرة إلى خلايا الجسم . أمّا في الإنسان وفي عديد من الحيوانات الأخرى فإنّ (الأوكسجين) يصل إلى أنسجة الجسم عن طريق الخلايا الدموية الحمراء التي تسبح في الدم ، ويوجد بداخل هذه الخلايا الدموية المادة المسماة (بالهيموجولبين) . الخواص العجيبة لهذه المادة سرعة اتحادها ( بالأوكسجين ، وثاني أوكسيد الكربون ) والقدرة على الانفصال عنهما بسهولة . فإذا وصلت هذه الخلايا الدموية إلى الرئتين ، فإنها تتحمل الأوكسجين ، وتسير مع الدورة الدموية حتى تصل إلى الشعيرات الدموية الدقيقة التي في الأنسجة ، فينفصل الأوكسجين عنها وينفذ إلى الأنسجة من خلال الجدران الرقيقة للشعيرات الدموية حيث يستخدم (لأكسدة) المواد الغذائية ، وينفذ إليها من الأنسجة ( ثاني أوكسيد الكربون ) الناتج من عملية ( الأكسدة ) الذي تحمله إلى الرئتين حيث ينفصل عن ( الهيموجلوبين ) ، ويتخلص منه الجسم عن طريق الزفير ، ثم يتحمل من جديد (بالأوكسجين) ...وهكذا . ويحدث التنفس بوسائل عديدة في الحيوانات المختلفة ، ولكن النتيجة في جميع الحالات واحدة ، وهي وصول (الأوكسجين) إلى خلايا الجسم ، والتخلص من ( ثاني أوكسيد الكربون) . وهذا يدل دلالة قاطعة على شيئين : الأول : أنّ هذا التقدير الدقيق لا بد أن يكون من فعل خالق مدبر مقدر ، إذ إنّه لا يمكن أن يحدث شيء بطرق مختلفة ، ليؤدي لنتيجة واحدة عن طريق المصادفة . والشيء الثاني : أنّ الخالق واحد أحد ، إذ أن أسلوب الخلق مبني على أساس واحد ، ويؤدي إلى نتيجة واحدة لا تتغير " . |
من المعلوم أن شرف العلم بشرف المعلوم، وليس هناك علم أشرف ولا أجل من علم تعلق بالله وصفاته، فهو يورث المسلم خوفاً وخشيةً وحباً وشوقاً لربه؛ ولمنزلة هذا العلم كان النبي - صلى الله عليه وسلم – يفتخر به على أصحابه فيقول: ( إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا ) رواه البخاري . ويعود فضل هذا العلم إلى أن الغاية التي خلق الناس من أجلها هي عبادة الله سبحانه، وعبادته لا تتم إلا بمعرفته، وكلما عظمت معرفة العبد بربه عظمت عبادته له، فحريٌ بمن أراد ولوج أبواب المعارف والطاعات أن يسلك في سبيل ذلك التفكر في أسماء الله وصفاته، فهما بابان عظيمان من أبواب العلم بالله سبحانه، يقربان العبد من ربه، ويعرفانه به "وتسهيلاً لهذه المعرفة وتقريباً لها جمعنا هذا المعجم في صفات الله، وحرصنا أن نذكر في هذا المعجم ( معجم الصفات ) أغلب ما ثبت في الكتاب والسنة، واتفق عليها سلف الأمة، مع ذكر معاني تلك الصفات التي نص عليها العلماء">وقبل أن نبدأ بسرد الصفات نذكر ببعض القواعد الهامة لضبط هذا الباب حتى يفهم فهما صحيحاً. وأولى هذه القواعد: أن إثبات الصفات المقصود منه إثباتها لفظاً ومعنى مع السكوت التام عن الكلام في كيفياتها، وإيكال علم ذلك إلى الله سبحانه، فالاستواء معلوم لفظا ومعنى لكن كيفيته مجهولة لنا، فيحظر على المسلم الكلام في ذلك، لأنه قول على الله بغير علم : والقاعدة الثانية: وجوب نفي التمثيل عند الإثبات، فلا يجوز أن نثبت الصفات مع تشبيهها بصفات المخلوقين . : ">والقاعدة الثالثة: أن صفات الله لا يجوز أن يشتق منها أسماء لله فلا يشتق من صفة المشيئة اسم الشائي، ولا من صفة المجيء اسم الجائي -">والقاعدة الرابعة: عدم جواز التعبيد بالصفات فلا يقال عبد الاستواء ولا عبد المشيئة .-">والقاعدة الرابعة: عدم جواز دعاء صفات الله، فلا يقال يا عزة الله وحكمته وسمعه.</; -">والقاعدة الخامسة: جواز الاستعاذة بصفات الله كالقول: أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك: 0;">وبعد ذكر هذه القواعد الهامة نشرع في سرد الصفات ونبتدأ بالأولية كون الله هو الأول الذي ليس قبله شيء، ثم نسير وفق حروف المعجم الأولية: وهي أول صفاته – سبحانه - التي نقدمها على غيرها ثم نتبع بعد ترتيب المعجم: وهي صفة ذاتية لله - عز وجل - مأخوذة من اسمه الأول الوارد في قوله تعالى:{هو الأول والآخر والظاهر والباطن }( الحديد:3) والوارد في قوله – صلى الله عليه وسلم -: ( ..اللهم أنت الأوَّل؛ فليس قبلك شيء.. ) رواه مسلم . وتعني صفة الأولية: أولية الله على كل ما سواه، فمهما تصور الإنسان موجوداً قديما فالله أقدم منها، ولا يعني هذا الأولية النسبية بل هي أولية مطلقة، فهو الأول بإطلاق فلم يسبقه عدم البتة الأحدية: وهي صفة مأخوذة من اسمه الأحد، الوارد في قوله تعالى:{ قل هو الله أحد}(الإخلاص:1)، والوارد في الحديث القدسي الذي يرويه أبو هريرة - رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال فيما يرويه عن ربه: ( كذبني بن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولداً وأنا الأحد الصمد لم ألد، ولم أولد، ولم يكن لي كفأ أحد ) رواه البخاري ومعنى صفة الأحدية تفرد الله عن كل خلقه لا شيء مثله ولا نظير له ولا مثيل ولا شبيه، فهو المتفرد حقاً والواحد صدقاً الإحسان: وهي صفة من صفات الفعل وهي ثابتة بالكتاب والسنة قال تعالى:{ الذي أحسن كل شيء خلقه }(السجدة:7) وقال أيضاً:{وصوركم فأحسن صوركم }(غافر:64) وقال - صلى الله عليه وسلم -http://www.sohbanet.com/vb/images/smilies/frown.gif إذا حكمتم؛ فاعدلوا، وإذا قتلتم؛ فأحسنوا؛ فإن الله مُحْسِنٌ يحب الإحسان ) رواه الطبراني . ومعنى الإحسان التفضل والاتقان، وهذان المعنيان لله الغاية منهما فالله هو المتفضل حقا فهو الذي خلق ورزق وأعطى، وهو الذي يجزي المحسنين بأفضل مما قدموا وأعطوا، فهو يجزي على الحسنة بعشر أمثالها، ولا يجزي على السيئة إلا بمثلها، والله هو المتقن صدقاً فلا يعمل عملاً إلا كان في غاية الإتقان والإحكام، فانظر إلى خلق الإنسان والحيوان والسموات والأرض تجد إتقان خلقها جلياً وواضحاً، ويدل دلالة واضحة على عظمة الخالق وحكمته وإتقانه .</ الإحياء: وهي صفة فعل مأخوذة من قوله تعالى: { وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور }(الحج:66) ومن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعائه عند استيقاظه من النوم: ( الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور ). رواه البخاريوفي معناه يقول الإمام البيهقي في ( الاعتقاد )( ص 62):" المحيي: هو الذي يحيي النطفة الميتة، فيخرج منها النسمة الحية، ويحي الأجسام البالية بإعادة الأرواح إليها عند البعث، ويحيي القلوب بنور المعرفة، ويحيي الأرض بعد موتها؛ بإنزال الغيث، وإنبات الرزق ".</ الإرادة: وهي صفة ذات دليلها قوله تعالى:{ إن الله يحكم ما يريد }(المائدة:1) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ( إذا أراد الله بقوم عذاباً؛ أصاب العذاب من كان فيهم ثم بُعثوا على أعمالهم ) رواه مسلم . ومعنى صفة الإرادة إثبات القصد لله في كل ما يفعله، ففعله سبحانه صادر عن إرادته، وإرادته نافذة في كل خلقه، فما أراد الله شيئا إلا قال له كن فكان { بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون }(البقرة: 117 الاستواء على العرش، وهو صفة فعلية خبرية، ثابتة لله تعالى بدليل الكتاب والسنة، قال تعالى: { الرحمن على العرش استوى }( طه:5 )،وقال تعالى:{ ثم استوى على العرش}(الأعراف:54) وقال - صلى الله عليه وسلم - ( إن الله خلق السماوات والأرضين وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش.. ) رواه النسائي في ( التفسير ) ومعنى الاستواء علو الله على خلقه وارتفاعه على عرشه من غير تكييف ولا تمثيل الإلهية: وهي صفة ثابتة لله عز وجل ومأخوذة من اسميه ( الله ) و ( الإله ) وهما اسمان ثابتان في مواضع عديدة من الكتاب والسنة، قال تعالى: { وهو الله لا إله إلا هو له}(القصص:70 ) ومعنى الإلهية تفرده سبحانه باستحقاق العبادة وحده فلا يعبد إلا هو، ولا يخضع إلا له، وهو المألوه الذي تألهه القلوب وتحبه وتعظمه . الانتقام: وهي صفة من صفات فعله تعالى بالكافرين والمعتدين والمتجبرين،قال تعالى: { إنا من المجرمين منتقمون }(السجدة:22) والانتقام صفة من تجليات العدل الإلهي الذي يجري على المجرمين إما في الدنيا أو في الآخرة على حسب مقتضى حكمته سبحانه، قال تعالى: { ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار}(إبراهيم:42) .</ الباطنية: وهي صفة من صفات الله تعالى مأخوذة من اسمه ( الباطن ) الوارد في قوله تعالى:{ هو الأول والآخر والظاهر والباطن }(الحديد:3 ) والوارد في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر ) رواه مسلم ومعنى صفة الباطنية: احتجاب الله عن الخلق في الدنيا فلا يرونه ولا يحسونه . الإبداع وهي صفة فعل مأخوذة من قوله تعالى: { بديع السموات والأرض }(البقرة: 117)، ومن قوله في الحديث: ( اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت وحدك، لا شريك لك، المـنان، بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام ) رواه الترمذي وأبو داودوغيرهما، ومعنى صفة الإبداع أي الخلق والاختراع على غير مثال سابق مع كون خلقه غاية ما يكون من الحسن والخلق البديع، والنظام العجيب المحكم .</ =البِرُّ : وهي صفة لله ثابتة مأخوذة من اسمه تعالى البَّر الوارد في قوله تعالى: { إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البَرُّ الرحيم }(الطور: 28 ) ومعنى صفة البر أي: الرفق فهو – سبحانه - الرفيق بعباده يريد بهم اليسر، ولا يريد بهم العسر، ويعفو عن كثير من سيئاتهم، ولا يؤاخذهم بجميع جناياتهم، ويجزيهم بالحسنة عشر أمثالها، ولا يجزيهم بالسيئة إلا مثلها، ويكتب لهم الهمَّ بالحسنة، ولا يكتب عليهم الهَمَّ بالسيئة . البركة: وهي صفة لله ثابتة بالكتاب والسنة قال تعالى: { رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت }(هود:73)، وقال تعالى:{ تبارك الذي بيده الملك }(الملك: 1 ) وفي مخاطبة أيوب - عليه السلام – ربه بقوله: ( لا غنى بي عن بركتك ) رواه البخاري . ومعنى صفة البركة كثرة خيره، وعظيم منه، وواسع عطاءه، فهو يغدق على عباده أنواع الخيرات والمنافع من غير فائدة تعود إليه منهم .</; البسط والقبض وهما صفتان ثابتان لله مأخوذتان من قوله تعالى:{ والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون }( البقرة: 245 ) ومعنى هاتين الصفتين أن الله يضيق الرزق بقبضه عمَّن يشاء من خلقه، ويوسِّع الرزق على من يشاء لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه |
معجم صفات الله عز وجل الجزء الثانى ( 14 ) البصر: صفة لله مأخوذة من اسم الله "البصير" الوارد في آيات وأحاديث كثيرة منها قوله تعالى:{ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }(الشورى:11) ومن الأحاديث قوله - عليه الصلاة والسلام -: ( يا أيها الناس! أربعــوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً، ولكن تدعون سميعاً بَصيراً ) رواه البخاري ومعنى صفة البصر أن الله يرى كل مرئي مهما عظم أو دق فلا يحتجب عنه شيء.( 15 ) البقاء: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى:{ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام }(الرحمن:27 ) ومعنى هذه الصفة أن الله متصف بالبقاء الدائم الذي لا يلحقه عدم ولا فناء . ( 16 ) التشريع: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى:{ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك }(الشورى: 13) ومعنى هذه الصفة أن الله هو الذي يبين للناس ما يحل لهم فيأتوه، وما يحرم عليه فيجتنبوه، وما يباح لهم فيكون لهم الخيار في فعله أو تركه . ( 17 ) التقديم والتأخير: وهما صفتان لله مأخوذتان من قوله - صلى الله عليه وسلم - في دعائه: ( اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير ) رواه البخاري ومسلم ومعنى هاتين الصفتين أن الله هو الذي ينزل الأشياء منازلها، فيقدم ما يشاء فضلاً ويؤخر ما يشاء عدلا، ويرفع من يشاء، ويذل من يشاء، لا مقدم لما أخر ، ولا مؤخر لما قدم . ( 14 ) التَّوب: صفة لله مأخوذة من اسمه التواب، الوارد في قوله تعالى: { فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم }(البقرة: 37 ) وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها؛ تابَ الله عليه ) رواه مسلم وقوله أيضا: ( لو أنَّ لابن آدم وادياً من ذهب؛ أحب أن يكون له واديان ، ولن يملأ فاه إلا التراب ، ويتوبُ الله على من تاب ) رواه البخاري ومسلم . ومعنى هذه الصفة ( التوب ) أي الذي يتفضل على عباده فيوفقهم للتوبة بالإقلاع عن ذنوبهم، ثم يقبل منهم توبتهم، ويجزيهم عليها، ويبدل سيئاتهم التي تابوا منها حسنات . ( 15 ) الجبروت: صفة لله مأخوذة من اسمه الجبار، الوارد في قوله تعالى: { العزيز الجبار المتكبر }(الحشر: 23) والوارد في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة ) رواه أبو داود والنسائي . ومعنى هذه الصفة: أن الله سبحانه متصف بالتعالي والقهر فهو سبحانه فوق كل شيء وليس فوقه شيء، وهو سبحانه الذي قهر العباد بأمره الكوني فلا يخرج أحد عن سلطانه، فهو الذي يحيي ويميت، ويرزق ويفقر، ويعز ويذل، ويفعل ما يشاء في خلقه لا راد لأمره، ولا ناقض لقضائه . (16) الجلال: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى:{ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام }(الرحمن:27)، ومأخوذة أيضاً من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( يقول - أي الله -: وعزَّتي وجلالي وكبريائي وعظمتي؛ لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله ) رواه البخاري ومعنى هذه الصفة أن الله متصف بالغاية من عظم القدر والرفعة والشرف والسؤدد . ( 17 ) الجمال: صفة لله مأخوذة من اسمه الجميل، الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله جميل يحب الجمال ) رواه مسلم ومعنى هذه الصفة أن الله له الحسن المطلق والجمال المتفرد الذي لا يشبهه أحد فيه، ويكفي لبيان جمال الله أن أهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم، وأفانين اللذات والسرور التي لا يُقدر قدرها، إذا رأوا ربهم، وتمتعوا بالنظر إلى وجهه الكريم؛ نسوا كل ما هم فيه، واضمحل عندهم هذا النعيم، وودوا لو تدوم لهم هذه الحال، ولم يكن شيء أحب إليهم من الاستغراق في شهود هذا الجمال، واكتسبوا من جماله ونوره سبحانه جمالاً إلى جمالهم، وبقوا في شوق دائم إلى رؤيته، حتى إنهم يفرحون بيوم رؤية الله فرحاً تكاد تطير له القلوب . ( 18 ) الجود: صفة لله مأخوذة من اسمه الجواد، الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم -http://www.sohbanet.com/vb/images/smilies/frown.gif إن الله جواد يحب الجود ) رواه الترمذي ومعنى هذه الصفة اتصاف الله بكثرة العطاء والإحسان فجوده وفضله عم الوجود كله . ( 19 ) الحُكم: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى: { أفغير الله أبتغي حكماً }(الأنعام: 114) ومن قوله تعالى:{ فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين }(الأعراف:87) وفي حديث هانئ بن يزيد - رضي الله عنه -؛ أنه لما وفد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع قومه؛ سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ( إنَّ الله هو الحَكَم، وإليه الحُكم ) رواه أبو داود والنسائي . ومعنى هذه الصفة أن الله هو المشرّع المبين لأحكام الحلال والحرام، وأن الناس إنما تصدر عن تشريعه وحكمه، فلا يُحلل إلا ما حلله الله، ولا يُحرّم إلا ما حرمه الله . ( 20 ) الحب: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى: { وأحسنوا إن الله يحب المحسنين }(البقرة: 195 ) وقوله:{ فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه }(المائدة:54) وفي الحديث قال - صلى الله عليه وسلم يوم خيبر -: ( .. لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يُحـبُّ اللهَ ورسولهَ، ويحبُّه اللهُ ورسولـهُُ ) رواه البخـاري، ومسلم . ومعنى هذه الصفة أن الله يود أولياءه، ويلطف بهم ،ويحسن إليهم، ويتفضل عليهم بأنواع اللطائف والمنن . ( 21 ) الحسيب: صفة لله مأخوذة من اسمه الحسيب الوارد في قوله تعالى: { إن الله كان على كل شيء حسيباً }(النساء:86 ) والوارد في حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( إن كان أحدكم مادحاً لا محالة؛ فليقل: أحسب كذا وكذا - إن كان يرى أنه كذلك -، وحسيبه الله، ولا يُزكِّى على الله أحداً ) رواه البخاري ومسلم ومعنى هذه الصفة أن الله يعلم مقادير الأشياء وأعدادها، فهو يعلم مقادير ذرات الرمال، وعدد قطر البحار والأمطار، ويعلم عدد ما عمل الناس من حسنات وسيئات لا تخفى عليه خافية، ولا يغيب عنه شيء . ( 22 ) الحِفْظُ: صفةٌ لله مأخوذة من اسميه الحافظ والحفيظ الثابتين بالكتاب والسنة قال تعالى:{ إن ربي على كل شيء حفيظ }(هود: 57 ) وقوله:{ فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين }(يوسف:64) وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - المشهور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( .. احفظ الله يحفظك.. ) رواه الترمذي ومعنى هذه الصفة أن الله الحافظ للسموات والأرض وما فيهما مدة بقائهما فلا تزول ولا تدثر، وهو الذي يحفظ عباده من المهالك والمعاطب ويقيهم مصارع الشر، ويحفظ على الخلق أعمالهم ، ويحصي عليهم أقوالهم، ويعلم نياتهم وما تكن صدورهم، فلا تغيب عنه غائبة، ولا تخفى عليه خافية، ويحفظ أولياءه فيعصمهم عن مواقعة الذنوب، ويحرسهم من مكائد الشيطان، ليسلموا من شره وفتنته . ( 23 ) الاحتفاء: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى:{ قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً }(مريم: 47 )، ومعنى الاحتفاء أي المبالغة في الإكرام واللطف والعناية بأمر عبده المؤمن . ( 24 ) الحق: صفة لله مأخوذة من اسمه الحق قال تعالى:{ ذلك بأن الله هو الحق }(الحج: 6 ) وقال تعالى: { فتعالى الله الملك الحق }(طه: 114 ) وفي حديث ابن عباس - رضــي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( .. أنت الحق وقولك الحق ) رواه البخاري ، ومعنى الحق الأمر الثابت الذي لا يسع إنكاره، ويلزم إثباته والاعتراف به، ووجود الباري عز ذكره أولى ما يجب الاعتراف به ولا يسع أحد جحوده؛ إذ لا مثبت تظاهرت عليه من الدلائل البينة الباهرة ما تظاهرت على وجود الباري جل ثناؤه . ( 25 ) الحكمة: صفة لله مأخوذة من اسمه الحكيم، قال الله عز وجل: { والله عليم حكيم }(النساء: 26 ) وفي الحديث عن مصعب بن سعد ، عن أبيه، قال: جاء إلى رسول الله أعرابي فقال: علمني كلاما أقوله: قال: ( قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم .. ) رواه مسلم ومعنى الحكمة: يشمل القوة والمنع والعلم والإتقان وكلها في حق الله ثابتة، فالله هو القادر القوي المانع، وهو العالم حقاً الذي وسع كل شيء علماً، وهو الذي وضع كل شيء موضعه، وهو الذي خلق الخلق فأحسن خلقه وأتقنه. ( 26 ) الْحِِلْمُ: صفة لله ثابتة مأخوذة من اسمه الحليم، قال تعالى: { والله غني حليم }(البقرة: 263) وقوله: { إنه كان حليما غفوراً }(فاطر: 41) وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما – أنه كان من دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم - قوله: ( لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ) رواه البخاري ومسلم . ومعنى هذه الصفة أن الله متصف بالصفح والأناة مع القدرة على إيقاع العقوبة، فهو سبحانه لا يستفزه غضب غاضب، ولا يستخفه جهل جاهل، ولا عصيان عاص، ولا يستحق وصف الحلم من صفح عن ضعف، وإنما الحليم هو الصفوح مع القدرة ، المتأني الذي لا يعجل بالعقوبة . |
معجم صفات الله عز وجل _ الجزء الثالث ( 27 ) الحميد: صفة ثابتة لله بالكتاب والسنة قال تعالى:{ وإن الله لهو الغني الحميد }(الحج:64) وعلّم النبي – صلى الله عليه وسلم - الصحابة أن يقولوا في التشهد في الصلاة: ( اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد ) ومعنى هذه الصفة أن الله محمود بكل حال، مشكور في كل وقت وآن، وحمده وشكره لكمال ذاته وجميل أفعاله، فكل فعله حسن، والخير كله بيديه، والشر ليس إليه، وما يتوهمه الإنسان شراً من أفعال الله، فذلك راجع إما لسوء فهمه، أو لغفلته عن غايته، فالبراكين والفيضانات والآلام البشرية كلها خير على اعتبار أنها مذكرات للناس حتى يرجعوا إلى ربهم، وهي في ذات الوقت مكفرات للخطايا والسيئات . ( 28 ) الحَنَانُ: صفة ثابتة لله بالكتاب والسنة قال تعالى معدداً فضائله على نبيه يحيى – عليه السلام - :{ وحناناً من لدنا وزكاةً وكان تقياً }(مريم:13) وفي الحديث عندما ذكر النبي مواقف القيامة فذكر الصراط وشفاعة الأنبياء ثم قال: ( ثم يتحنَّن الله برحمته على مَن فيها، فما يترك فيها عبداً في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا أخرجه منها ) رواه أحمد ، ومعنى هذه الصفة أن الله متصف بالرحمة والعطف والشفقة على المؤمنين. ( 29 ) الحياء: صفة لله دل عليها الكتاب والسنة قال تعالى: { والله لا يستحيي من الحق }(الأحزاب: 53)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ( إنَّ ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أنَّ يردهما صفراً خائبتين ) رواه الترمذي وآثار هذه الصفة تتمثل في إجابة دعاء المحتاجين، وقبول توبة التائبين مهما ارتكبوا من ذنوب ومعاص . ( 30 ) الحياة : صفة ثابتة لله مأخوذة من اسمه الحي، قال تعالى: { الله لا إله إلا هو الحي القيوم }(البقرة: 255 ) وفي الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول في دعائه: ( اللهم لك أسلمت، وبك آمنت .. أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون ) رواه مسلم ومعنى هذه الصفة أن الله موصوف بالحياة الكاملة التي لا نقص فيها، ولم يسبقها عدم، ولا يلحقها فناء. ( 31 ) الخِبْرة: صفة لله مأخوذة من اسم الله الخبير، قال تعالى:{ وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير }(الأنعام:118) وفي حديث عائشة رضي الله عنها؛ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم – سألها عن سبب تتبعها له عندما خرج لزيارة المقابر في البقيع ؟ فقالت: لا شيء . قال: ( لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير ) رواه مسلم . ومعنى هذه الصفة أن الله هو العالم بكنه الأشياء وحقائقها، والفرق بين الخبرة والعلم أن العلم قد يطلق على العلم بالظاهر والباطن في حين أن الخبرة لا تطلق إلا على العلم بالباطن. ( 32 ) الخَلْق: صفة لله مأخوذة من اسميه "الخالق" و"الخلاق " قال تعالى: { هو الله الخالق البارئ المصور }(الحشر: 24 ) وقال تعالى:{ إن ربك هو الخلاّق العليم }(الحجر:86) وفي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قالhttp://www.sohbanet.com/vb/images/smilies/frown.gif قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كَخَلْقي؛ فليخلقوا ذرَّة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة ) متفق عليه . ومعنى هذه الصفة أن الله هو الذي اخترع الخلق وأنشأهم وأوجدهم من العدم. ( 33 ) الخُلَّة: صفة ثابتة لله بالكتاب والسنة قال تعالى:{ واتخذ الله إبراهيم خليلاً }(النساء: 125 ) وفي الحديث: ( ولقد اتخذ الله صاحبكم خَلِيلاً )؛ يعني نفسه - صلى الله عليه وسلم - رواه مسلم ومعنى الخلة شدة المحبة وصفاء المودة واختص الله إبراهيم ومحمداً – عليهما السلام – بالخلة لشدة حبه لهما. ( 34 ) الديَّان: صفة لله وردت في حديث عبد الله بن أنيس - رضي الله عنه - قال:سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ( ينادي الله العباد.. أنا الملك، أنا الدَيَّان ) رواه أحمد . ومعنى هذه الصفة أن الله هو الذي يحاسب العباد على أعمالهم، فيجزي المحسنين إحساناً، والمسيئين ما يستحقونه من عقاب جزاء ذنوبهم. ( 35 ) الرأفة: صفة لله مأخوذة من اسمه تعالى الرؤوف، الوارد في قوله تعالى: { إن الله بالناس لرءوف رحيم }(البقرة:143) ومعنى هذه الصفة أن الله عطوف بعباده، رفيق بهم، شرع لهم ما يقوم بمصالحهم ويكون سبب سعادتهم في الدنيا والآخرة . ( 36 ) التجلي: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى: { فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا }(الأعراف: 341) وقال تعالى:{ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة }(القيامة: 22 – 23 ) وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - : أن أناساً في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم – قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم: ( نعم ) رواه البخاري ومسلم ومعنى هذه الصفة أن الله يظهر نفسه لأوليائه في الآخرة فيرونه في أرض المحشر، وفي الجنة، فتكون رؤيتهم له أفضل ما أعطوا على الإطلاق . ( 37 ) البصر: صفة لله ورد بها الكتاب والسنة قال تعالى: { إنني معكما أسمع وأرى }(طه:46) وقال تعالى:{ ألم يعلم بأن الله يرى }(العلق:4)، وقال تعالى:{ إن الله هو السميع البصير }( غافر: 20 ) ومعنى هذه الصفة أن الله يرى كل مُبْصَرٍ لا يغيب عنه شيء . ( 38 ) الربوبية: صفة ثابتة لله مأخوذة من اسمه ( الرب ) قال تعالى: { الحمد لله رب العالمين }(الفاتحة:1) وفي حديث العباس بن عبد المطلب ، - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم – نبياً ) رواه مسلم . ومعنى صفة الربوبية أن الله مالك الخلق ومنشؤهم، وصاحب الأمر فيهم، وهو مصلح أمورهم والقائم على أرزاقهم . ( 39 ) الرحمة: صفة ثابتة لله بالكتاب والسنة قال تعالى:{ ولولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين }(البقرة: 64) وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -؛ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( لما خلق الله الخلق، كتب في كتاب، فهو عنده فوق العرش: إنَّ رحمتي تغلب غضبي ) رواه البخاري ومسلم ، ومعنى هذه الصفة أن الله يعطف على عباده ويرفق بهم . ( 40 ) الرَّزْقُ: صفة لله مأخوذة من اسمه الرزاق والرازق قال تعالى: { إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين }(الذاريات: 58 ) ومأخوذة من فعله الرَّزْقُ قال تعالى: { والله يرزق من يشاء بغير حساب }( البقرة: 212 ) وفي الحديث عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( إن الله هو المسعِّر القابض الباسط الرَّازق .. ) رواه أحمد ومعنى هذه الصفة أن الله هو المتكفل بالرزق، والقائم على كل نفس بما يقيمها من قوتها. ( 41 ) الرضا: صفة ثابتة لله بالكتاب والسنة قال تعالى:{ رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم }(المائدة:119 ) وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول في دعائه: ( اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك ) رواه مسلم . ومعنى هذه الصفة أن الله يقبل المؤمنين، ويُسَرُّ بهم وبأعمالهم، ويجازيهم بأحسن ما كانوا يعملون. ( 42 ) الرفق: صفة لله مأخوذة من اسم "الرفيق" الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ( إنَّ الله رفيق، يحب الرفق في الأمر كله ) رواه البخاري ومسلم . والوارد أيضاً في قوله – صلى الله عليه وسلم -: ( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً، فَشَقَّ عليهم، فاشقُقْ عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً، فرفق بهم، فارفق به ) رواه مسلم . ومعنى هذه الصفة: أن الله لطيف بعباده يرفق بهم، فهو خالقهم ورازقهم، وإذا عصوه دعاهم إلى التوبة ولم يعجل عليهم. ( 43 ) الرِّقابة: صفة لله مأخوذة من اسمه الرقيب، قال تعالى: { إن الله كان عليكم رقيبا }(النساء:1 )، ومعنى هذه الصفة أن الله لا يغفل عما خلق، فيلحقه نقص أو يدخل عليه خلل، وهذه الصفة راجعة إلى العلم والسمع والبصر؛ فإن الله تعالى رقيب على الأشياء بعلمه المقدس عن مباشرة النسيان، ورقيب للمبصَرات ببصره الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، ورقيب للمسموعات بسمعه المُدرِكِ لكل حركة وكلام ؛ فهو سبحانه رقيب عليها بهذه الصفات، لا يخرج شيء عن علمه وسمعه وبصره . ( 44 ) السُّبُوح: صفة ثابتة لله في السنة المطهرة، والدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - في ركوعه وسجوده: ( سُبُّوح قُدُّوس رب الملائكة والروح ) رواه مسلم . ومعنى هذه الصفة أن الله مطهر عن كل دنس، مبرأ من كل نقص، خال من كل عيب، فهو كامل في ذاته وصفاته وأفعاله. |
معجم صفات الله عز وجل _ الجزء الرابع
( 45 ) السِّتر: صفة ثابتة لله بالسنة الصحيحة فعن يعلى بن أمية - رضي الله عنـه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ( إن الله عَزَّ وجَلَّ حليـم، حيي، سِتِّير، يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم؛فليستتر ) رواه أبو داود ، والنسائي، وأحمد وعن أبي هريرة - رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ( لا يستر الله على عبد في الدنيا، إلا ستره الله يوم القيامة ). رواه مسلم . ومعنى هذه الصفة أن الله يستر عباده فلا يفضحهم بما ارتكبوا من معاص وسيئات، وستره – سبحانه - على لا يقتصر على الدنيا، بل من ستره في الدنيا ستره في الآخرة وغفر ذنوبه . ( 46 ) سرعة الحساب: صفة ثابتة لله مأخوذة من اسمه "سريع الحساب" قال تعالى:{ والله سريع الحساب }(البقرة: 202 ) وقوله:{ فإن الله سريع الحساب }(آل عمران:19) وقال – صلى الله عليه وسلم – في دعائه على الكفار في غزوة الأحزاب: ( اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب ، اللهم اهزمهم وزلزلهم ) متفق عليه . وهذه الصفة تتضمن معنيين: الأول سرعة الإحصاء فهو سبحانه يحصي أعمال عباده بغير تكلف ولا مشقة بخلاف ما عليه أمر الخلق إذ لا يستطيعون ذلك إلا بجهد وإعمال فكر، والثاني: المجازاة، فهو سبحانه يجزي كل ذي عمل بما يستحق، لا يتأخر في ذلك، ولا يشغله حساب أحد عن حساب غيره . ( 47 ) السَّلامُ: صفة لله ثابتة بالكتاب والسنة، قال تعالى:{ هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام }(الحشر: 23 )،وعن ثوبان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يدعو الله بقوله: ( اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) رواه مسلم . ومعنى هذه الصفة أن الله سالم من كل المعائب ومنها الظلم فالخلق سلموا أن ينالهم منه ظلم أو جور . ( 48 ) السمع: صفة ثابتة لله بالكتاب والسنة قال تعالى:{ إنه هو السميع العليم }(الأنفال:61) وقال تعالى:{ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله }(المجادلة:1)، وعن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – أن النبي وعظ أصحابه في ألا يرفعوا أصواتهم في الدعاء فقال: ( أيها الناس اربعوا – أرفقوا - على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، ولكن تدعون سميعاً بصيراً ) رواه البخاري ، ومعنى هذه الصفة: أن الله - عز وجل - يسمع أصوات الخلق على اختلاف لغاتها، وتباين درجاتها، لا يخفى عليه شيء منها. ( 49 ) السؤدد: صفة لله ثابتة في السنة المطهرة في قوله - صلى الله عليه وسلم -http://www.sohbanet.com/vb/images/smilies/frown.gif السيد الله تبارك وتعالى ) رواه أبو داود ومعنى هذه الصفة: أن الله هو المتصف بكل معاني السؤدد من الملك والشرف والرفعة والنصرة والولاية. ( 50 ) الشفاء: صفة لله ثابتة بالكتاب والسنة، قال تعالى:{ وإذا مرضت فهو يشفين }(الشعراء: 80 ) وعن أبي هريرة وعائشة - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يعالج أصحابه بهذا الدعاء: ( اللهم رب الناس! اذهب البأس، واشف أنت الشَّافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً ) رواه البخاري ومسلم ومعنى هذه الصفة: أن الله هو الطبيب حقاً، والمعالج صدقاً، وما يفعله الناس إنما هي أسباب يتعاطونها، لكن الله هو الفاعل الحقيقي الذي يبرئ الأسقام، ويزيل الأوجاع . ( 51 ) الشدِّة: صفة ثابتة لله بالكتاب والسنة قال تعالى: { وهو شديد المحال }(الرعد: 13) وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه: ( اللهم اشْدُدْ وطأتك على مضر ) رواه البخاري ومسلم ومعنى هذه الصفة: أن الله متصف بالقوة، فهو – سبحانه – إذا أخذ الظالم بظلمه أخذه بقوة، وإذا عاقب الكفار عاقبهم بقوة كما قال سبحانه: { ولئن كفرتم إن عذابي لشديد }(إبراهيم: 7 ). (52) الشُّكر: صفة لله مأخوذة من اسمه الشاكر والشكور، قال تعالى: { فإن الله شاكر عليم }(البقرة: 158 ) وقال تعالى: { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً }(الإسراء: 19) وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة الرجل الذي سقى كلباً، وفيه: ( فشكر الله له ، فغفر له ) رواه البخاري ومسلم . ومعنى هذه الصفة: أن الله يُسَرُّ بالعمل الصالح، ويثني على صاحبه، ويجزيه بأحسن مما كان يعمل . (53) الشهيد: صفة ثابتة لله بالكتاب والسنة قال تعالى: { والله شهيد على ما تعملون }( آل عمران: 98) وقال تعالى:{ إن الله كان على كل شيء شهيداً }(النساء: 33 ) وفي قصة الرجل من بني إسرائيل الذي اقترض ألف دينار فطلب منه مقرضه أن يأتي بشهداء فقال: ( كفى بالله شهيداً ) والقصة أخرجها البخاري في صحيحه . ومعنى هذه الصفة: أن الله مطلع على كل شيء، لا تخفى عليه خافية، يسمع كل الأصوات، ويرى كل المدركات، ويعلم كل شيء فلا يغيب عنه شيء. ( 54 ) الصبر: صفة لله مأخوذة من قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما أحـدٌ أصبر على أذى سمعه من الله؛ يدَّعون له الولد، ثم يعافيهم ويرزقهم ) رواه البخاري ومعنى هذه الصفة: أن الله قد يترك العصاة في الدنيا دون عقوبة، ويمهلهم فيها على كفرهم وفسادهم، وليس هذا فحسب بل ويرزقهم ويعافيهم كي يتوبوا ويرجعوا إليه . ( 55 ) الصِّدْق: صفة لله مأخوذة من قوله تعالى: { ومن أصدق من الله حديثا }(النساء: 87 ) ومن قوله – صلى الله عليه وسلم - : ( صدق الله وعده ) رواه البخاري ومعنى هذه الصفة: أن كل أقوال الله صدق، وكل وعوده حق، فلا يتخلف قوله ولا يُخلف وعده . ( 56 ) الصمدية: صفة لله ثابتة بالكتاب والسنة قال تعالى:{ قل هو الله أحد الله الصمد }(الإخلاص: 1- 2 ) وقال - صلى الله عليه وسلم - قال الله في الحديث القدسي: ( .. أنا الأحد الصمد، لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفواً أحد ) رواه البخاري ومعنى هذه الصفة: أن الله هو السيد المطاع الذي بلغ غاية السؤدد، فلجأت الخلائق إليه لقضاء حاجاتها وسدِّ خلاتها . ( 57 ) الضحك:صفة لله ثابتة بالسنة المطهرة فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخل الجنة ) رواه البخاري ومسلم وهذه الصفة: مما استأثر الله بعلم حقيقتها، ويكفينا في معرفتها أن نقول كما قال الأعرابي:لن نعدم خيراً من رب يضحك . (58) الطيِّب: صفة لله ثابتة في السنة المطهرة في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( أيها الناس! إنَّ الله طَيَّبٌ لا يقبل إلا طَيَّباً ) رواه مسلم ومعنى هذه الصفة:أن الله منزه عن النقائص، مقدّس عن الآفات . ( 59 ) العدل: صفة لله ثابتة بالكتاب والسنة قال تعالى: { ولا يظلم ربك أحداً }(الكهف: 49 ) وقال - صلى الله عليه وسلم -: ( فمَن يعدل إذا لم يَعْدِل الله ورسوله ) رواه البخاري ومعنى هذه الصفة: أن الله لا يجور في حكمه، بل أحكامه كلها حق، لا ظلم فيها بوجه من الوجوه. ( 60 ) العزة: صفة لله مأخوذة من اسمه العزيز، قال تعالى:{ إنك أنت العزيز الحكيم }(البقرة: 129 ) وقال تعالى:{ وتعز من تشاء وتذل من تشاء }(آل عمران: 26 ) وعن ابن عباس - رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو الله بقوله: ( اللهم أعوذ بعِزَّتك )رواه مسلم ومعنى هذه الصفة: أن الله عز وجل منيع لا يُغْلَبُ، قويٌ لا يُقْهَرُ . ( 61 ) العطاء والمنع:صفتان ثابتتان لله في الكتاب والسنة، قال تعالى:{ إنا أعطيناك الكوثر }(الكوثر:1) وقال تعالى:{ قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى }(طه: 50 ) وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الانتهاء من صلاته: ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد » رواه البخاري ومسلم ومعنى هاتين الصفتين: أن الله هو المتفضل بالعطاء، فهو يعطي المواهب والنعم لمن يشاء من عباده بغير حساب، وهو الذي يمنع من عطائه من شاء من عباده، فهو يملك المنع والعطاء، وليس منعه بخلا منه، لكن منعه حكمة، وعطاؤه جود ورحمة. |
معجم صفات الله عز وجل _ الجزء الخامس
( 61 ) العظمة: صفة ثابتة لله مأخوذة من اسمه العظيم، قال تعالى: { وهو العلي العظيم }(البقرة: 255 ) وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول عند الكرب: ( لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرضين، ورب العرش الكريم ) متفق عليه . ومعنى هذه الصفة: أن الله له كل معاني الشرف والرفعة فإن عظيم القوم مالكهم وصاحب الأمر فيهم . ( 62 ) العفو: صفة لله ثابتة بالكتاب والسنة، قال تعالى: { إن الله كان عفواً غفوراً }(النساء: 43 ) وقال تعالى:{ ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم }(آل عمران: 155 ) وعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي – صلى الله عليه وسلم - علمها أن تقول ليلة القدر: ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) رواه الترمذي ومعنى هذه الصفة: أن الله يتجاوز عن خطايا العباد، ويصفح عنهم بمحض فضله عليهم، أو بتوبتهم ورجوعهم إليه . ( 63 ) العلم: صفة لله ثابتة بالكتاب والسنة، قال تعالى:{ إن الله كان عليماً حكيماً }(النساء:11) وقال تعالى:{ عالم الغيب والشهادة }(الأنعام:73) وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( من قال حين يصبح: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم تفجأه فاجئة بلاء حتى يمسي ) رواه أبو داود ومعنى هذه الصفة هو أن الله مطلع على كل شيء، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء . ( 64 ) العلو: صفة لله ثابتة بالكتاب والسنة، قال تعالى: { وهو العلي العظيم }(البقرة: 255 ) وقال تعالى:{ سبح اسم ربك الأعلى }(الأعلى: 1 ) وعن عبد الرحمن بن قرط أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - ليلة أسري به - سمع تسبيحاً في السماوات العلىhttp://www.sohbanet.com/vb/images/smilies/frown.gif سبحان العلي الأعلى ) رواه الطبراني البيهقي ومعنى هذه الصفة أن الله متصف بالعلو المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله فذاته أعلى الذوات فالله فوق العالم ولا شيء فوقه، وصفاته وأفعاله أعلى الصفات والأفعال وأرفعها جمالا وحسنا وكمالاً . ( 65) الغضب: صفة لله ثابتة في الكتاب والسنة، قال تعالى: { وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق }(البقرة:61 )، وقال تعالى: { ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً }(النساء: 93 ) وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( يوشك إن طالت بك مدة أن ترى قوماً في أيديهم مثل أذناب البقر يغدون في غضب الله ويروحون في سخط الله ) رواه مسلم ومعنى غضب الله سخطه على من خالف أمره . ( 66 ) الغَلَبة: صفة لله ثابتة في الكتاب والسنة قال تعالى:{ والله غالب على أمره }( يوسف: 21 ) وقال تعالى: { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز }(المجادلة: 21 ) وعن أبي هريرة - رضي الله عنــه -؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ( لا إله إلا الله وحده، أعَزَّ جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده ) رواه البخاري . ومعنى هذه الصفة أن الله قوي لا يهزم، منصور لا يغلب، فلا يحاربه أحد إلا هزمه وغلبه. ( 67 ) الغنى: صفة ثابتة لله بالكتاب والسنة قال تعالى: { وربك الغني ذو الرحمة }(الأنعام: 133) وعن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه كان يقول في دعاء الاستسقاء: ( اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوةً وبلاغاً إلى حين ) رواه أبو داود ومعنى هذه الصفة أن الله كامل فلا يحتاج إلى غيره، ولا تشوبه شائبة فقر أو حاجة، بل الخلق هم من يحتاج إليه . ( 68 ) القدرة: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة، قال تعالى: { إن الله على كل شيء قدير }(البقرة: 20 ) وعن عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يقول: ( أعوذ بعِزَّة الله وقدرته من شر ما أجدُ وأحاذِر ) رواه مسلم ومعنى هذه الصفة: أن الله له القدرة المطلقة والإرادة النافذة { وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون }(البقرة: 117 ). ( 69 ) القُدُّوس: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى: { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس }(الحشر: 23 ) وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في ركوعه وسجوده: ( سبوح قدوس رب الملائكة والروح ) رواه مسلم . ومعنى هذه الصفة: أن الله هو الممدوح بالفضائل والمحاسن على وجه الإطلاق الذي لا يلحقه نقص ولا عيب . ( 70 ) القهر: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى:{ وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير }(الأنعام:18) ومعنى هذه الصفة أن الله قهر العباد بحكمه وأخضهم لسلطانه فلا يخرج أحد عن أمره الكوني والقدري . ( 71 ) القوة: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى: { إن ربك هو القوي العزيز }(هود: 66) وقال تعالى: { إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين }(الذاريات: 58 ) ومعنى هذه الصفة: أن الله تام القوة، كامل القدرة، لا يستولي عليه العجز في حال من الأحوال . ( 72 ) القيّومية: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى:{ الله لا إله إلا هو الحي القيوم }(البقرة:255) وقال تعالى: { أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت }(الرعد: 33 ) وقال - صلى الله عليه وسلم -: ( من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فر من الزحف ) رواه أبو داود ومعنى هذه الصفة: أن الله هو القَيِّم بحفظ كل شيء ورزقه وتدبيره وتصريفه . ( 73 ) الكفاية: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى: { أليس الله بكاف عبده }(الزمر: 36 ) وعن أنس - رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أوى إلى فراشه؛ قال: ( الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا؛ فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي ) رواه مسلم . ومعنى هذه الصفة: أن الله هو الذي يكفي عباده جميع ما يحتاجون ويضطرون إليه. ( 74 ) الكبرياء: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة، قال تعالى: { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر }(الحشر: 23 ) وعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( قال الله عز وجل: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار ) رواه أبو داود ومعنى هذه الصفة: أن الله تعالى متصف بغاية العظمة وقوة السلطان فلا ينازعه أحد في عظمته وقوته إلا قصمه وأهلكه . ( 75 ) الكبير: مأخوذ من الكِبَرِ وهو ضد الصغر، فالله كبير في كل شيء في ذاته وصفاته، فمهما تصور الإنسان كبيراً فالله أكبر منه، فالله أكبر الذوات ذاتاً، وأعلاها شرفا ومنزلة، وقد وردت هذه الصفة في قوله تعالى: { وأن الله هو العلي الكبير }(لقمان:30 ) . ( 76 ) الكرم: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى: { يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم }(الانفطار: 6 ) وعن سهل بن سعد الساعدي ، - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( إن الله عز اسمه كريم يحب مكارم الأخلاق ويبغض سفسافها ) رواه الحاكم والبيهقي ومعنى هذه الصفة: أن الله كثير الخير، جواد معط ، لا ينفد عطاؤه ، ولا ينقطع جوده . ( 77 ) كره المعاصي: قال تعالى: { ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين }(التوبة: 46 ) وعن المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه - قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال ) رواه البخاري ومسلم ومعنى هذه الصفة: أن الله لا يحب ما يصدر من العباد من الذنوب والمعاصي . |
معجم صفات الله عز وجل _ الجزء السادس
78 ) الكفيل: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى: { وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً }(النحل:19) ومعنى هذه الصفة أن الله هو الذي يتكفل بعباده فيحفظهم ويرعاهم . ( 79 ) الكلام: صفة ثابتة لله بالكتاب والسنة، قال تعالى: { وكلم الله موسى تكليماً } (النساء: 164 ) وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ( إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، فيقول: هل رضيتم ؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك، فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا: يا رب وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا ) رواه البخاري ومسلم . ومعنى هذه الصفة أن الله يتكلم متى شاء وكيف شاء وبما شاء وكلامه حرف وصوت . ( 80 ) اللُّطف: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى: { وهو اللطيف الخبير }( الأنعام: 103 ) وقال تعالى:{ الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز }(الشورى: 19 ) وعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي سألها عن أمر فترددت في إجابته، فقال لها: ( لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير ) رواه النسائي ومعنى هذه الصفة أن الله رحيم بعباده يرفق بهم من حيث لا يعلمون، وييسر لهم مصالحهم من حيث لا يحتسبون . ( 81 ) المؤمِّن: صفة ثابتة لله في الكتاب قال تعالى: { السلام المؤمن المهيمن }(الحشر: 23) ومعنى هذه الصفة أن الله يصدِّق عباده المؤمنين فيما يصدقون فيه من الإيمان والعمل الصالح، ويؤمنهم من عقوبته وعذابه . ( 82 ) المُبيَِّن: صفة ثابتة لله في الكتاب قال تعالى: { ويعلمون أن الله هو الحق المبين }(النور:25) ومعنى هذه الصفة أنَّ الله بين وجوده؛ وذلك في الدنيا من خلال دلائله وآياته الظاهرة والمنتشرة في خلقه وكونه، وفي الآخرة بما يكشف عن نفسه لعباده المؤمنين. ( 83 ) المجد: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى:{ وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد }(البروج: 14- 15) وقال تعالى:{ إنه حميد مجيد }(هود:73) وعن أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قولوا: ( اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد ) رواه البخاري . ومعنى هذه الصفة أن الله له الشرف العالي، والكرم الرفيع. ( 84 ) الإحاطة: صفة ثابتة لله في الكتاب قال تعالى:{ والله محيط بالكافرين }(البقرة: 19 ) وقال تعالى:{ وكان الله بما يعملون محيطا }(النساء: 108) ومعنى هذه الصفة أن الله عز وجل قوي لا يُغلب، قادر لا يُهزَم، لا تخفى عليه خافية ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، أحاطت قدرته بجميع المقدورات، وأحاط علمه بجميع المعلومات . ( 85 ) الإحياء والإماتة: صفتان ثابتان لله في الكتاب والسنة قال تعالى: { كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون }(البقرة: 28 ) وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي ) رواه البخاري ومسلم ومعنى هاتين الصفتين أن شأن الحياة والموت مما اختص الله به، فلا يهب الحياة إلا هو، ولا ينتزعها إلا هو . ( 86 ) الإعانة: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى:{ إياك نعبد وإياك نستعين }(الفاتحة: 5 ) وقال تعالى:{ والله المستعان على ما تصفون }(يوسف: 18) وعن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – قال: أخذ بيدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ( إني لأحبك يا معاذ، فقلت: وأنا أحبك يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلا تدع أن تقول في كل صلاة: رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) رواه النسائي وأبو داود . ومعنى هذه الصفة أن الله هو المعين عباده على القيام بشؤونهم، فيمنحهم القوة لأداء أعمالهم، ويزيل من طريقهم ما يعوقها ويحول دون تحقيقها . ( 87 ) التصوير: صفة ثابتة لله في الكتاب قال تعالى:{ هو الله الخالق البارئ المصور }(الحشر: 24 ) وقال تعالى:{ هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم }(آل عمران: 6 ) ومعنى هذه الصفة أن الله هو الذي أعطى المخلوقات صورها، وشكلها بأشكالها، وميز كلاًّ منها بهيئة لتتعارف فيما بينها. ( 88 ) المغفرة: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى:{ إن الله عزيز غفور }(فاطر: 28) وقال تعالى: { والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم }(البقرة: 268 ) وعن أبي بكر الصديق ، - رضي الله تعالى عنه - أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: ( قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ) رواه البخاري ومسلم ومعنى هذه الصفة أن الله يكثر من ستر ذنوب عباده، ويكون عفوه عنهم أكثر من مؤاخذته لهم. ( 89 ) مقت المعاصي والسيئات وفاعليها: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى: { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشةً ومقتاً وساء سبيلا }(النساء: 22) وقال تعالى: { كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون }(الصف: 3 ) وعن عياض المجاشعي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذات يوم في خطبته: ( .. وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ) رواه مسلم ومعنى هذه الصفة أن الله يبغض الكفار وما يرتكبون من الكفر والمعاصي . ( 90 ) المُقِيت: صفة ثابتة لله في الكتاب، قال تعالى:{ وكان الله على كل شيء مقيتاً }(النساء: 58 ) ومعنى هذه الصفة: أن الله هو القدير الذي ييسر لكل حي قوته . ( 91 ) المُلْك: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة، قال تعالى:{ هو الله الذي لا إله إلا هو الملك }(الحشر: 23 ) وقال تعالى:{ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك }(آل عمران: 26) وعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ( يقبض الله الأرض ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض ) متفق عليه . ومعنى هذه الصفة أن الله هو مالك الخلق جميعاً، وملكه هو الملك الحقيقي، وغيره - وإن ملك - فملكه منقوص من جهة فنائه هو وفناء ملكه، ومن جهة ضعفه عن المحافظة عما يملك، ومن جهة خوفه من أن ينتزع منه ملكه. ( 92 ) المنُّ: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى: { لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا }(آل عمران: 164 ) وقال تعالى: { ولكن الله يمن على من يشاء من عباده }(إبراهيم: 11) وعن أنس - رضي الله عنه - قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسجد ورجل قد صلى وهو يدعو ويقول في دعائه: ( اللهم لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - تدرون بم دعا الله ؟ دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى ) رواه الترمذي والنسائي . ومعنى هذه الصفة أن الله هو صاحب المواهب العظيمة، والعطايا الجزيلة، وعطاياه لا تنقص من ملكه، ولا تزيده إلا كرماً، ويعطيها بسبب ودون سبب { والله يرزق من يشاء بغير حساب }(البقرة: 212 ). ( 93 ) الواسع: صفة ثابتة لله في الكتاب قال تعالى: { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم }(البقرة: 115 ) وقال تعالى: { الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم }(البقرة: 268 ) ومعنى هذه الصفة أن الله واسع الذات، وواسع الفضل والعطاء، يعطي من يشاء ويرزق من يشاء بغير حساب . ( 95 ) النصر: صفة ثابتة في الكتاب والسنة قال تعالى: { وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم }(آل عمران: 126 ) وقال تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم }(محمد: 7 ) وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا قال: ( اللهم أنت عضدي ونصيري بك أحول وبك أصول وبك أقاتل ) رواه أبو داود . ومعنى هذه الصفة أن الله هو الميسر للغلبة والفوز، وأنه سبحانه لا يسلم أولياءه ويخذلهم إن هم بذلوا جهدهم في الأخذ بأسباب النصر المادية والمعنوية . ( 96 ) الهداية: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى: { وكفى بربك هادياً ونصيراً }(الفرقان: 32 ) وعن أبي ذر - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن الله تبارك وتعالى أنه قال: ( يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي: كلكم ضال إلا من هديته فاستهدونى أهدكم .. ) رواه مسلم ومعنى هذه الصفة: أن الله هو الذي يدل البشر على سبل الهداية والرشاد فهو الذي أرسل الرسل وأنزل الكتب لتحقيق هذه الغاية، وهو الذي يوفق ويعين ويثبت من صلحت نيته واستقامت سريرته لنيل تلك الهداية. ( 97 ) الهيمنة: صفة ثابتة لله مأخوذة من اسمه المهيمن قال تعالى: { السلام المؤمن المهيمن }(الحشر: 23 ) ومعنى هذه الصفة أن الله هو الرقيب والشاهد على أفعال خلقه يحصيها ويحاسبهم عليها . ( 98 ) الوحدانية: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى: { إنما الله إله واحد }(النساء:171 ) وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال له حين بعثه لليمن: ( فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله ) رواه البخاري ومعنى هذه الصفة أن الله واحد لا شريك له ولا نظير له ولا ند له ولا شبيه له . ( 99 ) الوارث: صفة ثابتة لله في الكتاب قال تعالى: { وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون }(الحجر: 23 ) وقال تعالى:{ إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون }(مريم: 40 ) ومعنى هذه الصفة أن الله له البقاء المطلق الذي لا يلحقه عدم، ولا يجري عليه فناء . ( 100 ) الود: صفة ثابتة لله في الكتاب قال تعالى: { وهو الغفور الودود }(البروج:14) وقال تعالى:{ واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود }(هود: 90 ) ومعنى هذه الصفة أن الله مُحِبٌّ ومُحَبٌّ فهو يحب أولياءه ويقربهم ويحبه أولياؤه ويتقربون إليه. ( 101 ) الوكيل: صفة ثابتة لله في الكتاب قال تعالى: { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل }(آل عمران: 173) وقال تعالى: { وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً }(النساء: 81 ) ومعنى هذه الصفة أن الله هو القيم الكفيل بأرزاق العباد، وهو الذي يكفي من توكل عليه فيحفظه وييسر له أمره . ( 102 ) الولاية: صفة ثابتة لله في الكتاب والسنة قال تعالى: { الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور }( البقرة: 257 ) وعن البراء بن عازب في قصة معركة أحد أن النبي – صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه أن يقولوا للمشركين: ( الله مولانا ولا مولى لكم ) رواه البخاري ومعنى هذه الصفة أن الله هو المتكفل بالقيام بمصالح عباده المتقين فهو الذي يهديهم ويثبتهم على الحق، وهو الذي يحفظهم وينصرهم وييسر أسباب معاشهم . ( 103 ) الوهاب: صفة ثابتة لله في الكتاب قال تعالى: { ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب }(آل عمران: 8 ) ومعنى هذه الصفة أن الله عز وجل هو صاحب العطايا والمنن، يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، بيده الخير . ( 104 ) الآخرية: صفة ثابتة لله مأخوذة من اسمه الآخر، قال تعالى: { هو الأول والآخر }(الحديد: 3 ) وعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند نومهhttp://www.sohbanet.com/vb/images/smilies/frown.gif اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخِر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء؛ اقضِ عنا الدَّيْنَ، وأغننا من الفقر ) رواه مسلم ومعنى هذه الصفة أن الله باق لا يفنى، فكما أنه ليس لوجوده بداية كذلك ليس لوجوده نهاية . وبهذه الصفة نكون قد أنهينا الكلام في هذا المعجم، سائلين الله أن ينفع به من قرأه وتدبر معانيه، فهو على صغر حجمه قد حوى جل صفات الله عز وجل، التي من علمها عرف ربه وخالقه، فازداد حبه له وقربه منه، فعبده بقلب مقبل محب، وذلك لما علم من جميل صفاته، وعظيم فعاله، وسعة ذاته سبحانه وتعالى. |
أسماء الله الحسنى (1)
لله تعالى أسماء كلها حسنى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) [ الأعراف : 180 ] منها ما ذكره الله في سورة الحشر ( هو الله الَّذي لا إله إلاَّ هو عالم الغيب والشَّهادة هو الرَّحمن الرَّحيم – هو الله الَّذي لا إله إلا هو الملك القدُّوس السَّلام المؤمن المهيمن العزيز الجبَّار المتكبر سُبحان الله عمَّا يشركون – هو الله الخالق البارئُ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السَّماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) [ الحشر : 22-24 ] . 1- عدد أسمائه ورد في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن لله تسعة وتسعين اسماً ، مائة إلا واحداً ، من أحصاها دخل الجنة ، وإن الله وِتْرٌ يُحبّ الوتْر ) . (2) هذا الحديث يدل على أنّ لله – سبحانه – عدداً محدداً من الأسماء وقد نصّ على أنّها تسعة وتسعون . ولكن يشكل على هذا ما رواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما أصاب أحداً قط همّ ولا حزنٌ فقال : اللهم إني عبدُك ، ابن عبِدك ، ابن أمتِك ؛ ناصيتي بيدك ، ماض فيّ حكمك ، عدلٌ فيّ قضاؤك ، أسألك بكلّ اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أو علمتْهُ أحداً من خلقك ، أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أنْ تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونُورَ صدري ، وجلاء حُزني وذهاب همي ، إلا أذهب الله همه وحزنه ، وأبدله مكانه فرحاً ) . (3) وجاء في ثناء الرسول على ربه سبحانه ( لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) (4) . والإشكال في هذا الحديث أنّه يدلّ على أنّ من أسماء الله تعالى أسماء لم ينزلها في كتابه ، بل اختص بها بعض عباده ، أو اختص بها نفسه ، فلم يعرّفها أحداً من خلقه ، بينما حديث أبي هريرة يدلّ على أن أسماء الله التسعة والتسعين كلها منزلة معروفة بدلالة قوله ( من أحصاها ) ، فالإحصاء لها لا يمكن ما لم تكن منزلة معروفة معلومة ، ومن هذا ينتج أنّ ما استأثر الله بعلمه أو اختص به بعض خلقه غير التسعة والتسعين . والحق الذي ينبغي أن يصار إليه أنّ عدد الأسماء التي عرّفنا الله إياها في كتابه ، أو ذكرها رسوله صلى الله عليه وسلم ، تسعة وتسعون لا تزيد ، لنصّ الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا العدد ، ولقوله : ( مَنْ أحصاها ) ، وأنّ ما زاد على هذه التسعة والتسعين فهو مما لا نعرفه ، لأنّه من مكنون علم الله أو مما اختص الله به بعض خلقه ، وإلا فما فائدة تحديد عدد أسماء الله بتسعة وتسعين ؟! ---------------------- |
تحديد أسماء الله الحسنى تحديد أسماء الله الحسنى أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ أسماء الله تعالى المنزلة التي يمكننا معرفتها وإحصاؤها تسعة وتسعون اسماً .ولم يرد حديث صحيح يسرد هذه الأسماء سرداً لا يترك مجالاً للخلاف في تحديدها ، بل وردت هذه الأسماء متفرقة في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، تذكر الآية الاسم والاسمين أو أكثر ، أو تختم الآية بواحد أو أكثر ، وقد تسرد الآيات جملة من هذه الأسماء . وقد عني العلماء بجمع أسماء الله من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما عنوا بتفسيرها وشرحها .فالقرطبي له كتاب ( معاني أسماء الله الحسنى ) ، وقد سردها ابن جرير الطبري ، وأبو بكر ابن العربي ، وابن حجر العسقلاني ، وغيرهم . وقد اتفق العلماء في عدّ جملة كبيرة من أسماء الله تعالى ، واختلفوا في جملة قليلة ، فبعضهم عدّها من أسمائه تعالى ، ومنهم من نازع في ذلك . (1) والسبب في هذا الخلاف أن بعض العلماء ظن أنّ كلّ ما أطلقه القرآن على الله – سبحانه – يجوز عده اسماً ، ويجوز إطلاقه مجرداً على الله تعالى . فأبو بكر ابن العربي عدّ في أسمائه : رابع ثلاثة ، وسادس خمسة ، أخذاً من قوله تعالى : ( ألم تر أنَّ الله يعلم ما في السَّماوات وما في الأرض ما يكون من نَّجْوَى ثلاثةٍ إلاَّ هو رابعهم ولا خمسةٍ إلاَّ هو سادسهم ) [ المجادلة : 7 ] . كما عدّ في أسمائه الفاعل والزارع أخذاً من قوله : ( كما بدأنا أوّل خلقٍ نعيده وعداً علينا إنَّا كنَّا فاعلين ) [ الأنبياء : 104 ] .ومن قوله : ( أَفَرَأَيْتُم ما تحرثون – أَأَنتُمْ تزرعونه أمّ نحن الزَّارعون ) [ الواقعة : 63-64] . والحق أن هذه ليست أسماء لله تعالى ، بمعنى أنّه لا يطلق على الله تعالى رابع ثلاثة ، وسادس خمسة ، والفاعل ، والزارع . (2) وقد ورد في القرآن أفعال أطلقها الله – عزّ وجلّ – على نفسه على سبيل الجزاء والعدل والمقابلة ، وهي فيما سيقت فيه مدح وكمال ، ولكن لا يجوز أن يشتق لله تعالى منها أسماء ، ولا تطلق عليه في غير ما سبقت فيه من الآيات كقوله : ( إنَّ المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم ) [ النساء : 142 ] وقوله : ( ومكروا ومكر الله ) [ آل عمران : 54 ] وقوله : ( نسو الله فنسيهم ) [ التوبة : 67 ] ، وقوله : ( وإذا لقوا الَّذين آمنوا قالوا آمنَّا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنَّا معكم إنَّما نحن مُسْتَهْزِؤُونَ – الله يستهزئ بهم ) [ البقرة : 14-15 ] .فلا يطلق على الله مخادع ، ماكر ، ناس ، مستهزى ، ونحو ذلك مما يتعالى الله عنه ، ولا يقال : الله يستهزى ، ويخادع ، ويمكر ، وينسى ، على سبيل الإطلاق . وقد أخطأ الذين عدوا ذلك من أسمائه الحسنى خطأ كبيراً ، لأنّ الخداع والمكر يكون مدحاً ويكون ذماً ، فلا يجوز أن يطلق على الله إلا مقيداً بما يزيل الاحتمال المذموم منه كما ورد مقيداً في الآيات . (3) ومن أجل ذلك لم يرد في أسمائه تعالى : المتكلم ، المريد ، الفاعل ، الصانع ؛ لأنّ مسمياتها تنقسم إلى ممدوح ومذموم . ولو جاز أن يشتق لله من أفعاله أسماء مثل : الماكر ، المخادع ، بحجة إطلاق أفعالها في القرآن على الله لجاز أن يجعل من أسمائه : الداعي ، والآتي ، والجائي ، والذاهب ، والقادم ، والناسي ، والقاسم ، والساخط ، والغضبان ، واللاعن ... وغير ذلك من تلك التي أطلق القرآن أفعالها على نفسه . فالله لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق ، والمجازاة على ذلك تعدّ حسنة من المخلوق فكيف من الخالق ؟ . ومن أسماء الله تعالى ما لا يُطلق عليه إلا مقترناً بمقابله ، فإنه إذا أطلق وحده أوهم نقصاً ، فمن ذلك : المانع ، الضار ، القابض ، المذل ، الخافض ، فلا تطلق على الله منفردة ، بل يجب قرنها بما يقابلها ، فيقال : المعطي المانع ، الضارّ النافع ، القابض الباسط ، المعزّ المذل ، الخافض الرافع . ومن ذلك المنتقم ، لم يأت في القرآن إلا مضافاً إلى : (ذو) كقوله تعالى : ( والله عزيزٌ ذو انتقامٍ ) [ المائدة : 95 ] أو مقيداً بالمجرمين : ( إنَّا من المجرمين منتقمون ) [ السجدة : 22 |
الاسم الأعظم أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث أنّ لله اسماً أعظم له مميزات عن بقية أسمائه سبحانه وتعالى ، فمن هذه الأحاديث :1- عن زبيدة الأسلمي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : " اللهمّ إني أسألك بأنك أنت الله ، لا إله إلا أنت ، الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد " ، فقال : ( دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى ، وإذا دُعِي به أجاب ) . رواه الترمذي وأبو داود . (1) 2- وعن أنس قال : كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ورجل يصلي ، فقال : " اللهمّ إني أسألك بأنّ لك الحمد ، لا إله إلا أنت الحنان المنان ، بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حيّ يا قيوم ، أسألك " فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( دعا الله باسمِه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب ، وإذا سُئلَ به أعطى ) . رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة والدارمي . (2) 3- وفي سنن ابن ماجة عن أبي أمامة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اسمُ الله الأعظم في سُور من القرآن الثلاث : في ( البقرة ) ، وَ ( آل عمران ) ، وَ (طه) . أخرجه ابن ماجة ، والطحاوي في مشكل الآثار ، وابن معين في التاريخ والعلل ، وغيرهم . (3) (1/138) 4- وقد ورد تحديد آيتي البقرة وآل عمران اللتين ورد فيهما اسم الله الأعظم ، فقد روى الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجة ، والدارمي عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين : ( وإلهكم إلهٌ واحدٌ لا إله إلاَّ هو الرَّحمن الرَّحيم ) [ البقرة : 163 ] وفاتحة ( آل عمران ) : ( الم – الله لا إله إلاَّ هو الحيُّ القيُّوم ) [ آل عمران : 1-2 ] . (4) والذي يظهر من المقارنة بين النصوص التي ورد فيها اسم الله الأعظم أنّه : ( الله ) ، فهذا الاسم هو الاسم الوحيد الذي يوجد في جميع النصوص التي قال الرسول صلى الله عليه وسلم إنّ اسم الله الأعظم ورد فيها . ومما يُرجِّح أن ( الله ) هو الاسم الأعظم أنه تكرر في القرآن الكريم (2697) سبعاً وتسعين وستمائة وألفين ( حسب إحصاء المعجم المفهرس ) وورد بلفظ ( اللهم ) خمس مرات في حين أنّ اسماً آخر مما يختص بالله تعالى وهو (الرحمن) لم يرد ذكره إلا سبعاً وخمسين مرة ، ويرجحه أيضاً ما تضمنه هذا الاسم من المعاني العظيمة الكثيرة . ----------------------- (1) مشكاة المصابيح : 1/703 ، ورقمه : 2289 ، وحكم محقق المشكاة على إسناده بالصحة . (2) مشكاة المصابيح : 1/704 ، ورقمه : 2290 ، وحكم محقق المشكاة على إسناده بالصحة . (3) انظر تخريجه في سلسلة الأحاديث الصحيحة ، للشيخ ناصر الدين الألباني 2/382 ، ورقمه : 746 . (4) مشكاة المصابيح : 1/704 ، ورقمه : 2291 . |
وجوب الإيمان بأسمائه
وقد اتفق السلف الصالح على أنه يجب الإيمان بجميع أسماء الله الحسنى ، وما دلت عليه من الصفات ، وما ينشأ عنها من الأفعال ، فمثلاً : اسم الله القدير يجب الإيمان بأنّه سبحانه على كل شيء قدير ، والإيمان بكمال قدرته ، والإيمان بأنّ قدرته نشأت عنها جميع الكائنات . |
كيف يحصي المسلم أسماء الله الحسنى (1)
ورد في الحديث الترغيب بإحصاء أسماء الله الحسنى ، فقد وعد من أحصاها بدخول الجنة . واختلف العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " من أحصاها " . قال الخطابي يحتمل وجوها ً : أحدها : أن يعدّها حتى يستوفيها بمعنى أن لا يقتصر على بعضها فيدعو الله بها كلها ، ويثني عليه بجميعها ، فيستوجب الموعود عليها من الثواب .وهذا الوجه هو الذي اختاره البخاري ، فقد فسّر الإحصاء بالحفظ ، وذلك لورود رواية أخرى فيها " من حفظها " . ثانيها : المراد بالإحصاء الإطاقة ، والمعنى من أطاق القيام بحق هذه الأسماء والعمل بمقتضاها ، وهو أن يعتبر معانيها ، فيلزم نفسه بموجبها ، فإذا قال : " الرزّاق " وثق بالرزق ، وكذا سائر الأسماء . ثالثهما : المراد بها الإحاطة بجميع معانيها . وقيل : أحصاها عمل بها ، فإذا قال : " الحكيم " سلم لجميع أوامره وأقداره ، وأنها جميعها على مقتضى الحكمة . وقال ابن بطال : طريق العمل بها : 1- ما يسوغ الاقتداء به كالرحيم والكريم ، فيمرن العبد نفسه على أن يصح له الاتصاف بها ، يعني فيما يقوم به . 2- وما كان يختص به نفسه كالجبار والعظيم ، فعلى العبد الإقرار بها ، والخضوع لها ، وعدم التحلي بصفة منها . 3- وما كان فيها معنى الوعد يقف فيه عند الطمع والرغبة . 4- وما كان فيها معنى الوعيد يقف منه عند الخشية والرهبة . والظاهر أنّ معنى إحصائها حفظها ، والقيام بعبوديتها كما أنّ القرآن لا ينفع حفظ ألفاظه من لا يعمل به ، بل جاء في صفة المرَّاق من الدّين أنّهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم . (2) ---------------------------- (1) راجع في هذا الموضوع : معارج القبول : 1/84 . وما بعدها . (2) يقول أ . د . عمر الأشقر : تبين لنا بعد أن توسعنا في دارسة هذا الموضوع في كتابنا ( أسماء الله وصفاته في معتقد أهل السنة ) أن القول الراجح في معنى ( أحصاها ) : حفظها . |
سرد أسماء الله تعالى
ولعلّ ابن حجر العسقلاني قد قارب الصواب عندما عدّ تسعة وتسعين اسماً آخذاً إياها من القرآن الكريم ، وبذلك يوافق حديث أبي هريرة في عددها ، ونحن نسوقها كما سردها : 5- الرحمن ... 4- الواحد ... 3- الإله ... 2- الرب ... 1- الله 10- المؤمن ... 9- السلام ... 8- القدوس ... 7- الملك ... 6-الرحيم 15- الخالق ... 14- المتكبر ... 13- الجبار ... 12- العزيز ... 11- المهيمن 20-الظاهر ... 19- الآخر ... 18-الأول ... 17-المصور ... 16-البارى 25-العظيم ... 24-العليّ ... 23-القيوم ... 22-الحي ... 21-الباطن 30- الشاكر ... 29- الحكيم ... 28-الواسع ... 27-الحليم ... 26-التواب 35- القدير ... 34- العفو ... 33- الكريم ... 32- الغني ... 31- العليم 40- المولى ... 39- البصير ... 38- السميع ... 37- الخبير ... 36-اللطيف 45- الحسيب ... 44- الرقيب ... 43- المجيب ... 42- القريب ... 41- النصير 50- المحيط ... 49- المجيد ... 48- الحميد ... 47-الشهيد ... 46-القوي 55- القهار ... 54- الغفّار ... 53- المبين ... 52- الحقّ ... 51- الحفيظ 60- الرؤوف ... 59- الغفور ... 58- الودود ... 57- الفتاح ... 56- الخلاق 65- المستعان ... 64- المقيت ... 63- المتعال ... 62- الكبير ... 61-الشكور 70- القائم ... 69- الولي ... 68- الوارث ... 67- الحفي ... 66- الوهاب 75- الحافظ ... 74- البر ... 73- القاهر ... 72- الغالب ... 71- القادر 80- الوكيل ... 79- المقتدر ... 78- المليك ... 77- الصمد ... 76- الأحد 85- الأعلى ... 84- الأكرم ... 83- الكافي ... 82- الكفيل ... 81- الهادي 90- شديد العقاب ... 89-قابل التوب ... 88-غافر الذنب ... 87- ذو القوة المتين ... 86- الرزاق 95-بديع السماوات والأرض ... 94-فاطر السماوات والأرض ... 93- سريع الحساب ... 92-رفيع الدرجات ... 91-ذو الطول ... 98 ، 99 – ذو الجلال والإكرام ... 97-مالك الملك ... 96-نور السماوات والأرض |
خواص أسماء الله الحسنى
ذكر الشيخ حسن البنا في كتابه : ( العقائد ) (1) ، أن بعض النّاس يذكر لكلّ اسم من أسماء الله تعالى خواصّ وأسراراً تتعلق به على إفاضة فيها أو إيجاز ، وقد يغالي بعض الناس فيتجاوز هذا القدر إلى زعم أن لكل اسم خادماً روحانيّاً يخدم من يواظب على الذكر به .ويذكر أن بعض النّاس يدعي أن اسم الله الأعظم سرّ من الأسرار ، يمنح لبعض الأفراد ، فيفتحون به المغلقات ، ويخرقون به العادات ، ويكون لهم به من الخواص ما ليس لغيرهم من الناس . وهؤلاء الذين أشار إليهم الشيخ قالوا بغير علم ، ونطقوا بأمور لم يأت بها نص صحيح من كتاب ربنا ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما كان كذلك فلا اعتبار له ، ولا حجّة فيه ؛ عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كُلّ عملٍ ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ ) .وهذه الأقوال والادعاءات فتحت الباب للخرافة ، فبذلت الجهود وضاعت الساعات في سبل خاطئة ، وحصل من ذلك ضلال كبير .والفضيلة التي نصّ عليها الرسول صلى الله عليه وسلم لاسم الله الأعظم أنه إذا دعي به أجاب ، وإذا سُئل به أعطى . --------------------------- |
فائدة العلم بهذه الأسماء
أمّا الفوائد الحقيقية التي يجنيها المسلم من هذه المعرفة بأسماء الله وصفاته فيمكن أن نوجزها في عدة أمور : 1- التعرف على الله سبحانه وتعالى ، فأسماء الله وصفاته هي أعظم وسيلة تعرفنا بربنا سبحانه وتعالى ، وبدون ذلك سيبقى الإيمان بالله فكرة غامضة لا تعطي ثماراً طيبة ، وقد فصّلنا القول في صفاته وأسمائه فيما سبق ، ولله الحمد والمنة. 2- تمجيده والثناء عليه بأسمائه وصفاته ، وتمجيد الله بأسمائه وصفاته أعظم ما نمجد الله به ونثني عليه به ، وهو من أعظم الذكر الذي أمرنا به في قوله : ( يا أيَّها الَّذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً ) [ الأحزاب : 41 ] . 3- دعاؤه بأسمائه وصفاته ، كما قال : ( وللهِ الأسماءُ الحسنى فادعوه بها ) [ الأعراف : 180 ] . وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة أنّ واحداً من الصحابة دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أجاب . 4- زيادة الإيمان : فكلما علم العبد شيئاً عن الله وصفاته ازداد إيمانه . 5- الشعور بالقوة والثبات ؛ لأن العبد يركن إلى القوي القادر الغالب . 6- تعليق القلب بالله ، فالذي يعلم أن الرزق من عند الله يطلب منه الرزق ، والذي يعلم أن الله جبار يخاف منه ، والذي يعلم أن الله عليم يراقبه …وهكذا . 7- الأجر العظيم الذي نحصله من وراء هذه المعرفة ، فتعلم هذه الأسماء والصفات أشرف ما يمكن أن يدرس ، وتعلمها وتعليمها خير عمل يقام به . نماذج من تمجيد الرسول عليه السلام لربه وثنائه عليه ودعائه له : أحب أن نسوق نماذج من الكلام النبوي فيه تمجيد وثناء وحمد الله بأسمائه وصفاته ، ودعاء له بها علاوة على ما تقدم : 1- عن أبي هريرة : أن أبا بكر الصديق – رضي الله عنه – قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مرني بشيء أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت . قال : ( قل : اللهم عالمَ الغيب والشهادة ، فاطر السماوات والأرض ، ربّ كلّ شيء ومليكه ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شر نفسي ، ومن شر الشيطان وشركه ) . رواه الترمذي وأبو داود والدارمي . (1) 2- عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال : ( ربّنا لك الحمدُ ، ملءُ السماوات والأرض ، ومِلءُ مَا شِئْتَ من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، أحقّ ما قال العبدُ ، وكُلّنا لك عبدٌ ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجدّ ) . (2) 3- عن ثوبان – رضي الله عنه – قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً ، وقال : ( اللهم أنت السلامُ ، ومنكَ السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) . (3) 4- عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب : ( لا إله إلا الله العظيمُ الحليمُ ، لا إله إلا الله ربّ العرشِ العظيم ، لا إله إلا الله ربّ السماوات وربّ الأرض ، ربّ العرش الكريم ) . (4) 5- عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أحبّ الكلام إلى الله أربعٌ : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، لا يضرك بأيهن بدأت ) وفي وجه آخر : ( أفضلُ الكلام : سُبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ) . (5) 6- وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمنِ : سبحان الله وبِحمدِهِ ، سُبْحانَ الله العظيم ) . (6) ------------------------ (1) مشكاة المصابيح : 1/734 . ورقمه : 2390 . (2) رواه مسلم : 1/347 . ورقمه : 477 . (3) رواه مسلم : 1/414 . ورقمه : 592 . (4) صحيح البخاري : 11/145 . ورواه مسلم : 4/2093 . ورقمه : 2730 . (5) رواه مسلم : انظر مشكاة المصابيح : 1/706 ، ورقمه : 2294 . (6) رواه مسلم : 4/2072 ، ورقمه : 2694 . |
http://www.alfrasha.com/up/1307645581240870345.gif سوف اعرض هنا مقالة وشرح مفصل لصفة من صفات الله عز وجل الا وهى الوكيل اسم الله الـوَكيل (1) الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى أله وصحبهِ أجمعين، الحمد لله الذي يسر لنا هذا اللقاء وأسأله سبحانه وتعالى أن يجعله لقاءا مباركاً مرحوما، اللهم آمين. لازلنا في أسماء الله، واليوم إن شاء الله الاسم الذي سنتكلم عنه هو اسم الوكيل، الآن كما تعلمون أن أسماء الله ـ عز وجل ـ كلها لها علاقة معاً ومرتبطة ببعض، وأسماء الله ـ عز وجل ـ كلها تُسَددِ في نَفسِ الإنسان ثغرات متَّصلة بِبَعض، وكما تعلمون أن الله ـ عز وجل ـ عرَّفَ نفسهُ إلى عبادهِ من أجل أن تستقيم حياتهم ويفهموا ما هو المُراد من عَيشِهم، وذكرنا في قواعد في بناء النفس القاعدة الأولى التي تعتبر أهم القواعد في التعامل مع الحياة : أن ابتلاءك في الحياة ليس اختباراً لقوتك الذَّاتية إنما اختباراً لقوة استعانتك. وهذه بالنسبة لَنا قاعدة ذهبية، على أساسها تختلف تعاملاتنا مع الحياة، يعني إذا فهمت أن حياتك وممارستك للحياة عبارة عن اختبار لقوتك الذاتية، فمــــاذا ستفعل؟ ستصارع بنفسك، ستدافع بنفسك، ستدبر نفسك،ستتخيل أنك أنت المسئول عن تدبير نفسك، هذا لو تصورت أن الاختبار واقع في قُواك الذاتية، لكن لو فَهِمت أنه أنت أصلاً ليس لك قُوى، وهذا الكلام ليس وَصفَنا لأنفُسِنا، إنما هو وصف الله ـ عز وجل ـ لعبادهِ، في أوائل سورة الإنسان قال الله تعالى {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ} ما بهِ؟ ما وصفهُ؟{لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً } مرَّ علينا دهراً طويل لسنا بشيء، وسيمر على العالم دهر طويل ونحن لسنا فيه، فأنت الآن كما وصفكَ الله في سورة النساء{ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً } فكونك تفهم أنه أنت لستَ الوحيد الضَّعيف، لأنه أحياناً أحد يقول : أنا ضعيف الشخصية، أنا ضعيف ..." نقول : (( لا )) لست أنت الضَّعيف فقط، بل كل النَّاس خُلِقوا ضُعفاء، لكن في شخص يَلتقط لنفسهِ صورة خارجية أنه قَوي ويقوم بتمثيل هذا الدُّور، وهناك شخص يكتشف أنه ضعيف لكن ما يَعرف ما مصدر قوته، وآخر يعرف ما مصدر قوتهُ، فأنت اختبارك ليس في قواك الذاتية، فأنت ليسَ لك قوة ذاتية، إنما اختبارك في قوة استعانتك، قَوة الاستعانة هذه كيـــف تأتي؟ == > تأتي بقوة المعرفة عن الله، يعني أنت الآن لمَّا تريد أن تذهب إلى طبيب، والناس يمدحوا لك هذا الطبيب، فتذهب وأنت قلبك ممتلئ بهِ ثقةً، أنا أقول هذا الكلام في الأوضاع العادية، يعني الناس العادية لمَّا أنت تُخاطبهم وتُوَثِّقُهم في طبيب، فيذهبوا له وهم به واثقين، من أجل ذلك يذهبون له وهم مرتاحون، الآن نحن ما مشكلتنا مع الله ـ عز وجل ـ، لمـــاذا لا نستعين به ؟؟ لأننا لا نَعرفهُ، ولم يأت أحد فَيُثني عليه عِندنا، لِذلك ما امتلأت قلوبنا ثقةً بهِ، ولذلك ما استعنا بهِ، فالجهل الآن بالله هو الذي سَبَّبَ ضعف التعلق به، هو سَبَّبَ إلى أن نأتي إلى دَورَنا الحقيقي الذي يجب أن نقوم بهِ ونتركه، لأنه أنت لو اعتقدت أن أنت لك قوة مــاذا ستفعل في نفسك؟ ستبقى طوال الوقت تُصارِع، مُتخيِّل أنه أنت بقواك الذَّاتية ستفعل، لست متصور أن المطلوب منك هو قوة استعانتك، طيب، عندما يُقال لك: لابــد من أخذ الأسباب، والشَّريعة أمرت بالأخذ بالأسباب ؟!! ماذا نقول؟ نقول : نعم، أخذ الأسباب هو قلب الاستعانة، لكــــن كيف آخذ الأسباب؟ أولاً لابد من الاستعانة بالله أن يُهيأ لي الأسباب، أصلاً هذه الأسباب أنت ماذا تعتقد بها ؟؟ أليست هذه الأسباب من عطاء الله؟ نعم، هي أصلاً من عطاء الله، يعنى لو تعاملتِ باسمه ((الفتاح)) مثلاً، أولاً هذا الاسم ما معناه؟ من معانيه أنه سبحانه وتعالى يفتح مغاليق أسباب الخير، و أنه يفتح مغاليق القلوب،فأنت لو جئت تكلميني عن الأسباب، سأقول لك : نعم، أنا أعلم أن الله خلق الكون على مبدأ التَّسبب، ولا يوجد شيء إلا وله سبب، لكـــن أيضاً اعلم هذه المعلومة المهمةأن الأسباب هذه مُلك لله ـ عز وجل ـ ، مـــاذا تعتقد؟ هل تعتقد أن الأسباب تَسبق الله أم تعتقد أن الله هو الأول الذي ليس قبله شيء؟ بل الله ـ عز وجل ـ الأول الذي ليس قبله شيء، إذاً كل الأسباب أنا أتوسل إلى الله الفتاح، الأول أن يرزقني إياها، وأن َيفتحها علي، وأن َيشرَح صدري للتَّعامل معها، وأن ينفعني بها، وبعد ذلك تأتيك آية واضحة تقول لك{أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ }إذا نظرت إلى حقيقة المسألة ستجد أن البذرة والماء والحول والقوة التي عندك، هذه كلها من عند الله، ثم مَن فَالق الحَّب والنَّوى؟ ومَن مُخرِج الثَّمرات؟ ستجيب نفس الإجابة، إذاً من الذي على الحقيقة يزرعه؟{أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ }إذاً قوة تعلقك بالله معناها أن تتعلق به أن يُهيأ لك الأسباب، تتعلق به أن ينفعك بالأسباب، تتعلق به أن يُعطيك نتائج الأسباب، فلا تتصور أن اختبارك في قُواك الذَّاتية، بل كل اختبارك دائر في قوة استعانتك به، لكــــن لمــاذا لا نستعين؟ لِضَعفِ معرفتنا به، فضعف المعرفة يُوَلِّد ضَعف الثِّقة به، ثم تَشعر أنك ممكن أن تُدَبِّر نفسك أحسن من تدبير الله، يعني بَدل ما تَحمل كل هُمومك وتَضَعها عِندَ بَابِ الله، تقوم تشعر أنك لابد أن تقوم بتدبير شأن نفسك، وبعد ذلك تقوم تَقنَع نَفسك وتقول : ربنا قال خذوا بالأسباب..." نعم لمَّا ربي قال لك خذ بالأسباب، أمرك أولاً أن تَنزِع قلبك إليه،{فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ} في نفس الحالة،{ فَإِذَا عَزَمْتَ } هذا فعل ماذا البدن أم القلب؟ القلب، ما معنى [ إذا عزمت ]؟ يعني إذا اجتمعت إرادتك، مثلاً : قررت غداً أن تستضيف أصدقائك، وغداً هو اليوم المناسب، خلاص عَزَمت وهو الذي على تعبيرنا قررت، في هذه اللحظة، لحظة اتخاذ القرار وليس في لحظة تنفيذه بل في لحظة اتخاذه، مـــاذا تفعل؟ تتوكل على الله، والأمر صريح أنه وقت ما تَعزِم على الأمر، وقت ما تريد أن تؤدب أولادك، وقت عزمك على هذا، مــــــاذا تفعل؟ توكــل على الله، إذاً معنى هذا أنك قبل ما تكلمني عن أسباب تحقيق مُرادك، وعن أسباب تأديب أولادك، وعن الأسباب التي تُنجِح لك موقفك مع ضيوفك غداً، كل هذا قبل ما تكلمني عن الأسباب == > افزع إلى الله، فهو نِعمَ الوكيل، نِعمَ من وَكَّلت، يعني أنت عزمت الآن، فإذا أَردْت |
التَّنفيذ كأنك تُوكِّل عَنك من يُنفذ، فهو سبحانه وتعالى وكيلٌ على عباده، ما معنى أنه وكيلٌ على عبادةِ؟ يعني تَكفَّلَ أن يُدبِّرهُم أَحسًن تَدبير ويُصلِحهُم أحسَن إصلاح، ويَشرَح صُدورَهم ويُيَسَّر أمورهم، لكــن العَجَبْ أن تَجدهُ وكيلاً للعباد، عالماً بأحوالهم، وهو العزيز الذي أمره ينفذ ولا أحد يرده، كل هذه الصفات فيه، وبعد ذلك لا نتخذه وكيلا، يعني هذا عَيب في التفكير، لأنه أنت لمَّا يأتي أحد يقول لك : هذا وكيل العمارة " ما معنى وكيل العمارة؟ يعني الذي يهتم بشئونها ويراعيها ويراجعها، ولازم منه أن يعرف تفاصيل الذي فيها، فَمَهما كنت تَثِق أن هذا سَتُوَكِّلُهُ على عِمارَتك ويأتي لك بنتائج جيده، مهما كان، لكنه لابد أن يكون فيه نقص وعيب، لكــن أنت تقول : الحمد لله أن ربي رزقني هذا وكيل، أحسن من أني أنا أقوم بمتابعه أموري ..." وهذا وهو جاهل، ناقص العلم، ينام، ضعيف الإرادة، ضعيف القدرة، ليس كل ما يريده يحصل، فكيف بمن لا تأخذه سنة ولا نوم، فكيف بمن هو على كل شيء قدير، فكيف بالعزيز الذي إذا أراد أمر أنفذهُ ولابد، كيف لا يُتَّخذ وَكيلا ؟!! ثم إذا لم تتخذه وكيلا مــــاذا فعلت بنفسك؟ أَهلَكتَ نَفسك، لأن أنت تقول في أذكار الصباح والمساء ( لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) ، وفي رواية أحمد ( إن تكلني إليها تكلني إلى ضعف وعورة وذنب وخطيئة ) يعني أنا لو جئت دبَّرت نفسي، مــاذا يكون ناتج التدبير؟ سأُضيع نفسي، أو أدبر تدبير يَظهَر فيه عَواري، أو أَدبِر تَدبير أقع فيه بذنب، أو أدبِّر تدبير يحصل مني فيه خطيئة، إذاً هذا تدبيرك لنفسك، فلماذا تقتنع بنفسك برغم أنك أنت جَربتَها، و رأيت كيف أنك لمَّا تدبر لنفسك ماذا يحصل لك.
إذاً أنت لابد أن تتصور ضعفك، هذا أول وصف لك، وليس ضعفك أنت فقط، بل أنت وكل الناس الذين حولك، فلا تتشبث بأحدٍ من الخلق، فكلهم على حدٍ واحد لهم واصفٌ واحد وهو الفقر{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } فكلهم على حدٍ سواء من جهة فقرهم، فإذا كانوا كلهم على حدٍ سواء من جهة فقرهم فلمـــاذا تُعَلِّق نَفسَك بالفقراء ؟!! و لمــاذا تَنتَظِر مِنهُم إمدادَك، وتنتظر مِنهُم إسعادك ؟!! لا تنتظر منهم، إنما الإيجاد من الله و الإعداد من الله والإمداد من الله والإسعاد من الله، ألست تعلم أنه هو أضحك وأبكى، فإذا كان هو الذي أضحك وأبكى تَوَسَّل إليه أن يَشرَح صدرك وأن يُهَدِّئ نفسك، وأن يَجعلك ترضى عنه، فمن رضي فَلَهُ الرِّضا، طيب أنت مـمكن تقول: هو وكيلي وأنا وَكلتهُ ومع ذلك يأتيني في مواطن كثيرة شيء أنا ما أرغبه .." نقول : هذا الذي لا ترغبه أنت في أول لحظة تتصور أنك لا ترغبه، لكن إذا استسلمت له ورضيت عنه كشَفَ لَك ما يُثَبِّتَك على رِضاك، لأن العَبد جاهل بما يُصلح نُفسه، وأنا اضرب لكم مثل في تعاملنا مع أبنائنا: الآن ألسنا نُدَبَّر لأبنائنا ما نَراهُ فيه صَالِحُهم، هل كل ما نراه فيه صالحهم يناسب آرائهم وأفكارهم؟ كلكم تتفقوا أنه (( لا )) وقد يأتي قرار يكون ما فيه مصلحة إلا لهم أمَّا أنا خارج المصلحة، ويَنزُل عليهم هذا القَرار مثل الصَّاعِقة، ويَردُوه ويَدفَعوه بِكل ما يَملِكون مِن قُوة، وأنا أنظر إليهم مُستَعجِبة، يعني أنا من سأدفع ثمن هذا القرار، وأنا من سأتعب، وأنتم المنتفعين، فما بالكم تدافعون ما ينفعكم ؟! لمـــاذا تدفعوا شيء أنا متأكدة أنه سينفعكم ؟!! أنت ستقول لقصور عقولهم، ما يفهموا، ونحن دائما نقول لنفسنا : غدا يكبروا ويفهموا .. " فالرَّب سبحانه وتعالى الكامل يُعاملك بنفس الصورة، ولمَّا وَضَعَ تَحتَك سفهاء، يعني أنت كبير وهمً صِغار سُفهاء، من أجل أن تفهم نفس الصورة، من أجل أن تفهم أنه لمَّا تأتيك أفعال الله، لابد أن تؤمن أنه حكيم، ثم تَتَريث وتَنتظر ، وأنه لا يمكن أن يأتي من عند الله إلا الخير، لكن المهم == > من رضِيَ فَلهُ الرضا، ومن سَخِط فَلَهُ السِّخَط. سَخَط الله ـ عز وجل ـ عندما ينزل على أحد يجعل العبد يَنقَلب، فكل ما يكون خيراً ينقلب في تصوره فيصبح في تصورهُ شراً، إذاً العبد لو وَكَّلَ ربه لابد أن يقع في قلبه الثقة، لأن الله ـ عز وجل ـ موصوف بالكمال فما يأتي منه إلا كل خير، لكن نُفوسنا هي التي فيها أمراض تحتاج إلى علاج وأنت تعلم أننا لو أردنا أن نعالج أبداننا نذهب للطبيب وممكن يقول الطبيب : أن المسألة فيها شَق، فيها عمليه .." أنت الآن وأنت ذاهب للعميلة أو حامل ابنك للعملية، مــاذا تشعر؟ تشعر أنك ستهلكه أم أنك ستذهب به إلى الشفاء ؟ بالطبع ستذهب به إلى الشفاء، بالرغم أنك أنت فَاهم أنهم سيشقون بطنـه وسيفعلون ويفعلون، فأحياناً النَّفس هذه فيها أمراض لن تُشفى إلا بِمِشرَط، لن تشفي إلا إذا أتاك من الأقدار ما تؤلمك فَتُخرِج مِن نَفسِكَ المَرض. إذاً الآن اسم (( الوكـيـــل )) متى نحتاجه؟ بِعَدَدِ أنفاسَنا، نوكلهُ يدبر شؤوننا، وأنت الآن تعلم أنك طوال الوقت تتقلب في التدبير، تُدَبِّر نَفسك، تُدَبِّر أولادك، تُدَبِّر أَكلَك، تُدَبِّر ضُيوفك، تُدَبِّر بيتك، طوال هذا الوقت كل ما كَثُرَت حاجَتَك للتَّدبير كُلما كَثُرت حاجتك لاستعمال اسم الوكيل. سنرى قصة وردت في البخاري تُبَيِّن التَّعامل مع اسم الوكيل، من عَجيب ما قصه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن بني إسرائيل في هذا الباب، ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال ائتني بالشهداء أشهدهم فقال كفى بالله شهيدا قال فأتني بالكفيل قال كفى بالله كفيلا قال صدقت فدفعها إليه إلى أجل مسمى فخرج في البحر فقضى حاجته ثم التمس مركبا يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركبا فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه ثم زجج موضعها ثم أتى بها إلى البحر يعني هذا الآن استلف من صاحبه، أخذ المال وذهب إلى بلد آخر، وانتهى وقضى حاجته، فجاء الوقت الذي يجب أن يرد فيه المال، فلمَّا بحث عن مركب ينقله من تلك الجزيرة إلى هنا لم يجد، فأخذ خشبتاً فنقرها فأدخل فيها ألف دينار، الذي هو الدَّين الذي عليه، يعني مَسَك هذه الألف دينار ولَفَّها بالصحيفة ثم وَضعها في خشبه ثم أدخلها في زجاجة. فقال: اللهم إنك تعلم أني كنت تسلفت فلانا ألف دينار فسألني كفيلا فقلت كفى بالله كفيلا فرضي بك وسألني شهيدا فقلت كفى بالله شهيدا فرضي بك وأني جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه الذي له فلم أقدر وإني أستودعكها فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا قد جاء بماله فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذها لأهله حطبا فلما نشرها وجد المال والصحيفة ثم قَدِمَ الذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار فقال والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه قال هل كنت بعثت إلي بشيء قال أخبرك أني لم أجد مركبا قبل الذي جئت فيه قال فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة فانصرف بالألف الدينار راشدا ( صحيح وقد علقه البخاري في أماكن من صحيحه 1498 ، 2063 ، 2291 ، 2404 ، 2430 ، 2734 و 6261) .الآن لو وَكَّلت الله ـ عز وجل ـ بأمر حتى لو كان بينهم مثل هذه البُحور سيوصلهُ الله ـ عز وجل ـ لصاحبهِ، يعني لا أحد ثاني أخذ الخشبة، ولا أحد ثاني فتح الورقة، ولا أحد ثاني استلم هذه الدنانير، وهذا مما صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم من قصص بني إسرائيل، و وردت في صحيح البخاري، فهو جعل الله ـ عز وجل ـ عليه وكيلاً ونعمَ الوكيل، بيدهِ الأمر، بيدهِ مقاليد كل شيء، الآن أنت استوعب هذا المفهوم، أنه أنت لمَّا اتخذته وكيل، وَكلته على أَمرِك، يعني قلت : يا رب دَبِّرني أنا عاجز لا أستطيع أن أدبر شأن نفسي .." ننظر الآن ما صفاتهُ؟ على كل شيء قدير، بكل شيء عليم، حكيم، رحيم، فلمَّن يدبرك سَيُدَبِّرك بهذه الصفات، فأنت الآن لمَّا تأتي ويكون قوة تعلقك بهِ، يعني لمَّا تتخذه وكيلاً على الحقيقة ويكون قوة تَعلُقك به صادقه لا يمكن أن يَخذِلك، لكــن لابد أن تتصور أن المسألة تحتاج إلى توحيد، يعني مــاذا[ توحيد في التوكيل] ؟ أنه أنت ما تتخذ غيره وكيلا، أصلاً الله ـ عز وجل ـ يختبرك، وقت ما يتعلق قلبك به توكلا عليه، يأتك من الناس من يقول لك : تعال أنا أفعل لك، تعال ترى أنا عندي واسطة، تعال ترى أنا أفعل كذا وكذا أو أنا عندي كذا وكذا ..." أنت ستقول لي أن هذه من الأسباب، نقول : قبل أن تقفز إليها، لأن هذه ممكن يكون اختبار وليست أسباب،فقط اختبار، فأنت ألان من أجل أن تعرف تفرق، يجب عليك قبل أن تقفز إليها تعلق بهِ سبحانه وتعالى، واستعن به، و استهده، أخذه يا رب أم لا آخذه، استخير، المهم أنك أنت تعلم أنك لمَّا توحده بكونه وكيل لك، تأتيك البلاءات، والصعوبة كلها في أن تجعلهُ وَحدَهُ وَكيلك، لأن في مواقف تَجد نَفسَك أنك أنت عاجز، لكـــن في مواقف أَجِد نَفِسي فيها قوة، فتخيل لمَّا تكن نفسك فيها قوة أن تُدَبر نفسك، وتأتي تقول : أنا مُعتاد أن أفعل هذا الأمر،وأنا طوال عمري أقوم به وهذه ليست المرة الأولى أقوم بهِ...." يعني نفسك ستكون حاجز بينك وبينَ أن توكل الله، لأنا نحن اتفقنا سابقاً أن خبرتك نقطة بلائُكَ، بمعنى أنه كلَّما ازددت خبرة في أمر، مـــا الذي يحصل لك؟ كلما زادت ثقتك في نفسك وكلما شعرت أنك في غنى عن الاستعانة بالله، وهذا ما هو إلا خُذلان، فكلما ازددت خبرة قَلَّت استعانتك بالله ـ عز وجل ـ ثقةً بنفسك، مع أنك في أذكار الصباح والمساء تقول ( لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) يعني أنت تقول يا رب لا تجعلني أدبر نفسي ولا بمقدار طَرفة عين، يعني ولا حتى في اقل الأمور، وفي أول الدعاء تقول ( أصلح لي شأني كله ) أنت يا رب أصلح لي شأني كله، دبرني واجعله صالحاً لي، وبعد ذلك لو تأملت في [ أصلح لي شأني كله ] وفهمت ما معنى الصًّلاح وما معنى أن تكون صالحاً، فهمت أن [ أصلح لي شأني كله ] ليس معناه أنه يجب أن يوافق هواك، لا، يعني يا رب دَبرني في شأني ما يَزيدَني صَلاحاً أن أُجاوِرَك في جَنَّتَك، لأن ما معنى " هذا عبدٌ صالح " صالح لمــاذا؟ يعني عبدٌ صالح لمجاورة الله في الجنًّة، فالعِباد يَصلِحونَ للمجاورة بعد أن يُصلِحّهم الله، فأنت تقول ( أصلح لي شأني كله ) يعني أجري عليَّ في شئوني وتدبيري ما يجعلني، صالحاً لمجاورتك، ثمًّ بدأت بِدَفعِ عَدوَّك الأكبر الذي لو تُرِكتَ له لفسدت، (ولا تكلني لنفسي طرفة عين ) وفي رواية لأحمد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيها : ( إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضعف وعورةٍ وذنب وخطيئة وأني لا أثق إلا برحمتك) فهذا كلام واضح أن العبد إذا اتَّكل على نفسهِ في تدبير شؤونه ضَــــاعْ. نحن اتفقنا أن النسيان هذا أمر طبعي وعادي، و من أجل ذلك قال الله تعالى {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }الذاريات55، يعني أنت مثل هذه المفاهيم لن تستملك قلبك من أول ما تسمعها، وأنت تسمعها أول مرة تكون كأنها خاطر، ثم مع تكرارها تَتشبع بها، ثم مع تكرارها والصَّدق في إرادة التمسك بها فالله ـ عز وجل ـ يسددك في المواقف، التسديد ما يأتي إلا من عند الله ـ عز وجل ـ لكن مِثل هذا ما يَنفع فيه إلا الإعادة والزيادة حتى يتشبع قلبك، وكلما زِدَّت كلما زادت عدد المواقف التي تُوَفَّق فيها، لكن ليس من مره واحده، خلال اليوم كل ما زِدَّتَ سَماعاً عن وصف الله، كل ما زدَّتَ لجوءاً له، قَلَّت عَدد السَّاعات التي ينفصل فيها قلبك عن اللجوء لله، نحن تأتينا ساعات ولحظات ودقائق تنفصل فيها قلوبنا عن التعلق بالله، كل ما ازددت ذكراً كلما تذكرت بالعلم، وكلما فهمت عن صفاته ـ سبحانه وتعالى ـ كلما قلًّت هذه الساعات التي ينفصل عقلك فيها عن ذكر الله عز وجل. أنت عندما يُمكِّنَك الله يعني يُصبح عندك خبرة مــــــــاذا تفعل؟ أولاً ذَكِّر نفسك أنك لم تكن تعلم وأن الله علَّمك، لابد أن تُذكر نفسك بأُصولك، يعني أنت لو ما فعلت هذا ستدفع الثَّمن قريباً، مِثل أي واحد، مثلا : في النساء، تكون وحده متمكنة من طبختها، ومتمكنة من هذا الفعل، فتقول لها : افعلي لي كذا و كذا .. " فهيَ ترد تــقول : هذا أمر سهل، فقط أعطيني ربع ساعة، ..." مثل هذه ماذا يفعل الله بها؟ في الغالب أن الله يَخذلها، يخذلها تأديباً، لأن هيَ نَكَبَت نَفسها، نكبت نفسها بماذا ؟ بأنها شعرت بقوة قدرتها، ولأن الله تعالى يعاملك بحلمهِ، فأنت أمام الناس تتكلم تقول : هذا الشيء سهل عليَّ وأنه هذا الأمر مثل شربة الماء..." ويتركك الله ـ عز وجل ـ ويعاملك بحلمهِ، لكـــن كلما ازددت عِبادةً وطاعةً كُلما تَأَدَّبتَ بِسُرعَة قَبل ما تَفلِت، وهذه كلما أتت بسرعة كلما دلَّ على أنك من الله قريب، طيب خلاص أنا تمكنت من الشيء، أولاً دائماً ذَكِّر نفسك أن الله علمك، ثم اعلم أن هذا الذي تمكنت منه ممكن بكل سهوله تأتيه عوائق لا تستطيع أنت أن تصلحها، قليل صداع يأتيك في رأسك ما تستطيع أن تنظر على الجهاز، أو الناس الذين يشتغلوا على النت وواثقين أنهم سيرسلوا أغراضهم ، ففي لحظة وحدة ينقطع النَّت، وأحياناً تقول: انقطع من عندي، سأذهب إلى الجيران .." فيكون الكيبل في البحر الأحمر انقطع، هذا الكيبل لمَّا انقطع مرتين وراء بعض في سنتين وراء بعض، الناس الذين كانت قلوبهم معلقة بالنِّت أتتهم صدمة، لأن أناس كثير سافروا ومعتمدين على أن فلان سيرسل له كذا و فلان سيعطيه كذا، وفجأة يقول لك لازم ننتظر على الأقل ثلاث أو أربع أيام إلى أن يَصلح، يعني أنت خارج مُطمَأِن أنك أنت مُدبر كل شؤونك، وأنه أنا الآن سأفتح بريدي وأُلاقي على بريدي كذا وكذا، وبعد ذلك أصل في النهاية ولا أجد بريد يفتح ولا أي شيء من هذا يحقق، أنت المفروض تتأدب من هذا الموقف وتفهم أنك أنت ما تستطيع أن تُدبِّر شأنك، ما تستطيع أن تُدَبِّر أُمورَك، إنما اجَعل نفسك قَوي في تَوكلُك على الله، يعني أحياناً كثيرة نأتي نتوضأ |
ونتذكر أشياء كثيرة وأنه انتبه لا تنسه، وأنه لو نسيته شيء كثير سيذهب، وبعد ذلك ونحن نصلي نتذكره، وبعد ما نسلم من الصلاة أيضاً نتذكره، ونحن نلبس ملابسنا نقول أنه لو نسيت هذا الشيء سأرجع له من أخر الدنيا، وفي الأخير نركب سيارتنا ونحن قد نسيناه، أليس هذا ما يحصل معنا ؟!! هذا تأديب عام == > أنه أنت لو ما اتخذته وكيلا حتى لمَّا تتذكر ويكون بينك وبين المشوار دقيقة واحدة، يعني كم من المرات أخذنا أشياء نريد أن نأخذها معنا ووضعناها عند باب البيت حتى لا ننساها، وبعد ذلك نخرج وننساها ونحن أصلاً خارجين من بيوتنا لأجلها، ونخرج ونركب سياراتنا ونحن لم نأخذها، من أجل أن تعرف أنت مَن، فلو اتخذته وكيلا كان ذَكَّرَك بها في الوَقت المُناسِب وكان شَعَرت بِمنَّتُه فَتَشعُر بِضَعفَك، لا تقول لي : أنا ذاكرتي ضعيفة .." لا تقول مثل هذا الكلام، الآن لا يوجد أحد ذاكرته ليست ضعيفة، لكن الذاكرة الضعيفة هذه ما سببها؟ ليس سببها أنك أنت ما أكلت جيداً أو نمو خلايا مُخَّك، هذا الكلام كله يُعامَل بهِ أشخاص ما مَعَهم قُلوب، أنت ذاكرتك في قلبك، فقلبك هذا بقدر امتلائهِ بكمال الله، وبقدر امتلائه بالتعلق بالله، بقدر ما يُذَكِّرَك الله ما ينفعك، ولَمَّن ما يذكرك تفهم لماذا لم يذكرك، لحالةٍ أو لأخرى.
على كل حال أنت لا تُرهِق نَفسَك، كَونَك تَتَصور أنك تُدبِّر شؤونك كلها، وأن تبقى ذاكراً للأشياء وما تخطأ، وتحمل بكفيك الاثنين مسئولياتك ومسئوليات أولادك، أنت الآن لو حملت كأسين ماء مع بعض وتريد أن تتحرك، معك كأس ماء وتريد أن تحمل شيء من الأرض، تحتاج قوة إتقان أن لا تسكب الماء وأنت نازل تأخذ ورقة من الأرض، تدبيرك لشئونك بنفس هذه الطريقة،يعني من أجل أن لا اسكب الماء وآخذ الذي في الأرض يحتاج له تركيز، وبعد ذلك في النهاية مع قوة التركيز لابد أن يَسكُب من الماء قليلاً، هذا هو تدبيرك لنفسك، مهما بذلت جهودك، مهما كان معك أوراق وأقلام و تخطط وتخطط، في النهاية ما يَحصُل إلا الذي يريده الله، هل معنى هذا الكلام >> يعني ما نُخطط ؟!! يعني ما نَكتُب لِنَفسَنا ؟!! لا تفهم خطأ، نحن من أول الكلام نقول == > أنت أول ما يشتعل في قلبك إرادة شيء استعن بالله، لمَّا تأتي تقول: أنا جاءتني فكرة و ما رأيكم أن نفعل كذا وكذا .." سأناقش كلمة [ جاءتني فكرة ] سنـــعربها :- - جاء == > فعل - الياء == > ضمير مفعول به ( أنا) - الفكرة == > فاعل من أين أتت هذه الفكرة ؟ وكيف ستكون هذه الفكرة فاعل؟ ومن أين تأتي الفكر إلا أنها مواهب يهبها الله ؟!! يعني أصلاً مَن قَدَحَ في ذِهنَك هذا المَخرَج أو هذه الفكرة؟ ما قَدحها إلا الله، فأنت أول ما تشتعل في نَفسك الحاجة، أول ما تَعِزم على طول تعلق به فهو الوكيل، فيسددك، فما تَكتب إلا ما يَنفعك، وما تُخطط إلا ما يُناسِبَك، وأنت طوال الوقت في ضيق، الآن أنت في عُنق الزُّجاجة، من أجل أن تتوسع هذه عنق الزجاجة استعن فيُفَرِّج عليك، إلى أن تصل إلى القرار السليم. نضع الآن القاعدة مرة الأخرى التي مَرَّت علينا سابقاً، كيف أن العِباد كلهم يُختبروا هذا الاختبار، ثلاث اختبارات في حياة العَبد مُتكررة، مَرْ مَعنا آية الزمر وآية يونس {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هو } هذا أول اختبارين، والثَّالث سيأتي في الزُّمَر، ما معنى {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ }؟ الاختبار الأول الآن أن تعلم أنه هو الذي مسَّكَ بالضر، هل أنت راضِ عنه أم لست راضٍ، يعني الاختبار الأول في الرِّضا == > هل ترضى عنه أم لا ترضى بعد ما مسَّك بالضر، سواء وقت وقوع الضُّر أو بعده، ليس فقط الرضا في وقت وقوع الضر ومن ثم انتهى، والرسول عليه الصلاة والسلام قال كما صح: ( إنما الصبر عند الصدمة الأولى ) رواه البخاري، فهنا سيتبين رضاك، طبعاً الذي يصبر عند الصدمة الأولى هذا أعلى شيء، والذي يتصبر ولكن ليس عند الصدمة الأولى يعني بعدها بقليل أفضل من الذي لا يتصبر نهائياً، والذي يتصبر في اليوم الثاني أفضل من الذي لا يتصبر أصلاً، والذي يتصبر في اليوم الثالث أفضل من الذي يتصبر في اليوم الخامس، لكن الصبر الحقيقي هو : إنما الصبر عند الصدمة الأولى. {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ } أنتم لمَّا تأتيكم هذه الكلمة لا تكلموني عن الضُّر العالي حتى لا تُحجِّموه في مكان بعيد، الضُّر هذا أي شيء، بتفاصيل الحياة، يعني لا يُعقل أن أحد يسير فيصطدم في الباب فيقوم يَسُب الباب، وهذا الكلام موجود، والآن لمَّا يَصُعب عليهم شيء يَلعنوه، طيب قل بسم الله، استحضر الاستعانة يفتحها الله لك، لكن كل شيء بالمقلوب أصبح عندنا، على كل حال {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هو} يأتي الاختبار الثاني الآن == > تطلب مِمن الكشف؟ { فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هو} وهنا يُناسب اسم الوكيل،{ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هو} ممكن تأتي تقول لي : كيف يكشفه الله؟ نقول: نعم، الله ـ عز وجل ـ يعاملك بلطفه وألطافه لها صورتين :- 1) صورة : لطف محض لا علاقة لك به، أنت توكلهُ وهو يأتيك بالخير من حيث لا تحتسب وأنت ولا حركت ساكنا، طُرق بابك فأتاك الخير، هذا نوع من اللطف. 2) صورة: من اللطف وكشف الضُّر هو التَّسخير، يعني يُسخر في عقلك فكرة، يسخر لك شخص، يأتي في بالك مثلاً جِهة معينة تذهب لها، هذا هو التَّسخير، ما معنى التسخير؟ أن يسخر الله ـ عز وجل ـ لعباده فكر أو أشخاص أو ملاجئ حوله تكون سَبباً في جَرَيان الرِّزق منها، يعني أنت يكون عقلك غافل تماماً عن هؤلاء ثم يُلقيه الله ـ عز وجل ـ في قلبك إلقاءً، أنت هكذا تشعر، بعد ذلك تأتي تقول: والله أنا جاءتني فكرة .." أو تقول : أنا في ميزة خطيرة، لو يأتيني ضيق على طول يُلقى في ذهني المخرج .." يعني لمَّا الله ـ عز وجل ـ يزيدك عطاءً تقوم أنت تزيد نِسبةً،وهذا هو موطن الاختبار الثالث الذي هو في سورة الزمر {فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ } مثل ما قال قارون، يعني واحد يَمُسُه ضُر، ويدعوا الله، إلى هنا مشى في الاختبارين الأولين صح، {إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً } إذا أتيناه فكره أو سخرنا له أحد يُساعده، مــاذا يفعل؟ يقول{ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ } يعني أنا، يعـني يقول : أنا أصلاً دائما في المواقف قوي ثابت، عندي حكمة .. إلى آخر هذه الوصوفات التي يصف الإنسان بها نفسه، لكن انظر ماذا قال الله ـ عز وجل ـ ؟ { بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ } اختبار، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } هذه هي القضية أن أكثرهم لا يعلمون، فهذا ثالث اختبار، يعني مسَّك الله بضر، علمت أنه منه، ورضيت عنه، ودعوته، إلى هنا أنت ماشي صح، لكن لمَّا أتتك النِّعمة هنا إغتريت أتى الاختبار الثالث، من أجل ذلك ترى هذا الاختبار نحن ندخل فيه بِعدد أنفاسك، يعني تضيع أقلامنا، أو وَلدنا يخرج ويتأخر ونقول يا رب أأتي بهِ، وبعد ذلك لمَّا يــــأتي، نقول : أصلاً كنت حاسة أنه كذا أو كذا .." أو أولادنا يدخلوا الاختبارات وندعو الله يا رب نجحهم، وكل أحد يتصل علينا نقول له : ادع لنا أن أولادنا ينجحوا .." ولمَّا ينجحوا، تقوم تقول : أصلاً أنا كنت أذاكر لهم، أصلاً أنا كنت أسهر عليهم .." كل هذا يقال عنه { بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} لمَّا تفتحوا كتاب الله بقدر ما تستطيعوا انظروا لهذه الصفات {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }،{وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ }، َ{لَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} ،{وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } فالآيات لمَّا تُختم بهذا ابحث عن الوصف، يعني من هذا الذي الله ـ عز وجل ـ قال عنه { َلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }، انتبه يعني معناه أنه يجب أن تكون ضِد هذا الوصف من أجل أن تكون ممن يعلم، ِمثل ما ذَكرنا سابقاً في مسألة الأمثال وأنه {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ } فلمَّا تأتيك الأمثال في القرآن وتجد نفسك ما تَعلقِها معناه أنك جاهل، وهذا هو الجهل الحقيقي، لأنه أنت في قبرك ستُسأل من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ هذا الذي ستُسأل عنه. على كل حال المقصد الآن أنك أنت متى تتخذ الله وكيلا؟ في كل وقت، بعدد تدبيرك لشئونك، طيب ستقول لي : مره وحده في كل وقت، هذا أمر صعب ؟!! نقول : ابدأ مع نفسك ببرنامج، ابدأ بالشيء الذي تراه مُهم، يعني فَيّصَل، جَوهَري في حياتك، مثلاً: صلاح أبناءك، صلاح زوجك لَمَّن يكون هذا الشيء من مُهِماتَك،أو صلاح نفسك، هذه نفسك اشتكيها إلى الله، واتخذه على نفسك وكيلاً واطلب منه أن يُهيأ لَك الظروف، ويسددك ويكون سمعك الذي تسمع به، وبصرك الذي تُبصر به، لأنك الآن تبحث عن الحكمة في التصرفات، نحن الآن نكبر ونرى أن كثير من قراراتنا السابقة كانت عبارة عن طَيش، فلمَّا تبدأ تدخل في هذا النُّضج، وأنه كثير من قراراتك السابقة كانت طَيش، من أين لك الحكمة ؟!! إذا كنت ستبقى في نفس الطريقة ونفس التفكير لا تتصور أن السِّن سيزيدَك شيئا، لا، السن في العادة لَمَّن يَزيد من غير دين يَزيد معه الحُقد ويزيد معه الطَّيش، تزيد القسوة، يعني أنت الآن تأتيك مواقف مع الناس، وتلاقي هذا يَطعنك في ظَهرك، وهذا يَفعل كذا وهذا يفعل كذا، وهذهِ كُلها تَجارب ماضية، والآن بعد أربعين سنه وبكل التجارب الماضية التي عِشتَها فلمَّا أأتي أتعامل مع أحد يكون أنا في قلبي كَمية من الأحقاد على من مَضى فَأُعامِل هذا الذي أمامي بكمية الأحقاد الماضية، لمـــاذا؟ لأني أنا أنظر فيه وأقول: عسى ما تكون مثل فلان الذي فعل فيني كذا، أو ربما تكون مثل ذاك وأنت شكلك مثله، أو تصرفاتك مثل تصرفات كذا .. " و أأتي بسلسلة من التاريخ الماضي،من أجل ذلك التوحيد لَمَّا يأتي يقوم العبد يعلم أنه يعامل الله، وأن ـ عز وجل ـ إذا وَكلتَه على أمرك ما أتاك إلا من كل خير، فيأتي من هذا الشخص الذي أمامك بالخير ويصرف عنك شرهُ، أنت في الماضي خُذلت لأنك على نفسك اعتمدت، و بقراراتك وثقت، وأني صاحب خبره وأفهم أو أني أنا لست جديد على هذا البرنامج أو أني لست جديد في معاملة الناس، كلما ازددت ثقةً كلما أتت من جهة ما تنتظرها أبدا، مع أن الله ـ عز وجل ـ ما يتركك هكذا إلا ويعطيك إشارات، لكن الواحد لمَّا يثق في نفسه يصبح أَعمى عن هذه الإشارات، ونحن اتفقنا أن طريق الهدى يُعرض على كل أحد، حتى الهُدى في الأحوال يُعرض على كل أحد، لكـــن في واحد من استعان واستهدي فأرشده الله، وهناك من اعتمد على نفــسه ووثق بها فخذله الله. مثال : الآن يأتيني أشخاص يشبهوا بعض في سلوكهم، الآن هذا أخاها وله تصرفات قاسية وهي عانت من أخيها، فجاء ولدها يشبه أخاها في طِباعِهِ، وهذا أمراً أبداً ما ننكره ونحن سابقاً ذكرنا أن الإنسان عبارة عن طَبائع يُبتلى بها، وعبارة عن عقائد يكتسبها، طيب الآن هذا الشخص كيف سأعاملهُ؟ هل سأُعاملهُ بالطريقة التي كنت أعامل بها أخي؟ طيب هل أصلاً أن أخي هذا نجحت معه عندما عاملتهُ بهذه الطريقة ؟ (( لا)) فأنا لو عاملته بنفس الطريقة لن أنجح والدليل أني لم أنجح مع أخي، فلآن لمَّا يأتيك بلاء مثل هذا النوع، المفروض بالعكس، تشعر أنك فشلت، فما دام أنك فشلت في التعامل يجب أن يزيدك هذا تعلقاَ بالله، على الأقل في هذا الموقف استعمل اسم واحد من أسماء الله، استعمل اسم الفتاح أن يَفتح لكِ مغاليقَ قلبهِ وأن يُسددِك في التَّصرفات معه، فنحن الذي نقوله، أن المفروض بالعكس، كلما ازددت خبرة وفهمت أني ما أستطيع أن أفهم، يعني في أشخاص تعيش معهم ما تفهم من أين تأتي بهم، تأتي بهم من اليمن ما يطلع معهم، وتأتي بهم من اليسار أيضاً ما تطلع معهم بشيء، فبالعكس المفروض أن مثل هؤلاء يَزيدوك تَعلق بالله، من أجل ذلك نقول لك، لمَّا يأتي التوحيد وتأتي الخبرة، تقول : أنا لمَّا جربت نفسي وتعاملت بعقلي فشلت، ما في إلا الفتاح أن يفتح لي قلبك .." ونحن دائما نعبر أن فلان سُلطة على فلان، يعني يتسلط عليه، يعني طوال الوقت صوته عالي وكلامهُ كثير، وهذا بنفسهِ يأتي إلى حَد فلان ويَتكلم بِأدب، وهذه المواقف أنت تعيشها، ترى أحد متسلط على أحد، طوال الوقت مع الناس تعاملاته غير، لكن لمَّا يأتي عند هذا يتهذب، هذا من فتح الله لهذا العبد في قلب هذا العبد، يعني هذا ما يَضعهُ إلا الله، مع أن هذا الشخص ليس فيه شيء زائد عن الناس ولا هو قوي الشَّخصية، لكن الثاني هذا الذي معه شر مؤدب لمَّا يتعامل مع هذا، لمـــــــــــاذا؟ هذا أمر ليس هو بيد أحد، إنما الله ـ عز وجل ـ يفتح على قلب فلان، مِثل من هُزِم بالرُّعب على مسيره شهر، بمعنى أن هذا شيء يلقيه الله ـ عز جل ـ في قلب الذي أمامك. |
يعني أنتم الآن تجدون كثير من الشَّرِكات، سواءً التغذية أو المطاعم، لو أنا أتكلم عن المطاعم >> هل مع تساوي المُنتَّج الناس يُقِبلوا عليهم نفس الإقبال؟ (( لا )) ، ناس يفتح عليهم باب الرزق، وناس يعملوا مثل هذا المنتج ويقلد اسمه وأيضاً يُخرج منتج بنفس لون منتجه، وأيضاً لا أحد يقبل عليه، لمـــــاذا؟ لأن الله ـ عز وجل ـ فتح لهذا وأغلق على ذاك.
فأنت الآن جَرَّبت وأُغلِقَ بينك وبين هذا الشخص مثلا أخوك، فأنت لا تعيد التجربة وتربط بينه وبين ابنك، طيب أنت ممكن تقول : هم نفس الشخصية .. " نقول : طيب نحن فشلنا في التعامل الأول. فالفشل هذا يجعلنا نعيد تفكيرنا، وأنا أقول لكم هذا الكلام وأنا أعلم أنه ليس سهلاً، لأن نحن نرتبط بشخصية معينه أُبتلى بها، وألاقي أحد يشبهه له، قبل ما يتكلم الذي أمامي أنا أبدأ أُخرج الذي في نفسي،خصوصاً لو أعلم أن منه سُلطة، يعني الآن هذا أخ وابن، فأكيد الابن هذا سأُفرغ فيه كل الذي عندي، أنا أتكلم عن الواقع، لكن الواقع هذا باطل، خاطئ، المفروض أنه لمَّا يأتيني أحد مثل هذا، يجب علي أن أزيد تعلقاً بالله وأزيد رجاءً، خصوصا لو رأيت نتائج الخيرة من هذا، ما دام رأيت النتائج تصل إلى هذا الحد فأقوم أنطرح بين يدي الله، أن يفتح لي في قلب هذا، خصوصاً أن الابن أغلى وأهم من الأخ، فكونك ترى هذا فالمفروض أنك تزداد تعلقاً بالله. ومن أجل هذا نقول == > انتبه > لا تزداد خبرة وأنت بعيد عن التوحيد، لا تزداد خبرة وأنت ما تتصور أن الله ـ عز وجل ـ هو سبحانه وتعالى الذي يُلقي في قَلوب العِباد تعاملاتهم، وحسن التصرف والحكمة، فلا تتصور أنك حكيم بنفسك، ولا يأتي أحد يتصور أنه سيكسب أبنائه بِفكرهُ وعقله، ولا سيكسب زوجه بشطارتهِ أو بجمالهِ أو تصرفاته، لا، ترى التَّسديد من عند الله، فاتخذه وكيلا هو نعمَ الوكيل، يعني لو وَكلتَهُ على نفسك يُسَددك أن تتصرف كما يُحب ويرضى، والتي تشعر أنها ملكت زوجها وملكت قلبه بِشطارِتها ستأتيها قاصمة في نهاية الأمر، لكن كونك تعرف أنه لست أنت،وأنه في الدعاء يا رب سخره لي وأصلح قلبه، يعني هذه من النعم أن الله ـ عز وجل ـ يُبَيِّن للعبد في ثنايا حياته أنه هناك ثغرة، وأنه أنت ناقص ولست كامل، لا أحد يتصور هذا الشخص طول عمره صالح ولن يَخرَب، وأنه لو صلح سيصلح بجمالهِ أو بأسلوبي أو بكلامي أو بلباقتي، يعني حتى لمَّا ندخل على الناس ونكلمهم أحيان كثيرة والواحد لمَّا يدخل على أحد يتصور أنه ما دام أنهم سيفهموا ويقبلوا، وهذا موجود حتى في طلاب العلم والذين يدعون إلى الله، كلمه ( ما دام أنا ) == > هذه ستأتي بالطَّامة، لأنه أنت ستأتي بالطَّامة، سيأتي الكلام من غيرك أكثر ذلاً وتواضعاً لله، سيشرح الله الصدور له، وستنتفي أنت تماماً من الحياة. ونحن لمَّا نُطلِق ألسنتنا على أولاد الناس أنهم ما عرفوا يربونهم، وننتقد، هذا مثل الإمام المالك، الإمام مالك شيخ الدنيا في زمنه، فكان ولد ليس على سلوك تام ومستقيم، فكانوا دائما ينتقدونه، ينتقدون الإمام مالك، فكان يقول :" أن المُرَبي الله " يعني أن الله هو الذي يربي عباده، يعني أنت تعجز ليس لك حول ولا قوة، ونحن الأباء نعلم يقيناً أن المُرَبي الله، لأنه نَعجَز نأتي بهم من اليمن ما يَردوا، نأتي بهم من اليسار ما يَردوا، نعمل لهم كذا يأتوا بعكسهِ، وانتم ترون ما ترون، وهذا كله يجب أن يزيدنا تعلقاً، ومن أجل ذلك ( الزم قدميها فثمة الجنة ) عارف لمــــاذا؟ لأنك أنت ترتفع عند الله بقدر ما عندك من تعلق بالله، ترى لمَّا يأتونا أولادنا المفروض يزيدنا لله ذلاً وانكسارا. على كل حال أبنائنا هؤلاء من أسباب زيادة ذُلَنا واستعمالنا لاسمه الوَكيل،بأن نتخذه عليهم وكيلاً ليسددهم ويسددنا في التصرف معهم. نبدأ الآن في دراسة الاسم من جهة وُرودهِ، ورد الاسم في القرآن [ 14] مرة، وهذا العدد الكثير يبين لك أن تَكراره يَدل على أهميته وحَاجته، والمواطن المتعددة التي نستعمل فيها هذا الاسم، ونحن اتفقنا أن كل اسمم يتضمن صفة ويستلزم صفات. كأنَّ السؤال يقول لك، متى تتعامل مع اسم الله (الوكيل)؟ نبدأ الآن بآية آل عمران 1- {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } آل عمران 173 أنتم تعلمون هذه القصة أنه قيل للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن قريش اجتمعت لك، فماذا كان موقفهم؟ يعني هم الآن يُخَوِفُون النَّاس، ولمَّا يُخَوِّفَك أَحد مِن النَّاس مـــاذا تقول؟ >> حسبنا الله ونعمَ الوكيل، إذاً متى تستعمل اسم الوكيل؟ إذا خَشيتَ من ضررٍ يقع عليك من أحد، خصوصاً لو كان هذا الضَّرر جاء بصورة التَّخويف، يعني أحد جاء يُخَوفِك من هذا الضرر، يقولك مثلاً: عامل فلان جيداً وإلا ترى هذا ورائه شر ..." أنت الآن لابد أن يكون في داخلك معتقد، الآن كل الأدعية هذه مثل السيف، والسيف بضاربهِ، يعني السيف يقطع وما فيه أي مشكله، يعني نفس السيف ينفع، لكــن أنت ماذا تحتاج؟ تحتاج يَد قوية تَضرب بالسَّيف، والأدعية كلها مِثل السيف، والسيف متى ينفع؟ بقلب، على حسب قوة اعتقادك ينفعك الدعاء، من أجل ذلك أحيان كثيرة الناس يأتون إلى أدعية معينه ويذكرونها في مواطن، وقد تكون المواطن صحيحة وقد لا تكون صحيحة، اترك الآن صحتها أو عدم صحتها، ننظر الآن، هو يدعوا بالدعاء ويكون في موطن صحيح وبعد ذلك ما يخرج بنتيجة، مِثل أناس كثير لمَّا يقرئوا آية الكرسي عند النوم وأتى الوعد أنه لا يَقرَبك شيطان، وبعد ذلك لمَّا تقرأ آية الكرسي تَنام وتحلم أحلام مزعجة، فمــــاذا نقول لها؟ نقول هذه آية الكرسي مثل السَّيف، والسَّيف بقوة ضاربهِ، فأنت لابد مـــاذا تفعل في قلبك؟ أولاً تعتقد كل الموجود في آية الكرسي ثم تَتلوها بِلسَانك، ومِثله لمَّا تأتي تَخاف من أحد لا تتخيل أن حروف هذا الدعاء هي التي سَتنفَعك، حروف هذا الدعاء عبارة عن تَرجمة لاعتقاد قامَ في قلبك، وعلى ذلـــك كل الأدعية استعملوها بهذه الصورة، من أجل ذلك لمَّا تأتيك وعود عظيمة على أدعية لا تستغربِ، لأنه هذه الوعود العظيمة مَبنية على فَهمك لهذا الدُّعاء، مِثل سَيد الاستغفار الآن، يعني أنت لمَّا يأتيك وعد مِثل وَعد سيد الاستغفار أنك إذا قلته في الصباح ومِتَّ، مـــاذا سيحصل؟ تدخل الجنًّة، ما بينك وبين الجنَّة إلا الموت، ولو قلته في المساء أيضاً ما بينك وبين الجنًّة إلا الموت، وهذا الدُّعاء كُله على بعضهِ مجرد سطرين، ويأخذ من الوقت بالكثير دقيقتين، لمــاذا هذا الوعد العظيم على هذا النص؟ لأنك لو فهمت تفاصيلهُ، لو وَقَعَ في قلبك قوة الذُّل، وقوة البَراءة وقوة الخوف من ذنبك، كل هذا مُؤهِلٌ لك أن يُغفَر لك، فَتُقبِل على الله مغفوراً لك، فأنت الآن ماذا تفعل؟ نَشٍّط اعتقادك، يعني أنت نفس هذا النَّص ارجع مرة أخرى اقرأ معانيه، واقرأ ما يدل عليه، نشِّط اعتقادك مثلاً في اسمه الغفور، لمَّا تنشط اعتقادك في اسمه الغفور ويأتيك سيد الاستغفار سَيَنشِط، أنتم الآن في الطِّب ألا تَعلمون أن النَّاس يأخذوا ابر مُنَشِّطة، مُنَشطة مثلاً لضد الأمراض، الإبر المُّنشِّطة ماذا تفعل في الجسم؟ تُحركــهُ، وأنت أيضاً العلم الجديد هذا ردائك، وتكرار العلم القديم هذا مُنَشِّط، يُحَرِّك في قلبك، ولا تنسوا الآية {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }الذاريات55 هنا في هذه الآية في آل عمران أتوا الناس إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم وقالوا لهم { إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ} يعني جاء الذي يُخيفَك بالمواجهة، وقال فيها {حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} 2- {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }النساء81 الكلام هنا عن من ؟ هؤلاء المنافقون بالباطن، يعني أناس ما تعرف مَن هُم، ماذا يقول الله؟{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ } يعني هؤلاء المنافقون يقولون طاعة، سمعاً وطاعة سنفعل،{ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ} يعني إذا خرجوا من عندك،{بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ}،{ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} هذا على وجهة التهديد، { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } يعني اتركهم لا تحمل هَمَّهُم ، يعني هم يكونوا في صفوفك وهذه مشكلة النفاق، أنهم يكونوا في صفوفك في داخل بيتك، في داخل مجتمعك، في داخل طلابك لو كنت معلم، في داخل مدرستك لو كنت مدير، في داخل حلقتك لِمَن له حلقات وله اجتماعات، المهم أنت مجتمعك الصغير هذا يكون في داخلهُ واحد منافق يبيت لك ما لا يرضى الله من القول، لكن من هو؟ وما حالهُ؟ وماذا يبيت؟ وكيف يريد أن يَصِل؟ كل هذه هموم ستجعلك لا تنام الليل، وهي ليست مثل الحالة الأولى، الحالة الأولى على الأقل واضح فيها عَدوَّك، لكن الحالة الثانية أشد صعوبة لأنها من الدَّاخل وخفية، وكل واحد يقولك في هذا الذي تَشُك فيه رأي وكل واحد يوجهك فيه توجيه، وما تعرف في النهاية ماذا تفعل، وما يريدون أن يفعلون وماذا يدبرون وماذا يخططون إلى آخرهِ، يعني هذا الكلام مَكائد، وهذه تكون بين النساء أيضاً، تحصل في مسائل تتصل بالتعدد، وليس شرطاً بالتعدد، ممكن لمَّا يكون نساء الإخوان مع بعض،حريم الاخوان0 هؤلاء لوحدهم عندهم مؤامرات وقصص وحكاوي، فتجد أنهم يجلسون في المجلس ما شاء الله ما في أحسن منهم، وتعاملك وتقول لك : تعالى أذهب بك إلى كذا.. " وتكون كأنها صاحبتك، وبعد ذلك تنقلب، ويصبح هذا يقول لك رأي، وهذا يقول لك رأي، وأحد يقول لك : أنا زعلانه منها، طوال المجلس أحسها منافقة تقول لك كلام ومن ورائي تقول كلام .." هل تصدقي هذه التي قالت لك هذا الكلام، أم تصدقي هذه التي ظاهر معاملتها لك بالطيب، مـــاذا تفعل؟ الحل == > هو ثلاث حلول :- * { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } * {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ} * واعتقد يقينا أنه { وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً } نحن مشكلتنا هذه الجُملة الأخيرة { وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }نحن لسنا مُتَيقِنين بها, من أجل ذلك نقول لك افعل أفعالا، ما هي؟ أول شيء اعرض عنهم، يعني لا تدخل في الخوض في الكلام معهم، اتركهم، يعني عاملهم ما في مشكلة لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عامل المنافقين، لكن من الدَّاخِل اعرض عن كُل كَلامَهُم، لا هذا الذي يقول لك هذا الكلام، ولا ذاك الذي يقول لك هذا الكلام، لأنه أنت لو شغلت نفسك بهم،خلاص انتهى لا تستطيع أن تعبد ولا تدعي ولا تصلي، ولا تعرف طريقك المستقيم، وهذا من أصعب البلاء >> أن يأتيك البلاء من أحد مَدفون ما تَعرِف مَن هو، أو ممكن تعرفه لكنه ليس ظاهر و ليس باطن، وتصبح بين أن تظلم نفسك وبين أن تظلم الآخرين، كل هذه كأنها دَوامة، لا تشغل نفسك بهذا كلهُ لأنه ليس من أجل هذا أنت خُلِقت، إنما أتاك هذا امتحاناً لك، لو آمنت أن هذا امتحان، افعل ثلاث أفعال، فِعلَين بقلبك، وفِعل بِبَدَنك، اعرض عنهم ولا تدخل في نقاشات، واملأ قلبك توكلاً عليه، ثم مــاذا سيفعل بك؟ سَيَرُد عنك، سَيشغِلهم بِنَفسَهم، وسَيجعَل تَدبيرَهم تَدميراً لهم، وسَيُنجيك وإن فعلوا ما فعلوا، وسَيُخرجكَ مِنها كُلها،هذا التوكل الآن، وبعد هذا لمَّا يتحرك في قلبك شيء سَكِّنْ نَفسَك أنه أنا يكفيني أني وكلت الله، وكفى بالله وكيلا، هو سيأخذ لي بحقي، وسَيَرُد عني. انظروا ما جاء الحل مجرد أنك فقط تتوكل على الله وكفى بالله وكيلا، أيضاً جاء في الحل أنك تعرض عنهم وما تُدخِل نفسك في نقاشات، وتُدخِل نَفسَك في كَلام كثير، ترى هذا الكلام الكثير هو الذي يُدَخِّل أطراف ليس لها علاقة بالموضوع، و كل المشكلة هي أننا نتوازن بين مفاهيم كثيرة >> هنا الصعوبة، يعني مثلاً : نتوازن بين توكلي على الله واكتفائي به وكيلا هذا بالنسبة لي يعتبر غاية في الطمأنينة، وبين أني أنا ضعيف أصلاً ليس لدي القدرة والنَّفس أن أُنافح ولا أُدافع، وبين أن النَّاس يتهموك بالضعف، وأحياناً أنت تكون من الداخل أصلاً ما فيك حَيل أن تناقش ولا تتكلم، وغير أنك أنت تُعرض وتأتمر بأمر الله وتتوكل على الله وتكتفي به وكيلا، هذه الصعوبات التي تجدها في الدنيا، لابد أنك تجد حولك من يؤذيك، فتتعرض إلى أن تُؤمَر بِمِثل هذا الأمر{فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }. |
2-{وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }النساء132
الآن لَك أُمنية، عِندك رَغبة تَوَد تَحقيقها، سَواء صَلاح أبناء أو إلى آخر ما يَتَمنى النَّاس، وتَجِد أنك أنت ما تستطيع تحقيقها لنفسك، أو تراها في الأفق لكن تغتم خائفاً أن تفوت أو ترى أمامها عوائق، أو ترها قد تفوت لسببٍ ما، مــاذا يُقال لَك؟ >> أنت مُناك هذا أليس ملكاً لله ؟! هل يأتي به أحد غير الله ؟! مُناك لا يأتي به إلا الله، وأنت تعلم أن له ما في السماوات وما في الأرض، إذاً اتخذه وكيلا، وَكِّلهُ أن يأتي لك بِمُناك، مثال : واحد يريد أن يترقى وشاعر أن هذه الترقية في العمل أمنية يحبها ويتمناها، أنا لن أناقشه أنها هذه أمنيه في الدنيا، أنا سأناقشه حول أنه ما دام أنها ظَهرت لك أُمنية، إذاً كيف تعاملها؟ لا تَشغِل نَفسَك ليلاً ونهارا، أنه سيقبلون فلان لو تكلم، وهذا أتى بشهادته وسيتفوق على شهادتي، لا تفكر هذه التفكيرات، إنما أُمنِيتك التي تريدها تَمنَّاها على الله، واتخذه وكيلاً يأتيك بها، فإذا اتخذته وكيلا كفى به وكيلا، طبعاً أنت تتخذه وكيل وأنت تعتقد أنك لو وكلته ما يَخذِلَك، فإذا ما أَتاك مُرادك سيأتيك ولو بعد حين، وسيأتيك في أَحسَنِ وَضع، وسيأتيك مُرادك بل أعظمُ منه، لو أنت رضيت به ربا، فكونك تتخذ الله وكيل، هذا معتمد على ماذا؟ معتمد على رضاك بالله. مثلاً: تمنيت تخصص في عِلم مُعَيَّن، وما قُدِّر لك وذهبت إلى مكان آخر، بعد ما اتخذت الله وكيلا، وطلبت الله و رَجَوته، وقلت أنت يا رب حسبي ونعم الوكيل، سأوكلك أمري، لن أشغل نفسي ولن أدمر نفسيتي، مشكلة الذي ما يتخذ الله وكيلا، مـــاذا يفعل في نفسه؟ يعمل تدمير من الدَّاخل، لأنه طوال الوقت يبقى في قَلَق، طوال الوقت تحسب حِسابات، لو فلان ذهب قبل فلان، ولو فلان دخل قبل فلان، ولو ما رضوا أن يأخذوا هذه الورقة، لو أخرجوا قانون جديد، وتأتيك الخيالات، خلاص فأنت من بداية الأمر رَحمت نفسك وقلت يا رب أنت حسبي ونعم الوكيل أنا إليك أفوض أمري، لأن نحن سيأتينا فعل التفويض الذي هو بنفسه هذا الفعل فيه صعوبة، يعني لحظة ما يأتيك الأمر، ماذا يجب عليك أن تفعل؟ تفوض أمرك إلى الله، التفويض هذا فعل فيه صعوبة، المهم >> أنت الآن فوضت وقلت حسبي الله ونعم الوكيل، ولم تدخل الكلية التي تتمناها وأتاك بدلها بديل، البديل هذا هو اختيار الوكيل الذي هو أعلم منك وأحكم منك وأرحم بك، يعني أنا أريد منكم أن تتصوروا الوكيل بالضبط بنفس المفهوم الذي نحن نعيشه، انظري كيف لمَّا تأتي تُــوَكِّلي أحد وتقولي له: اذهب أنت وخذ بَدَل عني قرار، وأنا أثق في قرارك، وأثق في عِلمك، وأثق في حكمتك، أثق في كذا .." مثل ما يأتي الناس يأخذوا موكل ومحامي، أنت لمَّا تريد أن توكل محامي، هل تبحث عن أي محامي ويكون أي كلام أم تذهب تبحث عن أحد ثقة، وأفضل واحد في القانون وإلى آخره ؟!! ثم تعطيه القضية، وأنت نائم مرتاح شاعر أنه هناك وكيل عنك يفعل، هذا وأنت في وكالتك للبشر، فكيف بالعليم، الحكيم، الرحيم، الذي ما يريد لك إلا خيرا، البر ، الكريم ؟! يعني أنت لازم في اسم الوكيل تأتي بكل أسماء الجمال في عَقلك، من أجل ذلك سيأتينا إن شاء الله في فعل التفويض كيف يَحصل التَّفويض بعد ما يمتلأ قلبك ماذا عن الله، فالبديل الثاني الذي أتاك هو العَوض لو أنت تركت عن عقلك كونك تفهم، يعني أنت استخرت الله فاختار لك، لمَّا يأتيك اختيار الله لا تقول : لا، الذي نفسي فيه أفضل من الذي اختاره ليَ الله .." لا تقول مثل هذا الكلام، من أجل ذلك في أخر دعاء الاستخارة تقول ( وقدِّر لي الخير ورضني به ) الرضا عن الله مهم في هذه الحال. ولمَّا يأتينا اسم الوكيل سنجد أنه يستلزم صفات الجمال، الأسماء التي فيها جمال، يعني هذا الاسم لو فهمته جيداً، ستقول لي ما دام أني سألته ويجب علي أن أتخذه وكيلا إذاً هو بَر، ورحيم، وكريم، ودود، إلى آخر هذه الصفات. 3- {إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }النساء171 ما علاقة نفي الولد وإثبات المِلكِية للوَكالة؟ لأنه { وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }، نحن نتكلم عن التوحيد بأنه وحده الإله، وليس له ولد يفوض إليه الأمر، أو يطلب منه، ولهُ وحده الملك، إذاً أنت علمت أنه وحده الإله، ما معنى الإله؟ الإله يعني المألوه الذي تتعلق به القلوب وتعظمه، في بداية آية الكرسي {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ } وفي آخرها {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} ، إذاً هو الإله العَليْ الذي تتعلق به القلوب، والعظيم الذي تعظمه القلوب، إذن إذا علمت أنه وحده يجب أن تتعلق به القلوب وتعظمه وليس له الولد وله وحده الملك، إذاً مـــا المطلوب منك؟ >> أن لا تتخذ غيره وكيلا، يعني هنا هذه الآية أتت في سياق الكلام عن تَوحيده فكما أنك تُوَحِّدُهُ في الإلوهية وتنفي عنه الولد وتُوَحَّدهُ في الملك، فَوَحَّدهُ في كفايتك بوكالته، يعني هو يقول لك { وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً } يعني لا تتخذ غيره وكيل وَحِّدهُ باتخاذه وكيلا، اجعله كافيا لك، ما معنى{ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }؟ يعني أنت المطلوب منك أن تَكتفي به وَكيلا لأنه الوكيل ولأن له ملك السماوات والأرض وليس له ولد، لكـــن الآن مناقشتنا كيف أكتفي به وكيلا وهذه هي الصعوبة، يعني أنت الآن الذي يزاحمك في المسألة كَون أن قلبك لازال يتحرك حول الموضوع الذي وكلته فيه. نضرب مثال في الواقع : لو هذا محامي وقع منك أنك وَكلته وأنت تعلم أنه على تعبيرنا ( شاطر ) فلو بقيت كل يوم تتصل على مكتبه تقول : ماذا فعلتم ... " ماذا سيقول لك؟ هل سيقبل منك؟ لا، لن يقبل، سيقول لك : أنت تثق فيني أم لا تثق، أنت وكلتني أم لا .." فهو على طول سَيَصُدك، لأنه كونك أن تبحث ورائه هذا دليل على عدم ثقتك فيه، ثم لو اكتشف أنك ذهبت سالت غيره ماذا سيفعل؟ سيعطيك ملفك و يقول لك: الله يسهل عليك، أنا لست إليك بحاجة .." والله المثل الأعلى، العبد الآن لمَّا يُوكل ربه على الأمر يجب أن لا يتعامل معه بالقلق لا ترتكب هذه الجريمة في نفسك، لا تعامل ربك الذي وكلته وطلبت منه أن يدبرك أن تقلق من تدبيرهِ، كيف يقع في قلبك القلق والذي تولى أمرك الحكيم، العليم، الكريم، الرحيم، كيف ؟!! لكن هذا الواقع في قلوبنا نسأل الله أن يغفر لنا، يعني نوكل ربنا ونطلب منه ونقول أنت نعمَ الوكيل يا رب ودَبِّر أمري و يسر لي هذا الأمر، وبعد ذلك نرى أنفسنا لا نستطيع أن ننام، وكل لحظة تأتينا أفكار أنه لو مثلا حصل كذا وكذا، لازم تفهموا أن هذا من الشيطان، فاستعيذوا بالله منه أولاً ثم أعيد على نفسك [ حسبي الله ونعمَ الوكيل ] هذه الكلمة للأسف ليست مفهومة، من أجل ذلك حتى لمَّن تقولوها ما يكون في عقلك فهما، ما معنى [ حسبي الله ونعمَ الوكيل ] ؟ يعني أنا يكفيني الله، وكلتهُ وأنا على ثقة أنه يكفيني، سيدبر شؤوني أَحسَن تَدبير، وأنت اِبحَث عن هُمومَك، فَتِّش همومك، وهمومك هذه عامل الله فيها باسمه الوكيل، وبعد أن توكلهُ استحي أن تعاملهُ بالقلق، لايقع في قلبك قلق لكمال صفاته ألا تقول أنت { وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً} و {حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } هو نعمَ الوكيل وأنت تعلم أنه، حكيم، كريم، رحيم، ودود يحب عبادهُ وعباده يحبونَه، تعلم عنه هذا كله ثم يقع في قلبك اتجاه فعلهُ قلق، أو تنتظر غداً يأتي شيء فتقلق، أنت ممكن تقول لي : هذا شيء غصبن عني .." لا بأس، أنت لابد أن تعلم أن هذا خطأ أولاً، ولا تسمح لنفسك به ما دام أنك وكلت ربك، يعني تشعر أنك في حقهِ أَذنبت، لأنه أنت الآن أقل واحد >> مثلاً الخادمة لو أنت في البيت تثقِ فيها وتعلمي أن طبخها تمام، لو جئت وذهبت عليها، ستتضايق و تقول لك أنا أعرف وأنا أفهم ومن هذا الكلام. فيعني أنه قَلقَك دليل على عدم ثقتك فيه، فانظري البشر الآن يرفضوا أن تعاملهم بالقلق فكيف برب الأرباب الذي له ما في السماوات وما في الأرض، حقيقةً هذا نوع من الاعتداء على الرَّب، أنك أنت بعد ما تتخذه وكيلا، وأنت ممكن لا تصل إلى هذه الدرجة أن تتخذه وكيلا وإن كان هو سَيُدبر سَيُدبر، لكن لمَّن تصل إلى درجة الإيمان هذه وتعلم أنه وكيلك، وتقول يا رب أنا فوضت إليك الأمر، ادفع عني ودبرني، واجعل هذه الليلة تمر بسلام، أو اجعل هذا الأمر يمر بسلام، وسددني في تصرفاتي وكلامي، بعد ما تقول هذا الكلام وتقول أنت حسبي ونعمَ الوكيل، ثم تعامله بالقلق! هذا هو الكذب على النفس الآن، ومن أجل هذا قد يُحَيطك أشخاص مَيِّتين القلوب أو مرضين القلوب، وأنت تكون هادئ، ويقولوا لك : ما شاء الله أنت فيك برود .." وإلى آخر هذه التعبيرات، ثم أنت مثلاً تُنَظِّم لِنفسك جدول على أنك أنت متأكد أن الله ـ عز وجل ـ ما يخذلك، فتقول : لو ربي قدر وصار هذا الأمر سيكون كذا وكذا .." سيقول لك : ما شاء الله عليك متفائل .." يعني لازم يُعطوك كلمة يفقدوك بها ثقتك بالله، وهؤلاء يؤسفنا أن مع طغيان المادِّية أصبحوا هم الغَلَبة الكثيرة الموجودة حولنا، فنتيجة علمنا بأسماء الله وصفاته يصبح بيننا وبينهم انفصام في التفكير، تشعر أنهم في وادي وأنا في وادي، أنا بتعامل بهذا الموقف على أني وكلت أمري لله ـ عز وجل ـ وأعلم أنه سَيُهيأ لي الأسباب، فأتوسل إليه أن يهيأ لي الأسباب، وهذا أبداً لا تتصور أنه لا يقابل الحركة، بل هذا الذي يوكل ربه يُفتَح لهُ من الأسباب ما يأتي بأدنى حَركة من هذا الذي يوكل ربه يأتي له منها الرِّزق. أيضاُ هناك مشكلة ممكن تصادمنا، أن فلان و فلان لا يتكلموا عن التوكل ولا يعرفوا عنه، ويخططوا وينجحوا ؟!! نقول >> نعم، من أجل ذلك يأتي يُسأل يوم القيامة { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } يعني الآن الله ـ عز وجل ـ لمَّا يَرحمك يُعلمك عنه بالعلم ، ويؤدبك لمَّا تبعدي عن ما تعلمتِ، فهؤلاء القوم يُعاملهم الله بحلمهِ، يخططون فَيوجِد لهم تخطيطهم، يُرتبون فتنجح ترتيباتهم، فالمفروض أنهم بعد ما انتهوا يزدادوا تعلقاً بربهم حمداً وشكرا، والحاصل أنهم يزدادوا انتفاخا بأنفسهم ، ينتفخوا ويعاملهم الله بحلمه، ثم يخذلهم في مواقف، فيقول لك :أنا خسرت هذه الصفقة لأني ما أعطيتها كل تفكيري .." تجديه دائر حول نفسه، إلى أن تأتيه قاصمة وينتهي موضوعه، فلمَّا يأتي يوم القيامة يُسال { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} يعني لمَّا عاملك الله بكرمه وأعطاك و أعطاك ما الذي غرَّك؟ لماذا اغتــررت ؟!! فأنت الآن مُشكِلَتَك شخصين :- 1) مشكلتك ترى ناجح بلا توكل 2) ومشكلتك من يثبطك ويَبُث في قلبك القلق، و يقول لك :أكيد أنت تعبان نفسياً، وقلق .." ،يعني لو ما كنت هكذا ستثبت عليك التُّهمة، مع أن من يعلم عن الله أشفَى النَّاس قلوبا، لأنهم يتعاملون مع كتابهِ الذي هو شفاء لِما في الصُّدور. س: أنا أستخير في شيء مثلا في الزواج ثم يفشل هذا الزواج، فممكن أحد يقول نحن استخرنا، يعني متوقع أن الله اختار له فالمفروض ما تفشل الزَّيجة، فأنا استخرت في دخول الزواج، فلو كان شراً كان أعرضه الله عني؟ لماذا لم يعرضه؟ ج: هذه المسألة تَنظُر لها من زاويتين : - 1 – الزاوية الأولى : أنك تكون رُبَّما عَزَمت وأصررت ثم استخرت من باب تكميل الصورة، يعني أنت مُقَرر وفي رأسك الموضوع وكل شيء، فاستخرت فقط مجرد تحصيل حاصل، هذه صورة من الاستخارة. 2- الزاوية الثانية: أنك كنت حاضر القلب في الاستخارة غير مقررٍ إلا بعد أن تستخير، فهذا امتحان، سنضرب مثال: مثال الشريعة التي تأمر الذي طلق زوجته ثلاثا، أن تتزوج هي غيره ثم تطلق منه طبعاً على المنهج الشرعي، طب لمـــاذا مثل هذا؟ لأنه ربما لم تكن لتحتمل زوجها الأول وصفاته إلا لمَّا تتزوج غيرهُ وتتأدب فتعود له وتَعمُر حياتها، وهو أيضاً ربما لا يُؤدبهُ إلا أن يَعلم أن زوجته قادرة على أن تتزوج غيره وتذهب، ففي ناس ما يُؤدبهم ولا يعدَّل نفسيتهم إلا دخولهم في تجربة، فهذا استخار الله وطلب منه فأدخله الله هذه التجربة تأديباً له، تعديلاً لشيء في نفسهِ، رفعاً لدرجتهِ، فهذا من الحِكَم الأخرى. 4- {ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}الأنعام102 أنت الآن اعبده وانشغل بعبادته، وكل الذي يَهُمَّك ماذا تفعل بِه ؟ وَكَّل الله عليه، يعني هنا واضح فيها { فاعبدوه } لأنه انشغالك بتحصيل مصالحك، ولا نقصد انشغال بدنك، ترى انشغال بدنك سهل لأنك تذهب وتنتهي من أشغالك وترجع تنام وأنت مرتاح، المشكلة ليست في انشغال بَدَنَك إنما في انشغال قلبك، واهتمامك به، وكل يوم تُخطط لغدِ، لا، اسمع أنت يقال لك { وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }بمعنى أنك لا تعتني إلا بإصلاح دارك الآخرة، طيب والدنيا التي نعيش بها ؟!! لا بأس، اتخذه وكيلا سيرزقك وييسر لك، ويأتيك من الموافقات العجيبة في الأسباب مالا تستطيع إدراكهُ، والآن أنت طول النهار تسمع عن دورات تكلمك عن النجاح وماذا تفعل من أجل أن تنجح، ويقولوا لك لو فعلت كذا ستنجح والحياة تصبح سهلة، طيب الآن أنا سأقول لك وَصْفَة تُسَهِّل عليك الحياة أكثر بكثير من كل التفكيرات، مــاذا تفعل؟ >> اذهب لِمَن يملك كل شيء وهو الذي عَرَض عليك أن يكون عليك وكيل ويُنفق عليك ويُعطيك ويهيأ ويحدد لك أين تذهب من أجل أن تأتي بِمُرادك، فاذهب إلى من يملك كل شيء وتوسل إليه أن يرشدك من أين تأتي بمرادك، واطمأن إليه فهو الذي يهيأ لك الأسباب من أجل أن تأتي بمرادك، يعطيك الحول والقوة من أجل أن تذهب تأتي بمرادك، لمَّا تَصِل إلى مرادك فهو الذي ينفعك بمرادك، مــاذا تقول أنت وأنت خارج من بيتك؟ ( بسم الله، توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ) أخرجه أبو داود (4/325 ، رقم 5095) ، والنسائي فى الكبرى (6/26 ، رقم 9917(وغيرهم ، ما معنى قولك [ لا حول ولا قوة إلا بالله ] لمَّا تخرج من المنزل؟ يعني أنا أعترف يا رب ليس لي حول ولا قوة على تحصيل مصلحتي إلا بِك. فلا أيسر من أن تعيش على الله معتمد، ومنه منتظر أن يريك الأسباب وييسرها لك فتأخذها، يعني أنت الآن مثلا ً نفترض أن هذا زوج ابنتي أو هذه جارة أو هذا معلم أو هذه شابة الآن دخلت على زوج، ما مفاتيحهُ؟ ما الذي يرضيه؟ ما الذي يوصِلنِي إلى قلبهِ؟ هذا سر ، يعني أنت مهما كنت تفهم لا يمكن أن تأتي بمفتاح قلبه، لكن الذي خلقه، الذي {لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ} انكسر عنده، {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} فهو الوكيل الذي يُسَددَك أن تتصرف مع هؤلاء كما ينبغي وتنفتح قلوبهم لك، أليس هو الفَتَّاح الذي يَفتَح مَغاليق القلوب، فإذا كان هَمك قلوب من حولك فهو الفتاح الذي يفتح مغاليق القلوب، وإذا كان همَّك الرزق فهو الفتاح الذي يفتح مغاليق الأرزاق ومغاليق الأسباب، وإذا كنت تريد علم فهو العلم الفتاح الذي يفتح مغاليق الفِكِر، فارتاح وتوكل على الحَيّ الذي لا يموت وقُم بوظيفتك {فَاعْبُدُوهُ} و فوق هذا كله، اعلم أن توكلك عليه == > يزيد مكانك عنده، وهي عبادة من العبادات، وسبب لكفارة ذنوبك، ورفع درجاتك، وذِكر الملائكة لك. فأنت الآن ليس فقط ستستفيد في الدُّنيا، أنت بهذا الطريق تَسير فيما يُرضى الله عنك، يعني الله ـ عز وجل ـ ما كلفك مالا تستطيع، بل فتح عليك أبواب الارتفاع عنده، بصورة لا تتصورها، حتى تَحصِيلَك لِشؤون دُنياك أَصبح في ميزان حَسناتك ما دام اتَّخذتَه وكيلا. فمن أجل ذلك نستعمل اسم الوكيل في كل ما أَهَمَّنا، فننشغل بالتعلق به أن يفتح علينا مغاليق القلوب، من أجل ذلك نقول يا جماعة ترى أكثر ما يُتعِب الناس أن يستغيث سَجين بِسَجين، وغَريق بِغَريق، ومحبوس بمَحبوس، فأنت كل الناس مِثْلَك بالضبط ،محبوسين، سجناء، غرقى،يعني مثلاُ هذه زوجة ويأتي زوجها يقول لها : أنا منتظر السعادة عندك .." فتقول : طب وأنا منتظرة السعادة عندك .." وكل واحد ينتظر من عند الثاني السَّعادة، الآن هذا ينتظر من هذا وهذا ينتظر من هذا فمـــاذا نفعل؟ هل أنا أستطيع أن أعطيه أم هو الذي سيعطيني ؟!! فالله ـ عز وجل ـ وكيلنا هو الذي يفتح لي في قَلبِه ما يجعلني سبباً لسعادتهِ، والعكس. [حسبنا الله ونعم الوكيل] معناها أنك توكل أمرك إلى الله، أما بلسانك فلا تتكلم بها لأنها على فهم الناس حسبنا الله ونعم الوكيل هذه مصيبة، أما بوجدانكم فانفعلوا بها. يتبع يتبع------ |
اسم الله الـوَكيل(2) الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. لازلنا في شرح اسم الله الوكيل، ونحن اتفقنا في المرة الماضية أن نَمُر على الآيات التي فيها الدلالة على اسم الوكيل، مَر معنا ورود اسم الوكيل في كتاب الله [14] مرة، وهذا دليل على شِدَّة الحاجة إليه،يعني أنا محتاجة أن أتعامل معه بصورة دائمة ومستمرة في حياتي، فصار الأمر الآن يدور حول حاجتك، أي شيء يتكرر ذِكرهُ في كتاب الله ويتكرر التَّعريف بهِ، هذا دَليل على أنك مُحتاج إليه، وأنت الآن لمًّا تتأمل في المسألة تجد حقيقةً أنك محتاج إلى أن تجعل لك وكيلا، لمــاذا أحتاج أن أجعل لي وكيلا؟ لِأن وَصفي الضعف، {وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً }النساء28 لابد أن تُؤمِن أن وَصفك الضَّعف، لا يَغُرَّك الصورة التي يعتبرها الناس مثالية، يعني الناس يعتبرون الصورة المثالية هي أنه يحب أن تكون قوياً، طب أنت وُصِفت أَن أصل حالك أنك ضعيف، حتى على الطاعة أنت ما وصفك وما حالك؟ ضعـيـــــف، فإذا كان وصفك أنت الضعف، يصبح ماذا يجب عليك أن تفعل إذا كان وصفك الضعف وتريد أن تَقوَى وتُحقق مُرادك؟ >> تستعين بالقَوِي، من أجل ذلك لَمَّا أُمرت بإياك نعبد، ما أُمرت بأن تستعمل قوتك، يعني أنت لمَّن تريد أن تستقيم، الاستقامة هي {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} وهذه ما تأتي وحدها إنما تأتي ب { إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فإذاً أنت لابد أن تتصور حقيقة نفسك أن الله وهبك مواهب، وطبائع في نفسك، وَهَبَك صِفات خاصة، لَكن لمَّا وَهبك هذه المواهب ما تستطيع الانتفاع بها إلا بِعَونٍ مِنه، والحديث صريح (يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم , يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم) رواه مسلمفهذه هي الصورة الحقيقة التي يجب أن تنكشف لك، طيب نحن نرى قوم لا يستطعمون الله يعني لا يطلبون منه الطعام وعندهم، نقول {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ }الانفطار 6 يعني أن الله من أسماءه الحليم، الكريم، الرحمن، فهو يعامل عباده برحمته وبكرمه وبلطفه إلى أن ينتهي الاختبار، متى ينتهي الاختبار؟ لحظة قبض الرُّوح، لحظة قبض الرُّوح هذه كلمة معناهاانتهى الاختبار، فأنت طول ما أنت تعيش في الدنيا، طول ما تُعطَى مِن أَجل أن تَرجِع إلى بابه، تُعطى من أجل أن تُصلِح حياتك، من أجل أن لا تأتي اللحظة التي تقول فيها {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي }الفجر24 فأنت تعيش بعون من الله، في رحمة الله، حتى مشاعر وأحاسيسك هذه ما هي إلا من رحمة الله، الآن النبي صلى ـ لله عليه وسلم ـ كيف لَانَّ للنَّاس؟ يقول الله ـ عز وجل ـ {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ}آل عمران159يعني من رحمة الله، الله وهبك أن تكون لَيَّنا، فَلينَك مَع النَّاس هذه موهبة ليست من صفاتك الشخصية، ممكن تقول : لا، هذه من صفاتي الشخصية. نقول : صح، طب من الذي أعطاك الصفات الشخصية ؟! و بعد ذلك تأتي في مواقف تقول : أنا بتصرف عكس شخصيتي. هذه المواقف تحصل من أجل أن تفهم أنه حتى لو كنت تتصور أن طبيعتك التي خلقك الله عليها لَيِّنَة تأتي لحظة ممكن تُصبح عَكسً ذلك، فأنت تتصور أن هذه الطبيعة مِلكَك،يعني أنا هكذا طوال عمري، نقول : هذه الطبيعة أنت ما تملكها، بل الله ـ عز وجل ـ هو الذي يُيَسَّر لَك، ممكن تأتي تقول : ما دام الأمر هكذا، طب أنا ماذا أفعل في الحياة؟ نقول دورك في الحياة هو الاستعانة >> هنا اختبارك، بأن تستعين، وتجعل الله لك وكيلا، هذا هو المطلوب منك وهذا هو الاختبار، في ناس ما اتخذوه وكيل معتقدين أنهم يُصَرِّفون أَنفسهم، فَصَرَّفهُم الله وهو الذي دَبرهم هم في الحقيقة لم يُدبروا أنفسهم لكن عاشوا أغبياء طـــول الحياة، متصورين أنهم هم يُدَبِّروا أنفسهم، و في ناس ربي كشف عنهم هذه الغُمَّة {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا}الأنعام122 فهذا الذي في الظلمات دائماً يَصف نفسه أنه ذكي وفاهم، والذي أراه الله النور دائما يكون عاقل، يفهم أنه لولا أن تَداركه الله بالرحمة وباللطف ما كان انكشف له هذا الخبيث، ولا انكشف له هذا السَّيئ، ولا انكشف له هذا الطَّيب. وصلنا الآن إلى أن ((الوكيل)) اسم من أسماء الله التي نحتاجها بعدد حاجاتنا، أنت الآن تعرف أن الله ـ عز وجل ـ لمَّا جعلك في الحياةِ موجودا أنشأ لك الحاجات من أجل أن يَنشَأ مِنك التَّعلقات والتَّوسلات به، يعني كل مره تَعتَصر وتدخل في حَاجة، وأنت طوال الوقت محتاج تأكل وتشرب وتنام، و أولادك ينجحوا ويتربوا تربية جَيَّدة وإلى آخر ما نتكلم عنه، كل هذه الحاجات التي تحتاجها لمـــــاذا الله ـ عز وجل ـ ينشئها لك؟ من أجل أن يبقى منك التَّوسل به، والتَّعلق به، طيب لمَّا تتوسل به وتتعلق به، نشأت لك حاجة ماذا تحتاج الآن ؟ تحتاج إلى أحد يُحَقق لك الحاجة،لأن أنت بنفسك لا تستطيعها أنت فاهم أنك لا تستطيعها، أوراقي هذه في مكتب فلان، و فلان هذا القاسي الذي لا يتعامل مع الناس كما ينبغي، أنت الآن مشاعرك أنك لو ذهبت طرقت باب فلان، هذا ما يأتي معه الكلام الطيب، ستسال من؟ ممكن تسأل الذي أقل منه سكرتيره، تقول له : ممكن تترجى لنا هذا من أجل أن يعطينا.أو ممكن تأتي بواسطة من أجل أن يعطيك، وممكن تطلب رَب الأرباب، وانظر الآن للمقارنة التي تكون في القلب، أولاً من الذي يَخطُر على بَالَك أَوَّل مَرَّة؟ يعني أنت الآن عرفت أن أوراقك في مكتب فلان الموصوف والمعروف أنه صعب الوصول إليه، مَنْ الذي يَمر على خاطِرَك مُباشرة لأن يأتي لك بمرادك؟ على حسب النفسيات وعلى حسب التَّعلقات، في واحد يأتي في بَاله على طول السكرتير، أو فلان الواسطة الذي يعرفه، يُمَرر في خاطرة ويقول : أنا أتذكر أن لي قرابة عند فلان وإن شاء الله ما يكون مسافر. وفي واحد أول ما يأتي على خاطرة، يفزع قلبه إلى الله، فهذا أول اختلاف، طيب بعد ما فزع قلبك إلى الله بعد ما تذكرت الله ـ عز وجل ـ مـــــــــــاذا تظن به؟ كلامنا الآن في اسم الوكيل دائر حول ماذا نظن به يتبع |
لأنه من أعظم الذنوب التي يقترفها العبد وهو لم يتحرك من مكانهِ، ذنب سوء الظن بالله، تُوَكَّلهُ على أمرك ثم لا تثق بهِ أنه يَعطيك أو تَظُن فيه أنه يخذلك هذا من أعظم الذنوب وهو ذنب سوء الظن بالله.
نحن الآن نقرأ من كلام الله ـ عز وجل ـ ما يبين لنا ما يجب أن يقع في قلوبنا لمَّا تنشأ الحاجات لنا، ماذا نفعل؟ ماذا يكون في قلوبنا من ظنٍ في الله؟ مثلاُ هنا {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً }الأحزاب48 لاحظوا هذا ثالث موطن يَتَبَيَّنْ لنا فيه أنه لمَّا يكون في من يُريد إيذائك ظاهراً كان أو باطناً، وهذه الآية جمعت الآن بين الكافرين والمنافقين، ونحن مر معنا سابقاً آيتين وحدة كانت في الكافرين وأخرى كانت في المنافقين، لكن هذه الآية الآن جمعت بين الكافر الظَّاهر العداوة وبين المنافق الذي يكون معك ويكيد لك، الآن لمـــاذا تتوكل على الله وتعتقد أنه كافيك؟ لأنه من وَصفهِ أن وكيل، أنه يتوكل شؤون عباده، فإذا كان الآن لك عدو في الظاهر أو عدو في الباطن، ماذا يُقال لك بالتَّكرار؟ لا تَقلق، انتبه ترى أعدى أعداء حسن الظن بالله القلق، مرض القلق إشارة إلى عدم حُسن الظَّن بالله، ولا تقول لي : أن هذا طبيعي . لا تَقنع نفسك أن القلق طبيعي، لازم تظنون أن القلق ظاهرة مرضية، مرض نفسي، عارف لماذا هو مرض نفسي؟ لأنك لمَّا تَسمع عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا قال (حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليهالسلام حين ألقي في النار) الآن أنت مهما كانت مصيبتك هل مصيبتك تساوي أنك أُلقيت في النار ؟! أنت الآن خذ من ما فَتَح الله به على الأنبياء ما يُنَاسِبَك، هذا نبي وابتُلى بأن يُلقى في النار، وأنت بلائك هل وصل أن تلقى في النار؟ (( لا )) هل أنتم الآن في عُرضتاً لأن تُلقوا في النار؟ الجواب (( لا )) أنتم الآن عندكم جزء من البلاء، هذا واحد على مليون من بَلاء أن يُلقى الإنسان في النَّار، الآن هو يُقال لك إذا كان إبراهيم ـ عليه السلام ـ سيقلى في النار فقال " حسبي الله ونعم الوكيل " فَنَجَّاه الله، نحن نريدك أن تنظر لِتَنجِية الله له، (وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادههمإيمانا وقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل)رواه البخاريفي الحالتين لمًّا اتخذوا الله وكيل مـــاذا فعل بهم؟ نَجَّاهُم فأنت مشكلتك ما هيَ؟ قلقك سَببهُ ليس هَول ما تُقدِم عليه، بل سبب قلقك ضَعف ثِقَتك بالوكيل، لأنه أحياناً نكون نحن في زمنٍ ماضي دخلنا في هذه القضية ودخلنا في أقوى منها أيضاً، ودخلنا بها من دون تفكير يعني لا توكلنا على الله ولا توكلنا على غيرهِ، المهم دخلنا فيها ومشينا ولم يكن عندنا هذا القلق، لكن لمَّا أصبح عندناخبرةمن موقف اكتسبناه وبقي في نفوسنا فصار عندنا الرُّعب، ونحن قلنا أن [[ خبرتك بلاءك ]] · فهناك خبرة تجعلك تثق بنفسك وما تتوكل على لله · وهناك خبرة سَيئَة تجعلك تقلق من فعل الله يعني أنت تقول: أنا قبل كذا دخلت في موقف مثل هذا وخرجت منه خسران، أتأذيت، أتألمت، تطلقت. نقول الآن: خبرتك هذه هي بَلاءك هنا، لأنه المطلوب منك وأنت قادم على تجربة مُكررة أن تزيد ثقتك بالله، لأن العدو هنا الذي هو الشيطان، لمَّا تأتي تتوكل على الله ماذا يفعل بك؟ فقط يضع أمامك في شاشتك فَشَلَك القديم، ويُشعرك أنه صحيح أنت اتخذت الله وكيلا لكن لابد أن الواحد يتعلم من تجاربهُ، ويأتي لك بالحديث ( لا يلدغ مؤمن من جحرٍ مرتين )متفق عليهوهذا الحديث على كل حال ليس فَهمه الذي يَفهمه غالب الناس، الفهم الصحيح معناه = > أنه إذا كان مؤمناً قَوي الإيمان لا يقع في الذنب مرتين بعد أن شعر بألمهِ، لكن إذا ضَعف إيمانه يَعيد الكَرَّة مرة أخرى. إذاً أنت الآن لمَّا تَدخل في تجربة وتخرج بنتائج سلبية منها، وأنت مُضَّطر لدخول نفس التجربة مرة أخرى، فالحاصل أنه ما يبقى في ذهنك إلا الذَّاكرة السلبية، مثال == > الولادة، الآن هذه امرأة ولدت أول مرة وتألمت وتعبت وتعذبت، فتأتي المرة الثانية ونقول لها أدعي الله أنه ييسر لك فتدعي الله وهي ميتة قلق من الدَّاخل ما هي شَاعرة أنها لو دَعَت سَتتغيَّر الصورة، غير قادرة تَثق أنه ممكن تأتي مرة ما تكون نفس صورة المرَّة الماضية، المهم في نِهاية الموضوع لابد أن تَتصور أن ما حَصل لها المرة الماضية ليس شرطاً أن يتكرر، أنت لمَّا تَصبِغ نفسك أنه لابد أن يتكرر تُبتلى فيتكرر، يعني أنت الآن تقول يا رب أنا جَرَّبت نفسي، ورأيت الآلام، يا رب أنت وكيلي أنت حسبي ونعمَ الوكيل دَبرني، صَرفني، يَيسر لي، فأنت يا عبد الآن لمَّا تُقدم على آلام، تُقدم على مُهمات، تُقدم على أشياء صعبة، ويكون في ذاكرتك لهذا الشيء كراهية أو ألم أو ضعف، لا تُعامِل القادم بالماضي، لأن مُعاملَتَك القادم بالماضي وأنت اتخذت الله وكيل فيهِ سوء ظن بالله. أنت الآن لمَّا الله ـ عز وجل ـ يبتليك المرة الأولى وتفشل، وأنت مضطر تدخل نفس التجربة مرة ثانية، راجع ما الذي أَضعَفَك المرَّة الأولى، ما هو الشيء الذي جَعلك ضعيف؟ ما هو الشيء الذي كان سبباً في ضَعفك وخُذلانك؟ أنت إذا شهدت على نفسك أن المرة الأولى كانت بسبب ضَعف في الإيمان، في المرة الثانية ماذا تفعل؟ قَوِّي إيمانك، اجعله لك وكيلا. س: أحياناً يكون قلقي ليس من الله بل من ذنوبي أن الله بسبب ذنوبي سيعاقبني؟ ج: أولاً معلومة أن الذنوب لها أثر على الحياة معلومة صحيحة مئة في المئة، أن الذنوب لابد أن تكون مؤثرة على الحياة. 1- لكن وكيلك لَمَّن تكون إليه مُضطَّر و بين يديه منكسر لا يمكن أن يَخذِلَك ه ه في هذه اللحظة، يعني إذا كان الكافر لو دعا دُعاء المضطَّر استجاب الله له ه وهو كافر، فكيف بمن اتخذ الله وكيلا هل سيخذله لذنوبه؟ !! 2- إذا كنت تعلم أن السبب ذنوبك فالزم الاستغفار وتوكل عليه. يعني لو جاء أحد يقول لك : أنا ترى لست قلقل من ربنا، أنا قلق لأني أنا ما أستحق أن يعطيني الله . نقول : لا تسيء الظن بالله عز وجل. ترى هذا نوع إساءة ظن بالله، لمــــاذا هذا نوع إساءة ظن بالله؟ لأنك لمَّا تضطَّر وتلجأ لا يمكن أن الله يخذلك، الآن لو جِئت أسألك عَن الكريم في أَخلاق البَشر، واحد كريم وأنت في لحظة بَطِرت عليه وقلت له : يا أخي كل مرة تأتي لنا بنفس الأكل. وبعد ذلك أتيت يوم جائع وطرقت بابه وهو كريم، وقلت له: أعطي آكل. هل سيقول لك أنت في المرة الماضية قلت لي كذا كذا ؟! إذا كان لئيم وأنت محتاج سَيَرُدَّك، أما إذا كان كريم وأنت مضطَّر ما يَرَدُك، لكن قد يعاتبك في الرَّخاء، يعني يأتي يوم رخاء أنت فيه غير محتاج لأن تأكل وأنت جالس و مرتاح، فيقوم يقول لك : أليس من العَيب أنك تقول لي كذا، فهذا من البطر. هذه من أخلاق الكرماء أنهم في لحظة الحاجة لا يردون من يَطرق بابهم، فهل تعلمين أكرم من الله عز وجل؟ !! ما نعلم أكرم منه، فلا تتصور أنك لمَّا تتخذه وكيلا وتقف بين يديه منكسراً عنده أنه سيخذلك، سيتركك لِمَنْ ؟! طب لو كان بينك وبين الله ذنوب ومعاصي وأنت محتاج ومضر ماذا ستفعل ؟! لابد أن تلجأ له، ما عِندك حَل، يعني أنت في نهاية الموضوع ما عندك حَل، فإذا وجدَّت أن قلقك بسبب ذنوبك وأن الله ـ عز وجل ـ لن يُحقق لك مُرادك و أنت مضطَّر فهذا نوع سوء ظن، لأن اللجوء إليه و الانكسار بين يديه أحد أسباب كفارة الذنوب، هي بِنَفسَها عبادة، الانكسار، واللجوء، والدعاء، والطَّلب بنفسه عبادة، فأنت لا تطلب طلب المستغني، يعني طلب الذي يقول أعطني هذا وبعد ذلك نتفاهم، لا، بل اطلب طلب المنكسر الذليل الذي يرى نعمَ ربهِ عليه، المعترف بنعمه، والزَم الاستغفار إن كنت ترى أن ذنوبك حائلةً بَينَك وبينَ عَطاء الله، أصلا ما عِندَك حَل إلا أن تَلزم الاستغفار، ففي النهاية القَلق ليس هو الحَّل، إنما القلق من الشيطان، لابد أن تتصوروا {لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا}المجادلة10 أنتم يجب أن تفهموا هذه الخطة العَدائية التي تَجري في دِمائنا، وهي خطة الأِحزان، ما وصفها هذه الخطة؟ أنك كل ما جئت تُقبل على شيء ما يُبَيِّن لَك إلا الجانب السلبي و خصوصاً وأننا نحن نكبر في السَّن، يعني كل ما كبرنا وزادت خبراتنا الماضية، إذا ما كنا مليئين باعتقاد كمال صفات الرب، فإن تجاربنا هذه ستزيدنا قلقاً، انظري للصغير كيف هو جَريء على المواقف والأحداث، والكبير أكثر تَريثاً، الكبير أكثر تَريثاً ليس شرطاً أن يكون هذا من عقل، ممكن يكون أكثر تريثاً لأن شاشته سوداء، كل التجارب عِندهُ سيَّئة، فلمَّا يأتي يُسَلَّم على أحد يقول في نفسه: لو سلمت على فلان سيحسب أني محتاج له. لمــــاذا هذا التفكير؟ لأنه مَرَّ في تَجربة أنه أتى يُسلم على أحد فقال له: نعم ماذا تريد ؟. فوضع هذه في ذِهنه، يأتي مثلاً يريد أن يبتسم لأحد يخاف لو ابتسم له يقول له : ما ورائك، هذه الابتسامة لها معنى. فيقوم مره أخرى ما يبتسم، فشاشته التي أمامه كلها تجارب سوداء ما يستحضر إلا هذه التجارب، من أجل ذلك لمَّا نَكبَر من دُون توحيد وتعلق بالله، تزداد حساسيتنا المُهلكة وليست النافعة، لأن الحساسية النافعة هي التي بينك وبين الله، تشعري أنك أذنبتي وأنت قصرتي في الشكر، تشعري أن الله ـ عز وجل ـ أَنعَم عليكِ، أصبحت حساسة، كل حساسيتك بعلاقتك مع الله،سواء ذنب، خطيئة، نِعمة، لكن الحَساسية لمَّا تَنقلب بَينك وبين الناس، وكل ما ازددت عمرا كل ما زدت حساسية فهذا بسبب عدم وجود حُسن الظن بالله، والنساء أكثر عُرضتاً لهذا الأمر، ومن أجل ذلك لمَّا تأتي مسائل الاكتئاب وإلى آخرهِ، هذا كله بسبب أن الحياة لَمَّن سِرتَها وأنت ما تَعلم عن الله، تَراكم التَّجارب كلها أصبحت سيئة، حتى أحيناً يكون ما عندك تفسير يفسر لك لماذا أنت لمَّا الناس يبتسموا لك أنت ما تبتسم لهم، لماذا لمَّا الناس يكلموك بالطيب ما ترد عليهم، لماذا أصبحت عنيفاُ هذا العنف؟ !! أصبح ما عندك تفسير لهذا كله بسبب تراكم التَّجارب السيئة التي لم يأتي معها عِلم عن الله، و أن كل شيء رزق، وأن حتى الكلام الطيب الذي تسمعه هذا نوع من أنواع الأرزاق، وهذا طبعاً الإيمان العظيم الذي يُحَوَّل الإنسان ما يَطلُب إلا مِن الرَّزاق وما يَنتَظِر إلا مِنه، لا يَحَمد النَّاس على عطاء الله ولا يذمهم على ما لم يؤتهِ الله، أليس هذا ما جاء في الحديث «إن من ضعف اليقين أن تُرضي الناس بسخط الله تعالى و أن تحمدهم على رزق الله تعالى و أن تذمهم على مالم يؤتك الله.إن رزق الله لا يجره حرص حريص و لا يرده كراهية كاره"الراوي أبي سعيد الخدري- خلاصة الدرجة: ضعيف، المحدث: الألباني-المصدر: ضعيف الجامع (رقم 2009 ) كل هذه المعاني عظيمة، يعني أنت تأتي تنام في الليل وتذكرت أن فلان يريد أن يُقَدَّم فيك شكوى، أو فلان يريد أن يفعل فيك كذا، فتبقى طوال الليل قَلِق تنتظر الصباح من أجل أن ترى ماذا فعل، في مقابل أنك لو في لحظة إدخال الشيطان وتذكيره لك هذه الذكرى، في لحظة ذِكراك لهذا المُخيف أو هذا الكَدر أو هذا الشَّخص الذي هو بمثابة البلاء عليك، في لَحظة ذِكراك، في هذه اللحظة التي أتى فيها الشيطان من أجل يَجري فيك الحُزن، في هذه اللحظة تحتاج إلى أمرين معاً :- 1- إلى سرعة الفَزع إلى الله، أنه أنت يا رب تَرُد عني، أنت يا رب ما يأتي منك إلا الخير، أنت مالك الملك تُؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء. 2- مع قوة الاستعاذة لأنه ما يُلقي في قلبك هذهِ الحال إلا الشيطان. يعني أنا أتكلم عن هذا الوضع الذي تكون فيه هادئ لا يوجد في ذهنك ولا شيء، صفحتك صافية، و فجأة يُلقى في قلبك الخوف من فلان الذي يُدبر كذا، وفلان الذي يكرهك سيفعل كذا، وأحياناً تأتيك خيوط بعيدة عن بعض وبعد ذلك يأتي لك الشيطان يُضَفِّرها ويضبط لك الصورة، ومره واحد ترى صورة كأنها أمامك أو كأنه خبر في جريدة، وتُلاقي نفسك تفزع وأنت في مكانك، وطبعاً دائما نقول لأنفسنا (أكيد – وصح – مئة في المئة ) كل هذه العبارات نضعها من عندنا، وبعد ذلك نرى أن هذه كلها خيوط العنكبوت ولا شيء من هذا حصل، طيب افتَرض أنه حقاً وهذا الافتراض بعيد، لأنك ما تعرف كيف يلعب بك الشيطان، يعمل لك مؤامرة من خيوط العنكبوت، لكن لو وجدت نفسك لست قادر تَرد هذه الأفكار افترض جدلاً أن هذا الأمر حقيقتاً، ما الذي ينجيك منه؟ و ما الذي يخرجك منه؟ فإذاً لازال تفويضك إلى الله. الآن أنا عندي ثلاث حالات أحتاج فيها استعمال اسم الوكيل والتفويض :- · الحالة الأولى : هي الحالة التي نتكلم عنها وهي حالة الوَهَم، حالة تَلاعُب الشَّيطان بالإنسان، حالة تَقطيعه لِحالات الأَمن النفسي، الشيطان يأتي يُقَطَّع حالات الأمن النفسي التي تعيشها، لأنك وأنت آمن نفسياً مُحسن الظن بالله، هادئ ما عندك سوء ظن بالله، يعني وأنت جالس في البيت الآن وأنت غير مرتكب لمنكر، أنت فقط جالس في مكانك، فكأن الشيطان يرى حالك هكذا ويقول : كيف ما تذنب؟ . فالشيطان ما ترضيه هذه الحال فماذا يفعل بك؟ يُلقي في نَفسك خَوف من المَخاوف التي تَدور حولك، فلَمَّا يُلقي في نفسك خوف من المخاوف تقوم تَنقلب نفسيتك إلى سوء الظن، وأنه أنا ممكن يحصل لي كذا، ممكن فلان يفعل فيني كذا،ويأتي في ذهنك لماذا فلان سألني أين تسكن. يعني هذه مواقف حقيقية تحصل، أحيانايكون شخص جالس في درس أو في مكان ويسأله أحد أين تسكن، هو ممكن يسأله هذا السؤال لأنه يريد أو يُوَصله معه، فهذا يقول في نفسه: هذا لماذا يسألني أين ساكن، ماذا يريد، ماذا يريد أن يكشف عني، ماذا يريد أن يعرف عني .." فتأتي هذه الكلمة تأتي ورائها سوء ظن بالله إلى أن يأتي المرض النفسي الذي يسمى ب [ نظرية المؤامرة ] يعني إلى أن يصل الإنسان لِمشاعر يعيش أن كل الناس حوله يتآمرون به، وهذه مَشاعر موجودة وأمراض موجودة، و النَّاس غير شاعرين أنها مرض، لكن هذا بسهوله يَدخُل للإنسان، وأول مشكلة فيه أنه أول ما يأتيك هذا الخاطر الذي فيه إساءة طن بالله، كيف تعرف أنه إساءة ظن بالله؟ يُشعِرَك بالخوف من المجهول أو من المَعلوم الذي ليس له حقيقة إما يخوفك من الجهول، تفكر أنه ماذا سيحصل مع أولادي غداُ، مثل الذي يكتب مقالة طويلة عرضة أنه في عام 2100 ماذا سيحصل في الاقتصاد العالمي |
- أو ربط للمعلوم ربطاً وهمياً، أنه فلان سيفعل كذا، فتكون في دائرة من سوء الظن أنه ما يأتي من الله إلا باطل، ما يأتي من الله إلا سوء واحد يرى للمستقبل الذي ربنا سيأتي به ويجريه، ينظر له بأنه ما يأتي إلا السَّيئ منه، وهذه انعكاسه لِتَجاربه الماضية، طب في تجاربك الماضية فَتِّش في نَفسك أنت قلبك كان أين، وأين علمك عن الله، ولماذا تقرأ الماضي للنَّقاط الانتقال التي أنت تَراها سيئة، الإنسان لمَّا يَنضُج ومعه توحيد {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ }النمل19 انظري الفارق الشاسع، واحد يرى للذي مضى كُله ما جاء من ورائه إلا خير، أن الله ربنا وعلمنا كذا وعمالنا بحلمهِ، فعلنا وستر علينا، وكُنا لاهيين والدنيا أخذتنا، ومع ذلك ما أخذنا مثل ما أخذ الذي عمره عشرين وعمره ثلاثين، بل علمنا وفَهَمنَا عنه، جاءتنا لحظات توبة، لحظات انكسار، كم من المرات ذهبنا للحج وما نعرف ماذا قلنا فيها، لكن ربي عاملنا بحلمه ثم حجينا ونحن فاهمين ماذا نقول، اعتمرنا ونحن فاهمين ماذا نقول، صلينا ونحن فاهمين ماذا نقول، بعد سنين صَلينا وما ندري عن الصلاة وهي أثقل ما تكون علينا، أليس هذا كُله نعم من الله ـ عز وجل ـ طيب لماذا النَّظرة السيئة؟ إنما هذا من فعل الشيطان، إذاً هذا أول مَوطن تستعمل فيه اسم الوكيل، ما هو هذا الموطن؟ وَقتْ ما يُعاملك الشيطان بِعداوته وأنت صَافي الذَّهن، أين تظهر عداوته؟ في كَون أن قَلقك نوع إساءة ظن بالله، فهو إذا وجدك تاركاً للذنوب قَلَّب عليك هذه الذنوب التي ما فيها ولا حركة فقط و أنت جالس في مكانك، ونَحن اتفقنا أن الأذكار مثل السيف والسيف بضاربه، يعني ممكن أحد يقول: طب أنا قلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وقلت الأذكار .." نقول : صحيح، قولك للأذكار هذا من أهم العوامل لكن هذا العامل لازم تفهمه جيداً أنه مثل السَّيف والسَّيف بضاربهِ، يعني ماذا تحتاج؟ أنك تملأ نفسك من المعاني، يعني في فرق كبير لمَّا تقول " حسبيا الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " سبع مرات وأنت غير داري ماذا تقول، وبين أنك تقولها وأنت شاعر حقيقتاَ أنك أنت مُوَكَّل أمرك لله.
إذاً أنا أحتاج أن أتعامل مع اسم الله الوكيل وأفوض أمري له متى؟ >> لمَّا يَنزِغَك الشيطان نزغاً لإساءة الظن · الحالة الثانية : الموقف الثاني الذي أحتاج فيه لتفويض الأمر لله، لمَّا أُقدم على ما أخاف، يعني شيء تًُقدِم عليه وأنت ما هي مشاعرك؟ خائف منه، والخوف هذا له أسباب كثيرة: ممكن لأنها تجربة جديدة – ناس ما نعرفهم- عندي تجربة سابقة وسأدخل من جديد فيها مرة أخرى فأكون بِنَفس النَّفسية الأولى، فنحن نقول لا تفعل هذا الفعل، أنت اعتبر أن هذه تجربة جديدة تماماً ليس لها علاقة بالأَوَّل. أنت الآن لمَّا تدخل إلى تجربة جديدة نفس التَّجربة سلبيه السابقة، في تفكير الناس المنطقي يقال لك انظر للعيوب التي كانت فيك وتَفادها، فأنت مثلاً الآن مررت بأربع مرات من التجارب، المرة الثانية تفاديت خطأ ارتكبتهُ في المرة الأولى وأيضاً فشلت التجربة، طيب نأتي للمرة الثالثة تفاديت خطأين الذي حصل في التجربة الثانية والأولى، ظهرت لي مشكلة ثالثة غير المُشكَلتين الأوليتين، يعني أنا جربت أعتمد على نفسي وجربت أفعل لنفسي خريطة سَلبِيات وايجابيات، وكل مرة أدخل فيها يخرج لي شيء لم يكن في الحسبان ولم يكن ثغرة في المَرَّة الماضية، طب ماذا افعل؟ هذا الآن الذي يُجعلك لمَّا تُقدِم على شيء أنت خائف منه أهم شيء هنا >> انزع من نفسك الثَّقة بها، يعني أنت الآن لا تجعل محورك في هذه التجربة القادمة أنك أنت ستتفادى الأخطاء التي مَضت فمن ثمَ ستنجح، لأنه أحياناً أقول لنفسي أني سأتفادى الأخطاء التي مضت وتكون الأخطاء التي مضت هي بِحد ذَاتها لو تفاديتها في هذه التجربة هو الخطأ، أحسن مثال على ذلك الزواج : مثلاً امرأة الآن تزوجت أول مرة وفشلت لأنها كانت عاطفية، أو لأنها كانت تتصل وتسأل عنه كل دقيقة، وانتهت هذه التجربة، فجاءت التجربة الثانية وعاهدت نفسها أنها لن تتصل،فطلقها، لمــــاذا؟ لأنها مهملة. الذي أنت تتجنبينه بِعقلك وقلتي يجب أن أتفادها في المرة القادمة أصبح هو الذي سَبَّب المشكلة، فأنت الآن محتاج لمَّا تقدم على ما تخاف، وهو أيضاً في نفس الوقت بالنسبة لك مجهول، سواء هذا الزواج أو هذه الولادة، لأن كثير من النساء يقولوا: أنه من المؤكد أن هذه الولادة مثل الولادة الأولى .." وبعد ذلك لمَّا نكبر نفهم ولا وِلادة كانت مثل الثانية، كل وحدة لها ظروفها الخاصة، فأنت لمَّا تُقدِم على شيء خائف منه حتى لو كان عندك تجربة به اَرمي وراء ظهرك كل تجاربك، وفقط قف بَين يَدَي الوكــيل و وكله أن يُصلح لك أمرك، وأن يسدد ويوفقك ويشرح صدرك ويفتح عليك ويُنَوِّر قلبك أن تصل إلى ما تريد، لأنه أنت الآن لمَّا تمشي بين الناس تحتاج إلى نور، يعني أنه أنت العلائق التي بينك وبين الناس مظلمة، يعني يأتي في موقف ظالم ومظلوم وأنت ترى أن هذا ظالم وذاك مظلوم وفي النهاية يكون الاثنين ظالمين، أو ممكن يكونوا الاثنين مظلومين، وأنت ما تعرف، فلا يوجد طريق إلا أنك تستهدي الله، ومن أجل ذلك{أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} أحييناه بنفسه، طيب و الناس حوله ماذا سيفعل بهم؟ {وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ}الأنعام122 أنت في أَمَس الحاجة أنك لمَّا تأتي تتعامل مع الناس يكون معك نور، هذا الشيء يحصل حتى مع أولادنا، يعني أول واحد يأتي نَشد عليه وما نقبل أن يفعل كذا وكذا، وبعد ذلك فسد لأننا شَدينا عليه، جئنا للثاني فأعطيناه وبعد ذلك فَسد لأننا أعطيناه، أصبحنا ما نعرف ماذا نفعل، نرجع لنفس المشكلة، هؤلاء بنفسهم مَجهولين ما تَعرف تتعامل معهم، ما الذي يُنَوَّر لك التَّعامل معهم؟ أن تُوَكَّلَ الله أن يُصلِحك وييسر لك وينور لك ويفتح عليك، لأنه من أسماءه العظيمة التي تنفعك وقت التعامل مع الناس اسمه (( الفتاح )) فكل من عَاملته وأنت تود فتح قلبه عامله باسم الله الفتَّاح، فهو وكيلك، اطلب من الوكيل الذي وكلته أَمرك قلب فلان من أجل أن أتعامل معه وتمشي حياتي وما تنخرب الدنيا، وأنا لي سابقاً تجربة و تجربتين، فأقوم أقول يا فَتاح افتح لي في قلبه، فطلب الفَتح في قلبه مُلك لله، وانظري إلى أولادنا، يكون هذا الابن ماشي معي ويُحبني لكن أي كلام ما أريد أن أسمع منك وأنه أنت أصبحتِ معقدة، وكثير من هذا الكلام نسمعه، فأنت الآن لا تجعل هذا مانع وطول النَّهار تفكر فيه أن ابني يقول عني معقدة، أو أنه لمَّا ذهبتِ لهذه الدروس تَغيرتِ أو إلى أخر ما نَسمع، أنتِ الآن قلبه هذا أليسَ مُلك لله، ألا تعلم أن القُلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبهم كيف يشاء، فَسأَل الفتَّاح هو وَكيلك، وأنت وَكلتُه على أَمرك وقُلت يا رب أنت الذي تُصلح لي حالي، يا رب أصلح لي قلبه، أفتح لي في قلبهِ، فمن معاني اسم الفتاح أنه سبحانه وتعالى يفتح قلبه وأنه يزرع فيه الإيمان، فكل الذي تخاف منه و أنت مُقدم عليه و ما تعرف ما هو الباب، ما تعرف كيف تتعامل معه، فاطلب من الوكيل الذي وكلته، اسم الوكيل ورائه صفات أنه فتاح وأنه عليم وأنه حكيم وأنه رزاق و أنه غني مالك لكل شيء، يعني لمَّن يكون وكيلك غني وفتاح وعليم وحكيم، هل تريد وكيل دُونه؟ (( لا )) لا أحد يتخذ من دونهِ وكيلا، فقط هو سبحانه وتعالى قِف عند بابه و وَكَّلهُ أمرك، فإذا وكلته أعطاك، لكن المُهم أن في كل المسألة توكلهُ ولا توكل غيره ولا حتى نفسك، (ولا تكلني إلى نفسي طرفة علين ) إذاً من أجل أن تكون صحيح وقت ما تقدم على شيء مخيف أو شيء جديد، والجديد دائماً له رهبة الخوف، لمَّا تُقدِم عليه أنا محتاجة منك أمرين من أجل يحصل التفويض كما ينبغي : - 1) أولاً أن تَشُل تفكيرك تماماً، وَقَّفهُ، وكل ثُقلَك يكون على التَّفكير في التَّفويض، أنه يا رَب وَكلتَك، يا رب أَصلِح لي الأمر، يا ربي ما لي غيرك، يا رب بارك لي في أولادي وفي زوجي وفي بيتي، مثلاً أريد أن أنتقل من بيت إلى بيتٍ آخر، وأنا في ذهني خريطة طويلة عريضة أن فلان انتقل من بيته ثم مات، و فلان انتقل من بيته وحصل له كذا، فَتَصور وأنت ذاهب تنقل بيتك وفي ذِهنك هذه الخريطة الذَّهنية كلها وشَاعر أن البيت هذا على قدر ما أنت ممكن تفرح به، على قدر ما أنت خائف مِنه، وهذه مشاعر موجودة حقيقتاً، وأحيان كثيرة الذي يَبني البيت ما يتمتع به بل ربما يتمتع به أولادة الذي لا يحملون هذه المشاعر، لكن هو بالنسبة له أصبح هَم كبير، طيب هل من المعقول أن كل من سيبني سيقع تحت هذا العذاب النفسي، إذاً مـــاذا تفعل؟ شِل تفكيرك و وكله، أنه أنت يا رب الذي تنزل البركات على البيوت وعلى الأبناء و الأزواج، وأنت يا رب الذي تفتح القلوب ومغاليق الأبواب، أنت الذي تفتح أسباب الرزق، تيسر الأمر، فأنت في لَحظة إقدامك على الأمر تحتاج أمرين، تحتاج أن تتوقف تماماً عن التفكير، لأنه في لحظة الإقدام على أمر جديد ماذا يفعل الشيطان؟ يَضعك في مَخرطة، تنخرط تماماً،و قد لا تستطيع أن تَقف حتى على قدميك من كثرة ما يأكل فيك الشيطان من الداخل، فأنت شِل تفكيرك تماما 2( ولا تفعل إلا فعلالتفويض، أنه أنت يا رب أعطيني، أنت يا رب أتوسل إليك أن تفتح لي وتيسر لي وتبارك لي، وانظر إلى الأمر الذي تريده فَدور حَول اسم الوكيل أن توكله أن يَفعل لك ما تُريد، لأنه أحياناً تكون المرأة مع زوج ما تعرف ما هي نفسيته ويمكن يكون في قلبها خوف منه وهذا الغالب الذي يحصل، فماذا تريد؟ تريد من قلبه ميل وعاطفة، أو أحيناً ليس شرطاً أن يكون زوج جديد ربما ظروف أحاطت بالحياة فالزوج نفسهُ حصل له نوع تغيير، فماذا أفعل؟ وكِّلي الله في أصلاح قلبه، وكِّلي الله أن يعود به إليك عوداً حميدا، ومِثله الأولاد لمَّا ترينهم تشتتوا وذهبوا بعيدين، وكلي الله أن يردهم إليك رداً جميلا فهو مَالك قلوبهم، فإذا علمتِ أن الله مالك كل شيء وهو الحكيم وهو الكريم وهو الغني و إذا أعطاك ما تريدين ما نقص في ملكه شيء لماذا تطلبي الفقراء، يعني لو جِئت لهذا الزوج الذي تغير عليك وطرقتي بابهُ وقلتِ تعال نتفاهم وهذا الذي في العادة نتصور أنه حَل، [ تعال نتفاهم ] هذه تَضع حَاجز جَديد وكبير بينَّا وبينه، لأنه في النقاش أنا سأقول كلمة وهو سيقول كلمة، وفي الأخير نَخسر بعض من جديد، ونعيد النقطة مرة أخرى من بدايتها، أنا لا أقصد أنه لا نتفاهم، يجب أن تفهموا الفاصل الآن، وهو أنه قبل ما تتقدمين لأي خطوة لابد من التفويض. 3) ثم اطلب من وَكيلك أن يُلهمك ويُرشِدَك الخطوة المُناسبة، فَسترى كيف يُهيأ الله أسباب من تحت الأرض لإصلاح الحال، مَر معنا قصة : أن امرأة كانت في غُرفتها تتناقش مع زوجها على الطلاق ثم يطرق طارق عند الباب، من هذا الطارق؟ خالٌ لها، فجاء قال لها: أنتم من زمان قبل عشر شهور طلبتم مني خمسين ألف من أجل أن تُصلحوا بيتكم، أنا الآن أتيت لكم بهذا المال .." فلمَّا وجدوا المال موجود وهم مُتفقين أن كل واحد يذهب لحاله غَيَّروا رأيهم، شعروا أن رَبي أرسل لهم هاذ الرجل من أجل أن يقول لهم أن بيتكم سيصلح ومشاكلكم ستنحل، وأنتم تعلمون أن غالب المشاكل دائرة حول هذه الأمور، فَربي أتى لهم بالرزق إلى حدهم من أجل أن لا يَخرب هذا البيت، فأنت لمَّا توكل الوكيل سيأتي لك بأسباب ما تعلم من أينَ أتت، وهذا الكلام شرحناه في اسم اللطيف، أن أرزاقه تأتي بألطف ما يكون من صورة. مرت معنا إلى الآن حالتين :- - الحالة الأولى التي تكون وَهَم، مِن نزغ الشيطان، أصلاً ما يكون في أمر حقيقي ولا مَخوف حقيقي، وهذا في الغالب النَّاس يصابوا فيه بأمراض نفسية مثل : الوسواس – القلق الحالة الثانية أن تُقدِم على أمر هو حقيقتاً بالنسبة لك مَخوف، لأن أنت ممكن تأتي تقول هذا الكلام لأحد ثاني فيقول لك : على ماذا تخاف والأمر ما يحتاج كل هذا. ما لنا علاقة بالأشخاص الآخرين، أنت الله ـ عز وجل ـ لمَّا ابتلاك أنت دَون غَيرك بالإقدام على هذا الأمر لأن رِفعَتَك من هذا الباب، يعني أنت الآن أمر تراه أنت بالنسبة لك أنه مخيف أو صعب، وغيرك يراه يسير وسهل فهو الذي يراه يسير وسَهل ما يُبتلى به، وأنت الذي تراه صعب تُبتلى بهِ،لمــــاذا؟ منزلتاً في الجنة لن تَبلغها إلا لمَّا تمر على هذا الصَّعب عليك فتتعلق بالله، لأنه لو ما كان صعب ما حصل عِندك التَّعلق، أليس أنت في الدنيا تختبر ومنزلتك في الجنة على قدر نجاحك في الاختبار ؟! يجب أن تفهم هذه المعلومة جيداً، طب أنت لمَّن تكون في الثانوية العامة هل ستختبر في منهج الثالث المتوسط؟ (( لا )) لن تختبر في منهج بسيط عليك، بَل تُختَبر في نَفس الشَّيء الذي يَصعُب عليك، هكذا الاختبار يأتيك من الله، ما يأتيك إلا الأمر الذي يصعب عليك، طيب ما هوَ النجاح في الاختبار؟ النَّجاح في الاختبار أن تتوكل بكل ما تَملِك من قوة عليه لكن هذا الأمر لوحده ما يكفي لابد أيضاً من الذي يقابله وهو أن تترك التوكل على أي أحد غيره، لابد من التوحيد، ومن أجل ذلك أن تقول ( أصلح لي شأني كله) كل شيء صغيرهُ وكبيرهُ ( ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين) فأنت فاهم أن شؤونك هذه ما يصلحها إلا الله، والله ـ عز جل ـ لمَّن يصلح لك شؤونك من دون طلب يَختبرك بالشكر، ولمَّن يترك لك بَعضشؤونك فيها ثغرة من أجل أن تأتي هذه الثغرة فتكون سبباً لِتَعليك وتَرقيك عنده، وأوصف لكم هذا الأمر باسمين من أسمائه سبحانه وتعالى، (المنان ) و ( الوكيل) فأنت اعتبر حياتك مثل هذا البناء == > بَمَنّهِ كمَّل لك كل جدرانك، أنت سَويْ في صحتك، سَويْ في أعضائك، سَويْ في حياتك الاجتماعية، لك والدين ولك أسرة، هذا الآن كله من المَن، لكن لابد أن تبقى ثغرة في البناء، الثغرة هذه التي في البناء عامل الله فيها باسمه الوكيل فَوكَّلهُ أن يَسدها لك، فتبقى هذه الثغرة فلنقل مثلاً أنها بطول المَبنى يعني بطول الحياة الآن، كل مَرَّة تُوضَع فيها لَبِنَه ثم تترقى تريدها أن تكمل فيبقى تَوكلك عليه وطلبك منه إلى أن تسد كل ثغراتك، لو سددتها وأنت متوكل عليه نَجحت، ولو جئت في ثغرات وتعلقت بنفسك أو بغيرك، ستكون في هذه الثغرة رَسَبت، فتبقى هذه خَانه فيها مُشكلة، ويُعاد عليك الاختبار مرة أخرى إلى أن تسدها بقوة التوكل |
عليه فَيسدها الله عنك، ويأتي الذي بعدها والذي بعدها إلى أن إما تنجح بأن تَسد كل ثغراتك قبل ما تموت متوكلاُ عليه أو تترك في من ثغراتك أشياء ما توكلت فيها على الله ـ عز وجل ـ وبِذلك يأتي النَّاس درجات في منزلتهم في الجنة، على قَدر قَوة تعلقهم وتوكلهم على رَبهم، من أجل ذلك انظري السَّبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب فهم وَصَلوا الحَد الأدنى من سد ثغراتهم، بمــــــاذا؟ لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون، فأصبح التَّوكل هو سَد هذه الثغرات، فلو أنت استطعت أن تَسُد كل ثغراتك وما يَصير في قلبك ولا التِفات لغيره وصلت إلى هذا الحَد الأعلى الذي فيه دخول الجنة بغير حساب، ولو أنت أقل فأقل، لكنلا تنسىأن غالب مَبنَاك بُنِيَ بمَنَّهِ وكرمه، فهو الذي منَّ عليك وهو الذي يعطي النَّوال قبل السؤال، كل هذا مَنٌ مِن الله، ثم يريك هذا الجزء الناَّقص من أجل أن تأتي منك التوسلات و التعلقات، وفي هذا الجزء الناقص يَدخل ويخرج الشيطان، أما باقي البناء فاختبارك فيه صعب وهو الشكر
الشكر هذه المشكلة الأخرى وهي الشَّكر، الذي قد يصل إلى حد أن يكون مغفولاً عنه، يعني من منا الآن يقول الحمد لله أن لي نسباً معروفا؟ من فينا يقول الحمد لله أن لي بيت أم نحن في انتقاد للبيت بكل التَّفاصيل ؟! وإلى أخر ما نَجد في نفوسنا من كُفرانٍ لِنعمِة الله خفي غير شاعرين به، على سَمعنا وعلى بَصرنا وعلى قُدرتنا، كَم من النساء ينظرن إلى أنفسهن في المرآة فيحتقرن أنفسهن وأنه يا ريتني مثل فلانة في عيني أو في أنفي أو في وجهي أو في بشرتي أو في بدني، كل هذا موجود، فمن أجل هذا أنت الآن لابد أن تُفَكَِر في أن الله يعاملك في حياتك كلها بأسمائه وصفاتهِ فانظر أنت الآن تحت ظل أي اسم تعيش فهو المنان، المعطي، الغني، الحميد. أمَّا مقاييس الثغرات تختلف من شخص إلى آخر، أمر يكون بالنسبة لك صعب ويكون بالنسبة لغيرك سهل، من أجل ذلك لمَّا نأتي عند واحد ابتلي بشرب الخمر مثلاً، هذا بلاء، فأنت تأتيك مشاعر وأنت صحيح سليم تقول : ما الذي حدَّك على هذا؟ لماذا تفعل في نفسك هكذا؟ .." أنت شاعر أن قرار أن لا تفعل سَهل، لكن غيرك هذا بالنسبة له قرار مصيري، وفي هذا الموقف تَفهم الحديث ( يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة ) رواة الترمذي كيف تفهمه؟ في ناس ـ نسأل الله أن يسلمنا – يشرب ويسكر وبعد ذلك أول ما يفوق يبكي ويرى نفسه أنه فعل جريمة ويشعر من الاكتئاب حالة لا توصف، وبعد ذلك يذهب يأخذ عمره ويفعل ويفعل، ومن ثم يرجع مرة أخرى للذنب، يعني مثل هذه الحالات أنتم فقط اسألوا الله السلامة، أبداً ما يمر في خاطركم أي سؤال آخر غير سؤال الله السلامة، لمـــــاذا؟ لأنه هذه حالات ابتلاء، أنت ترى أنه لمَّا وصل إلى هذه الحال من البكاء والندم إذاً انتهى الموضوع لماذا أنت مرة أخرى تعيد على نفسك التجربة، لكن في ناس ابتلوا بثغرات وبتسلط الشيطان وبدفعه لهم وبتغييب عقلهم في لحظة، وبأشياء لا نعرف نصفها، المهم في النهاية يقع في الذنب مرة أخرى، فأنت السليم من هذا البلاء ترى أنه خلاص خذ قرار هكذا أنت تقول، لكن هو مبتلى فالشيء الذي تراه سهلاً هو عنده صعب، فهذه المقاييس دعوها، لا تأتي تفكر تقول : كل الناس قادرين أن يحفظوا القرآن، وأنا من زمن أفعل وأفعل ولا أستطيع ..." طيب لا بأس، أنت جهادك ليس في أن تحفظ، أنت جهادك في أن تبقى تريد أن تحفظ وتجرب وتعيد و تنسي وتعيد مره أخرى، خلاص هذا هو المطلوب منك، وذاك ربي ييسر له وهو عمره عشرة سنين أن يحفظ القرآن، فأنت الآن فقط امسك الطريق، أنت أجرك جاء من قوة مجاهدك في الحفظ مثلاً، وهو أجره جاء من حفظهِ ونشرهِ وتعليمهِ، أنت أجرك جاء من قيام الليل وهو أجره جاء من قوة الندم والانكسار على ذنبهِ، فأنتم لا تفكروا كيف فتح الله لكل واحد باب،لأن هذا أمر فوق أن يطاق في التفكير، ثم لمَّا ترى مثل هذا تصبح ما تتجرأ أن تقول: ربنا سيدخل هذا الجنَّة، وهذا لن يدخله الجنَّة، وهذا كيف سيدخله الله الجنَّة .." أنت ليس لك علاقة، في داخل القلوب من البلاءات ولاختبارات والنجاحات التي قد لا تراها، من أجل ذلك لمَّا تمر على أحد مذنبٌ كان أو طائع لابد أن تتخلى عن الحكم عليه، هذه نوع من أنواع العبادة أن تتخلى أن تحكم على أحد بجنة أو نار، طيب شخص مات على طاعة وشخص مات على معصية؟ أما الذي مات على طاعة فنحن نرجو الله ، نقول أن هذا صاحب دين وأخلاق والله ـ عز وجل ـ أرانا فيه حسن الخاتمة فنحن نرجو الله، لأن المشكلة لمَّا تحكم علية بحسن الخاتمة لمَّا يأتي أحد يقولك استغفر لفلان ادعوا له، ستقول : والله كانت خاتمة حسنة .." خاتمته حسنه يعني ماذا ؟!! هل معنى ذلك أننا لا ندعي له ؟!! ومن أجل ذلك أصبحنا في أحيان كثيرة نقول للناس لا تتكلموا عن خواتم الناس لأنه يبرد في القلب طلب المغفرة، يأتي أحيانا في العزاء أحد يقول: والله ربي أحسن له الخاتمة .." هذا الكلام يكون للأبناء ولمن قام بتغسيله لأنه يطمئنهم لكن إعادة هذا الكلام مرارا وتكرارا ماذا يفعل في نفس الإنسان؟ يُبَرَّد عن الدعاء. المهم يجب عليكم أن تَفهموا أن تَتَخلوا عن الحُكم لأحد سواء عاصي أو طائع، طبعاً هذا الكلام للذي هو من أهل الإيمان، أما إن كان من أهل الكفر و مات على كفرهِ فهو كافر معلوم أن الله ـ عز وجل ـ أوعَده النار. س : القلق ربما يكون مفيد في أنه يُوَلَّد قوة استعانة؟ ج : أنت الآن أَوَّل ما يأتيك المخوف ماذا تفعل؟ على طول توكل على الله، على طول استعمل التَّفويض،لكن استمرار القلق ماذا سَيفعَل بك؟ سيطحنك، ويُدخِلك باب سوء الظن، فهو لن يكون القلق مفيداً، بل سيكون العكس، لكن أنت الآن لمَّا تُوَكِّلَ الله وتطمئن لفعلهِ، وكل ما ذَكَّرك الشيطان تتذكر أنك وكلت اللهوتطمئن لفعلهِ، فهذه هي العبادة، مهما قال الناس عنك انك باردواترك عنك النَّاس مهما قالوا عنك بارِد المشاعر. س : كيف لي أن أعرف ثغراتي حتى أسددها؟ ج : أما الثغرات وبَيانَها لك فالله ـ عز وجل ـ تَكفَّل لك بهِ، كيف؟ {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ }العنكبوت2 لابد أن يَفتِنَك، لابد أن يبتليك في مسائل، وطبعاً ليس في كل شيء، لو كان في كل شيء لَهلَكنا، لكن في أشياء مُعَيَّنه يَبتَلينا الله ـ عز وجل ـ بها، يَبتلِينا من أجل أن يَكشِفنا لأنفسنا، لمَّا تكتشف نفسك == > لا تأتي تتجاهل أو تُبَرر، لأنه بعد الاكتشاف تأتي مشكلتين : - 1) مشكلة تجاهل الشيء الذي اكتشفته . 2) أو تُبريرهُ. مثال: الكِبِر هذا مرض في القلب، والإنسان ما يعرفه عن نفسه بل تقول: أنا أحب المتواضعين، وأتواضع، لمَّا يأتي موقف أفعل كذا وكذا .." وبعد ذلك تأتي في موقف ويختبرك الله ويبتليك وتظهر بالمقياس أنك متكبر، فتقوم ماذا تقول؟ تقول : أن هؤلاء الناس ما ينفع معهم إلا هذا التعامل، لازم أفعل معهم هكذا من أجل كذا .." هذا اسمه تَبريرات، لو أنا أتكلم مثلاً عن الخدم، الخدم هؤلاء نستغفر الله العظيم هُم الطريق السريع إلى النَّار لِناس كثيرين، سواء من مشاعر التَّكبُر والاحتقار، بالإضافة إلى الظلم وغيره، مع الخدم هناك قاعدة عند النساء سواء في المملكة أو في الخليج أنهم ما يمشوا إلا إذا عاملتيهم هكذا، مع أنَّك لو قَرأت في السَّيرة عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم في مسألة تعامله مع الخدم وتعامل الصحابة معهم وتعامل التَّابعين سترى أن هذا هو الخط الصحيح، و أول ما أقول لأحد هذا الكلام يقول لي : هؤلاء الصحابة والتابعين، ذاك النبي صلى الله عليه وسلم .." ويقول لَك أن هذا الكلام ما يأتي بنتيجة، نقول له ترى بالتَّجربة، أنت ما دام أن ابتلاك بهذا الشخص افعل واحد من فعلين : - - إما أن ترى أنك تستطيع أن تَتعامل معه، فأكمِل معه واصبر على عُيوبه، خ لأنه لن يأتيك أحد ماشي على الخط المستقيم - أو اعتقه، اتركه، رُدهُ، حتى لو خسرت مالك، خسارة مالك أليست أفضل لك ه منالنَّار. س: صعوبة فعل التَّوكل والتَّفويض مَبنِي على ماذا، هل على ثغرات فِينا أم لأن الأمر صَعب وهي هذه طَبيعَتُه؟ ج : نقول أن هذان العامِلان معاً مُجتَمِعان، نبدأ بالعامل المشتَرك بيننا كُلنا وأنتم لاحظوا أن السَّبعون ألف صِفتهُم الأساسية في كل الصَّفات هي قوة التَّوكل، متى سيكون هذا الوصف لهم؟ لمَّا يَكمُل إيمانهم، يعني التَّوكل هذا فعل يَبدأ سبباً لزيادة الإيمان، يكون بِنفسهِ التَّوكل هذا سبباً لزيادة الإيمان وقوة التَّوكل مَبِنية على قوة الإيمان، يعني أنت ماذا تحتاج؟ يجب أن تفهم أولاً أن التوكل عابدة وستأخذ أجره، يعني كل ما مَر على خاطر ما يُهِمَّك قلت وَكلت الله عليه، هكذا تكون أنت مأجور وأنت في مكانك لم تحرك ساكنا وكل ما زاد الضَّغط عليك ازددت أنت توكلاً عليه كل ما ارتفع أجرك، ولمًّا يرتفع أجرك يزيد إيمانك، فهذه حالة والتوكل بنفسه يحتاج عامل مَعه وهو زيادة الإيمان، يعني أنت لَن تستطيع أن تستمر صابر متوكل معتمد على الله مُحسن الظَّن بهِ إلا إذا غَذَّيت نفسك بأسباب زيادة الإيمان، لأنه أحيانا أولادك يـتأخروا نصف ساعة فيأتيك الشيطان أنه حصل لهم كذا وإلى آخرهِ، وبعد ذلك أنت من أجل أن تَطمأِن هُم أين تحتاج أن تتصل إلى فُلان وغيره، وكل لحظة تقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ربي حافظهم، أنا استودعتهم الحفيظ .." إلى أن تصل لحظة تَنفجر فيها، فتقوم تأخذ الجوال تتصل وفي هذه اللحظة وأنت تتصل يقوموا يدقوا الجرس، == > رَسَبت، لكن في الأخير رَسَبت، يعني أنت نجحت في البداية ثم أتيت في آخر لحظة رَسبت، محتاجة للصبر: عملية مدافعة سوء الظن وطلب حفظه ورعايته ووصولهم سالمين مدام ذكرت الدعاء فالرحمة وهبت لك من دعى الله وتوكل عليه ماخذله الله (الطفلة والاسنسير ) في الخارج فتشعري أنك مستحيية من نفسك وأنه كُنتِ صبرتي هذه الدقيقة ونجحتي في الاختبار، طب أنت ممكن تقول لي الآن يجب أن نأخذ بالأسباب؟ نقول: الآن حَالك وَصل إلى حَد الوِسواس .وأنت لمَّا تعرفي تترجمي الموقف على أنه اختبار ستصبري وستتهيأ لك كل الأسباب، وأنه الذي يزيدك صبراً لمَّا تتوسلي إلى الله أن تصبري، وأنتم لا تفهموا من هذا الكلام ترك الأسباب، لكن أنت عارفه تمام أن هذا الاتصال التلفوني أصلاً ليس أخذاً بالأسباب، لأنه هذه أسباب ماذا؟ أنت الآن ماذا تريد؟ يعني هذه الأشياء التي في تفكيرك المفروض تكون متبينة لك أصلاً، يعني هذه الأشياء التي في ذهنك لن تأتي عل فجأة لابد أن تكون متبينة لك، وكل البرامج هذه التي تقوليها هذه كلها مجرد دوران حول حالة، وأنت حتى لو تترجم الموقف بسهوله سترى أن البلد مليئة بالازدحام وأنه وكذا، لماذا على طول تنتقل إلى هذا التفكير، ثم إذا أصابهم أي شيء توسل إلى الحافظ أن يحفظهم، الآن نحن في زمننا الأول بدون اتصالات وجولات ماذا كنا نفعل؟ نحن الآن نعيش على الجولات وشاعرين نفسنا أن كل شيء سنعرفه الآن، افترضي أن السائق الذي معهم ما معه جوال ماذا ستفعلين؟ هل ستموتي ؟! يعني أنتم من تطحنوا أنفسكم،وانظر كيف الشيطان يدفعك، أنت الآن متى تحتاج الصبر؟ ليس في أول البلاء لأنه في أوله أنت معك صبر، لكن تحتاج الصبر لَمَّن تنفذ طاقتك التفكيرية الهادئة، يعني أنت تكون هادئ وطبيعي إلى هنا أنت لست محتاج إلى الصبر إلى الآن أنت في الوضع الهادئ، متى تحتاج إلى صبر؟ لمَّا يتأخر الوقت عن موعد رجوعهم، من هنا بدأت تحتاج إلى صبر، و من هنا لازم تفهم أن الشيطان يضغط عليك، ويَفتح لك الخيال، وتُفكر أنه متى سيأتون الناس يعزوني وماذا سأفعل، تَرى نحن نَرى و نَسمع هذا الكلام عياناً، حقيقتاً، حتى المرأة التي في قلبها قلق على الزوج يكون في ذِهنِها تُخطط ماذا ستفعل لو مات، المُهم فأنت الآن مِن هُنا بدأت تحتاج إلى صبر، والصبر هُنا هو عملية مدافعة سوء الظن بالله والطَّلب من الله، ما دام أنت خائف الآن فاطلب من الله حفظه، واطلب رعايتهُ واطلب منه أن يوصلهم سالمين. يعني أحياناً من رحمة الله بِعبدِه الذي نُسميه نحن أحيناً ب[إحساس الأم] مثال : أحياناً يكونوا أولادك خارج المنزل سواء في المدرسة أو غيرهِ، فتكوني تصلي في البيت العشاء أو الظهر، فَيُلهِمك الله أن تَدعي لهم فَيأتي الشَّيطان يقول لك لماذا تدعين لهم، لَمَّن يقول لك كذا اعلمي أن الإلِهام الذي أتَاك من الله ـ عز وجل ـ هذا رِزق مِن أجل أن يَجعل دُعائَك سَبب في حِفظهم، فهذا المَوقف يَحتاج مِنك إصرار على أنك تدعين لهم، لأنه ما دام ذُكِّرت الدعاء فهذه الرَّحمة وهبت لك بأنك تدعي لهم فيحفظهم الله، ومن المؤكد أن في ذاكرتكم ما يشهد لهذه المواقف وكيف أنك دعيت لهم وأتى بهم الله لك محفوظين، حتى أن أم تقول: أني كنت أصلي صلاة الظهر فأُلقي في قلبي أن أدعي لابنتي بالحفظ بالرغم أنها لم تتأخر، ودعيت لها، وبعد ما انتهيت من الصلاة دخلت ابنتي فرأيت وجهها مُصفَر، فسألتها ما بك، قالت : أنا ذهبت أوَصَّل ابنه خالي لبيتها ونزلت فقفل المصعد بين الدورين، فبقيت أقفز أَقفِز ـ انظري كيف ربي ألهمها ـ إلى أن استطاعت أن تُنَزَّله على الدور الثاني وتفتح الباب وتخرج، وفي دقيقه واحد مابين هذا الموقف أَلهَم الله الأم أن تدعي لها، فالله ـ عز وجل ـ جَعلَكِ تدعي يا أم من أجل أن تزداد قوة تَوكلك عليه، من أجل أن تتذكري في المرات القادمة أنه ربي لمَّا أراد حفظهم أَلهمني أن أدعوا لهم، فمن دَعا وتوكل عليه ما خذله الله، وإلا طفلة في الابتدائي ما الذي يجعل أن يأتي في بَالها أنها تَقفز من أجل أن تُنزَّله إلى أسفل فتستطيع فتح الباب وتخرج منه ؟!! أنت لو كنت كبير ما يأتي في بالك هذا التفكير، فسبحان من حفظهم، حتى يحفظهم بالفِكر أنهم يُفكروا هذا التفكير. المهم الآن السؤال يقول : أن هذا التوكل كلام تقولونه، لكن لمَّا أأتي في المواقف أجد نفسي غير قادر على أني أَنفَذ، بل بسرعة ينفذ صبري. نقول: أولاً يجب أن تعلم أنت متى تحتاج الصبر؟ تحتاج الصبر لمَّا تخرج عن حالتك الطبيعة، وأنت في الحالة الطبيعة ذاك ما كان اسمه صبر، لكن لمَّا يبدأ يَرن في قلبك مشاعر الخوف لأن الوقت تأخر، فمن هنا تصبر وأبقى واعياً أن الله مع الصابرين، يعني أوْعَى الآن أن الله مَعك فَطلُب منه السَّداد واطلُب مِنه التَّوفيق والثَّبات في هذه اللَّحظات، يعني بمعنى أنه في هذه اللَّحظة وهي لحظة نَفاذ صبرك، ترجمها أنها اختبار. حتى اجيب مشاعر التوكل احتاج لصبر الآن هذا التوكل، وهذه القدرة أني أنا أستطيع أن أصبر وما أتصل وما افعل، ما الذي يأتي به؟يأتي به أسباب زيادة الإيمان، يعني أنت محتاج زيادة إيمان من أجل أن يأتي منك التوكل، زيادة الإيمان ألان له أسبابه وهي كثيرة وأهمها على الإطلاق العلم بالله، إدمان تكرار العلم بالله، أولادك الآن هم ليسوا عندك إذاً سَتُعامِلي الله بأي اسم؟ باسم الحفيظ، أنه الحفيظ يحفظهم، وهو الذي يحفظهم على الحقيقة، لأنهم يكونوا جالسين عندي ويكونوا جالسين على كِرسي ليس مُرتفعاً ومع ذلك يَسقطوا وتنكسر رجلهم، ثم في المدرسة يسقطوا من فوق إلى أسفل ويأتوا ولم يصيبهم شيء، إذاً من الذي حفظ هنا ومن الذي ابتلى هناك؟ ما ابتلاهم إلا الله وما حفظهم إلا الله، فلآن بسبب نتيجة نقص الإيمان يَدخُل إلى قُلوبِنا ضِعف التَّوكل، فَنَقص الإيمان يَأتي بِضِعف التَّوكل، وزِيادة الإيمان هذا له أسبابهُ وهو العلم عن الله، فقط تعلم عن الله، بحيث تزيد ثقتك به واستعمل الذي تتعلمه في المواقف، وهو من رحمة الله بك يجعلك تَدخل لقاءات تتكلم عن أسماء الله وتسمع الكلام ثم تخرج شاعر نفسك فاضي ما عندك شيء، ثم تأتي المواقف فَترى الذي سَمعتَه كأنه مَقروء تقرأه، وهذا من رحمتهِ أن كَلَّفَك بالسَّماع وهو تَكَفَّل بِحفظ ما سَمعتَهُ، وتَكفل أن يَنفعك بِه بالوَقت المُناسِب، يَعني أنت الآن فقط افتح أذانك جيداً وافتح قلبك، لأن العلم ما يقع في الآذان ولا في الأوراق بل العلم يقع في القلوب، فتخرج من اللقاء وتشعر أنه ما تغير سلوكك ثم يأتي الموقف الذي فيه شده فتقرأ ما تعلمته قراءتاً وتستعيد ما يجب عليك فهمه استعادتاً تعجزعنها لو كنت حافظاً، لكن التوفيق هذا ليس بِيد إلا الله. إذاً فخذ بأسباب زيادة الإيمان ومن أعظم أسباب زيادة الإيمان هو كَثرة الذَّكر، كن دائماً لِرَبك ذاكرا، كثرة الذِّكر سبَب من أَسباب زِيادة انتفاعك بالعلم عن الله ومن ثم قوة اللجوء إلية والثقة به والتوكل عليه، لأن الثقة هذه كأنها رمل صغير فوق بعضه يوضع، ليس مره واحدة، فإذا سقيته بالماء تيبس وأصبح قوي، وهكذا و هكذا، يعني أنت الآن كأنك تلم شَعثَ نَفسِك، وتَلُم في قلبك الثَّقة بالله، لن تَنبَني مَرة واحدة، لأنه تعال انظر إلى ما سلف من عمرك ومن جهلك عن الله ومعايشتك الحياة بتجاربك والناس حولك والذي يزهدوك في الثقة به، الذي يقول لك : تحرك، افعل شيء، لو أنا منك ما كنت جلست مكاني .." والناس في بَث القَلق ما شاء الله مَدارِس على طول يعطوك من هذه الكلمات وإلى آخر الكلام الذي تروه وتسمعوه . |
أيضاً من أسباب زيادة الإيمان الطَّاعات، كثرة الطَّاعة، لا تبخل على نفسك لا بصلاة ضحى، بصغير الطاعات لا تبخل على نفسك بأن تسبح وتُكبَّر وتُهلَّل، لا تَبخل عَلى نفسك بِسُنَن الصَّلاة، لا تبخل على نفسك بالوتر، لا تبخل على نفسك بصغير الطاعات التي هي سبب لزيادة إيمانك، كل ما زدت إيماناً كل ما نَظف القَلب، لا تَبخل على نَفسك أن تأتي بالعَامِل الآخر وهو تَرك المَعاصي، خصوصاً ما تستهين بها من معاصي، خصوصاً مُصيبة مثل مُصيبة الغيبَة، هذه المُصيبة العَظيمة، ومُصيبة مِثل مُصيبة الكذِب، الاستهزاء و الإستسخار بالنَّاس إلى آخر هذه المصائب المُهلكة لِبناء الإيمان في القلب.
فكل هذه العوامل ماذا تفعل بك؟ تَجعَل ما تَسمَعه عن التَّوكل وما تسمعه عن صَِفات الرَّب يَثقُب قَلبَك، لأن القَلب يُصبِح كالمُغَلَّف بِسبَبِ ضِعف الإيمان. فلمَّا يزيد إيمان العبد تزيد قُوة تَوكلهُ، يعني أنت الآن ممكن يصل بك الحال إلى أن يُصبح التوكل سَليقَتَك، متى تُصبح سَليقَتك؟ بعد ما يزيد إيمانك وتكون أصلاً جاهدت، وهو كون أن العبد يزيد إيمانه هل هذا بسهوله ؟!! أصلاً قصة زيادة الإيمان هذه قصة، تحتاج إلى بذل جهد، وقيسي هذا على مسألة الصَّلاة وكَلام السَّلف لأن الصلاة هذه التَّعبير الأعلى عن عَمل القلب الأعلى، يعني أنت في كل ثغرة كأنك أول مرة تفعل هذا الفعل، مثلاً أنا دائماً مشكلتي مع أولادي أما زوجي دائماً أقول لنفسي أنه سهل وما عندي أي مشكله معه، وأعيش التجربة مع أولادي و يأتي أحد يكلمني عن التربية بالاستعانة فَأَطلُب الله وأدعي، لمَّا أشعر أني حَققت التَّوكل فيهم،و ما أن أنتهي من هذه الثغرة أجد ثغرة ثانية انفتحت لي، زوجي هذا الذي كنت مطمئنة عليه وأعرف أتعامل معه يصبح هو بنفسه ثغره وأحتاج أعرف أتعامل معه، وأجد نفسي كأني أول مر أستعين وأتوكل وأثق ، لأنه شيء جديد وصورة جديدة، فأنت سَددَّت نفسك تَصبر على أولادك، يستفزوك تقول يا رب هَدَّيهم واشرح صَدرهم، ثم يأتي بلاء ثاني له انفعالات جديدة وتصرفات جديدة، هناك شخصيات تَستَفزَّك لدرجة أنك تصل إلى حالة الغضب التي تقول أنه هذا أفضل شيء أقطع علاقتي به، وأنت في حياتك ما تعرضت لشيء مثل هذا، فلمَّا تأتي تنصحه وأنت مغتاظٌ منه، فأول مرة تشعر أنك غير قادر أن تنصح بصدق بعد ما كنت طوال عمرك تنصح وأنت صادق، لكن هذا من كثرة ما أغاظك أصبحت نيتك مختلطة، هل أنت تريده أن يصلح أم تريد أن تخرج الذي في نفسك عن طريق هذه النصيحة، فتقول: أنا أول مرة أجمع قلبي على النَّصيحة .. " نقول : نعم، لأن الذي عُرِضَ عليك فِتنَة جديدة، فكأنك من جديد تَأتي تَجمع قلبك وتَنتَفع بما تعلمته، ثم تضعف وتقوى على حسب قوة وضعف إيمانك، ونحن عندنا قاعدة [ تَعَّب بَدَنك ولا تُتعِب قلبك ] دائماً نريد القلب مرتاح ساكن، ما نريده أن يتحرك وهو كل البلاء والاختبار على قلبك ( إن في الجسد مضغة ..) لكن نحن نريده مرتاح، والشيطان يُثَبِّت فينا أن قلوبنا هذه لازم ترتاح، لا، الراحة ليست هنا، ما تأتي الراحة إلا وقت ما يُبَشَّر العبد بالجنَّة. س : هذه العشرة دقائق التي اشعر بها بمشاعر الاضطراب هل هذا صبر سأؤجر عليه أم أنه قلق سأؤثم عليه؟ ج : أنت الآن هذه فِتنه عُرِضَت عَليك، فالشَّيطان يُصوَّر لك المَسائِل بِصورة أنه سيحصل ويحصل، أنت الآن ادفَع التَّفكير وتَصَبَّر على أن لا تُسيء الظَّن بالله، وقول أن ما يأتي من رَب الخير إلا الخير، أَوصِف الله بالكَمال لِنفسِك، هذا هو الصَّبر الذي تُؤجر عليه، أما استسلامك وفَتح باب الخيال، ثم الإضرابات التي تحصل ولحظات الخوف، هذا الذي يُخشى أن يكون قلقاً وسوء ظن بالله. س : ماذا نَفعل في النَّاس المصاحبين لَنا في الحياة ويُترجِموا كل زيادة إيمان على أنه بُرود وإهمَال؟ ج : أنت الآن هذه من البلايا التي تُعرَض عليك، وكما ذَكَرنا في قَواعِد في بناء النفس ذكرنا أنه (( احذر عدوك )) ومن أعدائك الصُّحبة، فلمَّا تَجد نَفسك مستعيذ مستغيث طالب ومتوكل على الله، لازم يأتي أحد يُصوِّر لك هذه الصُّورة على أنها شيء سيء، فأنت اعلم أن هؤلاء ابتلاء كما أن نَفس المَوضوع ابتلاء، فَدافعِهُم وقول حسبي الله وهو نعمَ الوكيل، أنت كِلمهم عن الله، ترى هؤلاء ما هم إلا كما قال الله عنهم {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران175الشيطان له أولياء من البشر منتشرين، فَيُخَوَّفك الشيطان بأوليائهِ، يعني الذي لا يستطيع أن يُسَمِّعك إياه يَأُز أوليائه بأن يقولوا لك هذا الكلام، فأنت كن نافعاً لنفسك ولهم، لا تكتم في نفسك مشاعر التَّوكل، بل أعلنها وتكلم بها، قول أنه أنا على الله متوكل وما يأتي من الله إلا خير فهو خير حافظاً وهو أرحم الراحمين، مهما كانوا تحت يدي فلابد أن عيني تَغفل عنهم بالثواني فيحصل لهم ما يحصل، ولا تعتبر أن الاتصال التلفوني عبارة عن أخذ بالأسباب، لو كنت حقيقتاً تريد الأخذ بالأسباب فلا تذهب بهم إلى المدرسة هذا من أهم أسباب حفظهم وعدم تعرضهم للمشاكل، ما معنى أني آخذ بالأسباب ؟!! يعني لو حصل شيء اتصالي التلفوني الآن ماذا سيفعل ؟! هل أنا أريد أسباب حِفظَهم أم أسباب الطمأنينة؟ أسباب الطمأنينة من عند الله، وأسباب حفظهم من عند الله، انتهى الموضوع. س : ونحن قلنا من أجل أن يزيد توكلك وطمأنينتك زِدْ إيمان، فيأتي الشيطان يقول لك أنت الآن ما تزيدي إيمانك إلا من أجل أن يزيد توكلك وما بتزيدي توكلك إلا من أجل يأتيك الذي تريديه؟ ج : نحن نقول في الرَّد على ذلك أن الله ـ عز وجل ـ أنشأ لي الحاجات من أجل أن يحصل مني الانكسار والذُّل، فالعباد نُفوسهم فيها ضعف، فمن أجل أن يَردهم الله إلى بابهِ ماذا يفعل بهم؟ يُنقِص عليهم شيء من حاجاتهم، فيرجعوا إلى بابهِ، أهم شيء أنك تقول أنا سَأعبُد الله وأنا راضي عن فِعلهِ أعطاني أو ما أعطاني، ومن أجل ذلك يأتيك الاختبار هل تستقيم على أمرهِ إذا أعطاك أو لم يُعطك، أم أنك ما تستقيم إلا لو أعطاك، أنت اسأل الله أن يثبتك أن تستقيم سواء أعطاك أو ما أعطاك، وانظري الشيطان له حيل حتى على الصَّغار، جاءتني امرأة كبيرة تقول : وأنا طالبه في المرحلة الابتدائية كُنت أفعل معاصي ثم وَقعت مصيبة،وهي ما تصلى أصلاً، فلمَّا وقعت المُصيبة قالت : أنا الآن لمَّا احتجت له ذهبت أصلى، لا لن أصلي .." فَدرَست في سادس ابتدائي في جملة في التوحيد أن كفار المعاصرين أشد كفراً من كفار قريش، لأن كفار قريش كانوا يوحدوا الله في الشدَّة، لكن الكفار المعاصرين ما يوحدوا الله لا في الشدة و في الرخاء، فَتَنبَّهت أن الشَّيطان يَلعب بها ويقول لها : استحي من الله كيف ما تطلبيه في الرخاء وتطلبينه الآن في الشدَّة. طب هو أصلاً الله أوقع عليك الشَّدة من أجل أن تعود إليه، فأنشأ لك الحاجة من أجل أن إليه تعود، فلا يقول لك الشيطان أنت ما صليت إلا من أجل أن تأخذ حاجتك، طب الله ـ عز وجل ـ أنشأ لنا الحاجة من أجل أن نَذوق طعم الصلة به ثم لمَّن يعطينا حاجتنا نَزداد به ثقةً، أويأتيك من كَلام الشيطان أنه أنت ما استقمت الآن إلا لأنه أنت ذاهب تموت، طيب أنت في كل الأحوال ستموت، فتحمد لله أن جعلك تستقيم في آخر حياتك لو كان هذه آخر حياتك، ( إن الله إذا أحب عبداً عسَّله) يعني وفقه في آخر عمرهِ إلى العمل الصالح، لكن [ عسَّله ] هذه ممكن تأتي في آخر عشر سنين في حياته، ليس شرطاً أن يكون في آخر يوم في حياته، لكن هذا كُله أوهام، وأنت ستموت ستموت، لكن من التَّوفيق أن يأتي العبد فيستقيم كُلما كَبر في السَّن، لأنكم أنتم ترون بأعينكم ناس يكبروا في السن وينتكسوا وهذا إنما من الخُذلان، فمن الرَّحمة والعطاء أن يجعلك الله ـ عز وجل ـ تتقدم في العمر وتتقدم في الطاعة، من الطبيعي أن الإنسان لمَّا يكبر يزداد طاعةً {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ}النمل19 واحد موضوع يهمه مثلاً صلاح أبناءه أو له بيت أو معهد أو عمل يريد أن يقوم به وخائف عليه وشاعر أن الأعداء محيطين به، يعني حَواليه من النَّقائص الشيء الكثير فهو كل ما تذكره فَوَّض أمره إلى الله أن يَرد عنه ويأتي له بالمصالح، فالشيطان يقول له : خلاص لا تتعب نفسك لا تفكر في الموضوع .." نحن من أول قُلنا أن الشيء الذي يخيفنا دائماً يذكرنا الشيطان بهِ، فلمَّا وَجَد الشيطان أن تذكريه لنا به سيأتي بعبادة التَّفويض أصبح يَلعب معنا الدَّور الثاني فيقول لنا : لا تتعب نفسك لا تفكر في الموضوع .." لا، بل هذه عبادة، فمن فضل الله علينا أنك لمَّا تعيد نفس العبادة مرة أخرى يعطيك الأجر مرة أخرى، بل لو العبد تَذكَّر مصيبة حَصلت له من زمن فعاملها بالصبر والرضا عن الله كُتب له الأجر كأن هذه المصيبة وقعت الآن وهو صبر عليها، فهذا من فضله سبحانه وتعالى، أنت الآن جالس فيأتي الشيطان يذكرك بنقائص أنقصها الله عليك مثلاً موت أحد من أبنائك، فالشيطان يُريد أن يَقع في قلبك عَدم الرِّضا عن الله، أنت ماذا تفعل؟ عامل تذكرك للنَّقص أنك تصبر وترضى عن الله، وتقول أنه ما أوردهُ الله عليَّ إلا رفعة منزلتي، في هذه اللحظة كأنها وَقعت الآن المصيبة وكأنك تسمع الخبر الآن فصبرت عليه فَرضيت عليه فيعطيك الله ـ عز وجل ـ الأجر، فهذا كلهُ إغاظةً للعدو ومِنَّة من الله أن يساعدك على الثَّبات في الصبر، من أجل ذلك لمَّا تفعلوا هذا الفعل مع الشيطان كل ما ذكركم بالنقائص صبرتم واحتسبتم ورضيتم عن الله وأنت شاعر أنه ما يأتي من الله إلا خيرا بل من نِعَم الله ما وقع علي، فالشيطان سيهجُر تذكيركم بهذا النقص، لأنك ستأخذي أجر وأنت عدوته، فكلما تذكرتي المصيبة لا تعامليها بالبكاء والحزن إنما عامليها بالصبر والرضا عن الله، خصوصاً أنه أنت مَرَّت عليك فتره تساعدك على الصبر والرضا عن الله، فلمَّا تصبري وترضي عن الله تأخذي أجر كأنها وقت المصيبة الآن، فهذا شيء يُحزِن الشيطان، فهو ماذا سيفعل؟ سيهجُر تذكيركم بما يؤلمكم لأنكم ستحولون هذا الذي يؤلمكم إلى موطن من مواطن الأجر وهو يبغض لكَ هذا، يعني نحن الآن داخلين تحت دوامة تَحكم المشاعر فتجد ناس كثيرين فيهم من الضعف أنهم كلما تذكروا ما يحزنهم تراهم من جديد يبكوا ويحزنوا ويأتيهم اكتئاب، وأنت أصلاً ربي ساعدك على الصبر لأنه في زمن طويل عَدَّى على هذا البلاء فهذا يساعدك على الصبر، فلا تُحَزِّن نفسك، لا تُمرض نفسك بالحزن، إنما هذا من الشيطان{لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا}المجادلة10 . نحن الآن اتفقنا أن التفويض يحصل في ثلاث مواطن : - - الموطن الأول : يكون لا شيء، لكن الشيطان يُوهِمك وينزغك بأوهام و يأتيك بأفكار تجعلك تخاف من المستقبل أو من المجهول أو من أحد في ماضيك أو أحد محيط بك، فكيف تعامله؟ مباشرة افعل فعلين : - 1) مباشرة افزع إلى الله أن مفوضاً له الأمر الذي تخافه. 2) واستعيذ من الشيطان. - الموطن الثاني : أنت الآن مُقدِم على أمر جديد بالنسبة لك، وداخلك مشاعر خوف وهذا لابد، أوَّل ما يَمر على خاطرك هذا الأمر الذي سَتُقدِم عليه يأتيك معه مشاعر الخوف وتشعر كأنه قلبك اعتصر، مباشرة افزع الله و وكِّله واطلب الله بأسمائه وصفاته، أنت وكيلي أفتح لي في قلوبهم اجعلني مقبولة عندهم، أنت الغني أعطيني، إلى آخر هذا كله، ومَعهُ أن تَشِل تفكيرك، لأن تفكيرك هو الذي سيعذبك، فأنت كل هذا اطلبه من الله فسترى أن الأسباب تتهيأ من أجل صلاح الأمر · الحالة الثالثة : لمَّا يكون القلب وقع فيه شُبهه وشهوات وأمراض، يعني واحد يرى أن الشيطان يُحبب له المُنكر أو يأتي له بشبهات في الله ـ عز وجل ـ وفي صفاته وفي القرآن، أو يَمر على أحد فَيُلقِي هذا الأحد في قلبه شبهة عن دين الله. فهذا موطن من أعظم مواطن التَّفويض لأنه عَدم صلاح القلب سيهلك الذي ورائه، يعني النقطتين التي مضت أَهوَن، لكن هذه النقطة تُدمِّر كل شيء، لمَّا يقع في قلبك شبهات أو شهوات، ما معنى الشُّبهات؟ يعني شيء يُشَبِّه عليك ويُشكِل عليك سواء في صفات الله أو في أقدراه، تأتي تقول : أن حرام هؤلاء يحصل لهم هكذا أو إخوانا في فلسطين أو العراق .." ومن هذا الكلام الذي ليس له في الحقيقة معنى وبكل سهوله يتفكك، ولو كنت منشغلاً بما يَعنيك ما كان أتى لك، لكن الشيطان ماذا يفعل بك؟ يُلقيها في قلبك أو ممكن يدخل لك الشهوات، ما معنى الشَّهوات؟ يعني شيء محرم وأنت يأتي في قلبك حبهُ، وممكن يكون هذا الشيء المحرم مَر عليك في لحظة من اللحظات وقلت في قلبك كيف بالله هؤلاء يحبوا هذا الشيء، فَتُبتَلي به، في هذه الحالة ماذا أفعل لمَّا يكون وقع فيني؟ ترى ما يُقلِع من قلبك مثل هذه المصائب إلا أن تُفوِّض أمرك إلى الله، وتشتكي نفسك إلى الله، اجمع بين أمرين: - 1) بين الفزع إلى الله أن يُصلح لك قلبك 2) وبين مَقتْ النفس، يعني كراهيتها، تكرها في لحظة التَّفكير في هذا الأمر أحيانا الإنسان تأخذه هذه الأمور لدرجة أنه يقول: يا لَيت رَبي حَلَّل هذا الأمر.بدل ما يمقت نَفسه ويرى أنه هذا شيء سيء، وهذا كثير اليوم نَسمعه من الشَّابات لمَّا تَثور فيهم ثَورات الشهوة والحاجة فَتجدهم يتكلموا كلام غير منطقي لكن تَغلَّب عليهم الشيطان، فأنت لمَّا تَغلُب عليك الشهوة أو الشبهة توسل إليه سبحانه وتعالى وهو الوكيل أن يُصلح لك قلبك، وأيضاً مع هذا العامل الثاني وهو مَقتْ النَّفس وكراهية هذه الأفكار، واعلم أن هذا شيء حقير يجب أن لا تتصف به. هذا والله أعلى وأعلم |
الساعة الآن 10:18 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By World 4Arab
www.q8-one.com